شموع النهار

الأوراد/ الورد الثاني عشر (٢٥٨-٢٧١)

هذا ملخص يتضمن أهم النقاط الرئيسية والأفكار المهمة؛ لذا هو لا يغني عن الكتاب، صممناه لكم بشكل مريح يساعد على ترتيب المعلومة وفهمها

  • بسم الله الرحمن الرحـيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, وبعد: نحن الآن في الورد الثاني عشر وهو الورد الأخير المتعلق بهذا الكتاب أسأل الله -عز وجل- لي ولكن جميعًا التوفيق والسداد, وهذا الورد هو استكمال لذكر أهم الاعتراضات التي قُدمت على الدليل العقلي الثاني الدال على وجود الله -تبارك وتعالى- وهو (دليل الإتقان والرعاية والتصميم) ولا زال الكلام حول الاعتراضات التي قُدمت على المقدمة الثانية: أن مظاهر الإتقان والرعاية الموجودة في الكون تستدعي ضرورة وجود سبب عليم حكيم. فمن الاعتراضات التي قُدمت فكرتها أن صنعة الإنسان المتقنة من فعل الإنسان ولا يصلح قياس ما في الطبيعة من إتقان على إتقان ماصنعه, وهذه لا شك أنها تنُمّ عن إشكالية كبيرة ونوع من أنواع المجازفة العقلية. العقل البدهي يقول: أن الخيارات المحتملة الممكنة لوجود ظاهرة الإتقان في شيء ما إمّا أن يكون عائدًا إلى: - الصدفة. - أو عائدًا إلى حتمية سننية قانونية. - أو إلى إرادة فاعل مختلق. وبيّنا في ثنايا الكتاب أن احتمالية أن هذا الإتقان واقع بالصدفة مستحيل ممتنع وأن احتماليات أن يكون ذلك واقعًا عبر بوابة السنن والقوانين كذلك ممتنع مستحيل, بل هذه القوانين والسنن لو افتُرِض أنها هي السبب الموجب لوجود الإتقان فسيَرِد عليه السؤال: فمن الذي وضع هذه السنن التي أوجبت وقوع ذلك الإتقان؟ فلم يبق للإنسان من خيار إلاّ اعتقاد أن ثمّة مريد فاعل حكيم هو الذي خلق هذا الإتقان على هذه الهيئة وهذه الصورة رعايةً وعنايةً منه -تبارك وتعالى-. وذكرت في ثنايا الاعتراض على هذا الاعتراض بعض المواقف التي تدل فعلًا على حالة المكابرة وحالة المغالطة التي يقع فيها الملحد عندما يتعلق بمثل هذا النمط الاستدلالي. أهم الاعتراضات التي قُدِمت على النتيجة المبنية على تلك المقدمتين في هذا الدليل -وأُذكر به الدليل العقلي الثاني: دليل التصريح والرعاية والعناية والإحكام والانتظام- وأنه مبني على مقدمتين: - مظاهر العناية والرعاية موجودة. - هذه المظاهر تستدعي وجود مسبب لها. - الله -عز وجل- هو الذي تسبب في وجود مظاهر العناية والرعاية. فأهم الاعتراضات التي قُدمت، اعتراضين أساسيين: الاعتراض الأول: إذا كان الله -عز وجل- قد عاير الكون فمن عاير المعاير, واضح من مجرد إثارة هذا السؤال أنه شبيه إلى حد كبير جدًا بسؤال آخر: إذا كان الله -عز وجل- قد خلق الخلائق فمن خلق الله؟ ويستطيع الإنسان استجلاب جزء من الردود التي قدمناها على ذلك السؤال أن يُقدم هنا بالإضافة إلى بعض المعطيات التي تحدثت فيها عن هذا الاستشكال وعن هذا الإيراد على وجه الخصوص. الاعتراض الثاني الأساسي الذي يُقدمه الملاحدة: أنهم يقولون أن دليل النظم والإتقان لايُعيّن أن الخالق هو الله. وهو اعتراض شبيه بالاعتراض الأخير الذي ناقشناه فيما سبق, وبينّا أن ليس المقصود من هذا الدليل هو بيان صفات الله -تبارك وتعالى- من جهة الكمال لأننا لانستطيع إدراك جميع صفات الله -تبارك وتعالى- من خلال معطيات الوحي لكن القصد من ذلك هو بيان أن هذا الإتقان وهذه الرعاية تستدعي وجود مصمم متصف بجملة من الصفات منها العلم والإرادة والحكمة والرحمة وغيرها من صفاته -تبارك وتعالى- وأن المُلحِد لايعترف بوجود هذا الحد الأدنى من السبب الذي يقف خلف الكون, فلِمَ الاعتراض ولِمَ المجادلة؟ فليس قصد هذا الدليل وإيراده هو اعتقاد جميع ما يتصل بكمالات الله -تبارك وتعالى- لكننا نستطيع من خلال هذا الدليل أن نستشرف بعضًا من كمالاته -تبارك وتعالى- وهذه النتيجة المبنية على تلك المقدمتين لا شك أنه موافق للعقل وموافق للفطرة وهو ماسعيت إلى شرحه في كل هذا الكتاب. بعد هذا الاعتراض انتهى الكتاب بالخاتمة, وهي خاتمة تقع قريبًا من أربع صفحات تقريبًا وأستأذنكم جميعًا في قراءة خاتمة الخاتمة -كما يُقال- فقلت فيها معقبًا على كلمة قيلت في ثنايا الخاتمة منقولة عن أحدهم قلت: ولكن هل وجود الله مجرد غرضية وأنه أفضل الخيارات التفسيرية فقط؟ لا بطبيعة الحال, فالدلالات العقلية السابقة دلالات محكمة قطعية تؤكد وتكشف عن مقتضى الفطرة التي أودعها الله -تبارك وتعالى- في نفوس عباده وما لم يتقبل الإنسان مقتضى فطرته ويُسلّم لها فسيخسر كل شيء؛ علمه ومعرفته وإرادته بل وإنسانيته, نعم, لا يبدو أن لشيء معنى دون وجوده, الإنسان والعالم بكل ما فيه مفتقر إليه, فبه تثبت الأشياء ومنه تُكتسب المعاني وبدونه يغرق كوننا في ظلمة العبث, يمكن أن يأفل نور القمر ونور الشمس ونور الوجود لكن أنواره لا تأفل . أسأل الله -عز وجل- لي ولكن جميعًا التوفيق والسداد شاكر ومقدر هذه الفرصة لمذاكرة ومدارسة هذا الكتاب. أسأل الله -عز وجل- لي ولكن التوفيق والسعادة وأن يجزيكم عني خيرًا والله أعلم والله يحفظكم ويرعاكم.
    تعليق على الورد الثاني عشر

    بصوت الكاتب

    4
    4
    00:00
    تحميل
بسم الله الرحمن الرحـيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, وبعد:
نحن الآن في الورد الثاني عشر وهو الورد الأخير المتعلق بهذا الكتاب أسأل الله -عز وجل- لي ولكن جميعًا التوفيق والسداد, وهذا الورد هو استكمال لذكر أهم الاعتراضات التي قُدمت على الدليل العقلي الثاني الدال على وجود الله -تبارك وتعالى- وهو (دليل الإتقان والرعاية والتصميم) ولا زال الكلام حول الاعتراضات التي قُدمت على المقدمة الثانية: أن مظاهر الإتقان والرعاية الموجودة في الكون تستدعي ضرورة وجود سبب عليم حكيم.
فمن الاعتراضات التي قُدمت فكرتها أن صنعة الإنسان المتقنة من فعل الإنسان ولا يصلح قياس ما في الطبيعة من إتقان على إتقان ماصنعه, وهذه لا شك أنها تنُمّ عن إشكالية كبيرة ونوع من أنواع المجازفة العقلية.
العقل البدهي يقول: أن الخيارات المحتملة الممكنة لوجود ظاهرة الإتقان في شيء ما إمّا أن يكون عائدًا إلى:
- الصدفة.
- أو عائدًا إلى حتمية سننية قانونية.
- أو إلى إرادة فاعل مختلق.
وبيّنا في ثنايا الكتاب أن احتمالية أن هذا الإتقان واقع بالصدفة مستحيل ممتنع وأن احتماليات أن يكون ذلك واقعًا عبر بوابة السنن والقوانين كذلك ممتنع مستحيل, بل هذه القوانين والسنن لو افتُرِض أنها هي السبب الموجب لوجود الإتقان فسيَرِد عليه السؤال: فمن الذي وضع هذه السنن التي أوجبت وقوع ذلك الإتقان؟ فلم يبق للإنسان من خيار إلاّ اعتقاد أن ثمّة مريد فاعل حكيم هو الذي خلق هذا الإتقان على هذه الهيئة وهذه الصورة رعايةً وعنايةً منه -تبارك وتعالى-.
وذكرت في ثنايا الاعتراض على هذا الاعتراض بعض المواقف التي تدل فعلًا على حالة المكابرة وحالة المغالطة التي يقع فيها الملحد عندما يتعلق بمثل هذا النمط الاستدلالي.
أهم الاعتراضات التي قُدِمت على النتيجة المبنية على تلك المقدمتين في هذا الدليل -وأُذكر به الدليل العقلي الثاني: دليل التصريح والرعاية والعناية والإحكام والانتظام- وأنه مبني على مقدمتين:
- مظاهر العناية والرعاية موجودة.
- هذه المظاهر تستدعي وجود مسبب لها.
- الله -عز وجل- هو الذي تسبب في وجود مظاهر العناية والرعاية.
فأهم الاعتراضات التي قُدمت، اعتراضين أساسيين:
الاعتراض الأول: إذا كان الله -عز وجل- قد عاير الكون فمن عاير المعاير, واضح من مجرد إثارة هذا السؤال أنه شبيه إلى حد كبير جدًا بسؤال آخر: إذا كان الله -عز وجل- قد خلق الخلائق فمن خلق الله؟ ويستطيع الإنسان استجلاب جزء من الردود التي قدمناها على ذلك السؤال أن يُقدم هنا بالإضافة إلى بعض المعطيات التي تحدثت فيها عن هذا الاستشكال وعن هذا الإيراد على وجه الخصوص.
الاعتراض الثاني الأساسي الذي يُقدمه الملاحدة: أنهم يقولون أن دليل النظم والإتقان لايُعيّن أن الخالق هو الله. وهو اعتراض شبيه بالاعتراض الأخير الذي ناقشناه فيما سبق, وبينّا أن ليس المقصود من هذا الدليل هو بيان صفات الله -تبارك وتعالى- من جهة الكمال لأننا لانستطيع إدراك جميع صفات الله -تبارك وتعالى- من خلال معطيات الوحي لكن القصد من ذلك هو بيان أن هذا الإتقان وهذه الرعاية تستدعي وجود مصمم متصف بجملة من الصفات منها العلم والإرادة والحكمة والرحمة وغيرها من صفاته -تبارك وتعالى- وأن المُلحِد لايعترف بوجود هذا الحد الأدنى من السبب الذي يقف خلف الكون, فلِمَ الاعتراض ولِمَ المجادلة؟
فليس قصد هذا الدليل وإيراده هو اعتقاد جميع ما يتصل بكمالات الله -تبارك وتعالى- لكننا نستطيع من خلال هذا الدليل أن نستشرف بعضًا من كمالاته -تبارك وتعالى- وهذه النتيجة المبنية على تلك المقدمتين لا شك أنه موافق للعقل وموافق للفطرة وهو ماسعيت إلى شرحه في كل هذا الكتاب.
بعد هذا الاعتراض انتهى الكتاب بالخاتمة, وهي خاتمة تقع قريبًا من أربع صفحات تقريبًا وأستأذنكم جميعًا في قراءة خاتمة الخاتمة -كما يُقال- فقلت فيها معقبًا على كلمة قيلت في ثنايا الخاتمة منقولة عن أحدهم قلت: ولكن هل وجود الله مجرد غرضية وأنه أفضل الخيارات التفسيرية فقط؟ لا بطبيعة الحال, فالدلالات العقلية السابقة دلالات محكمة قطعية تؤكد وتكشف عن مقتضى الفطرة التي أودعها الله -تبارك وتعالى- في نفوس عباده وما لم يتقبل الإنسان مقتضى فطرته ويُسلّم لها فسيخسر كل شيء؛ علمه ومعرفته وإرادته بل وإنسانيته, نعم, لا يبدو أن لشيء معنى دون وجوده, الإنسان والعالم بكل ما فيه مفتقر إليه, فبه تثبت الأشياء ومنه تُكتسب المعاني وبدونه يغرق كوننا في ظلمة العبث, يمكن أن يأفل نور القمر ونور الشمس ونور الوجود لكن أنواره لا تأفل .
أسأل الله -عز وجل- لي ولكن جميعًا التوفيق والسداد شاكر ومقدر هذه الفرصة لمذاكرة ومدارسة هذا الكتاب.
أسأل الله -عز وجل- لي ولكن التوفيق والسعادة وأن يجزيكم عني خيرًا والله أعلم والله يحفظكم ويرعاكم.
لا يوجد مناقشات

لا يوجد اقتباسات
لا يوجد استفسارات