-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه كلمة سريعة و مختصرة ومختزلة من مؤلف كتاب [مشكلة الشر و وجود الله]
هذا الكتاب بدءاً في الحقيقة هو بحمد الله من أنجح ما كتبت إلى الآن أسأل الله أن يبارك في جهد الجميع هو وكتاب [الحجاب شريعة الله في الإسلام واليهودية والنصرانية] هذا الكتاب أيضاً كان له رواج جيد بعد ظهور فتنة اعتراض النصارى والمنصرين على شريعة الحجاب في الإسلام والكتاب موجود على النت وسيُطرح قريبًا إن شاء الله من خلال مركز تكوين[1].
الكاتب في الحقيقة قد يقدر أمورًا ويرتب أولويات و لا يدري يكون قبول القراء لما يكتب, يعني كتابي [هل اقتبس القرآن الكريم من كتب اليهود والنصارى] أنا كنت أرجو أن يكون هذا الكتاب هو أكثر الكتب رواجًا لكن الكتاب كان ربما أقرب لكتاب تخصصي.
على كل حال الكتاب استغرق مني قراءات واسعة لتناول هذا الموضوع, والسبب أن هذا الموضوع في حدود ما قرأت طبعًا, لم يتم تناوله في المكتبة العربية في صيغة السؤال العصرية كما تظهر في كتابات جيماكي وغيره من ملاحدة العصر. أيضًا لم أجد كتابًا مؤلفًا في المكتبة الغربية يستوعب هذا الكتاب على صورة أرضاها خاصة مع مقدماتنا كمسلمين ومقدمات النصارى أو الألوهيين الغربيين بصورة عامة. وكان طبعًا التحدي الأكبر في هذا الكتاب هو أمر تحديد الأسئلة, تفكيك السؤال الأكبر لأسئلة أصغر sub questions" أسئلة دنيا تحت الأسئلة الكبرى" لأنك إذا حددت الأسئلة ستتمكن بعد ذلك من رسم طريق النظر وإذا لم تُحسن تحديد الأسئلة وتفكيك السؤال الأكبر إلى أسئلة صغرى سينتهي الباحث إلى طرح غافل عن الكثير من الأسئلة خاصة في هذا الموضوع بالذات لأن هذه الأسئلة متشابكة بشكل مزعج جدًا, ففك هذه الأسئلة وإعادة رسم الموضوع من جديد أمر أساسي لتناول هذا الشبهة؛ لأن الاعتراض الأساسي الذي يواجه من يرد على هذه الشبهة أن يقال له أنت لم ترد على هذه الجزئية, أنت لم ترد على تلك المسألة, فتحتاج أن ترسم العناصر والخيوط الدقيقة لهذا السؤال ثم بعد ذلك تحدد لنفسك الطريق ثم تبدأ بكتابة هذا الأمر, ولذلك كان الكتاب في صورته الأولى مختلف بصورة كبيرة جدًا عن صورته التي طُبع بها؛ لأنه بقي معي الأمر في مصارعة الكشف عن الأسئلة المتخفية بين السطور والتي يستظهرها بصورة متكررة الملاحدة.
عملي الأساسي في التأليف واهتمامي العلمي في باب مقارنة الأديان والمذاهب المعاصرة و في الفلسفات والمذاهب الفكرية الكبرى, لكن تركيزي الأساسي على مسألة الأديان
لما طرحنا هذا الأمر في مبادرة البحث العلمي في مقارنة الأديان في مؤسستنا كان القرار هو أن يتم حصر الأسئلة الكبرى للإلحاد ثم تأليف كتاب في كل سؤال على حدة, فوجدنا أن هناك سؤال : كيف نجمع بين وجود الشر ووجود الإله الكامل؟ هذا باب يحتاج كتاب ، قضية الاعتراض الكلاسيكي الإلحادي: إذا كان لكل شيء خالق فمن خلق الله " طبعًا السؤال نفسه غلط " نحن لا نقول لكل شيء خالق بل نقول لكل حادث خالق أو لكل أثر سبب, وهذا أيضًا صدر فيه كتاب ، قضية الداروينية هذا موضوع أيضًا ، قضية العلموية مسألة أن العلم هو الطريق الوحيد للمعرفة أو الطريق المتسلط على بقية الطرق الأخرى للمعرفة وهذه فتنة العلم في هذه الأيام خاصة مع تيار الإلحاد الجديد وهناك كتاب تحت الإعداد ، أيضًا لماذا يكتب أو يأمر الرب عباده أن يعبدوه ؟ سيقول الملحد أليس الطلب قرين الحاجة -تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا- هذا سؤال وقد صدر فيه كتيب ضمن السلسلة من مركز تكوين، وهناك سؤال: هل الإلحاد شيء ممكن؟ وهذا كتاب تحت الإعداد أيضًا وهذا موضوع مفاجئ لأن الإلحاد شيء غير ممكن أصلاً فالإنسان حينما يعرف الإلحاد سوف يوقن أنه ليس هناك سبيل لأن يلحد الإنسان, هذه القضية في نظرية المعرفة ولا تتعلق بقوة أدلة الإيمان وإنما الإلحاد غير ممكن في ذاته. وهناك سؤال آخر وقضية أساسية لا بد أن تُتناول وسيصدر فيها كتاب بإذن الله وهي قضية حقيقة الإلحاد وعندما يكتشف الإنسان حقيقة الإلحاد سيصاب بالفزع لأن تقريبًا كل الملاحدة لا يعرفون ما الإلحاد لذلك وظيفتنا دعويًا أن نعرّف الناس ما معنى الإلحاد؟ لوزام الإلحاد أي ما الذي يلزم للإلحاد؟ أن يكون لا عقل لا أخلاق لا جمال... أشياء الملحد نفسه يرفضها فكيف يجمع الملحد هذه الأضغاث المتشاكسة في عقله؟! وهناك موضوع آخر في هذه السلسة وهو أمر غياب الأدلة الإيجابية على وجود الله وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول لك أنتم إيمانويين fatheistفلا تأخذون دينكم بقناعة عقلية أو ببراهين فهي قضية تسليم قلبي دون برهان,وهذا الأمر فيه تفصيل وسيصدر فيه كتابين الكتاب الأول في وجود الله سبحانه وتعالى ووحدانيته والكتاب الثاني بعنوان محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أدلة أوبراهين النبوة , مجموع الكتابين 1200 أو 1300 صفحة في تفصيل بيان براهين أدلة الإيمان والرد على أهم الاعتراضات.
نعود إلى كتاب [مشكلة الشر] أردت أن أعرفكم أن هذا الكتاب هو جزء من مشروع كامل يتضمن الأجوبة على أهم الأسئلة الإلحادية حتى نوفي للأمر حقه من النظر, الكتاب هو أول كتاب في السلسلة لأن هذا الاعتراض هو أهم اعتراض إلحادي في دائرة المثقفين وكثير من العوام في الغرب يعني هو رقم واحد في الكتب الإلحادية حتى أن هناك كثيرًا من الملاحدة إذا تكون لهم مناظرات مع المؤلّهة مع الذين يؤمنون بالله سواءً كانوا نصارى أو يهود أو مسلمين أحيانًا يكون العنوان حول وجود الله سبحانه وتعالى والمؤمن يستظهر كثير من الأدلة والملحد في أحيان كثيرة يستظهر دليل واحد وهو اعتراض مشكلة الشر فهي العنصر الأساسي والرقم واحد في المشروع الإلحادي. فكرتي الشخصية وفكرتنا في المبادرة إذا أردنا أن نرد على الإلحاد فإننا نرد على الإلحاد الغربي لأنه هو الذي يمثل الأصل أما الإلحاد في العالم العربي فهو ذل مشوه ومن الخطأ أن يقيم الإنسان مشروع فكري في التأليف بالرد على ملاحدة العرب بل نرد على السادة والأساتذة الذين يتعلم منهم أتباعهم في العالم العربي أما على مستوى الدعوة العملية في الأرض فالإنسان يتعامل مع الشبهات كما هي سائرة في العالم العربي لكن على مستوى التأصيل الفكري والعمل الفكري فأنا أعتقد أنه لا سبيل لمناقشة ملاحدة العرب لأنه يكثر فيهم الجهل والبذاءة وهذا ما يجعل الحوار معهم فكريًا أشبه بمضيعة الوقت وإن كنا مطالبين بدعوتهم بدعوة أعيانهم ولكن هذا باب آخر من أبواب الدعوة.
الإنسان إذا رد في المكتبة الغربية على مشكلة الشر وقضية الداروينية فسيكون قد على 99% من المشروع الإلحادي وجميع ما يأتي بعد ذلك تقريبًا مجرد هوامش أو تفاصيل زائدة.
تلخيص الكاتب :
في الحقيقة تلخيص هذا الكتاب صعب جدًا وسبب ذلك أن الكتاب مختصر أصلاً وحاولت أن لا أفيض فيه وأن أتحدث عن أهم عناصره فتلخيص الملخص أمر مشكل جدًا لكن على كل حال الأخت إلهام لها تلخيص للكتاب ربما أرسلته إليكم وهناك تلخيص آخر للكتاب صوتي أيضًا تلخيص جيد لعله وصلكم رابطه على اليوتيوب وهو تلخيص جيد وهناك أيضا مجموعة فيديوهات سلسلة للأستاذ محمد شاهين في شرح مادة الكتاب وتبسيطها ولذلك سأكتفي في الحقيقة بمجموعة نقاط في شأن مادة الكتاب :
أولا : اهتم الكتاب بالتعريف بالشبهة, والشبهة -شبهة مشكلة الشر- باختصار: هي امتناع الجمع بين الإيمان بإله كامل الخيرية كامل القدرة كامل العلم من جهة ووجود الشر في عالمنا من جهة أخرى طبعًا الصيغة التي ظهرت وتنسب إلى ايبي كورس الفيلسوف اليوناني الشهير نقلها عنه بعض النصارى ثم أصبحت تنسب إليه وفي الحقيقة ايبي كورس له رسالة كتبها واضح فيها أنه يصرّح بالإيمان بالله الكامل أو الإيمان بالآلهة الكاملة ففي الحقيقة إن صحت نسبة هذه الشبهة لايبي كورس كما يقول بعض النقاد فإنه كان يعرض الشبهة وما كان يدافع عنها, كان فقط يستظهرها للجواب عنها.
هذه الشبهة كما قلت عنصر أساسي في المشروع الإلحادي خاصة في الإلحاد الفلسفي؛ طبعًا هناك إلحاد فلسفي و إلحاد كلاسيكي آن فني فلو قبل أن يعود إلى الإيمان وجيماكي وويليام رو وغيرهم.
وهناك الإلحاد العلمي أو الإلحاد الجديد وهو إلحاد غاية في السذاجة المعرفية -وهذا باب آخر للحديث- يقوم عليه ريتشاد دوكنز و سان هارس وكريستوفر هتشنس وغيره من الرموز وهؤلاء معرفتهم بالجدل الفلسفي عامتهم ضعيفة للغاية واعتراضاتهم قديمة خاصة ريتشاد دوكنز الذي كتب في التعليق عليه صاحب كتاب [كون من لا شيء] كتب فيه الفيلسوف الكاثوليكي الأمريكي قولوا له أن يخرس فضلاً.
النقطة الثالثة: مسألة أن أفضل طريقة للرد على جميع الشبهات الإلحادية ليست في النظر الأجوبة و إنما في تفكيك الشبهة نفسها وكشف فسادها في ذاتها؛ لأن هذه الشبهات جميعها إذا فسرتها تفسير صحيح ستنهار هذه الشبهة ضرورة؛ لأن هذه الشبهة فسادها داخلها, وسبب ذلك في الأغلب أن هناك خلل مزمن في نظرية المعرفة عند الملاحدة, الملاحدة في الأساس يتبنون النظرية الطبيعانية لكنهم بعد ذلك يقدمون اعتراضات تتعارض مع هذه المقدمة ولهم الكثير من المبادئ التي يعتقدونها تتعارض مع مضمون الأسئلة, والأسئلة تكون في كثير من الأحيان متعارضة داخليًا بالإضافة إلى طابع الكبر وطابع العجلة والسطحية في كتابات الملاحدة كل ذلك يؤول في الآخر إلى أن تكتشف أنك أحيانًا تقرأ لفيلسوف كبير جدًا لكنه عندما يريد أن يستدل لإلحاده يقول كلام فارغ مثلا " برلتون " فيلسوف كبير لكنه يقول عمدته في الإيمان بالله اعتراض "من خلق الله ؟" طبعًا هذا من أسخف الاعتراضات, دوكنز مثلا زعيم الملاحدة اليوم اعتراضه نفس القصة يقول :"إذا كان لا بد لكل شيء من خالق فمن خلق الله ؟ فإن قلنا أن الله هو الخالق فهذا قول بزعمه قول فاسد لأن الله أعظم تعقيدًا من العالم وتفسير الأثر لا بد أن يكون أقل تعقيدًا من الجواب " وهذا كلام غاية الفساد ورددت عليه تفصيلاً في كتاب [ فمن خلق الله ] .
تجد من كبار الفلاسفة اليوم الملاحدة من يقيم اعتراضه الإلحادي على القول أنه لا يوجد عقل يجب أن لا نصدق العقل, طيب أنت تستدل بالعقل لترد العقل, سام هارس يكتب فيقول " أهم حقيقة لا بد أن يعلمه الناس أنه لا توجد حرية إرادة " ويدعون أن نعتقد باعتقاده ونسلك طريقه ونؤمن بقوله يدعو إرادتنا بأن تتابع قوله أنه لا إرادة وهذا تناقض طبعًا, إذا كانت لا توجد إرادة حرة فيعني ذلك أن ما تفعله أنت في كتابك لا معنى له لأننا مسيرين بأثر ال DNAالراقص الذي يحكمنا على حد تعبير ريتشارد دوكنز.
رابعًا : الأسئلة التي سيبقى يشاكس بها الملحد بعد ذلك ثم في الآخر ملخص الكتاب في نقاط صغيرة تحاول أن تلم شتات هذا الموضوع المتبعثر لكثرة تفاصيله .
تنبيهات أخيرة في ما يتعلق بهذا الكتاب:
ا- الكتاب هذا قطعة واحدة بمعنى إذا قرأت جزءًا منه فأنت تظلم الكتاب. حتى تنصف الكتاب وتعرف قيمة طرحه مهما كان تقويمك لهذا الكتاب فلا بد أن تقرأ الكتاب كاملاً لأن الموضوع حقيقة متداخلة عناصره فلا يمكن أن يُحكم عليه بقراءة بعضه؛ لأنه يقدم صورة نسقية جواب نسقي وليس أجوبة فرعية عن مشاكسات من هنا وهناك.
2-بعض القراء لاحظت أنهم ربما رأوا في الكتاب شيء من التكرار وفي الحقيقة فيما يبدو لي هو ليس تكرار لماذا ؟ لأن المؤلف عندما ألف هذا الكتاب كان يستحضر في ذهنه اعتراضات الملاحدة وأحيانا لا يصرح بها بطريقة مباشرة بتفصيل ربما يشتت هذا ذهن القارئ وإنما يستعرض السؤال بصيغة مبسطة ثم يجيب عنها فأحيانًا يتصور القارئ الذي لم يتابع الجدل الفلسفي الإلحادي في الغرب يتصور أنه مكرر لا هناك فارق بين النقطة والنقطة السابقة لكن تداخل عناصر هذا الموضوع يجعل جزء من الموضوع يتكرر ولكن هو ليس نفس السؤال وإنما إذا قارنت ستكتشف أن هناك فارق بين الشر الأخلاقي والشر الطبيعي هناك فارق و هناك من يسلم يقول نعم هناك شر أخلاقي أنا أسلم أن حرية الإرادة تجعل من المعقول أن يسمح الرب سبحانه للشر أن يوجد, لكن سيقول لك أنا عندي اعتراض على الشر الطبيعي هذه مختلفة, فالعناصر قد تبدو متقاربة لكن هي بينها اختلاف وتحتاج التركيز دائمًا حتى لا تعطي فرصة للمخالف أن يقول لك أنت لم تجب على هذه الجزئية لأن أهم اعتراض في هذا الباب هو أن يقال لمن يقدم الجواب أنت لم تقدم جوابًا على هذه الجزئية فتحتاج أن تقدم أسئلة متقاربة لكنها ليست متطابقة.
هذا حديثي إجمالاً في هذا الكتاب وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا أجره وأن يرزقنا الإخلاص والإنسان يستفيد من غيره وهذا الكتاب هو حصيلة قراءة وليس حصيلة تفكير مجرد سواءًا من علمائنا أو علماء العالم الإسلامي شيخ الإسلام ابن تيمية ابن القيم الغزالي وغيرهم وغيرهم من الكتاب الغربيين لتقديم صورة كاملة وهذه مساهمة في هذا الباب وليست بناء من فراغ هذه لبنة جديدة نقدمها للمكتبة الإسلامية أسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا السداد والإخلاص.
[1]وقد تم بحمد الله إصدار النسخة المطبوعة وتداولها
مقدمة الكتاب
بصوت المؤلف
8400:00
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه كلمة سريعة و مختصرة ومختزلة من مؤلف كتاب [مشكلة الشر و وجود الله]
هذا الكتاب بدءاً في الحقيقة هو بحمد الله من أنجح ما كتبت إلى الآن أسأل الله أن يبارك في جهد الجميع هو وكتاب [الحجاب شريعة الله في الإسلام واليهودية والنصرانية] هذا الكتاب أيضاً كان له رواج جيد بعد ظهور فتنة اعتراض النصارى والمنصرين على شريعة الحجاب في الإسلام والكتاب موجود على النت وسيُطرح قريبًا إن شاء الله من خلال مركز تكوين[1].
الكاتب في الحقيقة قد يقدر أمورًا ويرتب أولويات و لا يدري يكون قبول القراء لما يكتب, يعني كتابي [هل اقتبس القرآن الكريم من كتب اليهود والنصارى] أنا كنت أرجو أن يكون هذا الكتاب هو أكثر الكتب رواجًا لكن الكتاب كان ربما أقرب لكتاب تخصصي.
على كل حال الكتاب استغرق مني قراءات واسعة لتناول هذا الموضوع, والسبب أن هذا الموضوع في حدود ما قرأت طبعًا, لم يتم تناوله في المكتبة العربية في صيغة السؤال العصرية كما تظهر في كتابات جيماكي وغيره من ملاحدة العصر. أيضًا لم أجد كتابًا مؤلفًا في المكتبة الغربية يستوعب هذا الكتاب على صورة أرضاها خاصة مع مقدماتنا كمسلمين ومقدمات النصارى أو الألوهيين الغربيين بصورة عامة. وكان طبعًا التحدي الأكبر في هذا الكتاب هو أمر تحديد الأسئلة, تفكيك السؤال الأكبر لأسئلة أصغر sub questions" أسئلة دنيا تحت الأسئلة الكبرى" لأنك إذا حددت الأسئلة ستتمكن بعد ذلك من رسم طريق النظر وإذا لم تُحسن تحديد الأسئلة وتفكيك السؤال الأكبر إلى أسئلة صغرى سينتهي الباحث إلى طرح غافل عن الكثير من الأسئلة خاصة في هذا الموضوع بالذات لأن هذه الأسئلة متشابكة بشكل مزعج جدًا, ففك هذه الأسئلة وإعادة رسم الموضوع من جديد أمر أساسي لتناول هذا الشبهة؛ لأن الاعتراض الأساسي الذي يواجه من يرد على هذه الشبهة أن يقال له أنت لم ترد على هذه الجزئية, أنت لم ترد على تلك المسألة, فتحتاج أن ترسم العناصر والخيوط الدقيقة لهذا السؤال ثم بعد ذلك تحدد لنفسك الطريق ثم تبدأ بكتابة هذا الأمر, ولذلك كان الكتاب في صورته الأولى مختلف بصورة كبيرة جدًا عن صورته التي طُبع بها؛ لأنه بقي معي الأمر في مصارعة الكشف عن الأسئلة المتخفية بين السطور والتي يستظهرها بصورة متكررة الملاحدة.
عملي الأساسي في التأليف واهتمامي العلمي في باب مقارنة الأديان والمذاهب المعاصرة و في الفلسفات والمذاهب الفكرية الكبرى, لكن تركيزي الأساسي على مسألة الأديان
لما طرحنا هذا الأمر في مبادرة البحث العلمي في مقارنة الأديان في مؤسستنا كان القرار هو أن يتم حصر الأسئلة الكبرى للإلحاد ثم تأليف كتاب في كل سؤال على حدة, فوجدنا أن هناك سؤال : كيف نجمع بين وجود الشر ووجود الإله الكامل؟ هذا باب يحتاج كتاب ، قضية الاعتراض الكلاسيكي الإلحادي: إذا كان لكل شيء خالق فمن خلق الله " طبعًا السؤال نفسه غلط " نحن لا نقول لكل شيء خالق بل نقول لكل حادث خالق أو لكل أثر سبب, وهذا أيضًا صدر فيه كتاب ، قضية الداروينية هذا موضوع أيضًا ، قضية العلموية مسألة أن العلم هو الطريق الوحيد للمعرفة أو الطريق المتسلط على بقية الطرق الأخرى للمعرفة وهذه فتنة العلم في هذه الأيام خاصة مع تيار الإلحاد الجديد وهناك كتاب تحت الإعداد ، أيضًا لماذا يكتب أو يأمر الرب عباده أن يعبدوه ؟ سيقول الملحد أليس الطلب قرين الحاجة -تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا- هذا سؤال وقد صدر فيه كتيب ضمن السلسلة من مركز تكوين، وهناك سؤال: هل الإلحاد شيء ممكن؟ وهذا كتاب تحت الإعداد أيضًا وهذا موضوع مفاجئ لأن الإلحاد شيء غير ممكن أصلاً فالإنسان حينما يعرف الإلحاد سوف يوقن أنه ليس هناك سبيل لأن يلحد الإنسان, هذه القضية في نظرية المعرفة ولا تتعلق بقوة أدلة الإيمان وإنما الإلحاد غير ممكن في ذاته. وهناك سؤال آخر وقضية أساسية لا بد أن تُتناول وسيصدر فيها كتاب بإذن الله وهي قضية حقيقة الإلحاد وعندما يكتشف الإنسان حقيقة الإلحاد سيصاب بالفزع لأن تقريبًا كل الملاحدة لا يعرفون ما الإلحاد لذلك وظيفتنا دعويًا أن نعرّف الناس ما معنى الإلحاد؟ لوزام الإلحاد أي ما الذي يلزم للإلحاد؟ أن يكون لا عقل لا أخلاق لا جمال... أشياء الملحد نفسه يرفضها فكيف يجمع الملحد هذه الأضغاث المتشاكسة في عقله؟! وهناك موضوع آخر في هذه السلسة وهو أمر غياب الأدلة الإيجابية على وجود الله وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول لك أنتم إيمانويين fatheistفلا تأخذون دينكم بقناعة عقلية أو ببراهين فهي قضية تسليم قلبي دون برهان,وهذا الأمر فيه تفصيل وسيصدر فيه كتابين الكتاب الأول في وجود الله سبحانه وتعالى ووحدانيته والكتاب الثاني بعنوان محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أدلة أوبراهين النبوة , مجموع الكتابين 1200 أو 1300 صفحة في تفصيل بيان براهين أدلة الإيمان والرد على أهم الاعتراضات.
نعود إلى كتاب [مشكلة الشر] أردت أن أعرفكم أن هذا الكتاب هو جزء من مشروع كامل يتضمن الأجوبة على أهم الأسئلة الإلحادية حتى نوفي للأمر حقه من النظر, الكتاب هو أول كتاب في السلسلة لأن هذا الاعتراض هو أهم اعتراض إلحادي في دائرة المثقفين وكثير من العوام في الغرب يعني هو رقم واحد في الكتب الإلحادية حتى أن هناك كثيرًا من الملاحدة إذا تكون لهم مناظرات مع المؤلّهة مع الذين يؤمنون بالله سواءً كانوا نصارى أو يهود أو مسلمين أحيانًا يكون العنوان حول وجود الله سبحانه وتعالى والمؤمن يستظهر كثير من الأدلة والملحد في أحيان كثيرة يستظهر دليل واحد وهو اعتراض مشكلة الشر فهي العنصر الأساسي والرقم واحد في المشروع الإلحادي. فكرتي الشخصية وفكرتنا في المبادرة إذا أردنا أن نرد على الإلحاد فإننا نرد على الإلحاد الغربي لأنه هو الذي يمثل الأصل أما الإلحاد في العالم العربي فهو ذل مشوه ومن الخطأ أن يقيم الإنسان مشروع فكري في التأليف بالرد على ملاحدة العرب بل نرد على السادة والأساتذة الذين يتعلم منهم أتباعهم في العالم العربي أما على مستوى الدعوة العملية في الأرض فالإنسان يتعامل مع الشبهات كما هي سائرة في العالم العربي لكن على مستوى التأصيل الفكري والعمل الفكري فأنا أعتقد أنه لا سبيل لمناقشة ملاحدة العرب لأنه يكثر فيهم الجهل والبذاءة وهذا ما يجعل الحوار معهم فكريًا أشبه بمضيعة الوقت وإن كنا مطالبين بدعوتهم بدعوة أعيانهم ولكن هذا باب آخر من أبواب الدعوة.
الإنسان إذا رد في المكتبة الغربية على مشكلة الشر وقضية الداروينية فسيكون قد على 99% من المشروع الإلحادي وجميع ما يأتي بعد ذلك تقريبًا مجرد هوامش أو تفاصيل زائدة.
تلخيص الكاتب :
في الحقيقة تلخيص هذا الكتاب صعب جدًا وسبب ذلك أن الكتاب مختصر أصلاً وحاولت أن لا أفيض فيه وأن أتحدث عن أهم عناصره فتلخيص الملخص أمر مشكل جدًا لكن على كل حال الأخت إلهام لها تلخيص للكتاب ربما أرسلته إليكم وهناك تلخيص آخر للكتاب صوتي أيضًا تلخيص جيد لعله وصلكم رابطه على اليوتيوب وهو تلخيص جيد وهناك أيضا مجموعة فيديوهات سلسلة للأستاذ محمد شاهين في شرح مادة الكتاب وتبسيطها ولذلك سأكتفي في الحقيقة بمجموعة نقاط في شأن مادة الكتاب :
أولا : اهتم الكتاب بالتعريف بالشبهة, والشبهة -شبهة مشكلة الشر- باختصار: هي امتناع الجمع بين الإيمان بإله كامل الخيرية كامل القدرة كامل العلم من جهة ووجود الشر في عالمنا من جهة أخرى طبعًا الصيغة التي ظهرت وتنسب إلى ايبي كورس الفيلسوف اليوناني الشهير نقلها عنه بعض النصارى ثم أصبحت تنسب إليه وفي الحقيقة ايبي كورس له رسالة كتبها واضح فيها أنه يصرّح بالإيمان بالله الكامل أو الإيمان بالآلهة الكاملة ففي الحقيقة إن صحت نسبة هذه الشبهة لايبي كورس كما يقول بعض النقاد فإنه كان يعرض الشبهة وما كان يدافع عنها, كان فقط يستظهرها للجواب عنها.
هذه الشبهة كما قلت عنصر أساسي في المشروع الإلحادي خاصة في الإلحاد الفلسفي؛ طبعًا هناك إلحاد فلسفي و إلحاد كلاسيكي آن فني فلو قبل أن يعود إلى الإيمان وجيماكي وويليام رو وغيرهم.
وهناك الإلحاد العلمي أو الإلحاد الجديد وهو إلحاد غاية في السذاجة المعرفية -وهذا باب آخر للحديث- يقوم عليه ريتشاد دوكنز و سان هارس وكريستوفر هتشنس وغيره من الرموز وهؤلاء معرفتهم بالجدل الفلسفي عامتهم ضعيفة للغاية واعتراضاتهم قديمة خاصة ريتشاد دوكنز الذي كتب في التعليق عليه صاحب كتاب [كون من لا شيء] كتب فيه الفيلسوف الكاثوليكي الأمريكي قولوا له أن يخرس فضلاً.
النقطة الثالثة: مسألة أن أفضل طريقة للرد على جميع الشبهات الإلحادية ليست في النظر الأجوبة و إنما في تفكيك الشبهة نفسها وكشف فسادها في ذاتها؛ لأن هذه الشبهات جميعها إذا فسرتها تفسير صحيح ستنهار هذه الشبهة ضرورة؛ لأن هذه الشبهة فسادها داخلها, وسبب ذلك في الأغلب أن هناك خلل مزمن في نظرية المعرفة عند الملاحدة, الملاحدة في الأساس يتبنون النظرية الطبيعانية لكنهم بعد ذلك يقدمون اعتراضات تتعارض مع هذه المقدمة ولهم الكثير من المبادئ التي يعتقدونها تتعارض مع مضمون الأسئلة, والأسئلة تكون في كثير من الأحيان متعارضة داخليًا بالإضافة إلى طابع الكبر وطابع العجلة والسطحية في كتابات الملاحدة كل ذلك يؤول في الآخر إلى أن تكتشف أنك أحيانًا تقرأ لفيلسوف كبير جدًا لكنه عندما يريد أن يستدل لإلحاده يقول كلام فارغ مثلا " برلتون " فيلسوف كبير لكنه يقول عمدته في الإيمان بالله اعتراض "من خلق الله ؟" طبعًا هذا من أسخف الاعتراضات, دوكنز مثلا زعيم الملاحدة اليوم اعتراضه نفس القصة يقول :"إذا كان لا بد لكل شيء من خالق فمن خلق الله ؟ فإن قلنا أن الله هو الخالق فهذا قول بزعمه قول فاسد لأن الله أعظم تعقيدًا من العالم وتفسير الأثر لا بد أن يكون أقل تعقيدًا من الجواب " وهذا كلام غاية الفساد ورددت عليه تفصيلاً في كتاب [ فمن خلق الله ] .
تجد من كبار الفلاسفة اليوم الملاحدة من يقيم اعتراضه الإلحادي على القول أنه لا يوجد عقل يجب أن لا نصدق العقل, طيب أنت تستدل بالعقل لترد العقل, سام هارس يكتب فيقول " أهم حقيقة لا بد أن يعلمه الناس أنه لا توجد حرية إرادة " ويدعون أن نعتقد باعتقاده ونسلك طريقه ونؤمن بقوله يدعو إرادتنا بأن تتابع قوله أنه لا إرادة وهذا تناقض طبعًا, إذا كانت لا توجد إرادة حرة فيعني ذلك أن ما تفعله أنت في كتابك لا معنى له لأننا مسيرين بأثر ال DNAالراقص الذي يحكمنا على حد تعبير ريتشارد دوكنز.
رابعًا : الأسئلة التي سيبقى يشاكس بها الملحد بعد ذلك ثم في الآخر ملخص الكتاب في نقاط صغيرة تحاول أن تلم شتات هذا الموضوع المتبعثر لكثرة تفاصيله .
تنبيهات أخيرة في ما يتعلق بهذا الكتاب:
ا- الكتاب هذا قطعة واحدة بمعنى إذا قرأت جزءًا منه فأنت تظلم الكتاب. حتى تنصف الكتاب وتعرف قيمة طرحه مهما كان تقويمك لهذا الكتاب فلا بد أن تقرأ الكتاب كاملاً لأن الموضوع حقيقة متداخلة عناصره فلا يمكن أن يُحكم عليه بقراءة بعضه؛ لأنه يقدم صورة نسقية جواب نسقي وليس أجوبة فرعية عن مشاكسات من هنا وهناك.
2-بعض القراء لاحظت أنهم ربما رأوا في الكتاب شيء من التكرار وفي الحقيقة فيما يبدو لي هو ليس تكرار لماذا ؟ لأن المؤلف عندما ألف هذا الكتاب كان يستحضر في ذهنه اعتراضات الملاحدة وأحيانا لا يصرح بها بطريقة مباشرة بتفصيل ربما يشتت هذا ذهن القارئ وإنما يستعرض السؤال بصيغة مبسطة ثم يجيب عنها فأحيانًا يتصور القارئ الذي لم يتابع الجدل الفلسفي الإلحادي في الغرب يتصور أنه مكرر لا هناك فارق بين النقطة والنقطة السابقة لكن تداخل عناصر هذا الموضوع يجعل جزء من الموضوع يتكرر ولكن هو ليس نفس السؤال وإنما إذا قارنت ستكتشف أن هناك فارق بين الشر الأخلاقي والشر الطبيعي هناك فارق و هناك من يسلم يقول نعم هناك شر أخلاقي أنا أسلم أن حرية الإرادة تجعل من المعقول أن يسمح الرب سبحانه للشر أن يوجد, لكن سيقول لك أنا عندي اعتراض على الشر الطبيعي هذه مختلفة, فالعناصر قد تبدو متقاربة لكن هي بينها اختلاف وتحتاج التركيز دائمًا حتى لا تعطي فرصة للمخالف أن يقول لك أنت لم تجب على هذه الجزئية لأن أهم اعتراض في هذا الباب هو أن يقال لمن يقدم الجواب أنت لم تقدم جوابًا على هذه الجزئية فتحتاج أن تقدم أسئلة متقاربة لكنها ليست متطابقة.
هذا حديثي إجمالاً في هذا الكتاب وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا أجره وأن يرزقنا الإخلاص والإنسان يستفيد من غيره وهذا الكتاب هو حصيلة قراءة وليس حصيلة تفكير مجرد سواءًا من علمائنا أو علماء العالم الإسلامي شيخ الإسلام ابن تيمية ابن القيم الغزالي وغيرهم وغيرهم من الكتاب الغربيين لتقديم صورة كاملة وهذه مساهمة في هذا الباب وليست بناء من فراغ هذه لبنة جديدة نقدمها للمكتبة الإسلامية أسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا السداد والإخلاص.
[1]وقد تم بحمد الله إصدار النسخة المطبوعة وتداولها