الإنسان الكامل في الفكر الصوفي - عرض ونقد -

الأوراد/ الورد الثالث (٨١ - ١١٥)

هذا ملخص يتضمن أهم النقاط الرئيسية والأفكار المهمة؛ لذا هو لا يغني عن الكتاب، صممناه لكم بشكل مريح يساعد على ترتيب المعلومة وفهمها

  • بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، اما بعد، فحياكم الله هذا هو التعليق الأول على الفصل الثاني المتعلق بتعريف التصوف، ونتكلم فيه ونعلق على أصل التصوف من حيث الاشتقاق اللغوي وماهية التصوف أي حقيقته. مما لا يختلف عليه أحد من الباحثين أن التصوف فكر ومصطلح وطريقة حادثة، إنما حدثت في نهاية القرن الثاني الهجري وبداية الثالث أي في عهد المأمون من الدولة العباسية، المأمون الذي كان يهتم للعلوم الفلسفية وأمر بترجمتها، نشأ في عهده الفلاسفة والفلسفة وكذلك التصوف، والمتصوفة يعرفون هذا ويقرون بهذا القشيري وغيره ذكروا أن الطريقة هذه حدثت في المئتين لكن من حيث المعاني فإنهم يرجعون بها إلى عهد الصحابة ويقولون أن أهل الصُفّة كانوا منهم وأن الصحابة كانت لهم كلمات صوفية وتعبيرات صوفية عن أبي بكر وعثمان وغيرهما، ولذلك نجد أبو نعيم في (حلية الأولياء) يضع الصحابة في رأس قائمة المتصوفة والشعراني كذلك، وإن كان في حقيقة الأمر أن التصوف لا علاقة له بالصحابة ولا للصحابة علاقة بالتصوف لا من قريب ولا من بعيد لا من حيث الاسم ولا من حيث المعنى، لكن هذا من صنيع من أراد أن يوسّع مفهوم التصوف حتى يشمل كافة الأولياء بما فيهم الصحابة ولربما أدخلوا حتى الأنبياء في ذلك ولكل دعواه لكن من الذي تثبت دعواه بالدليل والبرهان. التصوف من حيث الاشتقاق له عدة أصول ذُكرت بغض النظر عن صحتها، ذُكر أنها من الصف الأول وذُكر أن اشتقاق الكلمة من الصُفّة وذُكر كذلك أنها من الصفاء ومن (صوفة) كان رجل في الجاهلية من العبّاد ربيط الحرم، أمه نذرته للحرم وكان يُقيم للناس فرضهم وحجهم يسمى صوفة قالوا نسبوا إلى صوفة لكن المتصوفة لا يذكرون صوفة ولا ينتسبون إليه وإنما هذا يذكره ابن الجوزي وغيره ممن أراد تحقيق أصل اشتقاق التصوف، لكن المتصوفة لا يذكرون هذا عن أنفسهم ولا يذكرون بعض النسب والاشتقاقات الأخرى كـ(صوفانا) وهي نبتة في البرية يُذكر أنها أصل أيضًا لكن الصوفية لا يذكرون هذا ولا يعتنون به إنما يذكرون الصُفّة ويذكرون الصف الأول، ومن حيث اللغة الصُفّة النسبة إليها صُفّي وليس صوفا أو ليس صوفي، وكذلك الصف الأول صفّي النسبة إليها وليس صوفي، فمن حيث اللغة لا يستقيم وإن كان مثل كلبابي يقول إذا أخذنا أنواع الاشتقاق الأصغر والأكبر الأوسط فإنه يصح تقديم حرف وتأخير حرف حتى تثبت هذه النسبة، لكن يتضح ان هذا فيه نوع مم التكلف. الذي يمكن أن يكون مقبولًا من حيث النسبة وهو النسبة إلى(صوف) فيكون صوفي نسبة إلى (صوف) وهذه النسبة متوارد عليها في كتب التصوف كثير من المتصوفة يذكرون هذه النسبة مثل الطوسي مثل السهروردي وغيرهما أن نسبة التصوف إلى الصوف، اللباس المعروف الذي مأخوذ من جلد الغنم فجلودها صوف وهي علامة على الزهد في ذاك الزمان فيقولون هم يلبسون الصوف وهو علامة على الزهد وهم زهاد. لكن مع ذلك نجد إمام كبير في الصوفية وهو القشيري في (الرسالة) ينكر أن يكون نسبة إلى الصوف بل يقول أن المتصوفة لم يشتهروا بهذا اللباس ولم يُنسبوا إليه وأن هذه الكلمة كلمة (صوفية) ليس لها اشتقاق في العربية، وإنما هي كاللقب يوافقه قرينه الإمام الصوفي الفارسي الهجويري في (كشف المحجوب) أنها لقب وليس لها اشتقاق وأصل في اللغة وهذا يذكره هؤلاء الأئمة المنظرون للتصوف ولا نكاد نجد أحدًا يرد عليهما ردًّا منهجيًا علميًا دقيقًا لا في زمانهم ولا من بعدهم إلا أن يأتي متأخر فيذكر تعليقًا على قولهم هذا برد على استحياء وليس ردًّا يناسب حجم إنكار هذه النسبة التي يدندن حولها كثير من المتصوفة وإنما أنكروا النسبة وهم خبراء بالفكر الصوفي ويقولون أنها كاللقب، فمن إذًا كان أصل هذه الكلمة ومن أين أتت؟ بعض الباحثين كنيكلسون وهو باحث إنجليزي مستشرق درس التصوف وفاض فيه وتعّمق، يرجح أن النسبة إلى الصفاء وكلمة الصفاء هذه تُذكر كثيرًا على ألسنة الصوفية، وقد أحصى نيكلسون تردد هذه الكلمة على ألسنتهم فوجدها أكثر من أي كلمة أخرى مما حمله على الترجيح أن أصل التصوف إلى الصفاء وإن كان النسبة إلى الصفاء: صفائي أو صفوي وليس صوفي وهنا يتدخل الاشتقاق ومراتبه فمن الاشتقاق ما يكون في تقديم حرف على حرف فيجوز أن يقول (صوفي) ويقصد به الصفاء، أي صوفي أو صفائي، فله حظ من الاعتبار هذا من حيث أنه متردد على ألسنتهم كثيرًا بينما مصطلح صوفي لا يكاد يتردد على ألسنة المتصوفة في تعريفاتهم فقد أحصى نيكلسون* حوالي مئتي تعريف وذكر منها ما يزيد على السبعين لا يوجد في هذه التعريفات كلمة (صوف) إلا مرة أو مرتين بينما (صفاء) تتردد عشرات المرات مما يرجح أن النسبة إلى الصفاء وليس إلى الصوف ويؤكد هذه النتيجة أن البيروني في كتابه (التحقيق مال الهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة) يرجح النسبة إلى (صوفيّا) الكلمة اليونانية التي معناها الحكماء ويذكر في كتابه هذا أن قومًا في الهند كانت لهم اعتقادات من حيث الحلول ومن حيث الاتحاد ووحدة الوجود ومن حيث أن الوجود الحقيقي للعلة الأولى والتي يسميها المسلمون (الله عز وجل) لكن الفلاسفة يقولون العلة الأولى، واجب الوجود، يقول البيروني في هذا: "ومنهم من كان يرى الوجود الحقيقي للعلة الأولى فقط لاستغنائها بذاتها فيه وحاجة غيرها إليها وأن ما هو مفتقر في الوجود إلى غيره فوجوده كالخيال، غير حق والحق الواحد الأول فقط وهذا رأي السوفيّة وهم الحكماء وإن (سوف) باليونانية الحكمة وبها سمي الفيلسوف بلسوفا أو بلسوبا أي محب الحكمة" قال "ولما ذهب في الإسلام قوم إلى قريب من رأيهم سُمّوا باسمهم" أي سموا سوفية -بالسين- "ولم يعرف اللقب بعضهم فنسبهم للتوكل للصُفّة وأنهم أصحابها في عصر النبي صلّ الله عليه وسلم ثم صُحِّف بعد ذلك فصُيّر من صوف التيوس"، فمُحصّل كلام البيروني أن أصل الكلمة يونانية أجنبية هي سوفيّا لكن اشتهبت بالصوف من حيث المخارج من حيث الأحرف من حيث الجَرْس وصوت الكلمة ثم لم يعرف اللقب بعضهم فبدلًا أن يقول (سوفيّا) صار يقول (صوفيّا) وأعجب ذلك كثير من الصوفية أن يُنسبوا إلى الصوف فيحققوا بذلك أمرين: الزهد، الانتساب إلى الزهد، وأيضًا التعمية عن أصل المصطلح ومن أين أتى. ولعل هذه هي النسبة الصحيحة والاشتقاق الصحيح لهذه الكلمة ويؤيد ذلك ما يُلاحظ من توافق كبير بين الفكر الفلسفي والفكر الصوفي فكلامها يرميان إلى نتيجة واحدة وكلاهما ينطلقان منطلقًا واحدًا، كلاهما نظرتهما إلى الكون وإلى الكون وإلى الإنسان واحدة من حيث البدء ومن حيث النهاية وما بين البداية والنهاية، فهناك توافق كبير بين هذين الاتجاهين إضافة إلى التوافق الذي هو اتحاد ومدلول الكلمتين سوفيّا، صوفيّة. ومن الأمور المُلاحظة ها هنا أن التعاريف التي ترد في معاجم التعريفات للتصوف وللفلسفة شبه متطابقة، فإنهم عرّفوا الفلسفة بأنها التشبه بالإله على قدر الطاقة، أو كما يقول الجرجاني: "الفلسفة التشبه بالإله بحسب الطاقة البشرية في تحصيل السعادة الأبدية كما أمر الصادق صل الله عليه وسلم في قوله "تخلقوا بأخلاق الله" " ينسبون حديثًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ وليس له أصل في كلامه عليه الصلاة والسلام. ولننظر الآن كيف يٌعرّف الصوفية التصوف فإن الغزالي يقول: "التصوف التخلق بأخلاق الله" وابن عربي يقول: "فاعلم أن التصوف تشبيه بخالقنا" وكذلك النوريّ وهو متقدم يقول: "التصوف التخلق بأخلاق الله" التخلق بأخلاق الله، التشبه بالإله تعالى على قدر الطاقة معاني متقاربة جدًا وكلاهما يمثل معنى التصوف وكما قلنا التصوف يرمي إلى اتحاد المخلوق بالخالق، الإنسان بالخالق، وكذلك الفلسفة، التصوف يعتقد أن الكون كان متحدًا كله بالإله في ذاته، وكذلك الفلسفة، وطريقة التخلص والخلاص متشابهة بين الفلسفة وبين التصوف. حقيقة الأمر الذي يجد الباحث نفسه منساقًا إليه بحياد أن التصوف لا أصل له من حيث الاشتقاق في اللغة العربية وإنما أصله لغة يونانية ومعناه كذلك متحد لما كان في الفلسفة وهذا نتكلم عليه فيما يلي في بيان حقيقة وكُنه التصوف، والحمد لله ربِّ العالمين.
    تعليق على الورد الثالث - ١

    بصوت الكاتب

    8
    2
    00:00
    تحميل
  • بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد، حياكم الله، هذا هو المقطع الثاني في التعليق على الفصل الثاني وهو متعلق بماهية التصوف، ماهية التصوف بمعنى حقيقة التصوف ومعنى التصوف وكُنه التصوف، فما كنه التصوف؟ ما حقيقة التصوف؟ ما الأمر الذي لأجله وضع التصوف؟ ما موضوع التصوف؟ يدور كثير من الكلام من كثير سواءً كان متصوفة أو متعاطفين او حتى ناقدين للتصوف، أن التصوف يدور على معنى الزهد، فيساوون ما بين التصوف وما بين الزهد، الزهد الذي هو بالمفهوم الصوفي ترك الدنيا، الإعراض عن الدنيا، التقلل من الدنيا، العزلة، السياحة، الجوع، هذه من المعاني المتعلقة بالزهد، لكن هل الأمر هكذا حقيقة؟ لأننا نلاحظ أن الاتجاه الصوفي عمومًا منذ قرون وإلى هذا اليوم لا يعني كثيرًا بمسألة ترك الدنيا والإعراض عنها والعيش حياة المجاهدة والتقشف، بل بالعكس مشايخ الطرق الصوفية هم أنعم الناس حياة ولباسًا وبدنًا وجسدًا، حتى أنه ضُرب بهم المثل قديمًا في مرحلة متقدمة بأن قيل: "آكل من صوفي" أي أنه يأكل كثيرُا ويلتذ بالحياة كثيرُا وهذا أمر اشتهر عنهم فكانوا يلبثون في الأربطة والتكايا وتأتيهم الأرزاق، هذا عموم المتصوفة أما المشايخ منهم فلهم أمر آخر، يعيشون كملوك وكأثرياء عندهم المال وعندهم الجاه والعز، وأيضًا الطاعة المطلقة، فأين الزهد في هذا؟ أم هو انقلاب في معنى التصوف؟ حقيقة الأمر عند البحث والتنقيب في معنى التصوف يجد الباحث منذ القديم لم يكونوا يربطون بين الزهد وبين التصوف، السهروردي مثلًا شهاب الدين صاحب (عوارف المعارف) يقول: "التصوف غير الفقر، والزهد غير الفقر، والتصوف غير الزهد، التصوف اسم جامع لمعاني الفقر ومعاني الزهد مع مزيد أوصاف وإضافات لا يكون الرجل من دونها صوفيًا" فنلاحظ أنه لم يربط فيما بين الزهد والتصوف بل جعل الأمر فوق ذلك، ولم يشترط الزهد للتصوف، هو أوغيره حتى، ابن الجوزي مثلًا كان في زمن من حياته متصوفًا ثم انقلب ناقدًا، يقول في علاقة التصوف بالزهد: "التصوف مذهب معروف، يزيد على الزهد، يدل على الفرق بينهما أن الزهد لم يذمه أحد، وقد ذموا التصوف". ومثله الباحث المستشرق الإنجليزي نيكلسون أيضًا لا يربط ما بين الزهد والتصوف. سعاد الحكيم، وهي باحثة متصوفة وعاشقة لابن عربي، وهي لبنانية ولها كتاب (معجم الفلسفي) وهو متعلق بلسان ابن عربي في التصوف، حتى هذه لا ترى أن التصوف له علاقة وطيدة بالزهد، وشيخ العشيرة المحمدية في مصر الشيخ محمد زكي إبراهيم كذلك له هذا الموقف، يعني كثير من الباحثين والمتصوفة قديمًا وحديثًا لا يجعلون الزهد أساسًا في التصوف عندما يتكلمون عن حقيقة التصوف بوضوح وجلاء، وهذا هو الأمر الذي يلحظه الإنسان حتى عند النظر في تقريرات المتصوفة الأوائل عندما يعرّفون التصوف فإنهم يتكلمون عن معنى محدد هو الذي يدور عليه التصوف، هذا المعنى هو: الفناء، المعنى هذا هو الفناء، قالها الطوسي وهو متقدم في القرن الرابع: "الفانون بما وجدوا" يصف الصوفية "الفانون بما وجدوا"، الهجويري أيضًا يُفسّر التصوف بالفناء، يقول: "الصوفي هو الفاني عن نفسه" أبو المواهب الشاذلي وهذا أيضًا متصوفة المتوسطين المتأخرين في القرن التاسع كان، يقول: "الفناء هو أساس الطريق، وبه يُتوصل إلى مقام التحقيق ومن لم يجد بمهر الفناء لم يستجلي طلعة الحسناء، وليس له في غد ولا اليوم نصيب مع القوم" وهكذا نجد هذا المعنى يدور عند المتصوفة، حتى الباحثين المحققين في التصوف مثل أبو الوفاء التفززاني شيخ من مشايخ الطرق الصوفية وقد كان باحثًا بالإضافة إلى هذا المنصب الذي كان عليه، يقول: "الفناء في الحقيقة المطلقة هو أمر يميز التصوف بمعناه الاصطلاحي الدقيق" والفناء ها هنا الجاري على ألسنة الصوفية إنما* فناء عن الصفات البشرية والبقاء بالصفات الإلاهية، أو الفناء عن الذات البشرية والبقاء على الذات الإلاهية وهذا هو المعنى الموغل في الحلول والاتحاد، بالذات بما يتعلق بالفناء عن الذات والبقاء بالذات، فهذا هو عين الحلول والاتحاد. وأما الأول (الصفات) يقترب وإن كان لا يصل إلى درجة الحلول بالضرورة. فهذا هو المعنى الدائر كتفسير لحقيقة التصوف ويعبرون عنه بمعنى آخر وهو مشهور أيضُا عندهم قديمُا وحديثًا وهو التخلق بأخلاق الله، وتقدم هذا المعنى أنه مشابه للفلسفة عندما عرفوا الفلسفة فقالوا التشبه بالإله على قدر الطاقة وها هنا يقولون التخلق بأخلاق الله، هذا المعنى ورد عن أبو الحسين النوري* يقول: "التصوف ليس علمًا ولا رسمًا ولكنه خُلق، لأنه لو كان رسمًا لحُصّل بالمجاهدة، ولو كان علمًا لحُصّل بالتعليم ولكنه التخلّق بأخلاق الله" وجاء في اصطلاحات الكاشاني*: "التصوف هو التخلق بأخلاق الله" وكذلك في (التعريفات) للجرجاني وهذا هو المعنى الذي ذكره الغزالي وذكره ابن عربي، يقول: "فاعلم بأن التصوف تشبيه بخالقنا" وذكره الجيلي، هذا إن حققناه فإنه يعود إلى الفناء، فإنه كيف يتخلّق بأخلاق الله؟ بأن يدع صفاته ويتخلّق بصفات الله سبحانه وتعالى، هذا هو الفناء عن الصفات البشرية والبقاء بالصفات الإلاهية، وهو دون معنى الفناء عن الذات، فهذا هو المعنى الذي يدور عليه التصوف وقد يعبرون عنه بمصطلحات أخرى: الاضمحلال، المحو، السُكر، الجذب. كلها تدور حول هذا المعنى، هذا هو المعنى الذي عليه التصوف وهذا هو حقيقة التصوف وليس الزهد، كما رأينا فإنه بهذا المعنى يبدأ الدخول في مضارب الحلول والاتحاد ووحدة الوجود، لأنه إذا فني عن ذاته كما يقول اهل الحلول منهم، من المتصوفة وليس كل المتصوفة حلولية واتحادية فكثير منهم لا يُدرك حقيقة هذه الفكرة وإن كان حقيقتها حلول واتحاد ووحدة الوجود لكن أكثر المتصوفة لا يدركون هذه الحقيقة فإذا دخل في الفناء ومعاني الفناء وصل إلى مضارب الحلول والاتحاد، وهذا المعنى (الحلول والاتحاد) ليس جديد في حقيقته على الفكر الصوفي وليس أثرًا عن تطور الفكرة عبر القرون بل هو مبتدأ به منذ البداية، فأوائل المتصوفة الذين كانوا في الطبقة الأولى والطبقة الثانية بحسب تصنيف أبي عبد الرحمن السلمي في كتابه (طبقات الصوفية) كانوا يتكلمون بهذا المعنى، ويُرددون حالة الحلول والاتحاد ووحدة الوجود أيضًا، لذلك يقول أبو الوفاء التفتزاني: "الفناء الحالة النفسية التي يشعر معها الصوفي بذاته كما يشعر أنه بقي من حقيقة أسما مطلقة هي الله عند صوفية المسلمين أو الكلمة عند الصوفية المسيحين أو البراهمة* في تصوف البرهمية" وهكذا قد ينطلق الصوفية بالقول بالاتحاد بهذه الحقيقة أو أنها حلّت فيهم، أو أن الوجود واحد لا كثرة فيه، ويعود بعضهم إلى البقاء بعد الفناء، فيُثبتون اثنينيّة بين الله والعالم، لو أردنا النظر في بعض النصوص التي وردت عنهم في هذا مثلًا هذا الحلّاج كان يقول: "ما في جبّتي إلا الله" وهذا أبو يزيد البسطامي كان يقول: "سبحان من أعظم شاني" وهذا الشبليّ يقول: "وما افترقنا" يقصد العلاقة بين العبد وبين الله "وكيف نفترق ولم يجري علينا حال الجمع أبدا" يعني أن الأصل هو الاتحاد فلا يحصل هناك افتراق ولا التقاء، لأن الأصل التقاء أو اتحاد ذاتي، الحلّاج أيضًا كان يقول الأبيات المشهورة: "سبحان من اظهر ناسوتـُهُ سـّر سنا لاهوتِه الثاقـب ثم بـدا في خلقه ظاهـراً في صورة الآكل والشارب حتـّى لقد عَايـَنَهُ خَلْقـُه كلحْظِة الحاجب بالحاجـب" وكان يقول: "ما انفصلت البشرية عنه ولا اتصلت به" هذا القول كما قلنا واضح أنه قديم، أبو يزيد البسطامي قديم من أوائل المتصوفة في الطبقة الأولى والثانية والشبلي قديم والحلّاج قديم، وهناك قصة بين الحارث المحاسبي وأبي حمزة البغدادي، وكان أبو حمزة يُرمى بالحلول والحارث المحاسبي يعرف عنه هذا ويُنكر عليه والحارث المحاسبي بريء من هذا الفكر ولو كان صوفيًّا، بريء من الحلول والاتحاد، لأنه كاد يذبح أبا حمزة البغدادي عندما سمع صوت شاة فصار يصيح يقول: "لبيك" لأن صوت الشاة عنده هو صوت الله -تعالى الله- ففهم المعنى أبي الحارث المحاسبي فقال له: "لإلم تنتهي عن هذا أذبحك" فردّ عليه أبي حمزة البغدادي قائلًا: "إذا تُحسن هذا فلمَ تأكل النخالة بالرماد؟"، كان يفهم أن هذا هو التصوف وهذا معناه، فالمقصورد أن الفكر الحلول والاتحاد لم يكن من الأفكار التي تطورت في النسق الصوفي والمسار الصوفي بل هو بادئ ابتداءً، كل من نظر في تراجم المتقدمين من الصوفية في الطبقة الأولى والثانية والثالث يعني في القرن الثالث، امتداد القرن الثالث حتى تتمته حتى الرابع يجد هذا الفكر حاضر والحلّاج قُتل لأجله، والشبلي كان يهذي به، وأبو يزيد البسطامي كان يتكلم به ويقال جُنّ أبو يزيد. وبعضهم يستتر بهذا ويتكلم بهذا بتلميحات دون التصريح خشية، لأن هذا الفكر كان موجود وحقيقة التصوف وهذا الذي يدور عليه ابتداءً. عند هذا البيان نقف وصلّ الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد.
    تعليق على الورد الثالث - ٢

    بصوت الكاتب

    6
    2
    00:00
    تحميل
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، اما بعد،
فحياكم الله هذا هو التعليق الأول على الفصل الثاني المتعلق بتعريف التصوف، ونتكلم فيه ونعلق على أصل التصوف من حيث الاشتقاق اللغوي وماهية التصوف أي حقيقته.
مما لا يختلف عليه أحد من الباحثين أن التصوف فكر ومصطلح وطريقة حادثة، إنما حدثت في نهاية القرن الثاني الهجري وبداية الثالث أي في عهد المأمون من الدولة العباسية، المأمون الذي كان يهتم للعلوم الفلسفية وأمر بترجمتها، نشأ في عهده الفلاسفة والفلسفة وكذلك التصوف، والمتصوفة يعرفون هذا ويقرون بهذا القشيري وغيره ذكروا أن الطريقة هذه حدثت في المئتين لكن من حيث المعاني فإنهم يرجعون بها إلى عهد الصحابة ويقولون أن أهل الصُفّة كانوا منهم وأن الصحابة كانت لهم كلمات صوفية وتعبيرات صوفية عن أبي بكر وعثمان وغيرهما، ولذلك نجد أبو نعيم في (حلية الأولياء) يضع الصحابة في رأس قائمة المتصوفة والشعراني كذلك، وإن كان في حقيقة الأمر أن التصوف لا علاقة له بالصحابة ولا للصحابة علاقة بالتصوف لا من قريب ولا من بعيد لا من حيث الاسم ولا من حيث المعنى، لكن هذا من صنيع من أراد أن يوسّع مفهوم التصوف حتى يشمل كافة الأولياء بما فيهم الصحابة ولربما أدخلوا حتى الأنبياء في ذلك ولكل دعواه لكن من الذي تثبت دعواه بالدليل والبرهان.
التصوف من حيث الاشتقاق له عدة أصول ذُكرت بغض النظر عن صحتها، ذُكر أنها من الصف الأول وذُكر أن اشتقاق الكلمة من الصُفّة وذُكر كذلك أنها من الصفاء ومن (صوفة) كان رجل في الجاهلية من العبّاد ربيط الحرم، أمه نذرته للحرم وكان يُقيم للناس فرضهم وحجهم يسمى صوفة قالوا نسبوا إلى صوفة لكن المتصوفة لا يذكرون صوفة ولا ينتسبون إليه وإنما هذا يذكره ابن الجوزي وغيره ممن أراد تحقيق أصل اشتقاق التصوف، لكن المتصوفة لا يذكرون هذا عن أنفسهم ولا يذكرون بعض النسب والاشتقاقات الأخرى كـ(صوفانا) وهي نبتة في البرية يُذكر أنها أصل أيضًا لكن الصوفية لا يذكرون هذا ولا يعتنون به إنما يذكرون الصُفّة ويذكرون الصف الأول، ومن حيث اللغة الصُفّة النسبة إليها صُفّي وليس صوفا أو ليس صوفي، وكذلك الصف الأول صفّي النسبة إليها وليس صوفي، فمن حيث اللغة لا يستقيم وإن كان مثل كلبابي يقول إذا أخذنا أنواع الاشتقاق الأصغر والأكبر الأوسط فإنه يصح تقديم حرف وتأخير حرف حتى تثبت هذه النسبة، لكن يتضح ان هذا فيه نوع مم التكلف. الذي يمكن أن يكون مقبولًا من حيث النسبة وهو النسبة إلى(صوف) فيكون صوفي نسبة إلى (صوف) وهذه النسبة متوارد عليها في كتب التصوف كثير من المتصوفة يذكرون هذه النسبة مثل الطوسي مثل السهروردي وغيرهما أن نسبة التصوف إلى الصوف، اللباس المعروف الذي مأخوذ من جلد الغنم فجلودها صوف وهي علامة على الزهد في ذاك الزمان فيقولون هم يلبسون الصوف وهو علامة على الزهد وهم زهاد. لكن مع ذلك نجد إمام كبير في الصوفية وهو القشيري في (الرسالة) ينكر أن يكون نسبة إلى الصوف بل يقول أن المتصوفة لم يشتهروا بهذا اللباس ولم يُنسبوا إليه وأن هذه الكلمة كلمة (صوفية) ليس لها اشتقاق في العربية، وإنما هي كاللقب يوافقه قرينه الإمام الصوفي الفارسي الهجويري في (كشف المحجوب) أنها لقب وليس لها اشتقاق وأصل في اللغة وهذا يذكره هؤلاء الأئمة المنظرون للتصوف ولا نكاد نجد أحدًا يرد عليهما ردًّا منهجيًا علميًا دقيقًا لا في زمانهم ولا من بعدهم إلا أن يأتي متأخر فيذكر تعليقًا على قولهم هذا برد على استحياء وليس ردًّا يناسب حجم إنكار هذه النسبة التي يدندن حولها كثير من المتصوفة وإنما أنكروا النسبة وهم خبراء بالفكر الصوفي ويقولون أنها كاللقب، فمن إذًا كان أصل هذه الكلمة ومن أين أتت؟ بعض الباحثين كنيكلسون وهو باحث إنجليزي مستشرق درس التصوف وفاض فيه وتعّمق، يرجح أن النسبة إلى الصفاء وكلمة الصفاء هذه تُذكر كثيرًا على ألسنة الصوفية، وقد أحصى نيكلسون تردد هذه الكلمة على ألسنتهم فوجدها أكثر من أي كلمة أخرى مما حمله على الترجيح أن أصل التصوف إلى الصفاء وإن كان النسبة إلى الصفاء: صفائي أو صفوي وليس صوفي وهنا يتدخل الاشتقاق ومراتبه فمن الاشتقاق ما يكون في تقديم حرف على حرف فيجوز أن يقول (صوفي) ويقصد به الصفاء، أي صوفي أو صفائي، فله حظ من الاعتبار هذا من حيث أنه متردد على ألسنتهم كثيرًا بينما مصطلح صوفي لا يكاد يتردد على ألسنة المتصوفة في تعريفاتهم فقد أحصى نيكلسون* حوالي مئتي تعريف وذكر منها ما يزيد على السبعين لا يوجد في هذه التعريفات كلمة (صوف) إلا مرة أو مرتين بينما (صفاء) تتردد عشرات المرات مما يرجح أن النسبة إلى الصفاء وليس إلى الصوف ويؤكد هذه النتيجة أن البيروني في كتابه (التحقيق مال الهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة) يرجح النسبة إلى (صوفيّا) الكلمة اليونانية التي معناها الحكماء ويذكر في كتابه هذا أن قومًا في الهند كانت لهم اعتقادات من حيث الحلول ومن حيث الاتحاد ووحدة الوجود ومن حيث أن الوجود الحقيقي للعلة الأولى والتي يسميها المسلمون (الله عز وجل) لكن الفلاسفة يقولون العلة الأولى، واجب الوجود، يقول البيروني في هذا: "ومنهم من كان يرى الوجود الحقيقي للعلة الأولى فقط لاستغنائها بذاتها فيه وحاجة غيرها إليها وأن ما هو مفتقر في الوجود إلى غيره فوجوده كالخيال، غير حق والحق الواحد الأول فقط وهذا رأي السوفيّة وهم الحكماء وإن (سوف) باليونانية الحكمة وبها سمي الفيلسوف بلسوفا أو بلسوبا أي محب الحكمة" قال "ولما ذهب في الإسلام قوم إلى قريب من رأيهم سُمّوا باسمهم" أي سموا سوفية -بالسين- "ولم يعرف اللقب بعضهم فنسبهم للتوكل للصُفّة وأنهم أصحابها في عصر النبي صلّ الله عليه وسلم ثم صُحِّف بعد ذلك فصُيّر من صوف التيوس"، فمُحصّل كلام البيروني أن أصل الكلمة يونانية أجنبية هي سوفيّا لكن اشتهبت بالصوف من حيث المخارج من حيث الأحرف من حيث الجَرْس وصوت الكلمة ثم لم يعرف اللقب بعضهم فبدلًا أن يقول (سوفيّا) صار يقول (صوفيّا) وأعجب ذلك كثير من الصوفية أن يُنسبوا إلى الصوف فيحققوا بذلك أمرين: الزهد، الانتساب إلى الزهد، وأيضًا التعمية عن أصل المصطلح ومن أين أتى. ولعل هذه هي النسبة الصحيحة والاشتقاق الصحيح لهذه الكلمة ويؤيد ذلك ما يُلاحظ من توافق كبير بين الفكر الفلسفي والفكر الصوفي فكلامها يرميان إلى نتيجة واحدة وكلاهما ينطلقان منطلقًا واحدًا، كلاهما نظرتهما إلى الكون وإلى الكون وإلى الإنسان واحدة من حيث البدء ومن حيث النهاية وما بين البداية والنهاية، فهناك توافق كبير بين هذين الاتجاهين إضافة إلى التوافق الذي هو اتحاد ومدلول الكلمتين سوفيّا، صوفيّة. ومن الأمور المُلاحظة ها هنا أن التعاريف التي ترد في معاجم التعريفات للتصوف وللفلسفة شبه متطابقة، فإنهم عرّفوا الفلسفة بأنها التشبه بالإله على قدر الطاقة، أو كما يقول الجرجاني: "الفلسفة التشبه بالإله بحسب الطاقة البشرية في تحصيل السعادة الأبدية كما أمر الصادق صل الله عليه وسلم في قوله "تخلقوا بأخلاق الله" " ينسبون حديثًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ وليس له أصل في كلامه عليه الصلاة والسلام. ولننظر الآن كيف يٌعرّف الصوفية التصوف فإن الغزالي يقول: "التصوف التخلق بأخلاق الله" وابن عربي يقول: "فاعلم أن التصوف تشبيه بخالقنا" وكذلك النوريّ وهو متقدم يقول: "التصوف التخلق بأخلاق الله" التخلق بأخلاق الله، التشبه بالإله تعالى على قدر الطاقة معاني متقاربة جدًا وكلاهما يمثل معنى التصوف وكما قلنا التصوف يرمي إلى اتحاد المخلوق بالخالق، الإنسان بالخالق، وكذلك الفلسفة، التصوف يعتقد أن الكون كان متحدًا كله بالإله في ذاته، وكذلك الفلسفة، وطريقة التخلص والخلاص متشابهة بين الفلسفة وبين التصوف. حقيقة الأمر الذي يجد الباحث نفسه منساقًا إليه بحياد أن التصوف لا أصل له من حيث الاشتقاق في اللغة العربية وإنما أصله لغة يونانية ومعناه كذلك متحد لما كان في الفلسفة وهذا نتكلم عليه فيما يلي في بيان حقيقة وكُنه التصوف، والحمد لله ربِّ العالمين.

قال ابن الجوزي في نقد الحلية لأبي نعيم : « والسابع: إضافة التصوف إلى كبار السادات كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن وشريح وسفيان وشعبة ومالك والشافعي وأحمد وليس عند هؤلاء القوم خبر من التصوف. فإن قال قائل: إنما عنى به الزهد في الدنيا وهؤلاء زهاد، قلنا: التصوف مذهب معروف عند أصحابه لا يقتصر فيه على الزهد، بل له صفات وأخلاق يعرفها أربابه، ولولا أنه أمر زِيد على الزهد ما نُقل عن بعض هؤلاء المذكورين ذمّه. وقد ذكر ابن الجوزي النبي والزهاد من أصحابه والتابعين، وكأنه ألف كتابه للزهاد وليس للصوفية، ولذا قال:« وقد تجوزت بذكر جماعة من المتصوفة، ورَدَت عنهم «كلمات منكرة». ابن الجوزي/ صفوة الصفوة

كان السلف كالإمام أحمد وابن المبارك وغيرهم يُميّزون زهد السلف عن التصوف، وقد ذكر الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ في كتابه المشهور "الزهد"، زهد الأنبياء والصحابة والتابعين، وكذلك عبدالله بن المبارك في "الزهد" والصحابة والتابعون لايصح نسبتهم للصوفية، فإن اسم التصوف حدث بعد زمنهم بقرون. الإمام أحمد/ كتاب الزهد

هي العلة التي لا علة لها، أو علة العلل، أو العلة النهائية أو "علة لكل وجود، والعلة حقيقة كل وجود في الوجود" ابن سينا في الإشارات والتنبيهات ص١٤٠ المعجم الفلسفي، لجميل صليبا ٩٧/٢.

(الفناء) : هو استغراق القلب في الحق حتى لا يشعر بغيره. ابن تيمية/ الفتاوى.

السؤال قرأت ما يُكتب حول الصوفية، حيث وُصفوا بأنهم أهل بدع وخروج عن السنة، وقرأت أيضا ما كتبَه الصوفية عن منهجهم، وهو الإحسان والزهد والتقوى والتجرد من سخط الله، وقرأت بعض المناظرات بين الصوفية والسلفية حيث كلا الطرفين يرى الجهل في الآخر بالإتيان بالأدلة والبراهين.. وقرأت آراء كلا الطرفين في الموالد والتوسل والعشق الإلهي ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم والوجد والجذب، لدي بعض الأسئلة أرجو الإجابة عنها: * ما الفرق –بنظركم- بين السلفية والصوفية؟ * ما رأيكم بالتصوف والمتصوفين؟ والسلفية الوهابية؟ * هل المتصوفون من أهل البدع كما قال السلفيون؟ * وهل يصح سلوك منهج الصوفية والسير على طريقتهم؟ *هل يوجد تصوف (مالكي – شافعي - حنبلي - حنفي)؟ * صحيح أن الكل مجتهد فالكل يُصيب ويُخطئ لكن أيُّهما على حق؟ أفتونا مأجورين.. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الذي يبدو من السؤال، أن سائله في حيرة من تحديد المصيب من المخطئ في موضوع التصوف والسلفية. هذه الحيرة تنشأ من عدم معرفة (الميزان) الذي توزن به الأمور المتعلقة بالدين؛ لمعرفة ما صح منها وما لم يصح. لأجل هذا سأبدأ بوضع هذا الميزان: إن المسلم يرجع في كل ما اختلف فيه إلى: الكتاب/ دليله : قوله تعالى: "وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله". والسنة/ الدليل: "من يطع الرسول فقد أطاع الله". وفهم الصحابة وأهل القرون المفضلة الثلاثة، ودليله: قوله صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي) . وقوله: (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم). فالأول لا يخالف فيه مسلم، والثاني لا يخالف فيه إلا مبتدع، والثالث مثله. هذا الميزان (فيصل بين أهل السنة والبدعة) إذ كلٌّ يدعي أنه على الكتاب والسنة، ثم يتأول ويحرف الكلم عن مواضعه. فإذا ما عرض على هذا الميزان تبين. لذا ترى عامة أهل البدعة يسعون في إبطاله. بتصرف. د.لطف الله خوجة. الفتاوى.

لا يوجد مناقشات

لم يتفق الصوفية على رأي واحد في أصل كلمة (صوفية) وأرجعوها إلى سبعة أصول ولكنها عند التحقيق لاتصح هذه النسب لغةً ، كما أنه باعتراف أئمة التصوف أنفسهم.

الإنسان الكامل في الفكر الصوفي.
ص/89
عند التأمل في كلام أئمة المتصوفة فإنا نجد إشارات تدل على أعجمية كلمة(صوفية) منها :
2/ أنهم أقروا أن القوم لم يختصوا بلبس الصوف.
2/ أنه لا يشهد لكلمة صوفية قياس ولا اشتقاق من العربية .
3/ الصوفية ادّعوا أنها لقب وليس لها أصل لغوي .

الإنسان الكامل في الفكر الصوفي .
لطف الله خوجة.
ص/97
يقول ابن الجوزي - رحمه الله - :
التصوف مذهب معروف، يزيد على الزهد. يدل على الفرق بينهما : أن الزهد لم يذمه أحد، وقد ذموا التصوف . نقله د.لطف الله عبد العظيم خوجه في كتابه الإنسان الكامل في الفكر الصوفي ص ٩٩
" هناك من يظن أن التصوف هو الزهد والفقر؛ ولأجله وقع كثير من اللبس في شأن التصوف. فقد ذهب بعض الباحثين إلى تصحيح بعض المناهج الصوفية، ظنًا منهم أن الزهد والفقر هما حقيقة التصوف، وليس الأمر كذلك، بل التصوف شيء آخر غير الزهد والفقر، بل لا يشترط فيه التحقق بالزهد والفقر " ص ٩٩ وفيها ذكر إفادات المختصين، متقدمين ومتأخرين، متصوفة وباحثين في التصوف - كتاب : الإنسان الكامل في الفكر الصوفي - د.لطف الله عبد العظيم خوجة
لم يكن من السهولة التصريح بأن أصل الكلمة [صوفية] يونانية فلسفية، تدل على مذهب قديم، له قواعد وأصول معروفة، تتشابه مع أصول الصوفية في الإسلام، فمثل هذا لا يمكن أن يفصح به إمام صوفي، وإلا كان عونًا على نقض مذهبه!!.

الإنسان الكامل في الفكر الصوفي، بتصرف يسير، للدكتور لطف الله خوجة ص٩٧.
واستفادوا من هذا التحوير: التعمية والتضليل عن أصل الفكرة. فهم (صوفية) في الظاهر، نسبة إلى اللباس، وفي الباطن (سوفية) نسبة إلى الفلسفة اليونانية الهندية، يقول الدكتور عمر فروخ: "كانوا في حال اجتماعهم مع غيرهم، يحافظون على ظاهر الدين الإسلامي، وعلى فرائضه، أما في خلواتهم، وفيما بينهم، فكان لهم أشياء يستحي العاقل من ذكرها".
الإنسان الكامل في الفكر الصوفي، للدكتور لطف الله خوجة ص٩٨،٩٧.
هناك فكرة ترتبط بــــ (فكرة التخلق بأخلاق الله) عند الصوفية وهي : أنهم لايعتدّون إلا بمحبة الله تعالى لذاته دون إحسانه , وهذه مسألة مشهورة , منعوا لأجلها من سؤال الله الجنة ! والاستعاذة به من النار , باعتبارها تمثل محبة الإحسان . ولأئمتهم أقوالٌ في ذلك .
الإنسان الكامل في الفكر الصوفي / د / لطف الله خوجة ص/ 103
ارتباط التصوف ب(الحلول، الاتحاد، الوحدة) تؤكد فلسفية التصوف ، لأنها أفكار فلسفية، وهي ترمي إلى هدف واحد وحقيقة واحدة هي: صيرورة الإنسان هو الله له أساؤه وصفاته بل وذاته !
الإنسان الكامل في الفكر الصوفي.
د. لطف الله خوجة
ص/105 /106
ارتباط التصوف ب(الحلول، الاتحاد، الوحدة) تؤكد فلسفية التصوف ، لأنها أفكار فلسفية، وهي ترمي إلى هدف واحد وحقيقة واحدة هي: صيرورة الإنسان هو الله له أساؤه وصفاته بل وذاته !
الإنسان الكامل في الفكر الصوفي.
د. لطف الله خوجة
ص/105 /106
" لا أبالغ حين أقول: إن حقيقة الفكر الصوفي متمثلة في الفناء شعارًا، وفي المحبة والمعرفة دثارًا، ترمي إلى هدف واحد وحقيقة واحدة هي: صيرورة الإنسان هو الله تعالى، له صفاته وأسماؤه، بل وذاته هي ذاته سبحانه عن طريق الحلول والاتحاد بالإله، وعن طريق تحصيل الصفات الإلهية والتشبه به، فيكون واسطة بين الله وبين الخلق، تدبيرًا وتصريفًا، وهذان الطريقان لا يخلو من أحدهما أحد من الصوفية، فمن لم يقل منهم بالحلول، قال بالتشبه. "
الإنسان الكامل في الفكر الصوفي ص١٠٥-١٠٦
د.لطف الله عبد العظيم خوجة
أهم أربع مصطلحات مرادفة للإنسان الكامل عند الصوفية :
( القطب , الولي , الحقيقة المحمدية ,الكلمة )
الإنسان الكامل في الفكر الصوفي ص 160
  • هند أحمد
    هند أحمد

    السلام عليكم
    ما المقصود بشرك الطاعة والمحبة المذكور في الكتاب ؟

    0
    • أ.د.لطف الله عبد العظيم خوجه
      أ.د.لطف الله عبد العظيم خوجه

      هي معرفة في الكتاب!
      فشرك الطاعة: طاعة المخلوق في المعصية معتقدا أن له أن يحلل ويحرم.
      وشرك المحبة: محبة المخلوق محبة يقدمه بها على طاعة الخالق مطلقا، أو فيما ينقض إيمانه، وتسمى محبة التأله والعبودية والخلة.

      0
    • أظهر المزيد من الردود
  • قارئة
    قارئة

    السلام عليكم .. ما معنى الفناء والاصطلام والمحو والسكر والجذب والوجد والاضمحلال ؟ ص ١٠١

    0
  • فاطمة العطاس
    فاطمة العطاس

    الغزالي
    هل هو صاحب كتاب إحياء علوم الدين؟؟
    وهل هو من المتصوفة؟

    0
  • فاطمة
    فاطمة

    ذكرت في كتابك ص ١٠٠ نقلًا عن الدكتورة سعاد الحكيم وأنها باحثة في التصوف ، هل ترى من المناسب قراءة كتاباتها وأبحاثها في التصوف ؟ ولها بعد مقاطع يوتيوب

    0
  • أحمد
    أحمد

    أثابكم الله
    في ص93 كُتب [ ولم يعرف اللقب بعضهم فنسبهم للتوكل '' الصفة''] عذراً لم أفهم العبارة، ما المقصود للتوكل الصفة هل من توضيح
    وجزاكم الله خيرا

    0