الإنسان الكامل في الفكر الصوفي - عرض ونقد -

الأوراد/ الورد الثالث عشر (٣٩٨ - ٤٣٧)

هذا ملخص يتضمن أهم النقاط الرئيسية والأفكار المهمة؛ لذا هو لا يغني عن الكتاب، صممناه لكم بشكل مريح يساعد على ترتيب المعلومة وفهمها

  • بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد، فهذا تعليق ثانٍ على الفصل السادس ونخصّ الكلام على قضية الأُنس. الأُنس ضد التوحش أو الوحشة، إذا أنس الشيء بالشيء معناه اطمئنّ له وارتاح له وطرِب له وفرح به، والأُنس من العبد بالله سبحانه وتعالى واقع بمعنى الاطمئنان {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب} بمعنى الحياة الطيبة مع الله وبمعنى ألا يجزع ولا يستوحش إذا انفرد عن الناس واعتزلهم، فيكون أنسه فرحه بالله سبحانه وتعالى فلا يمل ولا يكلّ من هذه العلاقة مع الله سبحانه وتعالى بل يستوحش إذا اختلط بالناس بقدر ما، يعني حاله مع الله عزّ وجل أحسن إلى نفسه من حاله مع الناس، مع أنه في السُّنة أنه لا ينبغي أن ينعزل عن الناس ولو كان يأنس بالله سبحانه وتعالى لأن عليه مهمات، إما تعلمًّا أو تعليمًا او قيامًا بالحقوق والواجبات، أو إعانة ونحو ذلك، ولا يتأتى ذلك إلا بالاختلاط بالناس. لكن مع ذلك فأحلى ساعاته مع الله سبحانه وتعالى، ومثل هذا لا يُبالي لو مكث أيامًا واعتكف في المسجد وجلس أيامًا لوحده يذكر الله سبحانه وتعالى، لا يبالي فهذا أنسه، ولذلك شُرع الاعتكاف فهو نوع من الانفراد والكون مع الله سبحانه وتعالى. في هذا الأنس فرح وسرور واطمئنان القلب ولذته ولا أكثر من هذا، الهيبة حاضرة والحشمة حاضرة، معرفة مقام الربّ وتعظيمه حاضرة حتى مع هذا الأنس، فهذا الأنس لا يحمل على زوال الحشمة والهيبة والتعظيم والإجلال لله سبحانه وتعالى، وما كان من بعض الأنبياء من مواقف استدلّ بها الصوفية على معانٍ غالية في الأنس، استدلال خاطئ، فإنهم ذهبوا بالأنس إلى معنى فيه ارتفاع الحشمة وارتفاع الهيبة والتعظيم والإجلال، ويكون الآنِس بربه في هذا المقام وكأنه يُحادث ويأنس بمخلوق مثله، فإنه لا يحترز من كلامه ولا من فِعاله، ويقولون هذا ويصرحون بهذا كما هو موجود في هذا الكتاب. كما ينقلون عن الجنيد انه في هذا المقام يقول العبد: بحقي عليك، بجاهي عندك. وهؤلاء هم المدلّون على الله، المستأنسون به، جلساء ورفع الحشمة بينهم وزالت الوحشة، فهم يتكلمون بأشياء عند العامة كفر بالله لما قد علموا أن الله يحبهم، وأن لهم جاه ومنزلة، هكذا يقول، يعني يصل إلى أن الصوفي يظن بأنسه هذا أنه يباح له أن يتكلم بكلمة الكفر. ومثال ذلك كأن يقول أبو يزيد البسطامي والحلاج والشبلي وغيرهم "أنا الله، ما في الجبّة إلا الله". هذا المعنى هو أثر من آثار الأنس عندهم، بمعنى أن هذا المعنى الأُنسي عند الصوفية يذهب بهم إلى شيء من الرعونة وشيء من الميعان وعدم التحرز في الكلام والفِعال، هذا المعنى خارج عن الحد المعقول والمنطقي، واستدلالهم بنصوص في هذا، أن موسى عليه السلام مثلًا أعتبَ ربه تعالى فقال {أتهلكنا بما فعل السفهاء منّا} أو أنه ألقى الألواح ونحو ذلك، وقوله {فأرسِل إلى هارون} كأنه أمر من موسى لربه. هذه استدلالات خاطئة فإنها لا تُحمل على هذا المعنى الذي أراده هؤلاء من الأنس، وإنما هو دعاء {فأرسِل إلى هارون} دعاء، طلب وتضرع إلى الله سبحانه وتعالى، وكذلك {أتهلكنا} تضرع يعني لا تهكلنا بما فعل السفهاء منا. ونحو ذلك من الأنبياء الآخرين {فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط} ليس جدال صاحب لصاحبه وندٍّ لنده وإنما يعرض حجته ورأيه وقوله على ربّ العالمين في هذا مع حفظ المقام والهيبة والإجلال. فاستدلالهم بمثل هذا خطأ لأن هؤلاء الأنبياء لم يصلوا إلى أن يقولوا كلمة الكفر ولم يصلوا إلى الرعونة ولم يصلوا إلى ما وصل إليه المتصوفة بدعوى الأنس، إنما حمل هؤلاء لأن يتكلموا بمثل هذه الكلمات الخارجة عن حدود الأدب مع الله سبحانه وتعالى هو أصل الفكرة في علاقة العبد بالله، فإنها تقوم في دعواهم على العشق، وإذا صار علاقة عاشق مع معشوق ارتفعت الحشمة، وصار العاشق يتكلم بما هو خارج عن قانون حدود الأدب، هذا معلوم، هذا قانون العشق، فلا يحترز ولا ينتبه ولا يحذر اتكالًا وميانة واطمئنانًا إلى قبول هذا المعشوق لكلامه، تعالى الله عز وجل أن يكون معشوقًا، لكن هم ينزّلون معاني العشق على الله سبحانه وتعالى وكلامهم في هذا معلوم معروف. ثم أيضًا مما يحملهم على مثل هذا المسلك قولهم بأن الولي يمكن أن يعرف ولايته، وقد نصّ على هذا القشيري وغيره، يعلم أنه ولي ويعلم أنه كذلك مأمون العاقبة، فدخل في نوع من الاطمئنان إلى عاقبته وحاله ونهايته وأنه لن يتغير أبدًا، وأنزلوا على هذا معنى قوله عليه الصلاة والسلام: "إن الله اطّلع على اهل بدر فقال افعلوا ما شئتم قد غفرتُ لكم" لكن هؤلاء الذين قال لهم الربّ اعملوا ما شئتهم لم يفعلوا كفرًا ولم يدخلوا في رعونة ولا ميعان، بل كانوا ملتزمين الأدب مع الله والخشية والهيبة والوقار وحفظ المقامات، فإنهم لم يفعلوا فعل الصوفية وما فهموا منع كونهم أولياء لله سبحانه وتعالى أن يُزيلوا ما بينهم وبين الله عزّ وجل من التعظيم. فهذا الصوفي عندما أعتقد أنه ولي وعرف أنه ولي كما يقولون وأنه مأمون العاقبة ساح وبدأ يتكلم بكلام خارج عن الأدب، وإذا رجعنا إلى أصل الفكرة أن الإنسان يرى نفسه في آخر الأمر كاملًا متلبسًا بالأوصاف الإلهية والصفات الإلهية ما الذي يمنعه أن يبالغ في معنى الانس ويدخل فيما لا يحلّ له من كلام خارج عن الحد الذي ينبغي عليه أن تكون العلاقة ما بين العبد وبين الربّ سبحانه وتعالى؟ فإذاً الفكر الصوفي وأصول الفكر الصوفي يوقع في هذا، يحمل على الغلو في معاني الأنس والخروج إلى معنى آخر غير الأنس، إلى التذلل إلى التبسّط والانبساط الخارج عن المعنى الشرعي، وهذا أمر طبيعي لأن الأصول تُتنج مثل هذه الثمرات أو هذه الفروع، بينما أصول الإسلام وأصول أهل السنة والجماعة لا يمكن أن يُقرّ معنى العشق بين العبد والرب، ولا يمكن أن يقرّ أن الإنسان يعرف عن نفسه أنه ولي، فضلًا أن يظن أنه مأمون العاقبة، بل لا يزال الإنسان يخشى على نفسه التقلب كما قال ابن أبي مليكة ورواه البخاري في صحيحه: "أدركت ثلاثين من أصحاب رسول الله صلّ الله عليه وسلم كلهم يخشى على نفسه النفاق ما منهم من أحد يقول "أنا على إيمان جبرائيل وميكائيل"". وكذلك أصول أهل السنة وأصول الإسلام لا يمكن أبدًا أن يكون فيها فكرة أن الإنسان يكتسب الصفات الإلهية ويتحد بالذات الإلهية ويكون إلهيًّ الأصل والجذر بحيث يكون إنسانًا كاملًا على المعنى الصوفي، هذا المعنى منتفي تمامًا ولا يطرقه مسلم أصلًا ولا سنيّ أصلًا ومن ثَمَّ لا يمكن أن يتصل بالمعنى الصوفي والآثار الصوفية لأنه مختلف تمامًا في انطلاقاته وفي أصوله عن هذا الفكر مما يُثبت ان هذا الفكر حقيقة هو بعيد تمامًا عن الإسلام. وفق الله الجميع والحمد لله.
    تعليق على الورد الثالث عشر

    بصوت الكاتب

    1
    3
    00:00
    تحميل
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد،
فهذا تعليق ثانٍ على الفصل السادس ونخصّ الكلام على قضية الأُنس.
الأُنس ضد التوحش أو الوحشة، إذا أنس الشيء بالشيء معناه اطمئنّ له وارتاح له وطرِب له وفرح به، والأُنس من العبد بالله سبحانه وتعالى واقع بمعنى الاطمئنان {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}
بمعنى الحياة الطيبة مع الله وبمعنى ألا يجزع ولا يستوحش إذا انفرد عن الناس واعتزلهم، فيكون أنسه فرحه بالله سبحانه وتعالى فلا يمل ولا يكلّ من هذه العلاقة مع الله سبحانه وتعالى بل يستوحش إذا اختلط بالناس بقدر ما، يعني حاله مع الله عزّ وجل أحسن إلى نفسه من حاله مع الناس، مع أنه في السُّنة أنه لا ينبغي أن ينعزل عن الناس ولو كان يأنس بالله سبحانه وتعالى لأن عليه مهمات، إما تعلمًّا أو تعليمًا او قيامًا بالحقوق والواجبات، أو إعانة ونحو ذلك، ولا يتأتى ذلك إلا بالاختلاط بالناس.
لكن مع ذلك فأحلى ساعاته مع الله سبحانه وتعالى، ومثل هذا لا يُبالي لو مكث أيامًا واعتكف في المسجد وجلس أيامًا لوحده يذكر الله سبحانه وتعالى، لا يبالي فهذا أنسه، ولذلك شُرع الاعتكاف فهو نوع من الانفراد والكون مع الله سبحانه وتعالى.
في هذا الأنس فرح وسرور واطمئنان القلب ولذته ولا أكثر من هذا، الهيبة حاضرة والحشمة حاضرة، معرفة مقام الربّ وتعظيمه حاضرة حتى مع هذا الأنس، فهذا الأنس لا يحمل على زوال الحشمة والهيبة والتعظيم والإجلال لله سبحانه وتعالى، وما كان من بعض الأنبياء من مواقف استدلّ بها الصوفية على معانٍ غالية في الأنس، استدلال خاطئ، فإنهم ذهبوا بالأنس إلى معنى فيه ارتفاع الحشمة وارتفاع الهيبة والتعظيم والإجلال، ويكون الآنِس بربه في هذا المقام وكأنه يُحادث ويأنس بمخلوق مثله، فإنه لا يحترز من كلامه ولا من فِعاله، ويقولون هذا ويصرحون بهذا كما هو موجود في هذا الكتاب.
كما ينقلون عن الجنيد انه في هذا المقام يقول العبد: بحقي عليك، بجاهي عندك. وهؤلاء هم المدلّون على الله، المستأنسون به، جلساء ورفع الحشمة بينهم وزالت الوحشة، فهم يتكلمون بأشياء عند العامة كفر بالله لما قد علموا أن الله يحبهم، وأن لهم جاه ومنزلة، هكذا يقول، يعني يصل إلى أن الصوفي يظن بأنسه هذا أنه يباح له أن يتكلم بكلمة الكفر.
ومثال ذلك كأن يقول أبو يزيد البسطامي والحلاج والشبلي وغيرهم "أنا الله، ما في الجبّة إلا الله".
هذا المعنى هو أثر من آثار الأنس عندهم، بمعنى أن هذا المعنى الأُنسي عند الصوفية يذهب بهم إلى شيء من الرعونة وشيء من الميعان وعدم التحرز في الكلام والفِعال، هذا المعنى خارج عن الحد المعقول والمنطقي، واستدلالهم بنصوص في هذا، أن موسى عليه السلام مثلًا أعتبَ ربه تعالى فقال {أتهلكنا بما فعل السفهاء منّا} أو أنه ألقى الألواح ونحو ذلك، وقوله {فأرسِل إلى هارون} كأنه أمر من موسى لربه.
هذه استدلالات خاطئة فإنها لا تُحمل على هذا المعنى الذي أراده هؤلاء من الأنس، وإنما هو دعاء {فأرسِل إلى هارون} دعاء، طلب وتضرع إلى الله سبحانه وتعالى، وكذلك {أتهلكنا} تضرع يعني لا تهكلنا بما فعل السفهاء منا.
ونحو ذلك من الأنبياء الآخرين {فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط} ليس جدال صاحب لصاحبه وندٍّ لنده وإنما يعرض حجته ورأيه وقوله على ربّ العالمين في هذا مع حفظ المقام والهيبة والإجلال.
فاستدلالهم بمثل هذا خطأ لأن هؤلاء الأنبياء لم يصلوا إلى أن يقولوا كلمة الكفر ولم يصلوا إلى الرعونة ولم يصلوا إلى ما وصل إليه المتصوفة بدعوى الأنس، إنما حمل هؤلاء لأن يتكلموا بمثل هذه الكلمات الخارجة عن حدود الأدب مع الله سبحانه وتعالى هو أصل الفكرة في علاقة العبد بالله، فإنها تقوم في دعواهم على العشق، وإذا صار علاقة عاشق مع معشوق ارتفعت الحشمة، وصار العاشق يتكلم بما هو خارج عن قانون حدود الأدب، هذا معلوم، هذا قانون العشق، فلا يحترز ولا ينتبه ولا يحذر اتكالًا وميانة واطمئنانًا إلى قبول هذا المعشوق لكلامه، تعالى الله عز وجل أن يكون معشوقًا، لكن هم ينزّلون معاني العشق على الله سبحانه وتعالى وكلامهم في هذا معلوم معروف.
ثم أيضًا مما يحملهم على مثل هذا المسلك قولهم بأن الولي يمكن أن يعرف ولايته، وقد نصّ على هذا القشيري وغيره، يعلم أنه ولي ويعلم أنه كذلك مأمون العاقبة، فدخل في نوع من الاطمئنان إلى عاقبته وحاله ونهايته وأنه لن يتغير أبدًا، وأنزلوا على هذا معنى قوله عليه الصلاة والسلام: "إن الله اطّلع على اهل بدر فقال افعلوا ما شئتم قد غفرتُ لكم"
لكن هؤلاء الذين قال لهم الربّ اعملوا ما شئتهم لم يفعلوا كفرًا ولم يدخلوا في رعونة ولا ميعان، بل كانوا ملتزمين الأدب مع الله والخشية والهيبة والوقار وحفظ المقامات، فإنهم لم يفعلوا فعل الصوفية وما فهموا منع كونهم أولياء لله سبحانه وتعالى أن يُزيلوا ما بينهم وبين الله عزّ وجل من التعظيم.
فهذا الصوفي عندما أعتقد أنه ولي وعرف أنه ولي كما يقولون وأنه مأمون العاقبة ساح وبدأ يتكلم بكلام خارج عن الأدب، وإذا رجعنا إلى أصل الفكرة أن الإنسان يرى نفسه في آخر الأمر كاملًا متلبسًا بالأوصاف الإلهية والصفات الإلهية ما الذي يمنعه أن يبالغ في معنى الانس ويدخل فيما لا يحلّ له من كلام خارج عن الحد الذي ينبغي عليه أن تكون العلاقة ما بين العبد وبين الربّ سبحانه وتعالى؟
فإذاً الفكر الصوفي وأصول الفكر الصوفي يوقع في هذا، يحمل على الغلو في معاني الأنس والخروج إلى معنى آخر غير الأنس، إلى التذلل إلى التبسّط والانبساط الخارج عن المعنى الشرعي، وهذا أمر طبيعي لأن الأصول تُتنج مثل هذه الثمرات أو هذه الفروع، بينما أصول الإسلام وأصول أهل السنة والجماعة لا يمكن أن يُقرّ معنى العشق بين العبد والرب، ولا يمكن أن يقرّ أن الإنسان يعرف عن نفسه أنه ولي، فضلًا أن يظن أنه مأمون العاقبة، بل لا يزال الإنسان يخشى على نفسه التقلب كما قال ابن أبي مليكة ورواه البخاري في صحيحه: "أدركت ثلاثين من أصحاب رسول الله صلّ الله عليه وسلم كلهم يخشى على نفسه النفاق ما منهم من أحد يقول "أنا على إيمان جبرائيل وميكائيل"".
وكذلك أصول أهل السنة وأصول الإسلام لا يمكن أبدًا أن يكون فيها فكرة أن الإنسان يكتسب الصفات الإلهية ويتحد بالذات الإلهية ويكون إلهيًّ الأصل والجذر بحيث يكون إنسانًا كاملًا على المعنى الصوفي، هذا المعنى منتفي تمامًا ولا يطرقه مسلم أصلًا ولا سنيّ أصلًا ومن ثَمَّ لا يمكن أن يتصل بالمعنى الصوفي والآثار الصوفية لأنه مختلف تمامًا في انطلاقاته وفي أصوله عن هذا الفكر مما يُثبت ان هذا الفكر حقيقة هو بعيد تمامًا عن الإسلام.
وفق الله الجميع والحمد لله.

الإقسام على الله: أن يقول الإنسان: "والله لا يكون كذا وكذا"، أو "والله لا يفعل الله كذا وكذا"، والإقسام على الله نوعان: أحدهما: أن يكون الحامل عليه قوة ثقة المقسم بالله عز وجل وقوة إيمانه به، مع اعترافه بضعفه وعدم إلزامه الله بشيء، فهذا جائز، ودليله قوله صلى الله عليه وسلم: "رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره". النوع الثاني: من الإقسام على الله: ما كان الحامل عليه الغرور والإعجاب بالنفس وأنه يستحق على الله كذا وكذا، فهذا والعياذ بالله محرم، وقد يكون محبطاً للعمل، ودليل ذلك أن رجلاً كان عابداً وكان يمر بشخص عاصٍ لله، وكلما مر به نهاه فلم ينته، فقال ذات يوم: والله لا يغفر الله لفلان -نسأل الله العافية- فهذا تحجر رحمة الله، لأنه مغرور بنفسه فقال الله عز وجل: "من ذا الذي يتألى علي ألا أغفر لفلان؟ قد غفرت له وأحبطت عملك". مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلدالاول - باب المناهي اللفظية.

فالأنس بالله تعالى حالة وجدانية تحمل على التنعم بعبادة الرحمن ، والشوق إلى لقاء ذي الجلال والإكرام. " ومن علامات صحة القلب : أن لا يفتر عن ذكر ربه ، ولا يسأم من خدمته ، ولا يأنس بغيره ، إلا بمن يدله عليه ، ويذكِّرُهُ به ، ويذاكره بهذا الأمر" ابن القيم:إغاثة اللهفان (ص 72) . " وقوة الأنس وضعفه على حسب قوة القرب ، فكلما كان القلب من ربه أقرب كان أنسه به أقوى ، وكلما كان منه أبعد كانت الوحشة بينه وبين ربه أشد " . وقال:( فكل طائع مستأنس ، وكل عاص مستوحش). هذا الأنس المذكور مبدؤه الكشف عن أسماء الصفات التي يحصل عنها الأنس ويتعلق بها ، كاسم الجميل ، والبر ، واللطيف ، والودود ، والحليم ، والرحيم ، ونحوها " ابن القيم رحمه:مدارج السالكين (3 / 95)

المزدكية: أصحاب مزدك، ومزدك هو الذي ظهر في أيام قباذ والد أنو شروان، ودعا قباذ إلى مذهبه فأجابه، واطلع أنو شروان على خزيه وافترائه فطلبه فوجده فقتله. حكى الوراق أن قول المزدكية كقول كثير من المانوية في الكونين، والأصلين. إلا أن مزدك كان يقول: إن النور يفعل بالقصد والاختيار، والظلمة تفعل على الخبط والاتفاق، والنور عالم حساس، والظلام جاهل أعمى. وإن المزاج كان على الاتفاق والخبط، لا بالقصد والاختيار، وكذلك الخلاص إنما يقع بالاتفاق دون الاختيار. الشهرستاني: الملل والنحل، ٥٤/٢.

لا يوجد مناقشات
#اقتباس: ٣٩٨-٤٣٧
الأنس عند الصوفية بما فيه من الرعونة وارتفاع الحشمة مع الله، يعود إلى مفهوم الحب (العشق)، والولاية (الإنسان الكامل). وهذا يرجع إلى جذور مصدرها في التلقي، فإن كثير من المسائل الصوفية استنادها على الديانات والفلسفات القديمة. وهم أهملوا الشرع ولم يقفوا على معانيه الحقيقية، وإنما وظفوا النصوص الدينية في خدمة مقاصد وأفكار التصوف.
  • مرفت نور
    مرفت نور

    ص 415 السطر الثالث لنجد في الأبستاق
    ما معنى كلمة ابستاق؟؟؟

    0
  • الإسلام قادم
    الإسلام قادم

    أثابكم الله
    في ص: 421 ذكر أن:
    الهرمسية نسبة إلى هرمس والشهرستاني قال: هو النبي إدريس عليه السلام، ثم جاء في الأصل اسم يوناني، ما الصحيح في ذلك؟

    0