المذاهب الفلسفية الإلحادية الروحية وتطبيقاتها المعاصرة

الأوراد/ كامل المحتوى

هذا ملخص يتضمن أهم النقاط الرئيسية والأفكار المهمة؛ لذا هو لا يغني عن الكتاب، صممناه لكم بشكل مريح يساعد على ترتيب المعلومة وفهمها

  • بسم الله الرحمن الرحيم
    مرحبًا بكم جميعًا في برنامج كاتب وكتاب ، محدثتكم فوز عبداللطيف كردي، دكتوراه في العقيدة والأديان متخصصة في الفكر العقدي الوافد.
    معكم في هذا الكتاب المذاهب الفلسفية الإلحادية الروحية وتطبيقاتها المعاصرة الذي له قصة، فقد كانت أصوله أول كتابة كتبتها في مجال التصدي للفكر العقدي الوافد ، بعد أن حضرت أول الدورات المقدمة تحت مظلة التنمية البشرية باسم البرمجة العصبية والهندسة النفسية والطاقة البشرية، وقد كانت مقدمة للمهتمين والمهتمات بالتدريب والتطوير في المملكة، ظهر لي حقيقة بعد حضوري للدورات أنها تنبع من فكر يؤله الإنسان، ويتمحور حوله؛ لذلك كان لي قراءات وبحث لأصول هذه الدورات، فبدا لي أن الأمر جدّ خطير، وإن كانت البدايات تبدو تدريبية، لكن الأمور الفكرية والمعتقدات الضالة عادة تتخفى وتتدرج، لا ننسى حديث النبي عليه الصلاة والسلام: " تعرض الفتن على القلوب عودًا عودًا " والشيطان كما أخبرنا الله سبحانه وتعالى يزين ضلالاته خطوة خطوة، قال الله سبحانه وتعالى: { ولا تتبعوا خطوات الشيطان } لذا أجريت أبحاثًا مبدئية وتابعت مسيرة هذه الدورات في الغرب، المكان الذي جاءت منه والذي ولدت فيه، وتواصلت حقيقة مع كثير من العلماء المحذرين في الغرب من علماء النفس وعلماء الاجتماع، ووجدت تحذيرات  كثيرة للكنيسة الكاثوليكية من هذه الدورات، وأنها تتضمن أفكارًا ملحدة،  فتعجبت، وكان البحث أدق وأكثر وكانت النتيجة أن حقيقة هذه الدورات بالفعل وإن تضمنت بعض نفع إلا أنها تروج لفكر وحدة الوجود الملحد بقوالب تخفي هذا الأصل، فكتبت على ذلك ملخصًا من عشر صفحات تقريبًا مركزة أرسلتها ملحقة مع خطاب للتحذير, وجهتها للعلماء ، للأساتذة - أساتذة العقيدة في حينها- ولم أتلقَ حقيقة ردًا إلا من بعضهم يشكر ويؤكد أن الأمر لا يحتاج أن نسير في مسيرة رفض كل جديد، وعقلية المؤامرة وأن الأمر لا يحتمل هذا الخوف، ووصايا بضبط الغيرة وغير ذلك، كان هذا في حوالي 1423 ه تقريبًا.
    عذرت كثيرين وشعرت أنهم لم يروا ما رأيت، ولم يحضروا كما حضرت، وسعت كتابتي قليلاً، شرحت بعض التطبيقات بعد حضورها وصلتها بالجذور، ناقشت الشبه عرضت المخاطر, وإن كان في كل ذلك أنا أميل عادة في كتابتي للتركيز والاختصار، عدت فأرسلتها للعلماء والدعاة في الجامعات وطلبت منهم عرضها للنقاش في الأقسام، في المجالس العلمية، توجيه الباحثين للبحث كما أبحث أنا؛ لكي نعرف كيفية الأمر وحقيقته، ونتصدى له قبل أن ينتشر وتصعب مواجهته، للأسف لم يكن الرد أفضل من السابق إلا قليلًا.
    توكلت على الله وبدأت دوراتي التي كنت أعنون لها: بالفكر العقدي الوافد ومنهجية التعامل معه، حوالي في عام 1424/  1425 ه ونشرت كتاباتي على الإنترنت، ووجهت دراستي في الدكتوراه التي كنت في طور البحث فيها في بحث أصول الإيمان بالغيب إلى تتبع هذا الفكر و هذه العقائد وتضمينها للبحث باعتبار أنها تنبع من فكر روحاني ملحد يؤمن بغيب و لكن لا يتلقاه من الرسل، وإنما وسيلته العرفان الباطني أو الاستنارة.

    في عام 1430ه بدأ الأمر يتكشّف أكثر, تواصل معي بعض الأفاضل، وتولت مؤسسة الإعمار طباعة الكتاب مشكورة وتوزيعه على الجمعيات والدور والعلماء، ثم صدرت طبعته الأخيرة لمركز الدراسات والتأصيل والتي هي متداولة حاليًا.
    كتاب المذاهب كتاب يحتوي على سبعة مباحث تضمنت التعريف بهذا الفكر وحقيقته وأصوله، ثم الحديث عن جذوره التاريخية وأصوله، ثم الحديث عن أهم الأفكار والمعتقدات، وفي المبحث الرابع الحديث عن الصور والتطبيقات وعلاقتها بالأديان والمذاهب، ثم ختمت هذا بموقف الإسلام ومناقشة بعض الشبه.
    حقيقًة الكتاب مختصر، وهو يمثل اليوم ربما في كل مبحث مادة لبعض الباحثات اللاتي سجلوا بها دراسات في الماجستير والدكتوراه أسأل الله تعالى أن يوفقهم.

    سنتناول في هذه المدارسة بإذن الله هذه المباحث بالتفصيل، وسنناقش الإشكالات ونجيب على الاستفسارات بُغية معرفة هذا الفكر بقدر يُمكننا من إدراك المستجدات فيه؛ لأنه فكر باطني يتلون ويتجدد وإذا ما أدركت أصوله وتطبيقاته الرئيسية استطعت بعدها القياس على الكثير من الوافدات التي تحمل ذات الفكر.

    أسأل الله سبحانه وتعالى لي ولكم التوفيق وأن يجعل مدارساتنا هذه مدارسة علم نافع تحفنا فيها الملائكة ويذكرنا الله سبحانه  فيمن عنده.
    لكم وافر التحية والتقدير..

    التعريف بالكتاب وقصة تأليفه

    بصوت الكاتبة

    28
    11
    00:00
    تحميل
  • بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    نتحدث اليوم بإذن الله عن الجزء المتقرر في تعريف المذاهب وبيان حقيقتها وشيئًا عن نشأتها كمذاهب حديثة من وجه، و قديمة من وجوه، بين يديكم الكتاب وبين يديكم العرض التوضيحي, سأعطي وقفات يسيرة لعلها تساعد في فهم هذا الموضوع . 

    أولها: ماهي الفلسفة؟
    عندما نقول فلسفية ونسمع كثيرًا لفظ الفلسفة اليوم أتمنى أن نعرف حقيقتها بعيدًا عن التعريفات اللغوية والاصطلاحية، أقول الفلسفة بعموم كما أراها هي نظرة شاملة للكون والوجود والإنسان، والعلاقة بينها بعيدًا عن نور الوحي، بعيدًا عن الرسالات،  وبعيدًا عن الكتب السماوية، وإنما بمصادر معرفة مختلفة.
    هذا تعريف يسير وسريع ليس تعريفًا علميًا بقدر ما هو واقع هذه الفلسفة؛ لذلك تفتن كثيرين من الناس إذ تُعطيهم إجابات على الأسئلة الكبرى:
    من أنا؟ من أوجدني ؟ لماذا وُجدت؟ كيف هي بدايتي؟ إلى إين المصير؟ 
    بالتأكيد لا تعطيهم إجابات صحيحة؛ لأنها لم  تعتمد على مصادر صحيحة في الأصل وهي تجيب عن جزء كبير غيبي لا يمكن معرفته إلا من خلال الكتب السماوية، لكن هذا باب واسع على كل حال فالفلسفة شرحها يطول نطلق عليه نظرية  المعرفة، الذي يهمنا في مدارستنا لهذا الكتاب في موضوع الفلسفة أن هذه المذاهب بتطبيقاتها المعاصرة وأديانها الحديثة وأدبياتها فلسفية الطابع، فيها هذا المنطق وهذا الشمول وهذه الرؤية؛ لذلك يفتتن بها كثيرون اليوم، فالشبه الموجهة للكتاب والسنة كمصادر للمعرفة الصحيحة كثيرة جدًا كما تعرفون، وقد صرفت فئام من الناس إلى مصادر المعرفة الباطنية، العرفان الداخلي أو إلى تراث المعرفة الداخلية كما يقال، ومن ثمَّ هي تصرفهم حقيقةً إلى الفلسفة، فهذا ما نقصده بقولنا فلسفية، ونريد كلما مرت علينا فلسفاتها المختلفة تذكرنا هذا

    الوقفة الثانية:
    مع الروحانيات؛ فكلمة الروح تعني بالنسبة لنا الإيمان وهي من صميم ديننا  واهتمامنا، تعني بالنسبة لنا ما يتعلق بالجزء الإيماني منا، ربما ديننا كله موجه للارتقاء بالروح والبدن مع بعضهم البعض وتطهيرهما، لكن لفظة الروحانية  يجب أن  نفهمها في السياق الغربي الذي جاءت منه هذه المذاهب، وهو لا يدل على هذا الذي نتحدث عنه، وإنما يدل على كل ما هو غيب ونشعر بأثره؛ لذلك لو حاولنا أن نعدد ما هي الغيبيات التي نشعر حقيقةً بأثرها؛ سنجد أنه يشمل لديهم ما نسميه في سياقنا الإله، عالم الجن، عالم الملائكة، عالم الروح، بل حتى يجمعون معه أحيانًا الجراثيم وما لا يُرى، الغيب النسبي بما نسميه وغيرها، هذه كلها يجمعونها مع بعضها البعض في أدبياتهم، ويسمونها الطاقة الحيوية أو الطاقة الغامضة أو الطاقة  الكونية، ويقسمونها إلى طاقة إيجابية وطاقة سلبية، وعليها تطبيقات كثيرة جدًا، لعل كثير منكم وصله شيء منها ولا يعرف حقائقها.

    لا بد من الانتباه إذن للمصطلحات والسياقات جيدًا، فالغفلة هي التي مررت مثل هذه العقائد  والمذاهب تحت هذه المصطلحات المجملة المشتبهة، والجهل بعالم الغيب وحقائقه من المصادر الصحيحة، مرر قناعات كثيرة بدعاوى هذه الطاقات، ومن ثمَّ تسللت هذه المذاهب وإن كانت - كما ذكرت كثيرًا وأكرر -  تتسلل تدريجيًا، يعني ليس كل من أخذ تطبيق من هذه التطبيقات يمكن أن نقول بأنه وقع في  العقائد الخطيرة من الإلحاد ووحدة الوجود وغير ذلك، ولكن في حقيقة الأمر هو وضع قدمه على أقل تقدير في الطريق الخطأ، والله سبحانه وتعالى يقول: {وأن  هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}.

    روحانيات هي تؤمن بغيوب ولكن من غير المصدر الحق، تؤمن بشيء ما يؤثر على النفس الإنسانية, لكن لا تسميه عالم جن ولا عالم ملائكة ولا تعرف خصائصه كما أخبرنا بها الكتاب والسنة، وإنما تسميهم طاقات إيجابية طاقات سلبية، تؤمن بشيء وراء هذا الكون قوي قادر لكن لا تسميه الله سبحانه وتعالى ولا تعطيه أسماءه وصفاته التي لا يمكن أن يوصل إليها بالعقل أو بالعرفان الداخلي أو الحدس وغير ذلك، وإنما لا يتوصل إليها إلا بالوحي المعصوم،  فهي تسميه قوة عظمى، طاقة، عقل كلي، وعي... وخلافه من هذه المسميات، هذه هي الروحانيات التي ينبغي ألا تفتنا الكلمة ونظن أن الروحانيات شيء جميل وننساق وراءها، فالجهل والغفلة بالسياقات والمصطلحات هو الذي مرر كثير من القناعات للأسف  لدى كثيرين من الناس اليوم بدعاوى هذه الطاقات، ومن ثمَّ تسللت إليهم أفكار خطيره عقديًّا دون أن يشعروا.

    الوقفة الثالثة والأخيرة:
    عن العقائد البديلة التي تروجها وتمررها هذه المذاهب بتدرج وبتخفي من غير مصادمة للعقائد السماوية بعموم، والعقيدة الصحيحة (الإسلام الباقية على أصلها) بخصوص. يمكن أن نقسمها إلى قسمين:
         ١- عقيدة تأليه الطبيعة.
         ٢- عقيدة تأليه الإنسان.
    وكلاهما صور لوحدة الوجود متنوعة.
    تأليه الطبيعة: الزعم بأن هناك طاقة كونية أو قوة عظمى أو وعي  كامل أو عقل كبير أو شيء من هذا القبيل وراء المادة، وأنه هو كل شيء، وأن كل ما نراه إنما هو انعكاسات لهذا فقط.
    تأليه الطبيعة لها تطبيقات كثيرة وليست هي الحقيقة الوافدة بشكل كبير لدينا، وإن كانت بدأت تظهر على الساحة تقديس مظاهر الطبيعة المختلفة وتقديرها باعتبار أنها كلها دلالات وانطباعات وتشكّلات للعظيم أو القوة وراءها، ومن ذلك ما يظهر اليوم في قضية الماء والاهتمام بالماء ليس لأن الماء عنصر حيوي لا، طاقة الماء وذبذبات الماء وأيونات الماء التي تعطيك سعادة، وتعطيك حكمة، وتعطيك مالًا، وترزقك أولادًا؛ لذلك يهتمون بوضع نافورة الماء في مكان ما ، أو يتأملون بجوار نهر ما, وهكذا؛  لتحصيل هذه الخصائص في هذا المظهر من مظاهر الطبيعة الذي ينطبعُ فيه كل صفات ما وراءه, التي هي القوة العظمى التي يؤمنون بها، وكذلك هناك بعض الدورات وبعض الوصفات اليوم للقمر، وطاقة الأنوثة في القمر، وماذا يعطيك القمر وهكذا... وخصائص المعادن المختلفة باعتبار أن كلها من هذه  الأرض ومن هذا الكون التي انطبعت فيه خصائص الكلي الواحد تعالى الله سبحانه وتعالى، من سياقهم هكذا لن نقول : الله. وإنما نقول الكلي الواحد؛ لأن العقيدة فاسدة من أصلها إلى منتهياتها وهي كلها من سياقاتهم.
    العقيدة الثانية: تأليه الإنسان وهذه التي انتشرت بقوة في بدايات نشر المذاهب الفلسفية هذه مع دورات البرمجة اللغوية العصبية والهندسة النفسية، والتي مفادها أن الإنسان بإمكانه أن يترقى؛ لكي يصبح هو القوة العظمى التي وراء هذا الكون، هناك  قوة عظمى لكن بإمكان هذا الإنسان أن يترقى من  ناسوت إلى لاهوت، كما تفسرها النصرانية مثلًا أو بتعبيرات النصارى، بإمكانه أن يترقى من إنسان صاحب قوى متناغمة يسيرة إلى قوة عظمى مطلقة، وتقدم له رسائل كثيرة وتطبيقات كثيرة لكيفية الترقي هذه وكيفية التطوير، أولها  الشعور بالقوة والشعور بالاستغناء، يجب أن يردد أنا قادر، أنا قوي، يجب أن يستحضر قوته وأؤكد أن هذه الأمور تشتبه أحيانًا بالتربية وأنت قوي، الإسلام والنبي عليه الصلاة والسلام قال: "المؤمن القوي خير وأحب عند الله من المؤمن الضعيف " لا تشتبه عليك هذه الأمور  هذه من سياق وهذه من سياق آخر تمامًا.
    هذا  من سياق المؤمن القوي بالله سبحانه وتعالى، وهذا من سياق الإنسان  المستغني عن كل شيء، والمعتمد على نفسه، والذي يستطيع أن يترقى؛ لكي يقول للأشياء كن فتكون - والعياذ بالله -.
    الإنسان المتأله! الإنسان المستعلي! الإنسان الكافر الملحد بأوصافنا الشرعية.
    معهد إيسالن بكاليفورنيا:
    لو أعطيت لمحه يسيرة عن النشأة:
    هو الذي عمل بقوة على تسهيل نشر هذه  العقائد بقوالب لا تصادم العقيدة الصحيحة لذلك لا تظهر,  أكثر من 15 عام لهذه الدورات ولم يكتشف كثير من الناس ما فيها من سوء مع اعتراف كثير منهم بشيء من الضلالات فيها، لكنهم لا يعرفون كثيرًا من حقيقتها؛ لأنها تخفت بقصد وبدراسة وتصميم، وبطريقة ذكية جدًا في التسويق وفي اختيار الطقوس والتطبيقات وغيرها، بحيث لا تظهر مصادمة للعقائد الدينية الصحيحة وبالتالي يتبناها كثير من الناس دون اعتراض أو دون وعي إلى حقيقة ما يفعلون أو يمارسون.

    تعليق على الورد الأول

    بصوت الكاتبة

    13
    5
    00:00
    تحميل
  • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    مرحبًا بكم معنا في المبحث الثالث في بيان أهم الأفكار والمعتقدات للمذاهب الفلسفية الإلحادية الروحية المعاصرة. في المبحث وضحت أهم هذه المعتقدات بتبسيط بقدر ما أستطيع، لا شك أن هناك بعض المصطلحات تحتاج ربما إلى إيضاح أكثر، ونحن نفترق - لا أعرف مستوى القراءة أو الثقافة أو التخصص للقراء - لا شك أنه متنوع، ومن ثمَّ ستتنوع الأفهام. ليس بالضرورة أن نفهم كلّ فكرة أو كل اعتقاد من هذه الاعتقادات بفهم تام، المهم أن نفهم أنها مذاهب قادمة من الشرق عبر الغرب، فأخذت من الشرق وثنياته وأديانه وطقوسه وأخذت من الغرب العلمية والعملية والبساطة. أديان الشرق كلها - من طاوية وهندوسية وبوذية وشنتوية وغيرها تتنوع في الصور والطقوس ولكنها تشترك في الحقيقة والأصل، أصلها جميعها عقيدة وحدة الوجود، وعقيدة وحدة الوجود هذه كما أسميها كثيرًا دين إبليس، فتجد على امتداد التاريخ أناسًا كثيرين اتجهوا إلى عقيدة وحدة الوجود حتى في أصل الأديان السماوية، فانحرف بعض المسلمين إلى دين الوحدة بدلًا عن التوحيد في فرق باطنية كثيرة جدًا: فرق المتصوفة -غلاة المتصوفة تحديدًا-، غلاة الشيعة، القرامطة، النصيرية، غيرهم، يدينون بهذه العقيدة في أصل ديانتهم، كذلك عند النصارى وعند اليهود مثل ذلك.
    نجد في هذه التطبيقات ظهور لهذه العقيدة واضح للمختص، ولكنها حقيقة قد تغُم على كثيرين؛ لأنها تستخدم أسماء مختلفة للتعبير عن هذا الواحد، الواحد في الأديان الوثنية اسمه (الطاو) عند الطاوية، اسمه (براهمة) عند الهندوسية، اسمه (النور الأعلى) في المانوية وهكذا له أسماؤه القديمة في المصطلحات الجديدة الوافدة أسموها بأسماء أخرى كلها تدل على أشياء حديثة: قوة، طاقة، وعي، عقل، أشياء من هذه المصطلحات التي يظن الناس مع سماعها أننا نتحدث عن أشياء عادية ولا نتحدّث عن إله، ولكن حقيقة الوعي الذي يتحدثون عنه هو طاغوت يعبد من دون الله، هو إله، الطاقة والقوة العظمى التي يتحدثون عنها كذلك هي فعلًا طاغوت يعبد من دون الله سبحانه وتعالى، ولهذا تفصيلات ربما يضيق الوقت عن سردها. ما أؤكده هنا أن هذا الواحد ليس هو الله، حصل تدليس بتسمية الصوفية له - لأنهم مسلمين في الأصل - الله. فيقولون: “الله، الله” حتى في ذكرهم وأن هذا هو الله، ولكن في الحقيقة تتلبسهم الشياطين وتتنزل عليهم شياطينهم والذي يحدث لهم ليس حلولًا ولا اتحادًا في الإله سبحانه وتعالى، وليس ما يرونه هو الله سبحانه وتعالى ولا رحماته وإنما فتنته يُضلّ بها من يشاء سبحانه وتعالى. فيجب أن ننتبه لهذا، فالله سبحانه وتعالى واحد أحد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، والذي يتوجهون إليه ليس كذلك بل هو ينقسم ويتوالد ويحل وتتحد به الأشياء كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن أهل وحدة الوجود: هم أشد كفرًا من اليهود والنصارى؛ لأن اليهود والنصارى قالوا عزير ابن الله أو قالوا المسيح ابن الله، أما هؤلاء يجعلون الله - تعالى الله سبحانه - هو كل شيء وكل شيء هو الله سبحانه وتعالى.. هؤلاء الباطنيين تحديدًا.. أما غيرهم فلا يعرفون الله وإنما كل شيء هو إله يعبد من دون الله سبحانه وتعالى. الإشكال الذي يواجهنا في هذه المذاهب أنها لم تأتِ كما أتت سابقًا تُشرح هكذا في جلسات وفي مريدين كعقائد وكعبادات، وإنما أتت في الدورات والاستشفاءات كطقوس حياتية نمارسها؛ لنصل إلى السعادة وإلى التغيير، فالفارق هذا الظاهر أحدث شيئًا كثيرًا كما تحدثنا سابقًا، والإشكال أن المصطلحات ذاتها - كما قلت - طاقة وقوة ووعي وعقل تجعلها قريبة من التطبيقات العلمية، وهذا لا نفهمه إلا عندما نفهم أنها قَدِمَت هكذا تشكيلتها هذه المذاهب، قادمة من الشرق عبر الغرب، حتى المصطلحات الدينية الموجودة في الداخل التي هي بأسمائها الوثنية القديمة كالنيرڤانا والكارما وغيرها لم يتم التصريح بهذه المسميات إلا حديثًا، بعد ما صار فيه توجه أصلاً تجاه الشرق، وأن الشرق وصل في الروحانية، ووصل في معرفة النفس، ووصل في تربيتها، ووصل في الوعي وغير ذلك إلى مواصيل، كما قدموهم وكما سوقت لهم حركة العصر الجديد، ومن ثم بدأت هذه المصطلحات تفشو بين النَّاس، فالآن بعد مرور أكثر من ١٥ عام في بلادنا على دخولها أصبحت تسمع بشكل عادي “الطاو” أو ترى الرمز الخاص به حتى أحيانًا في صحون محلات أبو ريالين، أو في مطاعم تقدم الطعام الصيني في الأصل، لكن هذا رمز ديني وليس هو طعامهم، لكن كيف تُسرب هذه المصطلحات حتى تصبح مألوفة عند جميع الشعوب، ليس بالضرورة المسلمين فقط، عند جميع الشعوب وعند جميع الديانات.. كلمة (نيرڤانا) تسمعيها من الكل بينما حقيقة المصطلحات الدينية خاصة بكل ناس على حدة. وقد كانت هذه مصطلحات الشرقيين، لكن الآن أصبحت مصطلحات الحياة العامَّة، ولك أن تتصوري معها كيف أن المفاهيم ذاتها ستصبح هكذا، هي كأنها عقائد جميع الناس وليست هي عقائد الشرقيين فقط. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعصمنا ويثبتنا وجميع المسلمين. هناك نقطة مهمة في قضية المذاهب الفلسفية أو معتقداتها ذكرتها في الكتاب في الجسم الأثيري: قيامه على فكرة غير علمية في الأصل وأخذه الطابع العلمي بأن (الأثير) كلمة مستخدمة مع أنها فكرة خاطئة علميًا ومرفوضة دينيًا ما ثبتت سابقًا، إنما هي فرضية قديمة جدًا ادعوا أن هناك أثير ظنًا منهم أنه يجب أن يكون هناك شيئًا يملأ الفراغ في أصل قناعاتهم بفكرة الأثير، ثم تقدم العلم وانتفت هذه النظرية، لكن الآن عادوا بكثير حتى من النظريات المندثرة القديمة التي انتهت ورفضها العلم، عادوا ليبرزوها على أنها أمور كانت في أصل البحث عن المعلومات وفي أصل إثبات أو معرفة الكون والحياة عن طريق كاميرا كيرليان أو كاميرا تصوير الأورا، قالوا اكتشفنا أن هناك جسمًا أثيريًا بالفعل، وأن هناك في الفراغ الذي يحيط بالإنسان هناك إشعاع معين أو حرارة معينة، أو طاقة معينة أو هالة معينة تتحكم في سعادته وروحانيته، وفي مصيره وفي صحته وفي غير ذلك. حقيقة عندما تتأمل بعض هذه الأمور.. ربما الذي لم يحضر دورة من هذه الدورات لا يستطيع أن يتصور الأمر كما أريد إيصاله. عندما تُشرح بطريقة شبه علمية وعندما تُعضّد بـكما يقال: "ثبت علميًا"، أو يقال: "هذا جهاز وانظروا له، أو تعالوا فجربوه" يشتبه الأمر كثيرًا على النَّاس، ولهذا يُعذرون كثيرًا في هذا. ولذلك أحكام متعلقة، أنا آمل حقيقة ألا يكون ثمرة من ثمرات هذه الدراسة أن نصنف الناس أو نحكم عليهم.. هؤلاء دخلوا هذه الدورات أو مارسوا هذه الأشياء فهم إذن على مسمى المذاهب؛ إما ملحدون، أو روحانيون ملحدون، أو غير ذلك.. ليس بالضرورة الحكم على الفكرة أو العقيدة، ليس بالضرورة أن يكون حكمًا على الأشخاص، هؤلاء يتفاوتون في ظروفهم وفي مسمياتهم، وفي ما ينبغي أن يكون اتجاههم بعد ذلك. هذا ربما ما وددت الوقوف عليه في هذه المعتقدات، بين يديك في الكتاب شرح هو في صفحات قليلة لكنه حقيقة أتصور أنه صعب الفهم، يحتاج إلى مزيد من القراءة المتأنية والفهم للمصطلحات، لكن كذلك لا أنصح كثيرًا بالوقوف معها، ما فهمته منها يكفيك، وسيأتي بعد ذلك إما في قراءات أخرى، أو عندما نشرح صور التطبيقات يأتي إيضاح أكثر لهذه الأمور، وإيضاح أكثر لهذه العقائد فتتصورها بشكل أكبر. ولعل كذلك المناقشات والاستفسارات تثرينا في هذا المجال.

    تعليق على الورد الثاني

    بصوت الكاتبة

    11
    5
    00:00
    تحميل
  • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    المبحث الثالث هو عبارة عن طرق نشرالفكر وأبرز برامجه التطبيقية:

    كما ذكرت من قبل حركة العصر الجديد (new age movement) والتي تكونت في الغرب النصراني كانت طريقة نشرها في العالم أجمع هي نشر هذه التطبيقات أو هذا الفكر من خلال عدد من التطبيقات التي تلبس ثوبًا دينيًا، أو ثوبًا علميًا، أو قالبًا فلسفيًّا، أو قالبًا استشفائيًّا، وهكذا، بحيث تظهر عامة. والديني هو الوحيد الذي لا يظهر عامًّا، وهذا له أهله الخاصين، وقد ظهر الآن في العالم من حولنا وبالخصوص في بلادنا ما يسمى بـ: (التدريب الروحاني)، وهذا ما أقصده بالقالب الديني. على كل حال، لا تزال هذه البرامج والدورات تأخذ منحى من التطوير والزيادة في كل يوم؛ لذلك تجدها تتشكل، فتظن أنك تعرف -على سبيل المثال- ما يسمى بـ (البرمجة اللغوية العصبية)، ثمَّ تجد أن مفرداتها تغيرت وتحولت، وزادوا وغيّروا وأضافوا وبدلوا بحسب ما يظهر لهم؛ حتى تكون أوسع انتشارًا، وحتى تكون أدق في إيصال الناس إلى الأهداف التي يريدونها، مما يجعلون له مظلة عامة؛ تسمى بالصحة، أو السعادة، أو السلام، وغير ذلك. أبرز عناوين برامج حركة العصر الجديد، أو الفكر الباطني بصفة عامة سأستعرضها بشكل يسير: أولها: دورات أو برامج الطاقة: المقصود بها ليس كلمة الطاقة بمعنى (energy) الطاقة العلمية التي نعرفها في الفيزياء، أو التي نعرفها كمعنى مجازي بمعنى طاقة روحية، ولكن المقصود هو طاقة فلسفية، والمقصود هو قصة البداية، أو ما يسمى عند الشرقيين بـ (الكِي)، أو (الطاو)، أو (البرانا)، أو (المانا)، وغيرها . يدرب المتدربون في برامج الطاقة هذه على عدد من الممارسات باعتبار أن لهم جهاز طاقة في جسدهم، يبدأ بشاكرات ومسارات مختلفة، وأن عليهم أن ينمُّوا هذا الجهاز، ويجعلوا الطاقة تسير بشكل جيد في أجسادهم، وأن هذا يحفظ لهم صحتهم، ويحفظ لهم روحانيتهم، بل ويحفظ لهم بعد ذلك وصولهم إلى الخلاص، وإلى النرفانا، وإلى ما ينشدونه من الحياة الممتدة كما يقال، أو ما يسمى في سياقنا الديني بالجزاء وبالمآل في الآخرة.

    التطبيق الثاني:
    هو التنفس التحولي أو العميق - أو بالأصح كاسم فلسفي- التنفس التجاوزي أو الارتقائي : يقصد به أن تتخذ هذا التنفس وسيلة للارتقاء من جسد عادي، أو من روح عادية، أو حتى من متطلبات التنفس العادية من أكسجين وهواء، إلى تنفس الطاقة والاتحاد بمصدرها. هذا الأصل في هذا البرنامج يبدأ بالتطبيقات العادية للتنفس العميق، التي يمكن أن يمارسها كل واحد منا، ولكن الفرق الكبير والمهم أنها تصبح بعد ذلك ليست تطبيقًا علاجيًا، ولا حالة استثنائية لمن يريد أن يصحح شيئًا ما في صحته، أو في نَفَسِه، أو يريد أن يتجاوز ألمًـا ما كتطبيق طبي، وإنما تصبح جزءًا من الحياة هدفه ليس إصلاح الصحة - كما قلت - وإنما هدفه الدخول في تجربة روحية؛ لأن ممارسة التنفس العميق بهذا الشكل لفترات محددة، أو فترات رتيبة، أو فترات منتظمة يؤدي إلى تلاعب بالوعي - إن صح التعبير- ودخول في حالات من اللاوعي، أو الغشية التي يزعمون من خلالها أنها توصل إلى مراحل التجربة الروحية. هي مراحل قد يصل الإنسان فيها إلى حالات من التخيلات لأشياء معينة، أو قد تأتيه وساوس، أو حتى قد يكون عرضة فيها للتعامل مع الشياطين، أو قد تملي عليه الشياطين أشياء وهو لا يدري. حقائق ما الذي يجري في هذه المرحلة تحديدًا لا نستطيع الجزم بها، ولكن يمكن أن نستأنس كثيرًا بقول الإمام الذهبي وهو يتحدث عن الذين يدخلون في هذه الرياضات؛ رياضات الجوع والسهر والتنفس وغيرها، يقول: (فدخل الشيطان فيهم وخرج وهم يظنون أنهم خُوطبوا أو ارتقوا)، أو بهذا المعنى. هذا بالنسبة للتنفس العميق له تطبيقات وإجراءات وأهداف محددة أجملتها في هذا، وتجدون لها تفصيلاً فيما بين يديكم في الكتاب، وتفصيلاً أكثر في كتاب د. هيفاء الرشيد: (تطبيقات الاستشفاء الشرقية وأحكامها العقدية)؛ وهو كتاب قيِّم يشرح كل تطبيق من هذه التطبيقات بأصوله الفلسفية، وبطرائق تقديمه، وبألفاظه، ومصطلحاته، ويحكم عليه الحكم الشرعي، والحكم الطبي الصحيح في هذا الباب. أعتقد أنه لا يستغني عنه قارئ مهتم بهذه الجزئيات تحديدًا، أما بالإجمال فيكفيك مثل هذا التلخيص.

    التطبيق الثَّالث:
    هو التأمل الارتقائي أو التجاوزي (Transcendental Meditation): وهذا منتشر الآن إما في جلسات استرخاء على أنها جلسات عادية، أو منتشر في جلسات يسمونها: جلسات السلام، وهو حقيقة تطبيق مهاريشي في الديانة الهندوسية المتحورة في الغرب؛ وهي الديانة المهاريشية، وهي تمارين روحية من أصول البوذية والهندوسية؛ تهدف للترقي للسمو، ليس لها أهداف صحية مباشرة، وإنما أهداف روحية حقيقية، يزعمون أن من يصل إلى قمة الهدف في التأمل الارتقائي يرتقي تمامًا عن الناسوت إلى اللاهوت، ويصبح قادرًا على أن يقول للأشياء احدثي؛ فتحدث، قادرًا على الجذب والتأثير بالكون بطريقة كبيرة جدًا، وهذا التطبيق من أخطر التطبيقات التي بدأت تنتشر بشكل عام في المجتمع كأنها فقط تمارين استرخاء، وهي حقيقة خطوة من خطوات الشيطان في طريقة الباطنية - كما ذكرنا سابقًا - متدرِّجة ومزاحِمة لا مواجِهة حتى تأخذهم؛ ليصبح تطبيقًا عاديًا في حياتهم يزداد ويزداد، وكل إنسان يستفيد من شيء يحاول أن يستزيد منه أكثر، فيحاول أن يدخل ويتعرف على الدورات والبرامج وغيرها؛ ليستفيد أكثر من هذا الذي منحنه إياه التأمل، حتى يترقى في مستوياته المختلفة إلى هذا الخبث والعياذ بالله، أو هذا الإلحاد الصريح.

    التطبيق الرَّابع:
    الفينغ شوي: هو أحد كذلك هذه البرامج، قالبه هندسي؛ لتنظيمات البيت وترتيباته الداخلية، لكن الفرق الواضح والمهم أن هذا الترتيب ليس للأشياء الفيزيائية، ليس لكي تدخل الشمس، وليس لكي يكون في المكان سعة بالمعنى الفيزيائي الذي نفهمه، وإنما لكي تجلب لك السعد، وتُذهب عنك النحس، وتستقطب لبيتك الطاقة التي إن تدفقت فيه لن تكون هناك مشاكل، وهكذا، كلها أشياء روحانية وأسرار وخصائص، ليست من الأمور الفيزيائية العادية. يتضمن الفينغ شوي استخدام كثير من المجسمات ذات الأسرار الروحانية المختلفة، ولم يكن هذا واضحًا في الفينغ شوي المقدم في بلادنا - على سبيل المثال - باعتبار أن أحكام التماثيل (بطة وضفدع ...) معروفة عندنا، نعرف أن ذات الأروح تطرد الملائكة، فلا أحد يضع تماثيل، فكانوا يستعيضون عن ذلك فقط بالأشكال الهندسية، بالألوان، بالمرايا، بوضع الأماكن في الاتجاهات المختلفة، أما الآن للأسف مع فشو هذا بدأت تدخل حتى خصائص الأشكال المحددة، وجه الأسد أو البطة في الحديقة أو في غرفة كذا، أو في غرفة كذا.. هذه تعطي كذا أو تمنع كذا.
    من المهم التأكيد أنه يُعطى بمنهج باطني فستضمن إذن بعض التعاليم العلمية، أو بعض الأشياء الشرعية، أو بعض المصطلحات؛ كمصطلح البركة على سبيل المثال، أو يزعم بعضهم أنا نحن ننظم البيت بحيث يكون نومك باتجاه القبلة، أو لا تكون الحمامات على القبلة، أو غير ذلك مما نعلم أحكامه في الدين وفي الفقه، وهي مختلفة عن هذا التنطع الذي يحاولون أن يلبسوا به الفينغ شوي لباسًا شرعيًا . التطبيق الخامس: دورات التنفس التحولي العميق: لا التنفس العميق الذي نفهمه أحيانًا ونمارسه كثيرًا؛ لنستنشق أكبر قدر من الأكسجين، لا سيما إذا احتاج الإنسان إلى ازدياد ضربات القلب، أو شعر بالتوتر أحيانًا. التطبيق الذي يروجون له تحت هذا العنوان؛ تطبيق بمسمى: (التنفس التحولي أو العميق) له إجراءات معينة تحولية من فتحتي الأنف المختلفة، وعميق لا يقصدون به إدخال الأكسجين إلى الرئتين، بل هو إدخال (الهو) كما يزعمون، أو الطاقةالكونية، أو البرانا إلى داخل شاكرات الجسم ومساراته المختلفة، وأن هذا التطبيق سيمنح أصحابه الوصول إلى حالة من النشوة أو حالة من الغشية، فقد يحصل إغماءة بسيطة أو حالة من الغياب عن الوعي تسمى بحالات (النرفانا) التي يعدون فيها بالوصول إلى تجربة روحية جديدة، يزعم للأسف بعض مروجيها أنها ستوصلك إلى الخشوع العميق الذي كان يصل إليه الصالحين في امتداد التاريخ والقصص التي تُروى عنهم، يدربون على هذا أحيانًا تحت عنوان دورات إنعاش العقل، وأن هذا يمكن أن يزيد من حافظتك ومن ذاكرتك، فيلحقونه ببعض دورات تحفيظ القرآن، وتعتمده بعض الدور أو بعض المدربين، وهذا للأسف مما يسرب هذه الفلسفات الوثنية الهندوسية تحت ستار دورات تحفيظ القرآن وحفظ القرآن بالبرمجة، بالتنفس، بالتأمل، بإنعاش العقل وغير ذلك. وهي في حقيقتها تطبيق هندوسي مهاريشي معروف ومعتمد في الديانة المهاريشية. بل أنه يعتبر كماركة مسجلة باسمهم -إن صح التعبير- مع دورات التأمل الارتقائي والتأمل التجاوزي، أحياناً تُقدَّم هذه الفلسفة تحت عنوان عام (دورات الطاقة)، وأحيانا تحت عنوان دورات الريكي أو العلاج بالريكي. الطاقة المقصودة - كما ذكرت سابقًا - ليست هي الطاقة الفيزيائية أبدًا، بل هي الفلسفة الشرقية المسماة (كي) أو (تشي) أو (برانا)، الموصلة لما يسمى بـ(الطاو) أو (المانا) في الفلسفة الشرقية. وتسمى تدليسًا في الحركات الجديدة الغربية التي تروجها: طاقة قوة الحياة، أو الطاقة الكونية، أو طاقة الشفاء، يتدرب المتدربون فيها على جلسات خاصة، جلسات تأمل يدفّقون فيها - كما يزعمون - الطاقة الكونية من خلال شاكرات ومواضع يزعمون أنها تدخل الطاقة الكونية في داخل الجسم، وتمنحه الصحة والسعادة والحكمة والقدرات الخارقة وغير ذلك، وتقوده إلى التناغم بين قوتي (الين) و(اليانغ) المعروفة بالفلسفة الشرقية.
    يُشرح أحيانًا في هذه الدورات المؤثرات الغيبية، وأثر الطاقة على الإنسان، وأهمية الأجساد السبعة وخصائصها، والجسم الأثيري، والهالة، والأورا، وما يتبع ذلك مما يمكن أن يقود أصحاب هذا التدريب إلى أن يصبحوا رجال طاقة أو ماستر تقوى لديهم الحاسة السادسة والقدرات الخارقة، وقد يستطيعون أن يتصرفوا تصرفات خارقة جدًا، يستطيع أن يسافر أحدهم خارج الجسد، يستطيعون أن يبصروا أشياء أبعد، وأن يتحكموا أو تنطلق قواهم الخفية أو عقولهم الباطنة أو اللاواعية باختلاف التسميات؛ لتحصيل أشياء أكثر بكثير وأبعد بكثير من قدرات الإنسان العادية. أحيانًا تقدم باسم (الريكي)، وأحيانًا باسم (التشي كونغ)، (التاي شي)، (الشياتسو)، أسماء كثيرة لهذه التطبيقات أو تطبيقات الطاقة المختلفة التي يزعم أصحابها أنها تقدم الشفاء والتخلص من الأمراض، وأنها تقدم طريقًا للحياة السعيدة ولتحقيق السلام ولتحقيق الإيجابية للناس. يجلسون من أجلها جلسات يسمونها جلسات سلام وجلسات إطلاق نية، بعد أن تمتلئ أجسادهم بالطاقة ويصبحون قادرين على أن يطلقوا شيئًا من هذه الطاقات إلى الكون؛ لكي يعم فيها السلام ويعم الحب، وفيها خيالات كثيرة كاستحضار الكرة الأرضية ومسحة سلام وحب عليها حتى تخلو من الحروب وغير ذلك من الأمور التي قد لا تخلو من ظاهر يبدو عند بعض الناس جذابًا، وحقيقة داخله فلسفات شرقية بل تطبيقات خارجة عن كل عقل ودين. التطبيق السادس: الفينغ شوي : ومن تطبيقات الطاقة كذلك المنتشرة بشكل دورات، أو بشكل وصفات ديكور، أو وصفات لتصميم المنازل ما يسمى بـ (الفينغ شوي) الذي يقدم أحيانًا مع برامج الماكروبيوتك، ويقدم أحيانًا بشكل مستقل على أنه برامج لتصميم البيوت وديكوراتها، ولكن ليس لمجرد الجمال أو الذوق ولكنه لجلب الصحة و العافية عن طريق مراعاة قوانين وأسرار معينة للأشكال الهندسية، ولبعض المجسمات ولبعض الأماكن؛ حتى يسمح كما يزعمون لطاقة (التشي) بالتجول بالمكان، وبالتالي تسمح أو تمنح سكان المكان الصحة والسكينة والسلام وتبعد عنهم الأمراض والشقاق والخلافات وغير ذلك. من الأسرار التي يؤكدون عليها في تطبيقات الفينغ شوي أو ما يسمى تصميم البيوت بطريقة الطاقة أو حسب معادلات أو أسرار الطاقة الوهمية: الاهتمام بالأجراس الخفيفة، مراعاة الأشكال الهندسية، تقسيم البيت إلى مربعات معينة هذا خاص بالثروة وهذا خاص بالحب وهذا خاص بكذا وكذا، ثم يهتمّون بما يوضع هنا وما يوضع هناك، ولهم في هذا عجائب وغرائب يتعجب منها العقل السليم، إن وضعت على سبيل المثال زوج بط خشبي في البيت فأنتِ كمتزوجة ضامنة ألا يتزوج عليك زوجك بأخرى، أنتِ كفتاة عزباء اقتني بعض أزهار الفاوانيا وضعيها في غرفتك؛ تجلب لك حظ الزوج الذي تريدين. بعض الوصفات كهذه التي يقولون إنها روحية أو أسرار فلسفية؛ هي حقيقة تطبيق الديانات الوثنية الشرقية . التطبيق السابع: الماكروبيوتيك: أحد أشهر تطبيقات هذه الفلسفة الباطنية وهو بظاهره كأنه تطبيق صحة أو تطبيق حياتي عام، هو يشمل كثيرًا من المفاهيم الصحية بعضها صحيحة، وبعضها مأخوذة من دين البوذية؛ كتحريم كل أنواع اللحوم حتى المأخوذة من أي شي فيه روح كالألبان والعسل وغيرها. وبعض تعاليم النصرانية، والأهم إدخال الفلسفة الباطنية في الوسط بأن الغذاء ليس هدفه جسدك، وليس هدفه صحتك البدنية، وإنما هدفه ترقيك الروحي، وهدفه أن يوصلك إلى حالات من اللاوعي في التفكير في أمور آخرى أهم من أمور هذه الحياة المادية؛ لذلك يهتم بالتقليل من الماء، والتركيز على الشعير فقط؛ حتى يدخلوا في نفس الحالات التي يدخل فيها من يمتنع عن الطعام وعن الشراب فترات طويلة. هي ليست فقط غذاء في الحقيقة وإنما لها جوانب كثيرة علاجية، ولها جوانب بعضها صحيح وكثير منها مدّعى، لها جوانب في الحياة بصفة عامة فتطبيقات الماكروبيوتك تشمل التنفس، وتشمل التأمل، وتشمل (الفونج شوي)، وتشمل كثيرًا من التطبيقات السابقة. من أهم روادها من العالم العربي مريم نور الشهيرة التي قدمته بشكل تغذوي في البداية، وبشكل فلسفي واضح وفاضح في النهاية. التطبيق الثامن: الجرافولوجي: هو تطبيق تبنته حركة العصر الجديد، وليس من أصل إنشائها، يأتي أحد ينتقدك ويقول: كل شيء تقول عنه باطنية أو عالمية أو حركة العصر الجديد !! هذا موجود منذ القدم فحركة العصر الجديد لم تنتج أشياء جديدة كليًا في أكثر الأشياء، وإنما تبنت من العقائد الماضية التي في الديانات وفي العقائد الوثنية وفي الخرافات وغيرها كل مايخدم فكرتها في:
    ١- إضعاف عقل الإنسان، فيقبل الخرافة ومن ثم يقبل أي إدعاءات أخرى.
    ٢- إضعاف عقل الإنسان حقيقة بدخوله في مراحل وعي مختلفة تضعف التفكير وتضعف الأعصاب حقيقة، وتضعف قدرة الإنسان بعد ذلك على التميز.
    ٣- إدخالها كثير من التطبيقات التي هي مختصة بالكهانة وإدعاءات علم الغيب وغيرها، مما يخدم فكرة أنك ينبغي أن تتجاوز حدود إنسانيتك وحدود قدراتك البشرية المحدودة إلى قدرات لا محدودة.

    تطبيق الجرافولوجي يعد ضمن تطبيقات تحليل الشخصيات، وتحليل الشخصيات كما تحدثنا في بعض المحاضرات في قضية الشمالي والجنوبي وغيرها، قضية كل التطبيقات القادمة من تحليل الشخصيات مشكِلة ولا يزال عليها كثير من علامات الاستفهام، ولا يزال فيها جوانب كثيرة غامضة هي محل دراسة كثير من المختصين بفضل الله سبحانه وتعالى في هذه الفترة، كذلك هي تتفاوت فلا نهتم كثيرًا بالإنكار على موضوع بوصلة الشخصية لاعتبارات شُبه علمية أو قيامها على دراسات في بعض الجوانب، وكما قلت للموضوع تفصيل. أما في موضوع الجرافولوجي فهو يعتمد اعتمادًا واضحًا وصريحًا على خصائص الحروف والمنتج الذي يُعطى كثير منه ادعاء لعلم الغيب حقيقة؛ إما الغيب الماضي أو الغيب الحاضر أو الغيب المستقبل، فيوقِع في إشكالات حقيقية مع الإيمان بالغيب بضوابطه وبأحكامه المعروفة ويفتح بوابات للكهانة والعرافة ليس لها مدى . التطبيق التاسع: البرمجة اللغوية العصبية : وهي حقيقة من أخف التطبيقات من وجه ومن أخطرها من وجوه؛ لأنها مليئة ببعض التطبيقات الإدارية والنفسية الصحيحة لكنها تخلط معها غيرها. وهنا سؤال مهم: هل نأخذ منها الأشياء الصحيحة؟ حقيقة كل الأشياء الصحيحة الموجودة في البرمجة اللغوية العصبية موجودة في برامج وفي كتب وفي تخصصات مستقلة تمامًا عن هذه اللوثة الباطنية في البرمجة اللغوية العصبية، موجودة في أقسام علم الإدارة وعلم النفس بعيدة عنها، ستقرأ في الكتاب أصول البرمجة اللغوية العصبية الذي يهمنا الآن أن خطورتها تكمن في أنها باطنية إذ تسرب كثيرًا من المفاهيم، وتجعلها جزءًا أساسيًا في حياة الإنسان المسلم. لو تلاحظ الساحة حولنا خفوت النهي عن المنكر أجزم أنه أثر من أثار فشو البرمجة اللغوية العصبية هذه الخمسة عشر عام الماضية؛ لأنها تركز بشكل قوي وخفي ومتدرج على أن الناس وراء كل أعمالهم نية إيجابية تحت دعاوى السلام وفهم المخالف والتعايش مع الآخرين وعدم الضغط عليهم، وشيئًا ما من الحرية وغير ذلك، مما يعطي منهجًا مخالفًا عن منهج الإسلام. الإسلام يدعو إلى النهي عن المنكر ولكن بآداب وطرائق لا تؤدي إلى تكفير ولا إلى حرب ولا عراك، بل إلى إحقاق الحق بأجواء من العلم ومن النصح ومن الأخذ باليد إلى خير الدنيا والآخرة، حقيقة يشوهون هذه الأمور بطرائقهم الخفية في تطبيقاتهم وفي برامجهم حتى تسري وتتأكد عند الناس وتصبح نموذج حياة. تدرِّب وتهتم كثيرًا البرمجة اللغوية العصبية على قضية اللاوعي، وإحداث التغير الإيجابي في النفس وغيرها، وهذه ستوقع في نفس الحالة التي تقود إليها كل تطبيقات حركة العصر الجديد الباطنية التي هي حالة من التلاعب بالوعي.

    تعليق على الورد الثالث

    بصوت الكاتبة

    13
    6
    00:00
    تحميل
  • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
    مبحث اليوم هو في بيان علاقة الأديان والمذاهب المخالفة الأخرى بالمذاهب الفلسفية الإلحادية الروحية.
    تتصل هذه التطبيقات والأفكار الوافدة بأديان متنوعة ومذاهب متلونة كثيرة، وهي حقيقة انتقائية منتقاة من أديان الشرق ومن الوثنيات والفلسفات الملحدة قديمًا وحديثًا، الجديد أنها مصممة ومقدمة في صور وقوالب تطبيقية عملية معاصرة، ولعل الكلمة المشهورة التي تردد دائمًا: (الكفر ملة واحدة) تظهر بوضوح عند تفتيت العقائد والأفكار والفلسفات التي تحتويها هذه المذاهب, فهي مزيج من الديانات الشرقية من الطاوية والهندوسية، والبوذية والشنتوية والمهاريشية التي هي دين شرقي في الأصل, هي الديانة الهندوسية ولكنها في قالب غربي، قدمها (المهاريشي يوجي) للغرب الأمريكان تحديدًا، قدمها بدايةً بما يتناسب مع طريقتهم في الحياة.كذلك الأديان الغربية الحديثة وهي عدد من الحركات الروحية، حركة العصر الجديد، العلمولوجيا، الموحدين الخلاصيين، الإنسانيين وغيرهم. كلهم كذلك لديهم من الأفكار الشرقية ومن الوثنيات ومن غيرها، إضافة إلى ما تتطلبه بيئتهم أو أفكارهم، أو مستواهم العلمي أو طموحاتهم أو غير ذلك. كذلك يمتزج فيها أشياء ليست بالقليلة من أديان الهنود الحمر والشامانية الحديثة التي تنتشر اليوم وإن كانت أصولها قديمة، وهي قائمة على السحر والتنجيم تحديدًا والهونا. ولو نظرنا فيها بعمق سنجد أن العقائد التي تحتويها هذه الديانات كلها هي عقيدة الكفر، ملة إبليس، دين الوحدة، وحدة الوجود وما يتبعه من نظرية الفيض الفلسفية، ونظرية الأجسام السبعة، والشاكرات، وجهاز الطاقة وخلافه من هذه الأمور.

    ولعل البعض  قد يصعب عليه فهم هذه الفلسفات، ماذا نعني بنظرية الفيض؟ وما هي؟
    شرح هذه يتطلب فصلًا دراسيًا كاملًا وليس مدارسة كتاب كهذه التي نقوم بها.
    الذي يهمنا التركيز عليه أننا في مدارسة الكتاب لا نتعلم تعلمًا دقيقًا تفصيليًا متخصصًا؛ لننال عليه شهادة ونستطيع أن نعلمه بعد ذلك للناس، وإنما هدفها تكوين الوعي العام والثقافة حول هذه المذاهب ومخاطرها، ومن ثم الثمرة العملية وهي الحذر منها والتحذير بإجمال. 

    نجد هذه المذاهب كذلك متأثرة بالمذاهب الفكرية المعاصرة التي قد لا يسميها الكثيرون أديانًا؛ كالوجودية والإنسانية وغيرها، وهي منتشرة كثيرًا في الغرب، وتتمركز وتتمحور على الإنسان،كيف يلبي حاجاته؟ كيف يصنع مستقبله؟ كيف يستغني عمّن سواه؟ كيف يصبح هو سيد نفسه وهو سيد هذا الكون؟ تأخذ وتشتق هذه المذاهب من هذه المذاهب شيئاً ليس بالقليل؛لذلك سنجد موقف الإسلام منها واضح، فهي دين مخالف يقدم دين وحدة الوجود بدلًا عن دين التوحيد ولكن بتدرج باطني خبيث. لم يقتنع بعض الناس بالذات في بدايات هذا الأمر عندما لم تظهر حقيقته، وكان لهم شبه كثيرة في أن هذه الأمور مجرد أمور حياتية وتدريبية وأنها لا علاقة لها بالأديان ولا حرج في أن نأخذ بها،لا حرج أن نتداوى ونحن مسلمون على يد طبيب كافر، هذا معلوم لو لم يوجد الطبيب المسلم الكفء، فيقيسون هذا على ذاك. ودونت في آخر الكتاب عددًا من الشبه الشهيرة.

    أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جمعاً لهداه وأن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلًا ويرزقنا اجتنابه.
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    تعليق على الورد الرابع

    بصوت الكاتبة

    15
    5
    00:00
    تحميل
  • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
    بعد هذا التطواف في هذه المذاهب وفي تطبيقاتها وفي هذه الفلسفات المختلفة، أؤكد أن هذا لم يكن إلا لتبيّن مناحي الشر التي فيها، يقول حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: (وأسأله عن الشر مخافة أن يدركني).
    هذه التطبيقات أنبه فقط على أنها تتدرج بشكل خفي جدًا، فقد يغتر البعض بظاهرها، ويقول: هذه ليست من تلك لا سيما وهي باطنية انتقائية.
    لعل في بعض الإجابات ذكرت أن الأصل في الاسترخاء قد يكون شيئًا حياديًا عامًا، فقد يظهر لك في بعض الدورات، أو في بعض التطبيقات، أو بعض الرسائل التي تدعو إلى بعض التطبيقات الحياد، والحق أنها تضع هذا الحياد بخبث وبتدرج، ما الحل إذن؟

    ما أوصي به نفسي وأوصيكم العودة الصادقة إلى تطبيق الدين تطبيقًا في الحياة، عودوا إلى العبادات، الأذكار، قراءة القرآن بقلب حي يريد أن يصل من خلال هذا الدين وبمنهجه الذي هو المنهج المرضي عند الله سبحانه وتعالى إلى خير الدنيا والآخرة، ووالله لقد أرسل الله سبحانه وتعالى إلينا محمدًا صلى الله عليه وسلم بخير الدنيا والآخرة برمته، ولم يحوجنا الله إلى أحد سواه، فاملأ قلبك ونفسك وأسرتك بتطبيقات هذا الدين، افرح بأذكار الصباح والمساء، وانشر هذا الفرح بالصلاة على النبي، برضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا، بالاستشفاء بالقرآن الكريم، بما ورد في سنة النبي صلى الله عليه وسلم. أقول والله لن تجد هذه التطبيقات حتى (وإن كانت) - أقول (إن كانت) - مباحة لا شيء فيها مكانًا لدينا، ولدينا ما هو أفضل وأخير؛ الذي ارتضاه الله سبحانه وتعالى ليكون منهجًا للعالمين .

    {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا} قال اليهود عنها للمسلمين: إن في كتابكم آية لو أنزلت علينا معشر يهود لاتخذنا يوم نزولها عيدًا.
    فلنفرح بهذا الدين ولنعش هذه الفرحة {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون}.

    جزى الله القائمات على هذا البرنامج خيرًا، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله علمًا نافعًا ويجعله عصمة لنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
    جزاكم الله خيرًا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    تعليق على الورد الخامس

    بصوت الكاتبة

    15
    5
    00:00
    تحميل

بسم الله الرحمن الرحيم
مرحبًا بكم جميعًا في برنامج كاتب وكتاب ، محدثتكم فوز عبداللطيف كردي، دكتوراه في العقيدة والأديان متخصصة في الفكر العقدي الوافد.
معكم في هذا الكتاب المذاهب الفلسفية الإلحادية الروحية وتطبيقاتها المعاصرة الذي له قصة، فقد كانت أصوله أول كتابة كتبتها في مجال التصدي للفكر العقدي الوافد ، بعد أن حضرت أول الدورات المقدمة تحت مظلة التنمية البشرية باسم البرمجة العصبية والهندسة النفسية والطاقة البشرية، وقد كانت مقدمة للمهتمين والمهتمات بالتدريب والتطوير في المملكة، ظهر لي حقيقة بعد حضوري للدورات أنها تنبع من فكر يؤله الإنسان، ويتمحور حوله؛ لذلك كان لي قراءات وبحث لأصول هذه الدورات، فبدا لي أن الأمر جدّ خطير، وإن كانت البدايات تبدو تدريبية، لكن الأمور الفكرية والمعتقدات الضالة عادة تتخفى وتتدرج، لا ننسى حديث النبي عليه الصلاة والسلام: " تعرض الفتن على القلوب عودًا عودًا " والشيطان كما أخبرنا الله سبحانه وتعالى يزين ضلالاته خطوة خطوة، قال الله سبحانه وتعالى: { ولا تتبعوا خطوات الشيطان } لذا أجريت أبحاثًا مبدئية وتابعت مسيرة هذه الدورات في الغرب، المكان الذي جاءت منه والذي ولدت فيه، وتواصلت حقيقة مع كثير من العلماء المحذرين في الغرب من علماء النفس وعلماء الاجتماع، ووجدت تحذيرات  كثيرة للكنيسة الكاثوليكية من هذه الدورات، وأنها تتضمن أفكارًا ملحدة،  فتعجبت، وكان البحث أدق وأكثر وكانت النتيجة أن حقيقة هذه الدورات بالفعل وإن تضمنت بعض نفع إلا أنها تروج لفكر وحدة الوجود الملحد بقوالب تخفي هذا الأصل، فكتبت على ذلك ملخصًا من عشر صفحات تقريبًا مركزة أرسلتها ملحقة مع خطاب للتحذير, وجهتها للعلماء ، للأساتذة - أساتذة العقيدة في حينها- ولم أتلقَ حقيقة ردًا إلا من بعضهم يشكر ويؤكد أن الأمر لا يحتاج أن نسير في مسيرة رفض كل جديد، وعقلية المؤامرة وأن الأمر لا يحتمل هذا الخوف، ووصايا بضبط الغيرة وغير ذلك، كان هذا في حوالي 1423 ه تقريبًا.
عذرت كثيرين وشعرت أنهم لم يروا ما رأيت، ولم يحضروا كما حضرت، وسعت كتابتي قليلاً، شرحت بعض التطبيقات بعد حضورها وصلتها بالجذور، ناقشت الشبه عرضت المخاطر, وإن كان في كل ذلك أنا أميل عادة في كتابتي للتركيز والاختصار، عدت فأرسلتها للعلماء والدعاة في الجامعات وطلبت منهم عرضها للنقاش في الأقسام، في المجالس العلمية، توجيه الباحثين للبحث كما أبحث أنا؛ لكي نعرف كيفية الأمر وحقيقته، ونتصدى له قبل أن ينتشر وتصعب مواجهته، للأسف لم يكن الرد أفضل من السابق إلا قليلًا.
توكلت على الله وبدأت دوراتي التي كنت أعنون لها: بالفكر العقدي الوافد ومنهجية التعامل معه، حوالي في عام 1424/  1425 ه ونشرت كتاباتي على الإنترنت، ووجهت دراستي في الدكتوراه التي كنت في طور البحث فيها في بحث أصول الإيمان بالغيب إلى تتبع هذا الفكر و هذه العقائد وتضمينها للبحث باعتبار أنها تنبع من فكر روحاني ملحد يؤمن بغيب و لكن لا يتلقاه من الرسل، وإنما وسيلته العرفان الباطني أو الاستنارة.


في عام 1430ه بدأ الأمر يتكشّف أكثر, تواصل معي بعض الأفاضل، وتولت مؤسسة الإعمار طباعة الكتاب مشكورة وتوزيعه على الجمعيات والدور والعلماء، ثم صدرت طبعته الأخيرة لمركز الدراسات والتأصيل والتي هي متداولة حاليًا.
كتاب المذاهب كتاب يحتوي على سبعة مباحث تضمنت التعريف بهذا الفكر وحقيقته وأصوله، ثم الحديث عن جذوره التاريخية وأصوله، ثم الحديث عن أهم الأفكار والمعتقدات، وفي المبحث الرابع الحديث عن الصور والتطبيقات وعلاقتها بالأديان والمذاهب، ثم ختمت هذا بموقف الإسلام ومناقشة بعض الشبه.
حقيقًة الكتاب مختصر، وهو يمثل اليوم ربما في كل مبحث مادة لبعض الباحثات اللاتي سجلوا بها دراسات في الماجستير والدكتوراه أسأل الله تعالى أن يوفقهم.


سنتناول في هذه المدارسة بإذن الله هذه المباحث بالتفصيل، وسنناقش الإشكالات ونجيب على الاستفسارات بُغية معرفة هذا الفكر بقدر يُمكننا من إدراك المستجدات فيه؛ لأنه فكر باطني يتلون ويتجدد وإذا ما أدركت أصوله وتطبيقاته الرئيسية استطعت بعدها القياس على الكثير من الوافدات التي تحمل ذات الفكر.


أسأل الله سبحانه وتعالى لي ولكم التوفيق وأن يجعل مدارساتنا هذه مدارسة علم نافع تحفنا فيها الملائكة ويذكرنا الله سبحانه  فيمن عنده.
لكم وافر التحية والتقدير..

لا يوجد مناقشات
لا يوجد اقتباسات
لا يوجد استفسارات