شموع النهار

الأوراد/ الورد الأول (٢٣-٣٧)

هذا ملخص يتضمن أهم النقاط الرئيسية والأفكار المهمة؛ لذا هو لا يغني عن الكتاب، صممناه لكم بشكل مريح يساعد على ترتيب المعلومة وفهمها

  • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد.. في البدء أجدد الترحاب بالأخوات الفاضلات الموجودات في هذه المجموعة المباركة, أسأل الله -عز وجل- لي ولكم التوفيق في هذا البرنامج الرائد؛ برنامج (كاتب وكتاب). الفصل الذي معنا هو بعنوان (الله بين فطرية المعرفة والمعرفة النظرية). فكرة هذا المبحث باختصار هو: مدخل إلى بحث في قضية أن معرفة الله -تبارك وتعالى- متكأةٌ في أساسها على معنى فطري (مكوّن فطري) خلق الله -عز وجل- الإنسان عليها, فالإنسان ولو لم يستدل على وجود الله -تبارك وتعالى- فإن ثمة نزعة وثمة باعثًا وثمة محرّكًا موجودًا فيه يدعوه إلى الإيمان بالله -تبارك وتعالى-, فقضية الإيمان بالله -عز وجل- هي قضية مركزية في التصور الإسلامي وفي التصور العقدي عمومًا وليس من خلاف حول أهمية هذه القضية وأن كل القضايا العقدية بالمقارنة إليها كالتابع لهذا اللب والمحور, لكن ثمة قدر من الخلاف الموجود داخل الدائرة الإسلامية: هل المتكأ في تثبيت هذه العقيدة على المكون الفطري أم أنه لا بد أن يتطلب الإنسان لتثبيت هذا المعتقد بالدليل العقلي أو بالنظر والاستدلال. والذي يتأمل في طريقة الوحي ويتأمل في طريقة السلف الصالح في هذه الأمة يجد منهم تعويلاً كبيرًا جدًا على أهمية المكوّن الفطري وأنه يمثل الأصل في الدلالة على الرب -تبارك وتعالى-وأن المرء ما لم تتلوث فطرته بملوث من الملوثات فهو مستغنٍ بما لديه من الفطرة عن الدليل الخاص المثبِت لوجود الله -تبارك وتعالى-, أما إذا حصل هنالك ما يُشكِل على فطرة الإنسان وتلوثت هذه الفطرة فيتعين عليه حينئذٍ أن يتطلب لإصلاح فطرته بالدلالة المذكّرة بوجود خالقه –تبارك وتعالى. فهذا المدخل الأساسي, وطبعًا الدلائل الشرعية الدالة على وجود هذا المكوّن الفطري متعددة وأشرت إشارة إلى بعض الدلائل الموجودة في الوحي من القرآن والسنة الدالة على وجود هذا المكون الفطري كقول الله -تبارك وتعالى-: { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا } فالله -عز وجل- خلق الإنسان بوجود مكون فطري, ومن المعاني المركزية الداخلة في هذا المكون الفطري قضية وجود الله -تبارك وتعالى- والنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في الحديث الشهير قال: " ما من مولود إلا يولد على الفطرة " وكذلك من الأحاديث المهمة حديث عياض المجاشعي " ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا: كل مال نحلته عبدًا حلال, وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم, وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم " وغيرها من الدلائل التي أشرت إليها وأكدت البحث, وأن الشارع لم يتخاطب مع الإنسان حول ما يتعلق بوجوده -تبارك وتعالى- وحتى ما يتعلق بوحدانيته أو شيء من كمالاته فإن السؤال الوارد على الإنسان في مثل هذا: أفي الله شك فاطر السماوات والأرض؟ فالوحي ينطلق من رؤية أن التشكيك في وجوده -تبارك وتعالى- ليس محلاً للبحث والمناقشة وأن الإنسان يستطيع أن يدفع هذه الشبهة عن نفسه متى ما رجع لفطرته السليمة. من الإشارات المهمة التي نبهت إليها أنا لما نتحدث عن هذا المكون الفطري الحاصل عند الإنسان فليس القصد أن الإنسان لحظة ما يخرج من بطن أمه يكون عارفًا بوجود الله -تبارك وتعالى- الأمر أشبه القوة, أشبه البذرة الموجودة في النفس التي إذا خُليَت وتوفرت لها الشروط وانتفت عنها الموانع فإنها تقتضي أثرها من الإيمان بوجود الله -تبارك وتعالى- , ونقلت عن شيخ الإسلام ابن تيمية ما يُثبّت هذه الرؤية وأن هذا هو وجه الجمع بين قوله -تبارك وتعالى- { والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئًا } مع ملاحظة الآيات القرآنية والأحاديث الدالة على وجود ذلك المكون الفطري. من الأشياء المؤكدة لقضية وجود هذا المكون الفطري: شهادة الواقع, وبالتالي ليس ثمة خلاف حقيقي حتى عند الملاحدة أنفسهم في وجود نزعة عند الإنسان تدعوه إلى الإيمان بوجود الله -تبارك وتعالى-, والإنسان يلاحظ مثل هذا المُعطى الفطري من الواقع إذا ابتلي بمصيبة هائلة وكبيرة فإنه يجد في قلبه نداءً علويًا يدعوه إلى السماء يدعوه إلى طلب النجاة من أمر يتربص به من خالق يعلم أنه قد خلقه وأنه في قدرته أن يستنقذه من هذه الحال, ولذا من الأمثال الغربية الطريفة: (لا يوجد ملاحدة في الخنادق) عندما يكون في حالة حرب وتكون القنابل تتساقط عند الإنسان فلا يوجد ملحد في الخندق حقيقة بل تجد مسألة التنكر لوجود الله -عز وجل- تذهب أدراج الرياح ويتحرك هذا المكون الفطري داعيًا الإنسان إلى وجود الله -عز وجل- , وأشرت بعض الإشارات السريعة حول مسألة دلالة علوم النفس الحديثة ودلالة علوم الدماغ والأعصاب كذلك علوم الأنثربولوجي وعلم التاريخ وغير ذلك كلها علوم مؤكدة على وجود هذا المكون الذي يدعو الإنسان إلى طلب ربه - تبارك وتعالى . من العبارات التي ذكرتها: (إنه لون من الحنين إلى السماء), ( فإن في القلب فاقة لا يسدها شيء سوى الله تعالى وفيه شعث لا يلمه غير الإقبال عليه وفيه مرض لا يشفيه غير الإخلاص له وعبادته وحده) عبارة جميلة للإمام ابن القيم –رحمه الله تعالى. هذا ملخص الورد الخاص في المدخل الذي يمثل فطرية الله –تبارك وتعالى.
    تعليق على الورد الأول

    بصوت الكاتب

    20
    12
    00:00
    تحميل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بسم الله الرحمن الرحيم..
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد..
في البدء أجدد الترحاب بالأخوات الفاضلات الموجودات في هذه المجموعة المباركة, أسأل الله -عز وجل- لي ولكم التوفيق في هذا البرنامج الرائد؛ برنامج (كاتب وكتاب).
الفصل الذي معنا هو بعنوان (الله بين فطرية المعرفة والمعرفة النظرية).
فكرة هذا المبحث باختصار هو: مدخل إلى بحث في قضية أن معرفة الله -تبارك وتعالى- متكأةٌ في أساسها على معنى فطري (مكوّن فطري) خلق الله -عز وجل- الإنسان عليها, فالإنسان ولو لم يستدل على وجود الله -تبارك وتعالى- فإن ثمة نزعة وثمة باعثًا وثمة محرّكًا موجودًا فيه يدعوه إلى الإيمان بالله -تبارك وتعالى-, فقضية الإيمان بالله -عز وجل- هي قضية مركزية في التصور الإسلامي وفي التصور العقدي عمومًا وليس من خلاف حول أهمية هذه القضية وأن كل القضايا العقدية بالمقارنة إليها كالتابع لهذا اللب والمحور, لكن ثمة قدر من الخلاف الموجود داخل الدائرة الإسلامية: هل المتكأ في تثبيت هذه العقيدة على المكون الفطري أم أنه لا بد أن يتطلب الإنسان لتثبيت هذا المعتقد بالدليل العقلي أو بالنظر والاستدلال.
والذي يتأمل في طريقة الوحي ويتأمل في طريقة السلف الصالح في هذه الأمة يجد منهم تعويلاً كبيرًا جدًا على أهمية المكوّن الفطري وأنه يمثل الأصل في الدلالة على الرب -تبارك وتعالى-وأن المرء ما لم تتلوث فطرته بملوث من الملوثات فهو مستغنٍ بما لديه من الفطرة عن الدليل الخاص المثبِت لوجود الله -تبارك وتعالى-, أما إذا حصل هنالك ما يُشكِل على فطرة الإنسان وتلوثت هذه الفطرة فيتعين عليه حينئذٍ أن يتطلب لإصلاح فطرته بالدلالة المذكّرة بوجود خالقه –تبارك وتعالى.
فهذا المدخل الأساسي, وطبعًا الدلائل الشرعية الدالة على وجود هذا المكوّن الفطري متعددة وأشرت إشارة إلى بعض الدلائل الموجودة في الوحي من القرآن والسنة الدالة على وجود هذا المكون الفطري كقول الله -تبارك وتعالى-: { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا } فالله -عز وجل- خلق الإنسان بوجود مكون فطري,
ومن المعاني المركزية الداخلة في هذا المكون الفطري قضية وجود الله -تبارك وتعالى- والنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في الحديث الشهير قال: " ما من مولود إلا يولد على الفطرة " وكذلك من الأحاديث المهمة حديث عياض المجاشعي " ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا: كل مال نحلته عبدًا حلال, وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم, وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم " وغيرها من الدلائل التي أشرت إليها وأكدت البحث, وأن الشارع لم يتخاطب مع الإنسان حول ما يتعلق بوجوده -تبارك وتعالى- وحتى ما يتعلق بوحدانيته أو شيء من كمالاته فإن السؤال الوارد على الإنسان في مثل هذا: أفي الله شك فاطر السماوات والأرض؟ فالوحي ينطلق من رؤية أن التشكيك في وجوده -تبارك وتعالى- ليس محلاً للبحث والمناقشة وأن الإنسان يستطيع أن يدفع هذه الشبهة عن نفسه متى ما رجع لفطرته السليمة.
من الإشارات المهمة التي نبهت إليها أنا لما نتحدث عن هذا المكون الفطري الحاصل عند الإنسان فليس القصد أن الإنسان لحظة ما يخرج من بطن أمه يكون عارفًا بوجود الله -تبارك وتعالى- الأمر أشبه القوة, أشبه البذرة الموجودة في النفس التي إذا خُليَت وتوفرت لها الشروط وانتفت عنها الموانع فإنها تقتضي أثرها من الإيمان بوجود الله -تبارك وتعالى- , ونقلت عن شيخ الإسلام ابن تيمية ما يُثبّت هذه الرؤية وأن هذا هو وجه الجمع بين قوله -تبارك وتعالى- { والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئًا } مع ملاحظة الآيات القرآنية والأحاديث الدالة على وجود ذلك المكون الفطري.
من الأشياء المؤكدة لقضية وجود هذا المكون الفطري: شهادة الواقع, وبالتالي ليس ثمة خلاف حقيقي حتى عند الملاحدة أنفسهم في وجود نزعة عند الإنسان تدعوه إلى الإيمان بوجود الله -تبارك وتعالى-, والإنسان يلاحظ مثل هذا المُعطى الفطري من الواقع إذا ابتلي بمصيبة هائلة وكبيرة فإنه يجد في قلبه نداءً علويًا يدعوه إلى السماء يدعوه إلى طلب النجاة من أمر يتربص به من خالق يعلم أنه قد خلقه وأنه في قدرته أن يستنقذه من هذه الحال, ولذا من الأمثال الغربية الطريفة: (لا يوجد ملاحدة في الخنادق) عندما يكون في حالة حرب وتكون القنابل تتساقط عند الإنسان فلا يوجد ملحد في الخندق حقيقة بل تجد مسألة التنكر لوجود الله -عز وجل- تذهب أدراج الرياح ويتحرك هذا المكون الفطري داعيًا الإنسان إلى وجود الله -عز وجل- , وأشرت بعض الإشارات السريعة حول مسألة دلالة علوم النفس الحديثة ودلالة علوم الدماغ والأعصاب كذلك علوم الأنثربولوجي وعلم التاريخ وغير ذلك كلها علوم مؤكدة على وجود هذا المكون الذي يدعو الإنسان إلى طلب ربه - تبارك وتعالى .
من العبارات التي ذكرتها: (إنه لون من الحنين إلى السماء), ( فإن في القلب فاقة لا يسدها شيء سوى الله تعالى وفيه شعث لا يلمه غير الإقبال عليه وفيه مرض لا يشفيه غير الإخلاص له وعبادته وحده) عبارة جميلة للإمام ابن القيم –رحمه الله تعالى.
هذا ملخص الورد الخاص في المدخل الذي يمثل فطرية الله –تبارك وتعالى.

علم الاجتماع: هو العلم الذي يدرس المجتمعات والقوانين التي تحكم تطوره وتغيره.

دراسة التطور البيولوجي في الكائنات البشرية وتطورهم البشري خلال فترة ما قبل التاريخ. [كتاب (الانثربولوجيا) للمؤلفين: مارك أوجيه، جان بول كولاين ترجمة :د.جورج كتورة الطبعة الاولى 2008 ص 13]

مذهب يقرر ان كل الكائنات الحية على الارض تعود إلى خلية واحدة أولى، أن هذا التطور العشوائي غير موجه من خارجه وإنما هو قائم على مجموعة آليات طبيعية أهمها الطفرات العشوائية في الجينات والانتخاب الطبيعي. [كتاب (فمن خلق الله؟) للمؤلف د.سامي العامري من إصدارات مركز تكوين (الطبعة الأولى) 2016 ص:12]

هو فكرة البقاء للأصلح، حيث تؤدي الطفرات العشوائية إلى تنوعات غير مخطط لها ضمن أفراد الجماعة الحية، حيث تساعد هذه التنوعات على بقاء الكائن الحي وتكاثره بشكل أفضل، وبمرور الزمن تسود هذه التنوعات المفيدة ضمن الجماعة الحية، وتتجمع هذه الصفات النافعة لإنتاج أعضاء أو سمات حيوية مفيدة. [كتاب (العلم وأصل الإنسان) تأليف آن جوجر ودوجلاس اكس ترجمة د.مؤمن الحسن، د.موسى الحسن الطبعة الاولى 2014 (مركز براهين) ص :9]

لا يوجد مناقشات
بوابة إثبات المعارف العقلية الضرورية مبتدأة بالإيمان بالله تعالى وبغير الإيمان به - سبحانه -يمتنع بناء رؤية فلسفية متماسكة تثبت تلك المبادئ الضرورية، وتثبت فطريتها.

شموع النهار، ص12
(علم الفجوات) هو نوع من التوسل بالمجهول لاستبعاد قول المخالف دون تقديم احتجاجات موضوعية لمبدأ الاستبعاد هذا
في تعبير إيماني عميق عن قوة تفسيرية مغيية متمثلة في العلم الطبيعي.
شموع النهار، ص145، بتصرف يسير
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: (فإن في القلب فاقةً لا يسدّها شيء سوى الله تعالى أبدًا، وفيه شعثٌ لا يلمّه غير الإقبال عليه، وفيه مرضٌ لا يشفيه غير الإخلاص له وعبادته وحده، فهو دائمًا يضرب على صاحبه حتى يسكن ويطمئن إلى إلهه ومعبوده، فحينئذ يُباشر روح الحياة، ويذوق طعمها، ويصير له حياة أخرى غير حياة الغافلين المعرضين عن هذا الأمر).
شموع النهار، للشيخ عبدالله العجيري، بتصرف يسير، ص36.
  • مريم الغامدي
    مريم الغامدي

    هل من الممكن أن يكون الملحد متبعًا لهوى في نفسه؟ أو بمعنى آخر : ما يعتقده هل من الممكن أن يكون هوى؟

    0
    • أ.عبدالله بن صالح العجيري
      أ.عبدالله بن صالح العجيري

      الحقيقة عندنا ملحظان؛ الأول: أن سائر الانحرافات الموجودة في إطار الوحي، يعني المحرك الذي يجعل الإنسان يختار الضلال على الهدى، هو مكون الهوى.
      الله -عزوجل- دائمًا يقيم في القرآن الكريم ثنائية بين الحق وبين الهوى، أن الإنسان إما يختار الحق أو يقع في فخ الهوى، وهذا متعدد في القرآن الكريم.
      مثلاً قوله عز وجل: { وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى }فبالتالي ليس للإنسان خيار إلا الوحي أو الوقوع في مطب الهوى، فبهذا المصطلح العام لمدلول الهوى فقطعًا كل واقع في الانحراف واقع في أحد إشكاليات الهوى ويتفاوت الناس بطبيعة الحال في مستويات إشكالية الهوى، هذا المصطلح العام.
      المصطلح الخاص، بمعنى أنه قد يكون لاعتبار شهوة معينة؛ شهوة رئاسة وغيرها من أنماط الشهوات.. يعني الهوى في مقابل المكون المعرفي، فمن الملاحدة من يكون سبب إلحاده إشكالية شبهة معينة، ومن الملاحدة -وهم كُثُر- من يكون الإشكالية الناشئة للموقف الإلحادي بسبب شهوة، وبالتالي ضروري أن يُدرِك الإنسان المحركات التي تدفع هذا الإنسان المعين صوب اختيار الإلحاد؛ هل هو شهوة معينة؟ هل هو مكون شبهة معينة؟ هل هو أمر مركب من الشهوة والشبهة؟ فإذا استحضر الإنسان طبيعة الإشكال الذي وقع فيه الطرف المقابل سهل عليه بعد ذلك أن يعالج الإشكالية الموجودة وإلا إذا لم يحسن الإنسان تحليل وتشخيص الحالة التي أمامه قد يناقشه بمقتضيات الدلالة العقلية في حين يكون الإشكال عنده في منطقة أخرى مختلفة تمامًا، وقد يصير للإنسان إشكالية -على سبيل المثال- في منطقة عقلية معينة فيستغرق الإنسان في مربع التذكير والوعظ، لذا من الضرورة أن يحسن الإنسان تشخيص الحالة ليحسن معالجتها.

      0
    • أظهر المزيد من الردود
  • أحمد
    أحمد

    ما المقصود شرعاً بالمعرفة الإلهية؟

    0
    • أ.عبدالله بن صالح العجيري
      أ.عبدالله بن صالح العجيري

      المقصود بالمعرفة الإلهية في سياق حديثنا هو معرفة العبد بربه، وهي تشتمل على معان من الإيمان بوجود الله وتوحيده تبارك وتعالى، والناس يتفاوتون فيه تفاوتاً عظيماً، فأرفع الناس درجة في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم القائل: "ألا إني أعرفكم بالله وأشدكم له خشية" .. والناس دونه ..
      والمعرفة الممدوحة ما ترتب عليها أثرها من العبودية له تعالى ..

      0
    • أظهر المزيد من الردود
  • سارة
    سارة

    كيف أستطيع أن أقنع ملحداً لاينكر المبادىء الفطرية لكن يريد أدلة لإثباته بمعجزات الأنبياء؟

    0
    • أ.عبدالله بن صالح العجيري
      أ.عبدالله بن صالح العجيري

      السؤال لم يتضح لي بشكل واضح لما جاءت العبارة ( كيف أستطيع أن أقنع ملحداً لاينكر المبادىء الفطرية لكن يريد أدلة لإثباتها ) هل المقصود يريد أدلة لإثبات المبادىء الفطرية ؟
      إن كان هذا المقصود فليس ثمة من سبيل إلى إثبات (أي أدلة إثبات) لكن قصارى مايستطيع الإنسان أن يقدمه أن يحاول التذكير بوجود المبادىء الفطرية الأولية، وهذه سبيلها عملية التذكير؛ بأن يذكَّر الإنسان في شأن معاشه، في شأن حياته، وهو يتعاطى مع الوجود ومع الحياة مؤمناً بوجود مثل هذه المبادىء الفطرية، فإذا كنّا أمام ملحد لا يتنكر فعلاً للمبادىء الفطرية وأردنا أن نخلق عنده حالة الإيمان والتدين بصحة نبوة النبي صلى الله عليه وسلم فيؤصل عنده جملة من الأصول.
      الأصل الأول هو: الترسيخ وتأسيس معامل التأريخ ومعامل الرواية ومعامل الشهادة كأحد أدلة الإثبات وأحد أدلة المعرفة. الإنسان يستطيع أن يتوصل للمعرفة من خلال الشهادة، من خلال الرواية، من خلال التأريخ، وأننا أمة -بحمدالله- لدينا الأسانيد وأن كثيراً مما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم من المعجزات هي من قبيل الأخبار المتواترة أما المعجزات المعينة المخصوصة تكون متواترة أو أن جنس ثبوت معنى المعجزة له صلى الله عليه وسلم هو من قبيل التواتر المعنوي، وأن المتواتر يفيد الإنسان القطع واليقين خصوصًا إذا كان مستند الخبر المتواتر: الحس والمعاينة والمشاهدة، وطبيعة الخبر المتواتر يفيد العلم القطعي كما يقال. فهي درجات أنه أول شيء يُثبَّت له هذه الأخبار، يؤكَّد على أن هذه الأخبار هي مابين متواتر خاص بالقصص والأخبار أشبه التواتر اللفظي وجمهوره تعطي الإنسان الثقة والطمأنينة إلى التواتر المعنوي، وأن مثل خوارق العادات هذه لا يمكن أن تجري من النبي صلى الله عليه وسلم بذاته فيلزم أن ثمة من خرق هذه العادة، وخارق هذه العادة هو الله -تبارك وتعالى- الذي أقام مثل هذه المعجزات دلائل وإشارات إلى صحة نبوة الأنبياء. هذا ملخص المنهجية المتعلقة بهذه القضية.
      والكتب التي عالجت دلائل نبوة النبي صلى الله عليه وسلم في القديم والحديث يعالج هذه القضية، ومن الكتابات المميزة التراثية المتعلقة بهذه القضية كتاب:
      ١-تثبيت نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لأبي الحسن الزيدي.
      ٢- مركز الدلائل أصدر كتاب كذلك في دلائل بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم د. سامية البدري
      قد يكون مفيداً نافعاً في هذا الإطار .

      0
    • أظهر المزيد من الردود
  • النُّهى
    النُّهى

    أثابكم الله شيخنا

    هل هناك أدلة أخرى على وجود الله غير دلالة الفطرة ودلالة العقل اللتان ركز عليهما الكتاب؟

    0
    • أ.عبدالله بن صالح العجيري
      أ.عبدالله بن صالح العجيري

      نعم، أنا مجرد ركزت على أهم دليلين عقليين؛ دليل الحدوث والإيجاد ودليل العناية والرعاية، وتجدون كثير من العلماء قد يُشقق في الدلالة المتعلقة بكلا الدليلين إلى أنواع متعددة.
      بعضهم يفصل يقول: ثمة دليل الرعاية غير دليل العناية غير دليل التصميم غير دليل الإتقان غير دليل الإحكام، أنا الذي فضلته أني أجمع كل هذه التي تشتمل على معنى واحد متقارب وليس متباعد، ومع ذلك هناك أجناس من الأدلة خارج هذا النسق بالكلية؛ فكل دليل يصحح نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو دليل بمقتضى الأولى على وجود الله -تبارك وتعالى-، المعجزات التي تُجرى على يد الأنبياء والرسل هي تدل على وجود قوة عليا أو تدل على وجود ذات عليا هي المتحكمة المسيطرة بقوانين هذا الكون، وهي في وسعها وحدها أن تخرق مثل هذه السنن والقوانين وذلكم الله عز وجل، فدلالة القرآن -على سبيل المثال- يمكن الاستدلال بها على وجوده -تبارك وتعالى- من جهة إعجاز القرآن الكريم. فالشاهد أن سائر الدلائل الدالة على نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم- ونبوة الأنبياء يمكن استثمارها في سياق الحديث عن قضية وجود الله -عز وجل- وفي كتب أهل العلم هناك أنماط عديدة من أنماط التدليل لكني ركزت على دليلين يمكن من خلالهما – الدلاة العقلية - أن يُذكَّر صاحب الفطرة السليمة بمقتضيات فطرته ويتقوى المؤمن إيمانًا بوجود الله -عز وجل- ومن تأثر بالخطاب الإلحادي فقد يكون هذين الدليلين من أهم الأدلة المعينة على رده إلى مربع الإيمان.

      0
    • أظهر المزيد من الردود
  • مريم إبراهيم
    مريم إبراهيم

    في الآية { أفي الله شك فاطر السماوات والأرض } ما وجه دلالتها على الفطرة؟

    0
    • أ.عبدالله بن صالح العجيري
      أ.عبدالله بن صالح العجيري

      وجه الدلالة على الفطرة: أن هذا السؤال (أفي الله شك؟) جوابه: أنه لا شك فيه –تبارك وتعالى- .
      إذا لم يكن ثمة شك في وجوده -تبارك وتعالى- فهل هذا اليقين المتحصّل كان متحصلاً عن طريق النظر؟ أم هو متحصلٌ عن طريق الفطرة؟ فهذا السؤال الذي يكافح به الإنسان: هل تشك في كذا؟ بواعث هذا اليقين تكون بواعث معمَّقة في النفس. فأحد الأوجه التي استدل بها أهل العلم على فطرية معرفة الله -تبارك وتعالى- هذا السؤال المضمَّن في هذه الآية القرآنية الكريمة.
      ثمة مناقشة أن هذا السؤال هل وقع متعلِّقًا بالاعتراف بوجود الله -عزوجل- أم الاعتراف له بالوحدانية؟ إذا نظر الإنسان في طبيعة الخلاف الجاري بين أنبياء الله ورسله وأقوامهم فالخلاف الحقيقي لم يكن خلافًا في وجود الله -تبارك وتعالى- إذ جمهور أولئك الأقوام لم يكونوا ينكرون وجود الله -عز وجل- وإنما كان محل البحث: قضية وحدانيته -تبارك وتعالى- وبالتالي هو تأكيد لمنزِع فطري آخر (أفي الله شك) يعني: في وحدانيته -تبارك وتعالى- فإذا لم يكن شك في وحدانية الله -عز وجل- بمقتضى الفطرة فمن باب أولى ألا يشكك في وجوده فيظل في الآية دلالة على الإيمان بوجود الله -عز وجل- بمقتضى الفطرة.

      0
    • أظهر المزيد من الردود
  • شهد ناصر
    شهد ناصر

    ما هو الجدل السني الكلامي الذي يهتم به الشيخ عبد الله العجيري؟

    0
    • أ.عبدالله بن صالح العجيري
      أ.عبدالله بن صالح العجيري

      كان القصد بهذا الإطلاق وبهذه العبارة أنه على مستوى الاهتمام العلمي في المعارف الشرعية على وجه الخصوص غلب علي نوع من أنواع الاهتمام بالمجالات العقدية، وكان من مبادئ الاهتمام بالمجال العقدي هو: الجدل الدائر بين أهل السنة والجماعة وطوائف المتكلمين ( المعتزلة والأشاعرة وغيرهم من الطوائف الكلامية ) فهذا هو المقصود، الجدل السني الكلامي: هو الجدل الحاصل بين أهل السنة والجماعة في ضفة وطوائف أهل الكلام في ضفة أخرى، وممن يدخل في طوائف أهل الكلام بطبيعة الحال: المعتزلة والأشاعرة والكرامية والسالمية وغيرها من المذاهب الكلامية، والبحث الشهير في المباحث المتعلقة في أسماء الله وصفاته وفي مباحث الإيمان ومباحث القدر بل حتى في مباحث مصادر التلقي والاستدلال عند أهل السنة والجماعة.

      0
    • أظهر المزيد من الردود
  • أروى
    أروى

    هل الفطرة تعني الإيمان بوجود الله؟

    0
    • أ.عبدالله بن صالح العجيري
      أ.عبدالله بن صالح العجيري

      جاوبنا في مضى من الأسئلة على طرف مما يتعلق بهذا الموضوع لكن أؤكد على معنى زائد.
      هل الفطرة تعني الإيمان بوجود الله بمعنى: هل الفطرة تساوي الإيمان بوجود الله؟
      الحقيقة أن مسألة الإيمان بوجود الله -عز وجل- هو أحد مكونات الفطرة، هي أحد القضايا الفطرية وليست هي القضية الفطرية كلها، يعني مما تشتمل عليه القضية الفطرية عدة معطيات؛ مثلاً هناك معطيات متعلقة بمجال التدين والإيمان، أن هناك نزعة من نزعات التدين هذا مكون فطري، الإيمان بوجود الله -عز وجل- مكون فطري، الإيمان بوحدانية الله في ربوبيته وألوهيته تبارك وتعالى مكون فطري، شعور العبد الفطري بافتقاره لله عزوجل هو مكون فطري، السؤالات الكبرى الموجودة عند الإنسان من أين أتيت؟ وإلى أين أسير؟ وإلى أين المصير؟ ولماذا أنا هنا؟ هذه كذلك سؤالات فطرية، وثمة مكون فطري يتعلق بالمجال المعرفي مثل: قضية المبادئ العقلية الضرورية، فالفطرة تشتمل على جملة من القضايا والأمور، أحد هذه القضايا قضية الإيمان بوجود الله -عز وجل- مع التنبيه والتأكيد على الذي ذكرته فيما سبق، أن الإيمان بوجود الله -عز وجل- مع دخوله في طبيعة المكون الفطري إلا أن المقصود أن الفطرة: قوة مودَعة في النفس تقتضي هذه المعطيات بذاتها إذا ما توفرت لها الشروط وانتفت عنها الموانع، بمعنى إذا سلِم الإنسان من التربية السلبية التي قد يربيه الأب أو الأم على خلاف مقتضى فطرته... يعني باختصار،لو قُدِّر للإنسان أنه قد وُجِد في سياق معين خَليًّا بنفسه فسيصل بمقتضى هذه الفطرة إلى الإيمان بوجود الله -تبارك وتعالى-، سيصل من غير حتى الحاجة، يعني بمجرد أن بدأ يكبر هذا الطفل فسيجد من نفسه الإقبال على مسألة الإيمان بوجود الله -عز وجل- حتى لو لم يتوقف للبرهنة والتدليل على هذا المعطى. وليس مقتضى الفطرة الاستعداد للإيمان بوجود الله -عز وجل- مجرد استعداد متكافئ الطرفين أو أنه مجرد استعداد، لا، هو قوة تدفع الإنسان صوب الإيمان بوجود الله -عز وجل-.

      0
    • أروى
      أروى

      أحسن الله إليكم
      ما المقصود بنزعة التدين؟ هل بأن كل إنسان لابد أن يكون له دين ينتمي إليه سواء كان حقاً أم باطلاً؟ أم المقصود به ما بعده فيكون المقصود بنزعة التدين الإيمان بوجود الله وربوبيته وألوهيته؟

      0
    • أ.عبدالله بن صالح العجيري
      أ.عبدالله بن صالح العجيري

      الذي أعتقده أن ثمة مستويان لنزعة التدين عند الإنسان، ثمة منزع فطري موجود عند الإنسان يدفعه دفعاً إلى اتخاذ معبود، إلى التدين بدين، يعني قضية صميمية موجودة عند إنسان فإذا توفر للإنسان الدين الحق وإلا سيقع فريسة وفخ دين باطل.
      فهذا المستوى الأول من مستويات التدين؛ أن ثمة نزعة موجودة عند الإنسان لمطلق التدين.
      النزعة الثاني، وهو مستوى آخر موجود داخل المكون الفطري الذي خلق الله -عز وجل- الناس عليه: أن الإنسان عنده نزعة تدين للدين الحق، للتدين بالدِّين الصحيح، للإيمان بوجود الله -تبارك وتعالى- وتوحيده -تبارك وتعالى- في ربوبيته وألوهيته والتعرف على شيء من كمالاته واختيار دين الإسلام. يعني بمعنى آخر: إذا خلي الإنسان وفطرته الصحيحة فإنه سيفضي إلى معرفة الله -سبحانه وتعالى- وسيفضي إلى التدين بالدين الحق، والذي يؤكد هذا خبر الله -عز وجل- عن المكون الفطري في الكتاب والسنة. لما يقول الله -تعالى-: { فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ } وحديث النبي صلى الله عليه وسلم: " كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه " فلما لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم (أو يسلمانه) علمنا أنه الفطرة المقصودة التي وُلِد عليها الإنسان هي فطرة الإسلام وليس بالضرورة أن يعرف تفاصيل الأحكام الشرعية لكن جُمَل الإسلام الكبرى يستطيع الإنسان أن يتعرف إليها ويتوصل إليها إن هو خلي وفطرته، بمعنى إن حصلت الاشتراطات المطلوبة وانتفت الموانع للفطرة فإنه سيفضي إلى اختيار الإسلام.
      ومن أصرح الآحاديث كذلك حديث عياض المجاشعي رضي الله عنه " وإني قد خلقت عبادي حنفاء كلهم فاجتالتهم الشياطين ".
      ثمة مستويان هما:
      ١- التدين الجملي العام المطلق الذي يوجد عند كل إنسان.
      ٢- المنزع الثاني وهو الأكثر عمقاً في الدلالة الفطرية هو اختيار الإسلام بمقتضى الفطرة.

      0
    • أظهر المزيد من الردود
  • رغد محمد الفراج
    رغد محمد الفراج

    إذا أنكر الملحد المبادئ العقلية الأولية الفطرية كلها أو أحدها هل هذا يعتبر غلقًا نهائيًا لباب النقاش؟

    0
    • أ.عبدالله بن صالح العجيري
      أ.عبدالله بن صالح العجيري

      الذي أعتقده باختصار شديد، نعم. إذا أنكر المبادئ العقلية الأولية الفطرية فليس ثمة سبيل حقيقة لإجراء نقاش لأن منطقة الأدلة التي تمثل حالة القاسم المشترك بين المؤمن المتدين، المؤمن بوجود الله -عز وجل- والطرف الإلحادي الذي هو العقل، ولا يستطيع الإنسان أن يبني دلالة عقلية في أي قضية مالم يسلم الطرفان لوجود مبادئ عقلية ضرورية لا يمكن أن يُشكَّك فيها،
      عملية النظر والاستدلال الخاص هو في نهاية المطاف استخدام لأدلة معينة تنتهي في نهاية المشوار إلى الدلالات العقلية الضرورية، فإذا تنكّر الإنسان لهذه الدلالات العقلية الضرورية تنهار تمامًا القضية المعرفية، تنهار قضية إقامة أي دلائل عقلية، وبالتالي إذا وقع الطرف الإلحادي في فخ ومربع الإشكال المتعلق بالإقرار بوجود المبادئ العقلية الضرورية فلا يمكن أن يستمر النقاش إلا إذا اتفق الطرفان على التسليم بوجود مبادئ عقلية ضرورية وليس هو انقطاع النقاش بمعنى أنه يُطوى الملف تمامًا، لا، يسعى الطرف المتدين المؤمن بوجود الله -عز وجل- محاولة تذكير الطرف المقابل بمقتضيات الفطرة، تذكيره بوجود هذه المبادئ العقلية الضرورية ويبين له ما هي الضريبة الباهظة التي سيدفع الإنسان متى ما تنكّر لهذه المبادئ الضرورية، ما هي اللوازم المترتبة على هذا المعطى وهذه العملية، يؤكَّد عليه أنك أنت في شأنك الحياتي لا تتعامل مع مطلقًا متنكرًا لهذه المبادئ الفطرية الضرورية،
      ولذا الطريقة لما يقرأ الإنسان في كتب التاريخ تجد أنهم، يعني لما يُتعاطى مع هذا النمط من المسفسطين من الشكاكين في مثل هذه المبادئ العقلية الضرورية يحاولون أن يذكرونهم وقد تكون بعض الأساليب طريفة وقاسية، تجد إنسان معين يقول: أنا أستطيع إقامة دليل للتشكيك في كل شيء وعلى كل شيء وهكذا، القصة طويلة وأنا لعلي أشرت لها إشارة في ثنايا البحث ستطلعون عليها، فيقوم أحد الطرفين إلى الطرف الآخر فيلطمه لطمة فيقول: أيُفعَل هذا بحضرتك يا أمير المؤمنين؟ فقال: وما أدراك أني قد ضربتك؟ لعلي فعلت بك فعلاً حسنًا ... بالتالي إذا كان الإنسان يشكك فليس له من سبيل أن يستوثق أن الطرف المقابل أعطاه لطمة على سبيل المثال.
      مختصر الكلام: أن الملحد متى ما تنكّر للمبادئ العقلية الضرورية فمبتدأ النقاش ينبغي أن يكون في التذكير بالمبادئ الفطرية الضرورية بجملة من أدوات التذكير ولا يمكن الاستمرار في مناقشة قضية وجود الله -عز وجل- متى ما كان الطرف الملحد متنكرًا لمثل هذه المبادئ العقلية الضرورية.

      0
    • أظهر المزيد من الردود
  • هند أحمد
    هند أحمد

    هل نحن بحاجة لمناقشة قضية الإلحاد بعمق هكذا في مجتمعنا الإسلامي بالفطرة والتاريخ؟ أم هذه القضية تخص الغرب ابتداءً ولسنا طرفًا فيها؟

    0
    • أ.عبدالله بن صالح العجيري
      أ.عبدالله بن صالح العجيري

      ما اعتقده أننا بحاجة إلى مناقشة هذا الملف لاعتبارات متعددة.
      في زمن الانهزام الفكري، في زمن غلبة المزاج الليبرالي وغلبة القيم الليبرالية على العالم عمومًا، صار المسلمون للأسف الشديد هم محل لتلقي أثر المنتج الغربي، هم صاروا أشبه الأمة المفعول بها بعد أن كانت الأمة الفاعلة، يعني جميع الموضات الفكرية التي تعصف بالمجتمعات الغربية الذي يتابع مسلسل التاريخ سيلاحظ أنها ستنتقل عاجلاً أو آجلاً إلى المحيط العربي الإسلامي وبالتالي من المهم أنه يعالج الإنسان مثل هذه الملفات ولا يلزم بالضرورة أنه يؤخر الإنسان لحظة المعالجة إلى أن يقع -كما يقال- الفأس بالرأس وإلى أن يقع الإشكال، يستطيع الإنسان أن يقدم المعالجات المعمقة لهذه القضية.
      ثمة كثير من الشباب متأثر بشكل معمّق بكثير من المعطيات الغربية وبالتالي كثير من الشبهات التي تروج في المجتمعات الغربية ستجد أصداءها في المجتمعات العربية إن آجلا -كما ذكرت- أو عاجلاً، وبالتالي من المهم أن تُعالَج مثل هذه الملفات.
      الذي يؤكد هذه القضية أن كثيرًا من السؤالات المتعلقة بملف الإلحاد للأسف الشديد ثمة حالة من حالات الفقر الشديد في المكتبة الشرعية لتقديم الجوابات الشرعية المتعلقة بمثل هذه الملفات.
      إذا نظر الإنسان في لحظة التأسس الأولى لقضية الإلحاد فمن أشهر الملاحدة الأُوَل الذين يُنسب إليهم ظاهرة الإلحاد الفيلسوف اليوناني الشهير (أبيقور)، أبيقور لما تنكّر لوجود الله -تعالى- بناها على فلسفة معينة، لب هذه الفلسفة والتمثل المركزي لها هو في سؤال الشر والعدل الإلهي ووجود الله -تبارك وتعالى- ورحمة الله -عز وجل- وحكمته ومسائل القضاء والقدر، فهذا السؤال المركزي والمحور والمهم وهو الي يشكل ضغطًا هائلاً بل هو المسبب الأكبر لإخراج البشرية من الإيمان إلى فضاء الإلحاد وهو السؤال الأكثر حضورًا في كثير من الشباب المتأثرين بالخطابات الإلحادية، حجم المؤلفات الشرعية في تناول هذه القضية محدود إلى حد بعيد جدًا، يعني طيلة التاريخ الإسلامي أهم المنتجات التي قُدّمت لمعالجة مثل هذه القضية: النتاج الذي قدمه ابن سينا والخطيب الرازي وابن القيم في [شفاء العليل]، أما المنتج المعاصر، يعني قد يقول الإنسان خلال مائة.. مائتين سنة أين هي المؤلفات والكتب التي عالجت هذا السؤال المؤرق للإنسان وللبشرية؟ فالمعالجة محدودة إلى حد بعيد.
      أحد المعالجات الجميلة التي صدرت خلال العام الماضي عن طريق مركز تكوين: كتاب بعنوان [ مشكلة الشر ووجود الله عزوجل ] للدكتور: سامي عامري، كتاب مميز.
      فالشاهد ولملمة الكلام وقد حصل استرسال أعتذر عنه، أنا نحن بحاجة لمعالجة هذا الملف في هذا الزمن المعاصر، ثمة حالة من حالات التمدد للأسف الشديد للحالات الإلحادية داخل الوسط العربي والوسط الإسلامي بما يستدعي نوعًا من التدخل والمعالجة وتأسيس القاعدة العلمية الشرعية المطلوبة المحصنة للشباب من الوقوع في هذا الفخ ومعالجة من وقع في فخ الإلحاد من شبابنا.

      0
    • أظهر المزيد من الردود
  • هند أحمد
    هند أحمد

    كيف يقر الملاحدة بوجود المعنى الفطري بالنفس ويخالفونه؟

    0
    • أ.عبدالله بن صالح العجيري
      أ.عبدالله بن صالح العجيري

      الحقيقة سؤال فيه ذكاء، لأن من المعاني التي ذكرت في الكتاب والتي تنبهت إليها: أن قضية وجود المكون الفطري عند الإنسان والذي يدفعه دفعًا للإيمان بوجود الله -عزوجل- ليس هو محل خلاف حقيقي لا بين المتدينين ولا بين الملاحدة، الكل يعترف بأن الإنسان قد وُجِد وخُلق على هيئة مقتضية للإيمان بوجود الله -تبارك وتعالى- وأن الإنسان بطبيعته لو خلي وحاله فسيصل إلى هذه النتيجة حتى ولو لم يلقّن هذه النتيجة من خلال والديه ولا حتى يحتاج أن يستدل عليها بقضية العقل.
      ويعترف الملاحدة في ضوء معطيات علمية محددة مثل: التاريخ، الانثربولوجيا، علوم النفس، علوم الأعصاب وغيرها. أن فعلاً إحصائيًا يستطيع الإنسان أن يلاحظ أن هذا الإيمان بوجود الله -تبارك وتعالى- لم يكن ناشئًا عن التربية أو عن تلقين المحيط الاجتماعي أو البيئة، لا، القضية أكثر عمقًا في نفس الإنسان، لكن الإشكال الآن لو كان الملحد يعترف بوجود هذا المكون الفطري الذي يقتضي الإيمان بوجود الله -تبارك وتعالى- فما الذي يمنعه عن الإيمان بوجود الله -عز وجل- ؟
      الإشكالية الحقيقية الموجودة عند الملاحدة هو اعتقادهم أن كون الإنسان خُلِق على هيئة يعتقد وجود الله عز وجل، هم يقولون: لا يلزم من ذلك بالضرورة أن يكون ثمة إله خالق في الخارج حقيقة. بمعنى آخر: هم يحاولون أن يتطلّبوا تفسيرًا ماديًا طبيعيًا لهذه النزعة (نزعة التدين الموجودة عند الإنسان) هم يحاولون أن يقولوا لنا: أن اعتقاد الإنسان الفطري بوجود الله -تبارك وتعالى- لا يلزم بالضرورة أن يكون دالاً على وجود تحقق حقيقي لإله موجود في الخارج -في خارج تصور الإنسان- قد يكون الإنسان لمقتضيات الداروينية -على سبيل المثال- أو التطور الطبيعي أو غيرها أنه حصلت هذه النزعة لأنها مفيدة في استبقاء الإنسان وإن لم تكن بالضرورة حقيقة مصدَّقةً في الخارج، بمعنى أنه قد تكون الطبيعة أوهمتنا لمصلحتنا بأن ثمة خالق، لكن ليس ثمة خالق في حقيقة الأمر، ولذا فثمة مؤلفات وكتب، يعني -على سبيل المثال- كتاب (دانيل دانيت) أحد الفلاسفة الملاحدة المشاهير له كتاب اسمه [breaking the spell- كسر السحر ] العنوان الفرعي للكتاب: [Religion as a Natural Phenomenon – الدين كظاهرة طبيعية ] فهو يحاول أن يقدم تفسيرًا طبيعيًا لنزعة التدين.
      خلاصة المسألة: أن الملاحدة يعترفون بالمكون الفطري وأن ثمة نزعة حقيقية للتدين موجودة عند الإنسان لكنهم ينازعون ويبحثون يقولون: وجود هذه النزعة في الإنسان لا يلزم منها بالضرورة أن تكون حقيقة وأن تكون صدقًا، قد تكون هذه النزعة باطلة وقد تكون هذه النزعة صوابًا وبالتالي يحتاج الإنسان أن يتثبت من صحة هذه النزعة بالأدلة الخارجية.
      الذي يؤكد هذا: أن من المعاني الفطرية التي يعترف بها الملاحدة كذلك اعتقاد على سبيل المثال المبادئ العقلية الضرورية؛ بأن الجزء أصغر من الكل وأن 1 1= 2 وأن النقيضين لا يمكن أن يجتمعا؛ هذه قضايا يعترف بها الملاحدة، يعترف بكونها مكونًا فطريًا، وكثير من الملاحدة يجادل في حقيقتها المتمثلة في الخارج، يعني -على سبيل المثال- : أحد المبادئ العقلية الضرورية مبدأ السببية ( أن كل أمر حادث لا بد له من سبب أوجد حدوثه ) (ديفيد هيوم) يتنكر لهذا المبدأ الفطري، هو لا يتنكر لهذه النزعة الموجودة عند الإنسان باعتقاد مبدأ السببية، لكنه ينازع أن ليس ثمة مبدأ السببية العامة في الخارج حقيقة هو مجرد وهم موجود عند الإنسان، هو مجرد يحاول أن يقدم تفسيرًا لحالة الوهم التي وجدت عند الإنسان من غير الاعتراف بمبدأ السببية، فنفس الفكرة: أن الملاحدة يعترفون بوجود المكون وبوجود النزعة عند الإنسان لكنهم ينازعون في كون هذه النزعة تدل ضرورة على وجود حقيقي لإله في الخارج.

      0
    • أظهر المزيد من الردود
  • سارة
    سارة

    هل الفطرة تعني الاستعداد لقبول الحق أم أنها الشعور الفطري بوجود الله -تبارك وتعالى - ؟

    0
    • أ.عبدالله بن صالح العجيري
      أ.عبدالله بن صالح العجيري

      إذا رجع الإنسان لكتابات أهل العلم فإن الفطرة: هي أحد المصادر الشرعية المعتبرة في التصور الإسلامي، وبالتالي ثمة نوع من أنواع التحليل والتعريف العلمي المتعلق بهذه الفطرة، ومما يلحظه الإنسان لو قرأ في مصادر التلقي ومنهج الاستدلال عند أهل السنة والجماعة الخلاف الواسع بين أهل العلم في مدلول كلمة (الفطرة)خصوصًا في ضوء ورودها في الشرع؛ فأحد الأقوال التي قيلت في الفطرة أنها مجرد الاستعداد لقبول الحق وكذلك الاستعداد الفطري لقبول الباطل، يعني مجرد أن الإنسان خُلق على هيئة قابلة لقبول الحق أو الباطل، وأن الله خلق الإنسان على هيئة مستعدة للمعرفة وللعلم وللتوصل للأشياء. هذا أحد الأقوال، لكن الذي يظهر في ضوء النصوص الشرعية أن الفطرة في النص الشرعي ليس مقصود بها هذا المدلول أو هذا المعنى. بل الفطرة في حقيقة الأمر تتضمن مكونًا إيمانيًا يتعلق بوجود الله -تبارك وتعالى- بل يتعلق بالاعتراف له -تبارك وتعالى- بالوحدانية في الربوبية وفي الألوهية واعتقاد كمالات الله -تبارك وتعالى-، وهذا ما سعيت أن أوضحه في مادة الكتاب؛ أنه لما أتحدث عن فطرية معرفة الله -تبارك وتعالى- فمعناه أن الإنسان لو خُلّي وشأنه فسيتحقق هذا الأمر قطعًا، لو توفرت الشروط الشرعية وانتفت الموانع الشرعية فسيُفضي الإنسان من غير الحاجة إلى البرهنة والتدليل العقلي إلى الإيمان والاعتراف بوجود الله -تبارك وتعالى-.
      إذا فهمنا أن أحد مكونات الفطرة هو الإيمان بوجود الله -تبارك وتعالى- فعندنا أحد احتمالين؛ إما أن يقال أن هذه القضية -التي هي مسألة الإيمان والاعتراف بوجود الله عز وجل- قضية حاضرة من لحظة الولادة أو أنها قضية تحضر بعد ذلك.
      فأحد الوجهين الموجودة عند أهل السنة والجماعة أنهم يعتقدون أن الإيمان بوجود الله هو قضية حاضرة في النفس ابتداءً وهناك تصور آخر -وهو الذي أميل إليه- أن الفطرة أشبه القوة المودَعة في النفس التي تقتضي الإيمان بوجود الله تبارك وتعالى متى ما توفرت الشروط وانتفت الموانع.
      لماذا قلت بهذا القول؟ لأن الله -تبارك وتعالى- قال: { والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئًا } فالإنسان في لحظة ولادته -كما أخبر الله عز وجل- ليس متحصلاً على شيء من المعرفة مطلقًا واعتقاد وجود الله -عز وجل- لا شك أنها معلومة، لا شك أنها معرفة، فالأظهر عندي أن لحظة ولادة الإنسان لا يكون عارفًا لوجود الله -تبارك وتعالى- لكنه يتحصل على هذه المعرفة من غيربرهنة وتدليل عقلي وإنما بمقتضى الفطرة.
      الفطرة هي قوة تدفع الإنسان وتحركه صوب الإيمان بوجود الله -عزوجل- هي أشبه البذرة التي متى ما توفرت لها الشروط الصحيحة وانتفت عنها الموانع تحصلنا من خلالها على شجرة؛ فشجرة الإيمان بذرتها الفطرة. للتقريب -وإن كان هذا على سبيل المجاز- فالفطرة أشبه الملف المضغوط الذي لا يستطيع الإنسان أن يستشرف ويعرف ما بداخله حتى يُفك ضغطه، فالفطرة ليست مجرد الاستعداد النفسي لقبول الحق، لا، هي تتضمن قدر أزيد من هذا، تتضمن شيئًا من المعرفة المتعلقة بوجود الله -تبارك وتعالى- لكن هذه المعرفة لا تكون في لحظة الولادة وإنما تأتي تاليًا.

      0
    • أظهر المزيد من الردود