‎⁨الأدلة العقلية النقلية على أصول الاعتقاد⁩

الأوراد/ الورد الرابع (٩٣-١١٧)

هذا ملخص يتضمن أهم النقاط الرئيسية والأفكار المهمة؛ لذا هو لا يغني عن الكتاب، صممناه لكم بشكل مريح يساعد على ترتيب المعلومة وفهمها

  • تعليق على الورد الرابع

    بصوت الكاتب

    16
    8
    00:00
    تحميل

المقدمة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد، فإن الأدلَّة الإلهيَّة تفُوقُ كل ما يُخيَّل إلى الإنسان من دلائل، وتمتاز بميزات تخفى على كثير من المسلمين اليوم، ثم هذه الأدلة تضمَّنت كثيرًا من الدلائل العقلية، ولما كانت إلهية المصدر فقد فاقت كل دليل بشري مهما كان أسلوبه أو وسيلته، وهو ما لا يُدركه كثير من طلبة العلم فضلًا عن عامَّة البشر، ويجهله كثيرٌ ممَّن يدَّعي أن الدِّين أسطوريُّ الولادة والنشأة، خرافيُّ الأدلَّة والمحتوى. وقد ارتفع في زمننا أصوات بعض هؤلاء ممَّن يدَّعي العقل، أو العقلنة، مدَّعين أن دين الإسلام لا مكان للعقل فيه، بل هو مهمَّشٌ موضوعٌ في قائمة المهملات إن لم يكن في سلَّة المحذوفات، ولكنَّ أصول دين الله ليست كذلك، بل هي قائمة على أدلَّة عقلية قوية برهانية متماسكة، يسلِّم بها كلُّ ذي لبِّ عقلها. ولهذا وذاك حاولنا في هذه الورقة إبراز سمات الأدلَّة الشرعية العقليَّة الحقَّة؛ لتتجلَّى خصائصها وتميُّزها عن كل دليل زائف، وتظهر قوة الإسلام في براهينه وحججه ومحتواه؛ ليزداد المؤمنين إيمانًا، وتتوق أفئدة البشر إلى تلك الحجج الإلهية. تمهيد: : يتَّسم الدين الإسلامي ويختصُّ عن غيره من الأديان بمنهجه المعرفيِّ المتكامل، فهو يعتمد الحسَّ والعقل جميعًا كوسائل للمعرفة، ويعتمد كل المصادر المعرفيَّة سواءً البصرية كالكون المشاهد، أو السمعيَّة كالوحي المنزَّل على نبي الإسلام، وهو لا يفتأ ينبه العقول ويدعو إلى إعمالها ليتبيَّن الحقّ ونصوص الإسلام مليئة بالأدلة العقلية الرصينة القويَّة المقنعة والواضحة والموجزة في آن، مما يجعلها مكتفية بذاتها في الاستدلال العقلي، ومستغنية عن غيرها من الأديان والأفكار في هذا الباب، وهذا يكمن في اتصافها واختصاصها بسِمات لم تكن لغيرها من الأدلة العقلية، وهنا نسرد أهم تلك السِّمات: 1- إلهية المصدر كثيرة تلك المحاولات للإنسان الشغوف بالإبداع والتجديد أن يأتي بأدلة عقلية برهانية، ولكن مهمَا حاول ذلك فإنه سيبقى محصورًا في حدوده الزمَانية والمكانية، ومتأثرًا بظروفه وبيئته، ومتطبِّعًا بألفاظه ولغته وأفكاره، ولكن الأدلة الشَّرعيَّة العَقليَّة أدلةٌ متعالية على كل زمان ومكان، وعلى كل بيئة ومحيط، ومتناسبة مع كل الظروف والأحوال، ليس لشيء إلا لأنها منزَّلة من عند الله ربِّ الأكوان وخالق الزمان والمكان، وخالق الإنسان وعقل الإنسان، فالله سبحانه وتعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11]، فأنَّى يكون للأدلة العَقليَّة التي أنزلها سبحانه وتعالى مِثلٌ أو ندٌّ أو نظير؟!! حاشا وكلا. 2- متناسقة مع الفطرة البشرية خلَقَ الله الإنسان وفَطَره على ما يتلاءم مع الغاية التي خلق لها وهي العبادة، ثم أنزل إليه الكتب السماوية ومنها القرآن لتدلَّه بأدلته الخبرية والعَقليَّة على تلك الغاية، فلا غرو حينئذٍ أن تتواءم الأدلة العَقليَّة الشَّرعيَّة مع الفطرة الإنسانية؛ إذ مصدر الأمرين واحد، فالذي خلق العقل والإنسان هو الذي أنزل الأدلة العَقليَّة الشَّرعيَّة سبحانه وتعالى، فأنَّى يتناقض خلقه وأمره؟! لذا يرشدنا الله سبحانه وتعالى إلى التمسُّك بكتابه مسائله ودلائله؛ لأنه موافقٌ لما فطرنَا عليه، يقول تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: 30]، وكثيرًا ما تُستدعى الفطرة في الاستدلال العقلي الشرعي؛ كالاستدلال على وجود الله تعالى بالمقدِّمات الفطرية أو الغرائز الفطرية كمبدأ السببية وغيرها. : 3- هاديةٌ إلى الحقِّ مرويةٌ للقلب الأدلة الشَّرعيَّة العَقليَّة فهي مرتبطة بالإيمان والخوف والعبادات القلبية برباطٍ غليظ، فهي تهدي الناظر فيها إلى طريق الحق وإلى الصراط المستقيم، وتجمع بين الحقيقة اليقينية والوجدانيات العاطفية، وهذا وجه من أوجه الإعجاز القرآني، فكلَّما ازداد المرءُ بها علمًا ازداد لله خشيةً، يقول تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}فاطر 27 ] 4- يقينية وبرهانية: تمتاز الأدلة الشَّرعيَّة العَقليَّة بكونها تمزج في خطابها اليقينيات مع الوجدانيات، وبتأثيرها على أهل الحسِّ المرهف وعلى أهل الحقائق والبراهين في آن، فهي تخاطب قوة التفكير في ذات الوقت الذي تخاطب فيه قوة الوجدان، وتلكم حاجتان من أهم حوائج النفس البشرية، يعسر على مهرَةِ البيان مزجُهما في مؤلفٍ واحد، وما هذا إلا صورةٌ من صور إعجاز القرآن الكريم؛ إذ هي قد بلغت الغاية في اليقينية والوجدانية معاً. فالأدلة الشَّرعيَّة العَقليَّة أدلةٌ يقينيةٌ قاطعةٌ لا ريب فيها ولا شك، وكيف لا تكون برهانية صادقة والله تعالى يقول: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} [النساء: 87]، أم كيف لا تكون يقينية حقة والله تعالى يقول عن القرآن: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 41، 42] وبرهانية الأدلة العَقليَّة الشَّرعيَّة كانت من أهم قضايا شيخ الإسلام ابن تيمية التي رسَّخها بطَود بَيانه، وناقش ونافح لتقريرها، ونثرها في كثيرٍ من كتبه، وردَّ على من نفى برهانية الأدلَّة الشرعيَّة، يقول رحمه الله: “والكتاب والسنة يدل بالإخبار تارة، ويدل بالتنبيه تارة، والإرشاد والبيان للأدلة العَقليَّة تارة، وخلاصة ما عند أرباب النظر العقلي في الإلهيات من الأدلة اليقينية والمعارف الإلهية قد جاء به الكتاب والسنة، مع زيادات وتكميلات لم يهتد إليها إلا من هداه الله بخطابه، فكان فيما جاء به الرسول من الأدلة العَقليَّة والمعارف اليقينية فوق ما في عقول جميع العقلاء من الأولين والآخرين. 5- واقعية: من سمات الأدلة الشَّرعيَّة العَقليَّة التي تفرَّدت بها أن مقدّماتها واقعية قريبة المآخذ، وعناصرها معروفة لكلِّ أحد، فمع كونها في أعلى درجات القوة واليقينية فهي أيضًا مركَّبة من أسهل المعارف الواقعية؛ إذ هي تركِّب مقدِّماتها ممَّا يعايشه الناس في حياتهم، وغالب عناصرها ملموسة لهم في معيشتهم، وهذا أجدى وأنفع للبشر، وأقرب سبيلًا في الوصول إلى النتائج. فتارة تجده يمثِّل بالليل وتارة بالنهار، وتارة بالسماء وتارة بالأرض، وتارة بالجبال وتارة بالنجوم، وتارة بالنكاح وتارة بالحدائق والزروع؛ ولذا كلما قرأت آيات القرآن وأدلته تجده يداخل خلجات قلبك، ويلامس واقعك، كأنه غضٌّ طريٌ للتو نزل من أجلك، فاقرأ قوله تعالى: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22) وأما إذا نظرنا إلى غيرها كالأدلَّة الفلسفية التي يصمُها أهلها بالعَقليَّة أو العقلانية، فهي أبعد ما تكون عن الواقعيَّة وأقربُ ما تكون إلى الألغاز والأحاجي، وهو ما نفَّر الناس عنها، وقلَّل من قيمتها لوعورة فهمها فضلًا عن تطبيقها أو الاستفادة منها. 6- مستلزمةٌ لمدلولها في الأذهان: أهمُّ سمة في الدليل الشرعي العقلي بل جوهره ومغزاه هو كونه موصلًا إلى المدلول بأقصر الطُّرق وأسرع الوسائل، فالغاية من الدليل هو بيان العلم وبيان الطرق المؤدية إليه والأدلة الشَّرعيَّة العَقليَّة تتسم بالدلالة المباشرة على مدلولاتها واستلزامها بمجرَّد تصورها؛ كاستلزام وجود إنسان عند سماع صوته من خلف الجدار، واستلزام وجود النار حين رؤية الدخان وهكذا، وهذا الاستلزام قد يكون فطريًّا كما في دليل السببية الذي يكثر استعماله في (وأشهر ما استُعمل في الدلالة على وجود الخالق سبحانه وتعالى بوجود مخلوقاته؛ كالسموات والأرض والشمس والقمر، يقول تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [العنكبوت: 61] 7- سهلة وواضحة: من استوعب السِّمات السابقة من واقعيةٍ وقوةِ تلازمٍ بين الدليل والمدلول علِمَ أن الوضوح والسهولة من أهمِّ سمات أدلة الشرع العَقليَّة، فهي سهلةُ الفهم قريبةُ المعاني مترابطة المقدمات والنتائج، يفهمها كل عاقلٍ قلَّ علمه أم كثر، وتتناول كل ذهن قوي فهمه أم ضعف. وذلك أن المقصود من هذه الأدلة الشَّرعيَّة الهدايةُ والإرشادُ إلى الحقِّ والعلم، لا مجرَّد إشغال الأذهان وإعمال الأفكار أو تسويد الصفحات، بل هي أدلةُ هدًى ورشاد موصلةٌ إلى الحق والإيمان منيرةٌ طريق اليقينِ والاطمئنان؛ ولهذا افتتح الله سبحانه وتعالى كتابه بقوله: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2] : -مؤثِّرة ومقنعة8 من أهم السِّمات التي يُحتاج إليها في الأدلة؛ التأثير والإقناع على من يُستدلُّ عليهم ويحاجُّون به، والقرآن قد نال حظَّه وافرًا من هذا السِّمة، فهي تختصُّ بقوَّة التأثير وقوة الإقناع على كلِّ من {كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37]، وكيف لا يكون كلام الله تعالى بهذه الصِّفة وقائِله هو العليم الخبير الذي {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11 هذا فيما أخبرنا الله تعالى به، وأما عن تأثير الأدلة الشرعية العقلية في الواقع والمشاهد، فيكفي أنها غيرت مجرى التاريخ ومعالم الحضارات والأمم في فترة وجيزة، ولنقصَّ عليك شيئاً من قصص القوم الذين تأثروا بأدلة الشرع العقلية وأذعنوا له بمجرَّد سماعهم: الأول/ قصَّة إبراهيم مع النمرود، فقد كابَر هذا الطاغية، وغرَّ الناس بقتله لهم، وادَّعى بأنه هو الذي يملك الإحياء والإماتة والتصرُّف في الكون، فأعرض إبراهيم عن هذه المسألة، وأتاه بمسألة أظهر وأبين في التصرُّف في الكون، ألا وهي طلوع الشمس من المشرق، وقال له إن كنت حقًّا تملك التصرُّف في الكون فـأت بالشمس من المغرب، فأُسكت الطاغية بهذه الحجة ولم يَحِرْ جوابًا، وهذا ما قصَّه الله تعالى علينا بقوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 258] الثاني/ قصة إسلام الحصين والد عمران رضي الله عنه:وذلك أن قريش حرَّضت الحصين أن يجادل النبي صلى الله عليه وسلم ففعل، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا حصين كم تعبد من إله؟ قال: سبعاً في الأرض وواحد في السماء قال: فإذا أصابك الضر فمن تدعو؟ قال: الذي في السماء قال: فإذا هلك المال فمن تدعو؟ قال: الذي في السماء قال: فيستجيب لك وحده وتشركهم معه؟ ...إلخ فلم يقم حتى أسلم. 9- مختصرة وموجزة: إيصال المعاني المرادة بأقلِّ قدر ممكن من الكلام دون إخلال في المعنى هو مِن أشرف العلوم والمهارات، وهذا ما يسمِّيه أهل البلاغة بالإيجاز والاختصار، وهذه سمةٌ من سمات الأدلة الشَّرعيَّة العَقليَّة، فغالبًا ما تقصُر ألفاظها على جوامع الكلم، وتحذف من الكلام ما كان حشوًا يُعلم مضمونه بحذفه، ولا ترهِق نفسها بذكر لوازم الكلام الفطرية الواضحة، وهذا هو مقتضى الفصاحة وبلوغ الشأو في البيان، وهل من بيان أكمل من البيان الإلهي؟! وبالمثال يتَّضح المقال: لنأخذ مثلًا بعض الأدلة العقلية التي يمكن الاحتجاج بها على اليهود وإلزامهم بالتسليم بالقرآن 1- أنكم تقرُّون بكتابكم المقدَّس؛ لأنه نزل من عند الله، والقرآن كذلك نزل من عند الله، فلم تفرِّقون بين المتماثلات؟!! 2- أنكم تدَّعون الإيمان بكتابكم المقدَّس، وهي تأمر أيضًا بالإيمان بالقرآن، وتذكر أوصافه وأوصاف النبي الذي جاء به عليه الصلاة والسلام، فلم تنكرونه؟!! قد أوجز الله كل هذه الحجج في عبارة مختصرة حيث يقول: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 91] 10 متنوعة ومتضافرة: تتفوَّق الأدلة الشَّرعيَّة العَقليَّة على غيرها بكونها أدلةً متنوِّعة؛ إذ هي لا تستدلُّ ولا تهتمُّ إلا بالقضايا العظيمة المهمَّة، وكلَّما كان الأمر أعظم وأهمَّ كلَّما كثرت أسماءه وتنوَّعت أدلته وذاعت أوصافه، وإلى جانب هذا التنوُّع في الأدلة فإنها في الوقت نفسه متضافرة يقوِّي بعضها بعضًا، لا متنافرة ينقض بعضها بعضًا، وهذا التنوُّع والتضافر هو ما أخبر عنه ربنا جل وعلا بقوله: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [فصلت: 53] وفي هذا يقول ابن تيمية رحمه الله: “فإن المطلوب كلما كان الناس إلى معرفته أحوج يسر الله على عقول الناس معرفة أدلته، فأدلة إثبات الصانع وتوحيده وأعلام النبوة وأدلتها كثيرة جدًّا، وطرق الناس في معرفتها كثيرة، وكثير من الطرق لا يحتاج إليه أكثر الناس، وإنما يحتاج إليه من لم يعرف غيره أو من أعرض عن غيره. بتصرف/ مقالات علمية ( مركز سلف للبحوث والدراسات) النبأ العظيم محمد عبدالله دراز/ 148 الرد على المنطقيين/ ابن تيمية/ 162 الإتقان في علوم القرآن /السيوطي/ (4/ 60) مجموع الفتاوى لابن تيمية/(3/296)

لا يوجد مناقشات

(إن من أعظم ماتتميز به البراهين القرآنية، عن دلائل المتكلمين والفلاسفة: ارتباطها الوثيق بالله تعالى، خشيةً وتعظيماً وإجلالاً. ووصولها بنفس المُستدل إلى الخضوع لمدلولها، والذل والانكسار بين يدي مُنزلها)
ص/ 93
الأدلة العقلية النقلية على أصول الاعتقاد.
د. سعود العريفي
(مما تميزت به الأدلة العقلية القرآنية عن القياس المنطقي ، أنها تربط الناظر المستدل بمطلوبه مباشرة من غير تطويل بذكر المقدمات ، كما أنها توصله إلى عين المطلوب ، بخلاف الطريقة المنطقية التي إنما تدل على أمر كلي، يشترك فيه المطلوب مع غيره.)
ص/103
الأدلة العقلية النقلية على أصول الاعتقاد.
د. سعود العريفي.
لا يوجد استفسارات