شموع النهار

الأوراد/ الورد الرابع (٨٥-١٠٩)

هذا ملخص يتضمن أهم النقاط الرئيسية والأفكار المهمة؛ لذا هو لا يغني عن الكتاب، صممناه لكم بشكل مريح يساعد على ترتيب المعلومة وفهمها

  • بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد.. أجدد الترحاب بالأخوات الكريمات وأقدم ملخصًا سريعًا يسيرًا حول أهم المباحث المتعلقة بالورد الرابع. الورد الرابع -كما تلاحظون- هو انتقال من مبحث فطرية معرفة الله -سبحانه وتعالى- إلى الاستدلال العقلي على وجوده -تبارك وتعالى- وإذا أراد الإنسان حقيقة أن يدقق في العبارة ويحررها فحقيقة الدلالة العقلية ليست إنشاءً لمعرفة ليست حاصلة للإنسان ابتداءً وإنما هي في الحقيقة مذكّرة لمقتضى الفطرة؛ لأنه إذا تقرر لدينا أن معرفة الله معرفة فطرية فالمعارف الفطرية لا يُستدل لها, بمعنى أن الدلالة لا تُنشئ معرفة لم تكن حاضرة أصلاً لكنها تذكر بالمعرفة الحاصلة في النفس ابتداءً. والورد الرابع مقسم إلى قضيتين أساسيتين؛ أشبه المقدمة أو المقدمات المتعلقة بالدلالة العقلية على وجود الله -عز وجل- ثم الإفضاء إلى الدليل الأول من الدلالات العقلية المتعلقة بوجوده -سبحانه وتعالى- والبحث برمته يدور حول فطرية معرفة الله -سبحانه وتعالى- ثم الاستدلال العقلي على وجوده -تبارك وتعالى- وذِكر دليلين أساسيين؛ الدليل الأول: دليل الخلق والحدوث والإيجاد, والدليل الثاني: دليل العناية والرعاية والإتقان والإحكام والتصميم. أهم المقدمات التي أشرت إليها قبل الدخول في الدلالة العقلية الأولى, مقدمتين أساسيتين؛ المقدمة الأولى: هو التذكير بأن أمهات الأدلة الشرعية الدالة على وجود الله -عز وجل- من جهة العقل موجودة ومضمنة في كتاب الله -تعالى, بمعنى آخر: أن دلالة الخلق والإيجاد عليه -سبحانه وتعالى- ودلالة الرعاية والعناية والتصميم كلا الدليلين موجودان بصورة أو أخرى داخل الكتاب العزيز وفي سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأذكر هنا بما ذكرناه مرارًا أن الدليل الشرعي في حقيقته ينقسم إلى دلالة خبرية ودلالة عقلية, ومما يؤكد هذا الأصل أن القرآن والسنة مليئة بالدلالات الخبرية على مسائل الاعتقاد كما هي مليئة أيضًا بالدلالات العقلية؛ ومن الدلالات العقلية الموجودة في كتاب الله -تعالى- وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- الدلالة على وجوده -عز وجل- بذكر وجهي الدلالة الذي ركزت عليهما في هذا البحث, ونبهت إلى بعض الملاحظات التي تتعلق بطبيعة تناوِل الوحي للدلالة العقلية المتعلقة بوجوده -عز وجل, فذكرت الملاحظة الأولى: أن الأدوات العقلية الواردة في القرآن والسنة تتسم باليسر والسهولة والوضوح وقرب المأخذ والإيجاز وأنها متوافقة إلى حد بعيد مع الفطرة الإنسانية البشرية وليست قضايا عقلية فلسفية معقدة ومركبة لا يستطيع جمهور الناس وأكثرهم معرفتها وإدراكها. الملاحظة الثانية: الكثرة والتنوع, وهذا من تمام رحمة الله -عز وجل- بعباده فكل ما كان الناس أحوج إلى العلم والدراية بقضية من القضايا فإن الله -عز وجل- يوسّع من الدلائل الممكنة من تحصيل تلك المعرفة, وشرحت أوجه تنوع وكثرة الدلائل الموجودة في الوحي عليه -تبارك وتعالى. الملاحظة الثالثة: أن عامة المعالجات القرآنية لهذه القضية إنما تكون على سبيل ما عبرت عنه بدلالة التضمن أو قياس الأولى, بمعنى أن أكثر الأدلة المتعلقة بوجود الله -عز وجل- في الوحي لم يُقصد به ابتداءً مجرد الاستدلال على وجوده -تبارك وتعالى- وإنما كان المقصود إثارة قضية أعظم وأجل وأكبر من مجرد إثبات الوجود، بمعنى آخر: أن المقصود بها أصالةً إثبات وحدانية الله -عز وجل- في ربوبيته أو إثبات وحدانيته -تبارك وتعالى- في ألوهيته, وإذا ثبت هذا المعنى أو ذاك المعنى فيما يتعلق به -جل وعلا- فتلك الدلالات تتضمن من باب أولى ذلك القَدَر المتعلق بوجوده -سبحانه وتعالى- إذ لا يتصوّر أن يُفرد تبارك وتعالى بالوحي ولا يكون -جل وعلا- موجودًا. هذه القضية بدهية وبالتالي أحد الإشارات أن قضية إثبات الوجود في قضية الوحي ليست في أغلب التناول القرآني مقصودةً لذاتها. الأمر الرابع والأخير: من طبيعة تناول الوحي لقضية وجود الله -عز وجل- أن كثيرًا من الآيات المتعلقة بهذه القضية تسعى إلى استثارة المكون الفطري في الإنسان وتسعى إلى تذكيره بهذه القضية بصيغ متنوعة, وأشرت بعض الإشارة إلى تلك الصيغ. المقدمة الثانية أو القضية الثانية قبل الإفضاء إلى الدلالة العقلية الأولى على وجوده تبارك وتعالى: هي قضية مكونات الدليل العقلي, من ماذا يتألف ومن ماذا يتركب ومن ماذا يتكون الدليل العقلي الدال على وجوده تبارك وتعالى؟ فبيّنت أنها مؤلفة ومركبة من مكونين أساسيين؛ المكون الأول: المبادئ الفطرية الضرورية وهي ترجع إجمالًا إلى مبدأ السببية العامة, إلى مبدأ امتناع الترجيح بغير مرجح، إلى مبدأ افتقار الأثر لمؤثر، افتقار الحادث إلى مُحدِث، هذه المبادئ العقلية الضرورية هي المكوّن الأول؛ مبدأ السببية أو المبادئ الفطرية عمومًا هي المكوّن الأول, أن ثمّة مبادئ عقلية ضرورية موجودة عند الإنسان يتألف منها ويتركب الدلالة على وجوده -تبارك وتعالى. المكوّن الثاني المُكمّل لوجه الدلالة المتعلقة بوجوده -تبارك وتعالى- هو: الملاحظة والحس, وبالتالي تجد الإنسان يُلاحظ وتدخل عليه مُدخلات حسية معينة ثم يُسلّط عليها ما لديه من المبادئ العقلية الضرورية فيخرج بأوجه من أوجه الدلالة. وبالتالي ينبغي علينا أن نلاحظ أن الدلالة عليه -تبارك وتعالى- مؤلفة ومركبة من كلتا القضيتين, أنه حتى يقيم الإنسان دليلًا على وجوده -سبحانه وتعالى- ففي حقيقة الأمر هو يؤلف ويركب بين ما يتحصّل عليه من خلال الملاحظة والحس ومن خلال ما لديه من المقدمات العقلية الضرورية خصوصًا مبدأ السببية. المقدمة الثالثة والأخيرة قبل الإفضاء إلى الدليل الأول الدال على وجوده -سبحانه وتعالى- هو مسألة مهمة جدًا وهو: تأصيل إمكانية الاستدلال على وجود الله -تبارك وتعالى- بالعقل وسبب هذا المبحث أن ثمّة رؤية موجودة فيما يتعلق بالبرهنة والتدليل على وجوده -سبحانه وتعالى- تستبعد إمكانية أن يتحصّل الإنسان على مثل هذه المعرفة من خلال الدلالات العقلية, يعني يوجد من المتدينين المؤمنين ومن أشهرهم -على سبيل المثال- (إمانويل كانت) الذي يعتقد أنه يؤمن بوجود الخالق -تبارك وتعالى- ولكنه يعتقد أنه ليس بالإمكان الاستدلال على هذا الوجود الإلهي من خلال الدلالات العقلية وإنما المعوّل والعمدة عنده على إثبات وجوده: هي الضرورة الأخلاقية. وثمّة رؤية كذلك عند من يسموّن باللاأدرية أو جزء وفصيل من اللاأدرية الذين يقولون: لا ندري هل الله موجود أو غير موجود, هم ينقسمون في الحقيقة إلى فصيلين؛ الفصيل الأول الذي يعتقد بتكافؤ الأدلة, بمعنى أن المتدينين قدموا الأدلة المقنعة والملاحدة قدّموا أدلة مقنعة فحصل عنده نوع من أنوع الاضطراب فلا هو يستطيع أن يُرجّح قول هؤلاء وهؤلاء. هناك تصوّر آخر موجود عند بعض اللاأدرية, هو اعتقاد أنه ليس في مُكنة العقل الوصول إلى هذه المعرفة أصلًا وبالتالي لا يستطيع أن يتوصل إلى معرفة وجوده من عدم وجوده لعدم وجود أدلة توصل إلى المقصود, فالغرض الأساسي من هذا المبحث أو هذه المقدمة هو: تأكيد إمكانية الاستدلال على وجود الله -تبارك وتعالى- وبيان ما يتعلق بقضية مهمة وهو كيف يتحصّل الإنسان على إدراك الأشياء, وبينت أن الأشياء الموجودة إمّا أن تكون محسوسة بمعنى واقعة تحت الحس أو تكون مغيّبة, وأن ما غاب عن الإنسان فلا يمتنع عليه تحصيل الإدراك والعلم به, وأن ثمّة طرائق ووسائل يستطيع الإنسان أن يتحصّل على معرفتها, وأن فيما يتعلق بوجود الله -تبارك وتعالى- فيستطيع الإنسان الاستدلال عقلَا على وجوده -تبارك وتعالى- من خلال دلالة الأثر على المؤثر وهذه قضية أعتقد أني شرحتها بشكل واضح في البحث والكتاب, أرجو أن تكون المسألة متضحة وواضحة. فالقصد من هذا المبحث باختصار شديد: أن للعقل إمكانية على الاستدلال بوجوده -تبارك وتعالى- وأن الكوة أو الباب الذي يستطيع الإنسان أن ينفذ إلى هذا العلم أو إلى هذا الإدراك هو استقرار هذه الملاحظة وهو أنه بإمكان الإنسان أن يستدل على أمر غاب عنه من خلال الأثر لذلك الغائب, يعني بمعنى آخر: لو قُدِّر للإنسان مرّ في طريق ورأى آثار حادث سيارة، آثار, ما رأى حادث السيارة, لكن لاحظ الأثر الباقي مما يمكن أن يكون حادثًا للسيارة فيستدل من خلال الأثر على وقوع حادث سيارة في مثل هذا المكان وهذا الموقع. انتقل البحث بعدها في الورد الرابع وهو الدلالة العقلية الأولى على وجود الله -عز وجل- وعنونت له بدلالة الخلق والإيجاد وله -كما ذكرت- جملة واسعة من الأسماء؛ دليل الخلق والإيجاد والحدوث والاختراع والمحرك الأول والدليل الكلامي والدليل الكوني والدليل الكسمولوجي وغيرها من الأسماء, وهي في الحقيقة تعود إلى مقدمتين أساسيتين تفضي إلى نتيجة؛ المقدمة الأولى: أننا نستطيع أن نقول أن الحوادث موجودة وحقيقة الحادث هو ما له ابتداء، ما كان مسبوقًا بعدمٍ نفسه، أمر حادث, يعني لم يكن موجودًا ثم حدث. هذه المقدمة الأولى: أن الحوادث موجودة. والأمر الثاني: أن تلك الحوادث تفتقر لوجود سبب. فالنتيجة المترتبة على ذلك هو: أن لكل حادث سبب والسبب هو الله -تبارك وتعالى- ونقلت عن ابن رشد -على سبيل المثال- تصويرًا حسنًا لِما يتعلق بهذا الوجه الدلالي, وبعد ذلك سعيت إلى التدليل والبرهنة على ما يتعلق بالمقدمة الأولى والمقدمة الثانية, فالحوادث موجودة وذلك من خلال الملاحظة والحس, يعني بمعنى أن الإنسان يُبصر حدوث أمور معينة لم تكن موجودة ثم حدثت, فهذا ما يتعلق بالبرهنة والتدليل على المقدمة الأولى. أما المقدمة الثانية فهو: لكل حادثة سبب هو المبدأ العقلي الضروري أو مبدأ السببية, وبالتالي إذا ثبت عندنا بالأدلة صحة المقدمة الأولى وصحة المقدمة الثانية فيصحح لنا ذلك النتيجة. وأُذكِّر هنا أنِّي تناولت بالبحث أن دلالة الخلق والإيجاد عليه -تبارك وتعالى- لها مستويان؛ المستوى الأول: هو الاقتصار على الحوادث المعاينة والمشاهدة في البرهنة والتدليل. بمعنى: الحوادث موجودة, طيب كيف الإنسان يستطيع أن يستدل على حدوث هذه الحوادث؟ من خلال ما يعاينه الإنسان, من خلال ما هو واقع تحت ملاحظته وحسه المباشر, يلاحظ الإنسان أن طفلًا قد وُلد، يلاحظ أن هذا المطر قد نزل، يلاحظ الإنسان أن هذا الأمر حدث بعد أن لم يكن من خلال معاينته المباشرة. وبينت أن هذه هي الطريقة الشرعية هي الطريقة القرآنية وبينت أنها هي طريقة السلف, ونقلت عن شيخ الإسلام ابن تيمية ما يؤكد هذا المعنى. والمستوى الثاني: هو تطلّب بعض الطوائف وبعض الاتجاهات عدم الاقتصار على مجرد إثبات حدوث المعاينة المشاهَد, بل السعي إلى إثبات حدوث جنس الحوادث, ما كان منها مشاهدًا وما لم يكن مشاهدًا وهذا الشق الثاني أو المستوى الثاني من البرهنة سيأتي -بإذن الله عز وجل- في الورد الخامس, يعني الدليل العقلي الدال على وجوده -سبحانه وتعالى- الأول له مستويان؛ الحوادث المعايَنة المشاهدة الدالة على وجوده -تبارك وتعالى- وجميع الحوادث ما كان معاينًا وغير معاين دال على وجوده -تبارك وتعالى. الورد الخاص الرابع يقتصر على المستوى الأول وسيتم الحديث عن المستوى الثاني -بإذن الله تبارك وتعالى- إذا أفضينا إلى الورد الخامس. أسأل الله -عز وجل- أن يكون فيما ذُكِر الفائدة والنفع وأن يكون الكتاب واضحًا شاكر ومقدر لكم هذه الفرصة والله يحفظكم ويرعاكم.
    تعليق على الورد الرابع

    بصوت الكاتب

    9
    8
    00:00
    تحميل
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد..
أجدد الترحاب بالأخوات الكريمات وأقدم ملخصًا سريعًا يسيرًا حول أهم المباحث المتعلقة بالورد الرابع.
الورد الرابع -كما تلاحظون- هو انتقال من مبحث فطرية معرفة الله -سبحانه وتعالى- إلى الاستدلال العقلي على وجوده -تبارك وتعالى- وإذا أراد الإنسان حقيقة أن يدقق في العبارة ويحررها فحقيقة الدلالة العقلية ليست إنشاءً لمعرفة ليست حاصلة للإنسان ابتداءً وإنما هي في الحقيقة مذكّرة لمقتضى الفطرة؛ لأنه إذا تقرر لدينا أن معرفة الله معرفة فطرية فالمعارف الفطرية لا يُستدل لها, بمعنى أن الدلالة لا تُنشئ معرفة لم تكن حاضرة أصلاً لكنها تذكر بالمعرفة الحاصلة في النفس ابتداءً.
والورد الرابع مقسم إلى قضيتين أساسيتين؛ أشبه المقدمة أو المقدمات المتعلقة بالدلالة العقلية على وجود الله -عز وجل- ثم الإفضاء إلى الدليل الأول من الدلالات العقلية المتعلقة بوجوده -سبحانه وتعالى- والبحث برمته يدور حول فطرية معرفة الله -سبحانه وتعالى- ثم الاستدلال العقلي على وجوده -تبارك وتعالى- وذِكر دليلين أساسيين؛ الدليل الأول: دليل الخلق والحدوث والإيجاد, والدليل الثاني: دليل العناية والرعاية والإتقان والإحكام والتصميم.
أهم المقدمات التي أشرت إليها قبل الدخول في الدلالة العقلية الأولى, مقدمتين أساسيتين؛ المقدمة الأولى: هو التذكير بأن أمهات الأدلة الشرعية الدالة على وجود الله -عز وجل- من جهة العقل موجودة ومضمنة في كتاب الله -تعالى, بمعنى آخر: أن دلالة الخلق والإيجاد عليه -سبحانه وتعالى- ودلالة الرعاية والعناية والتصميم كلا الدليلين موجودان بصورة أو أخرى داخل الكتاب العزيز وفي سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأذكر هنا بما ذكرناه مرارًا أن الدليل الشرعي في حقيقته ينقسم إلى دلالة خبرية ودلالة عقلية, ومما يؤكد هذا الأصل أن القرآن والسنة مليئة بالدلالات الخبرية على مسائل الاعتقاد كما هي مليئة أيضًا بالدلالات العقلية؛ ومن الدلالات العقلية الموجودة في كتاب الله -تعالى- وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- الدلالة على وجوده -عز وجل- بذكر وجهي الدلالة الذي ركزت عليهما في هذا البحث, ونبهت إلى بعض الملاحظات التي تتعلق بطبيعة تناوِل الوحي للدلالة العقلية المتعلقة بوجوده -عز وجل, فذكرت الملاحظة الأولى: أن الأدوات العقلية الواردة في القرآن والسنة تتسم باليسر والسهولة والوضوح وقرب المأخذ والإيجاز وأنها متوافقة إلى حد بعيد مع الفطرة الإنسانية البشرية وليست قضايا عقلية فلسفية معقدة ومركبة لا يستطيع جمهور الناس وأكثرهم معرفتها وإدراكها.
الملاحظة الثانية: الكثرة والتنوع, وهذا من تمام رحمة الله -عز وجل- بعباده فكل ما كان الناس أحوج إلى العلم والدراية بقضية من القضايا فإن الله -عز وجل- يوسّع من الدلائل الممكنة من تحصيل تلك المعرفة, وشرحت أوجه تنوع وكثرة الدلائل الموجودة في الوحي عليه -تبارك وتعالى.
الملاحظة الثالثة: أن عامة المعالجات القرآنية لهذه القضية إنما تكون على سبيل ما عبرت عنه بدلالة التضمن أو قياس الأولى, بمعنى أن أكثر الأدلة المتعلقة بوجود الله -عز وجل- في الوحي لم يُقصد به ابتداءً مجرد الاستدلال على وجوده -تبارك وتعالى- وإنما كان المقصود إثارة قضية أعظم وأجل وأكبر من مجرد إثبات الوجود، بمعنى آخر: أن المقصود بها أصالةً إثبات وحدانية الله -عز وجل- في ربوبيته أو إثبات وحدانيته -تبارك وتعالى- في ألوهيته, وإذا ثبت هذا المعنى أو ذاك المعنى فيما يتعلق به -جل وعلا- فتلك الدلالات تتضمن من باب أولى ذلك القَدَر المتعلق بوجوده -سبحانه وتعالى- إذ لا يتصوّر أن يُفرد تبارك وتعالى بالوحي ولا يكون -جل وعلا- موجودًا.
هذه القضية بدهية وبالتالي أحد الإشارات أن قضية إثبات الوجود في قضية الوحي ليست في أغلب التناول القرآني مقصودةً لذاتها.
الأمر الرابع والأخير: من طبيعة تناول الوحي لقضية وجود الله -عز وجل- أن كثيرًا من الآيات المتعلقة بهذه القضية تسعى إلى استثارة المكون الفطري في الإنسان وتسعى إلى تذكيره بهذه القضية بصيغ متنوعة, وأشرت بعض الإشارة إلى تلك الصيغ.
المقدمة الثانية أو القضية الثانية قبل الإفضاء إلى الدلالة العقلية الأولى على وجوده تبارك وتعالى: هي قضية مكونات الدليل العقلي, من ماذا يتألف ومن ماذا يتركب ومن ماذا يتكون الدليل العقلي الدال على وجوده تبارك وتعالى؟
فبيّنت أنها مؤلفة ومركبة من مكونين أساسيين؛ المكون الأول: المبادئ الفطرية الضرورية وهي ترجع إجمالًا إلى مبدأ السببية العامة, إلى مبدأ امتناع الترجيح بغير مرجح، إلى مبدأ افتقار الأثر لمؤثر، افتقار الحادث إلى مُحدِث، هذه المبادئ العقلية الضرورية هي المكوّن الأول؛ مبدأ السببية أو المبادئ الفطرية عمومًا هي المكوّن الأول, أن ثمّة مبادئ عقلية ضرورية موجودة عند الإنسان يتألف منها ويتركب الدلالة على وجوده -تبارك وتعالى.
المكوّن الثاني المُكمّل لوجه الدلالة المتعلقة بوجوده -تبارك وتعالى- هو: الملاحظة والحس, وبالتالي تجد الإنسان يُلاحظ وتدخل عليه مُدخلات حسية معينة ثم يُسلّط عليها ما لديه من المبادئ العقلية الضرورية فيخرج بأوجه من أوجه الدلالة.
وبالتالي ينبغي علينا أن نلاحظ أن الدلالة عليه -تبارك وتعالى- مؤلفة ومركبة من كلتا القضيتين, أنه حتى يقيم الإنسان دليلًا على وجوده -سبحانه وتعالى- ففي حقيقة الأمر هو يؤلف ويركب بين ما يتحصّل عليه من خلال الملاحظة والحس ومن خلال ما لديه من المقدمات العقلية الضرورية خصوصًا مبدأ السببية.
المقدمة الثالثة والأخيرة قبل الإفضاء إلى الدليل الأول الدال على وجوده -سبحانه وتعالى- هو مسألة مهمة جدًا وهو: تأصيل إمكانية الاستدلال على وجود الله -تبارك وتعالى- بالعقل وسبب هذا المبحث أن ثمّة رؤية موجودة فيما يتعلق بالبرهنة والتدليل على وجوده -سبحانه وتعالى- تستبعد إمكانية أن يتحصّل الإنسان على مثل هذه المعرفة من خلال الدلالات العقلية, يعني يوجد من المتدينين المؤمنين ومن أشهرهم -على سبيل المثال- (إمانويل كانت) الذي يعتقد أنه يؤمن بوجود الخالق -تبارك وتعالى- ولكنه يعتقد أنه ليس بالإمكان الاستدلال على هذا الوجود الإلهي من خلال الدلالات العقلية وإنما المعوّل والعمدة عنده على إثبات وجوده: هي الضرورة الأخلاقية.
وثمّة رؤية كذلك عند من يسموّن باللاأدرية أو جزء وفصيل من اللاأدرية الذين يقولون: لا ندري هل الله موجود أو غير موجود, هم ينقسمون في الحقيقة إلى فصيلين؛ الفصيل الأول الذي يعتقد بتكافؤ الأدلة, بمعنى أن المتدينين قدموا الأدلة المقنعة والملاحدة قدّموا أدلة مقنعة فحصل عنده نوع من أنوع الاضطراب فلا هو يستطيع أن يُرجّح قول هؤلاء وهؤلاء.
هناك تصوّر آخر موجود عند بعض اللاأدرية, هو اعتقاد أنه ليس في مُكنة العقل الوصول إلى هذه المعرفة أصلًا وبالتالي لا يستطيع أن يتوصل إلى معرفة وجوده من عدم وجوده لعدم وجود أدلة توصل إلى المقصود, فالغرض الأساسي من هذا المبحث أو هذه المقدمة هو: تأكيد إمكانية الاستدلال على وجود الله -تبارك وتعالى- وبيان ما يتعلق بقضية مهمة وهو كيف يتحصّل الإنسان على إدراك الأشياء, وبينت أن الأشياء الموجودة إمّا أن تكون محسوسة بمعنى واقعة تحت الحس أو تكون مغيّبة, وأن ما غاب عن الإنسان فلا يمتنع عليه تحصيل الإدراك والعلم به, وأن ثمّة طرائق ووسائل يستطيع الإنسان أن يتحصّل على معرفتها, وأن فيما يتعلق بوجود الله -تبارك وتعالى- فيستطيع الإنسان الاستدلال عقلَا على وجوده -تبارك وتعالى- من خلال دلالة الأثر على المؤثر وهذه قضية أعتقد أني شرحتها بشكل واضح في البحث والكتاب, أرجو أن تكون المسألة متضحة وواضحة.
فالقصد من هذا المبحث باختصار شديد: أن للعقل إمكانية على الاستدلال بوجوده -تبارك وتعالى- وأن الكوة أو الباب الذي يستطيع الإنسان أن ينفذ إلى هذا العلم أو إلى هذا الإدراك هو استقرار هذه الملاحظة وهو أنه بإمكان الإنسان أن يستدل على أمر غاب عنه من خلال الأثر لذلك الغائب, يعني بمعنى آخر: لو قُدِّر للإنسان مرّ في طريق ورأى آثار حادث سيارة، آثار, ما رأى حادث السيارة, لكن لاحظ الأثر الباقي مما يمكن أن يكون حادثًا للسيارة فيستدل من خلال الأثر على وقوع حادث سيارة في مثل هذا المكان وهذا الموقع.
انتقل البحث بعدها في الورد الرابع وهو الدلالة العقلية الأولى على وجود الله -عز وجل- وعنونت له بدلالة الخلق والإيجاد وله -كما ذكرت- جملة واسعة من الأسماء؛ دليل الخلق والإيجاد والحدوث والاختراع والمحرك الأول والدليل الكلامي والدليل الكوني والدليل الكسمولوجي وغيرها من الأسماء, وهي في الحقيقة تعود إلى مقدمتين أساسيتين تفضي إلى نتيجة؛ المقدمة الأولى: أننا نستطيع أن نقول أن الحوادث موجودة وحقيقة الحادث هو ما له ابتداء، ما كان مسبوقًا بعدمٍ نفسه، أمر حادث, يعني لم يكن موجودًا ثم حدث. هذه المقدمة الأولى: أن الحوادث موجودة.
والأمر الثاني: أن تلك الحوادث تفتقر لوجود سبب.
فالنتيجة المترتبة على ذلك هو: أن لكل حادث سبب والسبب هو الله -تبارك وتعالى- ونقلت عن ابن رشد -على سبيل المثال- تصويرًا حسنًا لِما يتعلق بهذا الوجه الدلالي, وبعد ذلك سعيت إلى التدليل والبرهنة على ما يتعلق بالمقدمة الأولى والمقدمة الثانية, فالحوادث موجودة وذلك من خلال الملاحظة والحس, يعني بمعنى أن الإنسان يُبصر حدوث أمور معينة لم تكن موجودة ثم حدثت, فهذا ما يتعلق بالبرهنة والتدليل على المقدمة الأولى.
أما المقدمة الثانية فهو: لكل حادثة سبب هو المبدأ العقلي الضروري أو مبدأ السببية, وبالتالي إذا ثبت عندنا بالأدلة صحة المقدمة الأولى وصحة المقدمة الثانية فيصحح لنا ذلك النتيجة.
وأُذكِّر هنا أنِّي تناولت بالبحث أن دلالة الخلق والإيجاد عليه -تبارك وتعالى- لها مستويان؛ المستوى الأول: هو الاقتصار على الحوادث المعاينة والمشاهدة في البرهنة والتدليل. بمعنى: الحوادث موجودة, طيب كيف الإنسان يستطيع أن يستدل على حدوث هذه الحوادث؟ من خلال ما يعاينه الإنسان, من خلال ما هو واقع تحت ملاحظته وحسه المباشر, يلاحظ الإنسان أن طفلًا قد وُلد، يلاحظ أن هذا المطر قد نزل، يلاحظ الإنسان أن هذا الأمر حدث بعد أن لم يكن من خلال معاينته المباشرة. وبينت أن هذه هي الطريقة الشرعية هي الطريقة القرآنية وبينت أنها هي طريقة السلف, ونقلت عن شيخ الإسلام ابن تيمية ما يؤكد هذا المعنى.
والمستوى الثاني: هو تطلّب بعض الطوائف وبعض الاتجاهات عدم الاقتصار على مجرد إثبات حدوث المعاينة المشاهَد, بل السعي إلى إثبات حدوث جنس الحوادث, ما كان منها مشاهدًا وما لم يكن مشاهدًا وهذا الشق الثاني أو المستوى الثاني من البرهنة سيأتي -بإذن الله عز وجل- في الورد الخامس, يعني الدليل العقلي الدال على وجوده -سبحانه وتعالى- الأول له مستويان؛ الحوادث المعايَنة المشاهدة الدالة على وجوده -تبارك وتعالى- وجميع الحوادث ما كان معاينًا وغير معاين دال على وجوده -تبارك وتعالى.
الورد الخاص الرابع يقتصر على المستوى الأول وسيتم الحديث عن المستوى الثاني -بإذن الله تبارك وتعالى- إذا أفضينا إلى الورد الخامس.
أسأل الله -عز وجل- أن يكون فيما ذُكِر الفائدة والنفع وأن يكون الكتاب واضحًا شاكر ومقدر لكم هذه الفرصة والله يحفظكم ويرعاكم.

هذه العبارة يستعملها المتكلمون كثيرًا، ومرادهم بها أن الحادث لا بد له من سبب يقتضي حدوثه، ولا يمكن حدوثه بدون ذلك، وهذا قول أكثر الناس على اختلاف طوائفهم. [http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=236276 ملتقى أهل الحديث]

من الضروريات العقلية التى لا خلاف عليها أن لكل حادث سبب كاف يفسر لماذا وقع هذا الحادث. [منتدى التوحيد]

هو الإلحاد الذي لا يؤمن صاحبه بوجود خالق، لكنه أيضًا لا يؤمن بعدم وجوده. [عبدالله العجيري، ميلشيا الإلحاد، مركز تكوين، ط2، 1435هـ ص:20.]

هو المستحيل الوجود عقلًا وهو ما يوجب العقل عدمه ولا يجيز وجودة في حالة من الحالات. [كتاب (ضوابط المعرفة) للكاتب (عبد الرحمن حنبكة الميداني) الطبعة 14 ص 319]

هو ما يقبل العقل إمكان وجوده وعدمه. [كتاب (ضوابط المعرفة) للكاتب (عبد الرحمن حنبكة الميداني) الطبعة 14 ص 317]

هو ما يوجب العقل وجوده ولا يجيز إمكان امتناعه واجب الوجوب على الإطلاق هو الله عز وجل. [كتاب (ضوابط المعرفة) للكاتب (عبد الرحمن حنبكة الميداني) الطبعة 14 ص 321]

لا يوجد مناقشات
لا يوجد اقتباسات
  • النُّهى
    النُّهى

    أثابكم الله

    أرجو توضيح العبارة التي ذُكرت في ص٩٣
    (أكثر الموجودات معلوم بالاستدلال عليها بآثارها ولا تُحس)!

    0
    • أ.عبدالله بن صالح العجيري
      أ.عبدالله بن صالح العجيري

      هذه العبارة في الحقيقة وردت في سياق نقل ، نقلته عن الإمام أبو حامد الغزالي -عليه رحمة الله تبارك وتعالى- وقد سيقت للبرهنة و التدليل على إماكنية الاستدلال على المغيب من خلال أثره، هذا سياق العبارة ، فأبو حامد يريد أن يؤصل ويؤسس لهذه القضية فوقع منه استطراد بذكر هذه الجملة، والعبارة ( أكثر الموجودات معلوم بالاستدلال عليها باثارها و لا تحس)
      طبعا الفكرة باختصار شديد:
      أن نطاق الموجودات الواقعة تحت حس الإنسان محدود جدًا جدًا بالمقارنة إلى نطاق الموجودات الخارجة عن حسّه وأن كثير جدًا من تلك الموجودات الخارجة عن إطار الحس يستطيع الإنسان أن يلاحظها و يدركها من خلال أثرها، حتى لو ما سافر الإنسان -على سبيل المثال- إلى دولة تدعى أمريكا أو كندا أو أوروبا أو سافر إلى الصين -على سبيل المثال- فإنه يستطيع الاستدلال على وجود هذه البلدان من خلال آثارها، أو يستطيع الاستدلال عليها من خلال الخبر.
      الشاهد: ليس بالضروة واقعة تحت مباشرة حسه لكنه واقع تحت نمط من التدليل و البرهنة يستطيع الإنسان أن يقيمه من أجل أن يتشوف إلى ذلك المغيب، على سبيل المثال، لو اطلعت على ورقة قد كُتب فيها كلام و نُسب هذا الكلام إلى فلان الفلاني فأستطيع الاستدلال من خلال هذه الورقة على قدرة فلان للكتابة من غير أن أعاين أنه يفعل فعل الكتاب بشكل مباشر.
      فشاهد العبارة : أنه عند التحليل و التدقيق فيما يعتقد الإنسان وجوده فسيلحظ أن نطاق الموجودات التي يُثبت الإنسان وجودها مع أنها لم تكن واقعة بالضرورة تحت نطاق حسه المباشر قد يكون أوسع دائرة من نطاق الموجودات التي استدل الإنسان لوجودها عن طريق حواسه بشكل مباشر، هذا خلاصة العبارة، و الله أعلم.

      0
    • أظهر المزيد من الردود
  • رغد محمد الفراج
    رغد محمد الفراج

    ما هو دليل الإمكان وما الفرق بينه وبين دليل الحدوث؟

    0
    • أ.عبدالله بن صالح العجيري
      أ.عبدالله بن صالح العجيري

      الفرق باختصار شديد أن هناك نوع من أنواع من تباين النظر في الخصيصة المميزة لله -عز وجل- والخصيصة المميزة للإنسان، يعني ما هي أخص خصائص الخالق -تبارك و تعالى- وما هي أخص خصائص المخلوق ، فهناك اتجاهات متعددة :
      فمن الاتجاهات التي تقول أن أخص خصائص الخالق -تبارك وتعالى- هو: الوجوب. وأن أخص خصائص المخلوق هو: الإمكان.
      و بعض الاتجاهات الكلامية تعتقد أن أخص خصائص الخالق -تبارك وتعالى- هو: القِدَم، في مقابل أخص خصائص المخلوق هو: الحدوث.
      والاختيار الذي اختاره ابن تيمية -عليه رحمه الله تعالى- و تلميذه ابن القيم -عليه رحمة الله- أن أخص خصائص الخالق هو كمال الغنى وأخص خصائص المخلوق الافتقار ، وانبنى على هذا التصور المتعلق بخصيصة الخالق في مقابل خصيصة المخلوق تنوع أنماط الأدلة لضبط العلاقة والصلة بين المخلوق الحادث وبين الخالق المحدِث
      الفلاسفة لما أرادو ا أن يستدلوا بوجود الله -سبحانه وتعالى- فأشهر الأدلة المستعملة عندهم هو المعبَّر عنه بدليل الإمكان ، وخلاصته وفكرته الأساسية:
      المقدمة الأولى: أن الممكنات موجودة. و الممكن معناه: هو ما يتعقل الإنسان وجوده وعدمه؛ إمكانية أن يكون الإنسان موجود و إمكانية أن يكون معدومًا.
      فما يشاهده الإنسان من الأمور حوله من الممكنات يستطيع الإنسان أن يتعقل أنها ليست واجبة الوجود، هي حادثة بعد أن كانت معدومة، وهي ممكنة الوجود. يعني يستطيع الإنسان ان يتعقل في وجوده هو الذاتي، أنا عبد الله العجيري كان من الممكن أن أظل في عالم العدم وأن أكون موجودًا، والله -عز وجل- هو الذي رجح وجودي على عدمي.
      وبالتالي المقدمة الأولى لدليل الإمكان: الممكنات موجودة. والمقدمة الثانية: الممكن يفتقر في وجوده إلى وجود واجب.
      الممكن موجود و يستطيع الإنسان إدراكه من خلال الملاحظة والحس، والممكن مفتقر في وجوده إلى وجود واجب، فالنتيجة: الله -عز وجل- هو واجب الوجود الذي تفتقر إليه الخلائق. هذه فكرة دليل الإمكان باختصار.
      دليل الحدوث دليل مقارب بشكل كبير جدًا حتى في صياغة مقدماته ونتيجته، فدليل الحدوث يقوم على المقدمة الأولى: أن الحوادث موجودة يستطيع الإنسان أن يعاينها و يلاحظها، هي لحظة أن الاشياء الموجودة حوله كثير منها بل كلها حادثة بعد أن لم تكن موجودة.
      المقدمة الأولى: الحوادث موجودة، المقدمة الثانية: الحادث يفتقر إلى سبب يرجح وجوده على عدمه، الحادث يفتقر إلى وجود سبب، النتيجة: أن الله -عز وجل- هو السبب الذي أوجد الخلائق.
      فالفارق فارق بسيط بين الدليلين، والحقيقة ابن تيمية -عليه رحمة الله تعالى- مع تصويبه وتصحيحه لدليل الإمكان ودليل الحدوث لكن يرى في دليل الإمكان نوعًا من أنواع تطويل الطريق؛ لأنه يقول ابن تيمية:
      إنما استدل على إمكان الحوادث المشاهدة بحدوثها، يعني كيف الإنسان استطاع أنه يدرك أن هذه الأمور ممكنة؟ من خلال ملاحظة حدوثها، وبالتالي هناك نوع من أنواع التطويل، الاستدلال لما يتطلب دليل على وجود الله من خلال دليل الإمكان ، فبالتالي ابن تيمية يقول اختصر المسالة و استدل بدليل الحدوث بدل أن تستدل بقضية الإمكان ، لكن هناك نوع من أنواع الفرق بين الدليلين وهذا الذي يظهر لي في طبيعة الفرق بينهما.

      0
    • أظهر المزيد من الردود
  • سارة
    سارة

    أحسن الله إليكم ، نريد جواب مفصل ننقض به عبارة (الكون عبارة عن دائرة كبرى من الحياة) .

    0
    • أ.عبدالله بن صالح العجيري
      أ.عبدالله بن صالح العجيري

      القضية -باختصار شديد-: عندنا مقدمتين بما يتعلق بدليل الحدوث، المقدمة الأولى: الحوادث موجودة والحادث يفتقر في وجوده إلى سبب محدِث، الله عز وجل هو السبب المحدِث للحوادث.
      من طبيعة السبب المحدِث للحوادث أن لا يكون هو حادثًا، فأحد الاعتراضات التي ممكن توجه إلى هذه القضية أن يقال: الحوادث نعم موجودة و كل حادث يفتقر إلى محدث، لكن ما المانع أن كل محدث مفتقر كذلك وهو حادث و مفتقر إلى محدث آخر و هكذا.
      بمعنى مثلاً: أن الحادث (أ) نشأ عن الحادث (ب) ، و الحادث (ب) نشأ عن الحادث (ج) ، و (ج) نشأ عن الحادث (د) ، و هكذا إلى ما لا نهاية.
      هذا أحد الاحتمالات الموجودة، طبعًا يُعترض على هذا التصور هو منع التسلسل في العلل ، بمعنى أنه إذا كان الأمر كذلك وافتقر كل شي إلى أمر أحدثه وهكذا إلى ما لا نهاية فإن في النهاية لا يمكن أن يكون (أ) حادثًا، والمثال التقليدي والشهير الذي يُضرب في هذا السياق : قضية الأسير مع الجندي.
      جندي وضع المسدس على رأس أسير و يريد أن يطلق عليه النار، لكن لا يستطيع أن يطلق تلك الرصاصة حتى يأذن له الضابط الذي وراءه يأذن له بإطلاق الرصاصة، لكن هذا الضابط لن يأذن له حتى يأذن له الضابط الذي خلفه و هكذا إلى ما لا نهاية، كل واحد يلتفت خلفه ينتظر أنه يعطيه الأمر ، يعطيه الأمر ، يعطيه الأمر إذا استمرت السلسلة إلى ما لا نهاية فلن يأتي ذاك الأمر وبالتالي لن تنطلق الرصاصة.
      لو كنا نشاهد هذه الحادثة ووردتنا أن الجندي هذا أطلق الرصاصة بعد أن ورد إليه الأمر، فسنجزم أن سلسلة الضباط انتهت إلى ضابط أول، هذا الضابط الأول أورد الأمر قال لمن أمامه: أطلِق النار فانتقلت الكلمة، أطلق النار، أطلق النار، أطلق النار، إلى أن وردت إلى هذا الجندي الأخير فنفذ الأمر وأطلق النار . فهذا شهير.
      وطبعًا -بإذن الله عز وجل- أظن في المادة المستقبلية في الشبهات و الإشكاليات على الدليل العقلي الأول على وجود الله -عز وجل- ما يوضح هذه المسألة بشكل أكثر عمقًا وأكثر وضوحًا وأكثر تمثيلاً، لكن هذا باختصار.
      الذي حصل بعد ذلك أنه حاول بعض من يحل مأزق التسلسل، قال: لا، السلسلة ليست بالضرورة أن تسلسل إلى ما لا بداية ، لا، نهاية السلسلة تنحني لتعود على أولها بشكل دائري.
      بمعنى أن الحادث (أ) يفتقر إلى (ب) و (ب) يفتقر إلى (ج) و (ج) يفتقر إلى (د) لكن (د) يفتقر إلى (أ). بحيث أن ليست المسألة تسلسل إلى ما لا نهاية بقدر ما الحوادث في سلسلة لكن هذه السلسلة سلسلة مغلقة.
      عندنا على سبيل المثال (أ) يعتمد على (ب) و (ب) يعتمد على (ج) و (ج) يعتمد على (د) و (د) يعتمد على (أ) ، و (أ) يعتمد مرة أخرى على (ب) و هكذا السلسلة.
      فيحاولون أن يتخلصوا من الإشكال و الإلزام عن طريق هذه القضية، أن دليل الحدوث لا يلزم منه بالضرورة أن يكون مفضيًا إلى وجود خالق لا بداية له؛ لأنه يُتصور أن تكون كل حادث من الحوادث مفتقرة إلى حادث آخر و ذلك الحادث في النهاية يؤول إلى الحادث الأول.
      طبعا الإشكالية -باختصار -أن هذا مثل سابقه ممتنع لأنه يلزم منه الدور القبلي كما يُعبر، بمعنى إذا كان (أ) مفتقر في وجوده إلى (ب) و (ب) مفتقر في وجوده إلى (أ) فيستحيل أن يكون (ب) موجودًا أو (أ) موجودًا.
      لو تعازم اثنين -على سبيل المثال- الاثنين على الأرض قال أحدهم للآخر: لا أقوم حتى تقوم، وقال الآخر: لا أقوم حتى تقوم، فيستحيل في هذه الحالة أن يقوم أحدهما؛ لأن علة ومرهون قيام الأول بقيام الثاني وقيام الثاني مرهون بقيام الأول و بالتالي مستحيل أن يقوما.
      لو تعازموا عند باب -على سبيل المثال- كل واحد يقول: لا أدخل هذا البيت حتى تدخل أنت والثاني يقول: لا أدخل أبدًا حتى تدخل أنت، إذا فعلاً سيلتزمان بالشرط الذي وضعاه فلا يمكن أن يدخل أحدهما بتاتًا؛ لأن مشروط لدخول كل منهما أن يدخل الآخر قبله وبالتالي.حتى لو أغلقت السلسلة، بمعنى لو قلت: (أ) معتمد على (ب) و (ب) معتمد على (ج) و (ج) معتمد على (د) و (د) معتمد على (أ) . هنا (أ) لا يمكن أن يكون موجودًا حتى يوجد (ب) لكن (ب) لا يمكن أن يكون موجودًا حتى يوجد (ج) و (ج) لا يمكن أن يكون موجودًا حتى يوجد (د) ، (د) لا يمكن أن يكون موجودًا حتى يوجد (أ) طيب (أ) ليس موجودًا حتى الآن، فيستحيل أن السلسلة تكون دائرية كما يقال، أو أن -كما ذكرت- في الكتاب، ( ولا يحل المشكلة هنا قول بعض الملاحدة في عبارة شاعرية: الكون دائرة كبرى من الحياة ) لأنه يلزم من هذا التصور الدور الممتنع كما تصور من التصورالأول التسلسل الممتنع ، هذا باختصار.
      أرجو في ثنايا البحث -بإذن الله عز و جل- ما يوضح هذه المسألة بشكل أوضح.

      0
    • أظهر المزيد من الردود
  • أحمد
    أحمد

    هل هناك أدلة عقلیة أخرى مختلفة غیر دلیلي الإیجاد و الاتقان و ما ینضوي تحتهما من تفرعات ؟

    0
    • أ.عبدالله بن صالح العجيري
      أ.عبدالله بن صالح العجيري

      نعم، يوجد بطبيعة الحال، ليست هذين الدليلين الدليلين الوحيدين على وجوده -تبارك وتعالى.
      من أنماط الأدلة التي تستطيع إيرادها: أن كل ما صح دليلاً على النبوة فهو دليل من باب أولى على وجود الخالق -تبارك وتعالى- :
      يعني من الأدلة الشرعية على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم: جريان المعجزات على يديه. فالمعجزات و خوارق العادات تدل على إرادة خُرِق من أجلها العادة، ولا يُتصور أن تُخرق هذه العادة إلا لإرادة من خلق هذه العادة وهو الله -تبارك وتعالى.
      فالشاهد باختصار: أن ثمة أدلة متعددة و كثيرة تدل على وجوده -تبارك وتعالى- غير هذين الدليلين، لكن هذين هما الدليلين الأشهر المستعملان في البرهنة والتدليل على وجوده -تبارك وتعالى- من خلال العقل وإلا فكل ما كان دليل مصححًا للنبوة فهو دليل كذلك مصحح لوجوده -تبارك وتعالى.

      0
    • أظهر المزيد من الردود
  • مريم إبراهيم
    مريم إبراهيم

    هل الحيوان -أعزكم الله- يعلم بوجود الله -سبحانه- مع العلم أن الإنسان متميز عليه بالعقل فكيف يعلم هو ؟

    0
    • أ.عبدالله بن صالح العجيري
      أ.عبدالله بن صالح العجيري

      الذي يطالع مقررات الوحي سيستبين له بشكل واضح و بين و قطعي أن جميع المخلوقات معبدة لله -تبارك وتعالى-والدلائل الشرعية متنوعة و كثيرة جدًا موجودة في الوحي لا تدل فقط على كون الحيوانات تعلم بوجوده -تبارك و تعالى- أو أن سائر الموجودات تعلم بوجوده -تبارك و تعالى- بل درجة تواصلها مع الله -عز وجل- أبلغ مدى من ذلك، فهي تسبحه -تبارك و تعالى- وتسجد له تسبيحًا وسجودًا يليق بطبيعة تلك الموجودات والمخلوقات.
      فهي قطعًا تعلم بوجوده -تبارك وتعالى- لكن يفرق العلماء بين معرفة الإنسان لربه -تبارك وتعالى- ومعرفة الحيوانات: أن الإنسان يتميز عن عالم الحيوان بالعقل الذي يؤهّله لممارسة فعل الاستدلال و النظر بخلاف الحيوانات التي تعلم بوجوده -تبارك و تعالى- و تتأله له و تتعبد في ضوء غريزتها، وبالتالي هذا أحد الفوارق الموضوعية بين طبيعة معرفة الإنسان ومعرفة الحيوان.
      فالحيوان لا يتحصل على مثل هذه المعرفة من خلال الاستدلال والنظر الناشئ عن الأداة العقلية بخلاف الإنسان الذي يتمكن من تحصيل المعرفة عن طريق عملية الاستدلال والنظر.

      0
    • أظهر المزيد من الردود
  • النُّهى
    النُّهى

    أود توضيح العبارة  (ونفي المماثلة قد يتضمن إثبات صفات الكمال للخالق لا يثبت للمخلوق منها شيء، فكما أن في صفات المخلوق ما لا يثبت للخالق، فكذلك في صفات الخالق ما لا يثبت للمخلوق، لكن هذا الضرب لا يمكن للناس معرفته في الدنيا فلهذا لم يُذكِر ).

    ص٩٤

    0
    • أ.عبدالله بن صالح العجيري
      أ.عبدالله بن صالح العجيري

      العبارة حقيقة عبارة نفيسة وجميلة وعميقة جدًا من شيخ الإسلام ابن تيمية، ابن تيمية ينبه إلى معنى مهم يقول أنه حين ينفي الله -تباك وتعالى- مماثلته عن خليقته -تبارك وتعالى- فله -سبحانه وتعالى- من صفات الكمال -تبارك وتعالى- ما لا يستطيع الإنسان أن يدركه فلم يذكره.
      يعني حتى تتضح هذه المسألة، لما يطالع الإنسان صفات الخالق -سبحانه وتعالى- سيجد الله قد أوجد في المخلوقات من يتصف بهذه الصفات مع تأكيده -تبارك وتعالى- نفي المماثلة بينه -سبحانه وتعالى- و بين مخلوقاته مع وجود تلك الصفات في المخلوقات.
      يعني -على سبيل المثال- الله -سبحانه وتعالى- متصف بالعلم، والخلق والناس متصفون بالعلم كذلك ولكن شتان شتان بين علم الله وبين علم المخلوقين، كيفية علم الله -تبارك وتعالى- مباينة لكيفية علم المخلوق مع اشتراكهما في أصل معنى الصفة، ومن خلاله نستطيع أن نتعقل معاني صفات الله -تبارك وتعالى- لكننا نعتقد في ضوء نفي المماثلة بين الخالق والمخلوق نفي الاشترك في الكيفية.
      ندرك أن لله -تبارك وتعالى- سمع وللمخلوق سمع، وندرك من خلال إدراكنا وملاحظتنا لسمع المخلوق أن السمع صفة تتعلق بالمسموعات، يعني هي صفة يدرَك بها عالم المسموعات لكن شتان شتان بين سمع الله -سبحانه وتعالى- في كيفيته وفي كماله وبين سمع المخلوق، كذلك البصر، البصر عبارة عن صفة يدرك بها المبصرَات فهذا المعنى نستطيع استيضاحه من خلال ملاحظة المخلوقات وبالتالي من ملاحظة المخلوقات نستطيع أن نستشرف ونعرف المعنى الذي اتصف الله به من إضافة هذا المعنى إليه -تبارك وتعالى- مع اعتقادنا نفي المماثلة بين الخالق والمخلوق، هذا جزء تقرير من أهل السنة والجماعة في هذه المسألة .
      أن الله -تبارك وتعالى- وصف نفسه بصفات ووصف المخلوقات بصفات وأن المعنى معنىً مشترك بينهما ولكن الكيفية والكمال متبانية أشد التباين.
      ابن تيمية الآن يريد أن ينبه إلى معنى عميق جدًا، يقول: لله -تبارك وتعالى- من الكمالات ما ليس موجودًا مطلقًا في عالم المحسوسات، لله -عز وجل- من الكمالات -سبحانه وتعالى- ومن الصفات ما ليس موجودًا في الحياة الدنيا مطلقًا مطلقًا، هذا من كماله -تبارك وتعالى- وهذه الكمالات إذا لم تكن موجودة مطلقًا في عالم المخلوقات فهي من أوضح الدلائل على حجم نفي المماثلة بين الخالق والمخلوق، وحجم الفرق الهائل بين الله -عز وجل- وبين مخلوقاته، بحيث له من الصفات ما ليس موجود في مخلوق بتاتًا.
      طيب لو طلب الإنسان مثالاً على هذا النمط من الصفات، أعطنا صفة من الصفات التي تميز الله بها وليس لها نظير ولا حضور مطلقًا في عالم المحسوسات.
      فابن تيمية ينبه أن هذا المعنى مع كونه موجودًا عنده -تبارك وتعالى- إلا أن الله -سبحانه وتعالى- لم يُذكر لنا مثل هذا النمط من أنماط الصفات لماذا؟ لأن عدم وجود نظير له في عالم المخلوقات، لعدم وجود مخلوق متصف بهذا المعنى فإن الله -عز وجل- لو ذكره لم نستفد من ذلك شيئا لأننا لن نستطيع أن نفضي إلى إدراك معناه.
      يعني الآن حتى نقرب مدلول هذه المسألة ولله المثل الأعلى، الجنة ذكر الله -عز وجل- أن فيها ماء، فيها أنهار، فيها أشجار، فيها تين، فيها رمان، فيها أنواع من أنواع النعيم، كيف يستطيع الإنسان أن يستشرف إلى المعنى الذي أراده الله -عز وجل- من إثبات هذه النعم في الجنة؟ يستطيع الإنسان أن يدرك ذلك من خلال ملاحظة عالم المحسوسات المعايَنة في هذه الحياة الدنيا، ندرك أن الرمان فنعرف أنه ينتمي إلى عالم الفواكه وندرك طبيعة الرمان والفاكهة، لكن كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الجنة أن فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فبالتالي ثمة حالة من حالة المباينة الكبيرة بين طبيعة الرمان في الدنيا وطبيعة الرمان في الجنة، طبيعة الخمر في الدنيا وطبيعة الخمر في الجنة ، لذا قال ابن عباس رضي الله عنه: ليس في الجنة مما في الدنيا إلا الأسماء، هناك اشتراك في الاسم لكن الكيفية والطبيعة والماهية فيها أعلى التباين، فهل يتصور أن يكون في الجنة نعيم ليس له نظير مطلقًا في الدنيا؟ نعم متصور أن يكون ثمة نعيم، طيب لماذا لم يخبر الله -عز و جل- عن هذا النعيم حتى تتشوف نفوسنا إليه؛ لأنه لو أخبرنا بلفظه لم نستفد شيئًا لأنا لا نستطيع الإفضاء إلى معناه لأن العقل مركب على هيئة أنه يحاول أن يقايس المغيب عنه بالمعاين المشاهد.
      و بالتالي القضية و ما فيها باختصار :
      الله -عز وجل- من معاني نفي المماثلة بينه وبين المخلوق أن له -تبارك وتعالى- من الصفات والكمالات ما ليس موجودًا في عالم المخلوقات مطلقًا وأن الله -عز و جل- لم يخبرنا من كمالاته -سبحانه وتعالى- إلا ما نستطيع أن نتحصل على معناه من خلال ملاحظة المحسوسات. و إلا فالكمالات التي له -تبارك وتعالى- التي ليس لها شيء في الدنيا لم يخبر الله -عز وجل- عنها؛ لأن هذا الضرب من الصفات لو أخبِرنا عنه لم نستفد شيئًا من ذكرها؛ لأنا لا نستطيع أن نتعرف على معناها.

      هذا ما تيسر ذكره من الملاحظات ، نسأل الله عز وجل لي ولكن التوفيق و السداد ، شاكر لكم اتاحة هذه الفرصة
      و الله يحفظكم و يرعاكم.

      0
    • أظهر المزيد من الردود