الإنسان الكامل في الفكر الصوفي - عرض ونقد -

الأوراد/ الورد الثاني (٤٧ - ٨٠)

هذا ملخص يتضمن أهم النقاط الرئيسية والأفكار المهمة؛ لذا هو لا يغني عن الكتاب، صممناه لكم بشكل مريح يساعد على ترتيب المعلومة وفهمها

  • بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد، فهذا التعليق الثاني على الفصل الأول، بقي فيه مبحثان نتكلم عنهما في هذه المرة، مبحث المتعلق بالفرق بين الخالق والمخلوق والمبحث الأخير وهو السادس وهو (الطريق إلى السمو الإنسانية) وذلك بالالتزام بالإسلام اعتقادًا وعملًا. إذا رجعنا إلى المبحث المتعلق بالخالق والمخلوق والفرق بينهما فهذا مبحث مهم جدًا في بيان موقع الإنسان وأنه مهما كان لن يبلغ أن يكون في مقام الخالق لا جزءًا ولا كلًّا لأن الله سبحانه وتعالى قد تميز عن خلقه في ثلاثة أصول: في ذاته وفي صفاته وفي أفعاله فهو سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وكما قال سبحانه تعالى {هل تعلم له سميًّا} {ولم يكن له كفوًا أحد} فالله عز وجل لا ند له ولا نظير ولا كفؤ ولا سميّ، فالله عز وجل هو الذي خلق الإنسان هو الذي أوجد الإنسان أوجد ذات الإنسان وأفعاله وصفاته وكذلك سائر المخلوقات، فلا يمكن أبدًا أن يتداخل الخالق والمخلوق في الشبه وأن يكون للمخلوق شيء من صفات الخالق، وهذه قضية مدركة بالعقل قبل أن تكون مدركة بالشرع ,ومع ذلك خالف في ذلك الصوفية فأسبغوا على الإنسان أو على الأقل الفكر الصوفي أسبغعلى الإنسان أفعالًا كأفعال الله وصفاتًا كصفات الله سبحانه وتعالى وألحقت ذاتها الإنسان بالذات الإلاهية وذلك بفكرة الحلو والاتحاد، بل وصلوا إلى أكثر من ذلك إلى أن قالوا بالوحدة وهو نوع من الاندماج ما بين الخلق والخالق، الخلق بجميع أجناسه وأصنافه وأنواعه، هذا الفصل أو هذا المبحث يقرر طريقة الإسلام في التأكيد والتوكيد على هذا الفرق بين الخالق والمخلوق وأنه لا يمكن أن يقع بينهما شبه لا في الذات ولا في الصفات ولا في الأفعال وإن كان ثمة شيء بين المخلوق والخالق ففي الأسماء، ففي الأسماء وفي أصل ما يمكن فهمه من الأفعال، أما الأسماء فالحيّ سبحانه وتعالى له أسماء وللمخلوق أسماء قد تتشابه هذه الأسماء، مثل أن يُقال عن العبد أنه (رحيم كريم جواد) وكذلك يقال عن الله سبحانه وتعالى (رحيم كريم جواد)، فلله عز وجل من الأسماء ما هي* مشتركة مع الخالق والمخلوق في أسماءها في ألفاظها مثل ما ذُكِر، ولله سبحانه وتعالى أسماء قد اختصّ بها لا يجوز للعبد أن يتخلق بها أو يتسمّى بها كالجبّار ونحو ذلك، المتكبر، فهذه لا يجوز للعبد أن يتسمّى بها ويتخلق بها لأنه خروج عن القدْر الذي هو عليه، وهناك أسماء لله سبحانه وتعالى وأوصاف يتعذر على العبد أن يتسمّى بها ويتخلق بها البتة مثل الخالق البارئ المصور، فهذه لا يمكن للإنسان حتى لو ادّعى، قد يدعي الكِبْر قد يدعي الجلال قد يدعي التجبّر لكن لا يمكن أن يدعي الخلق ولا البُرء ولا التصوير فهذه أمور لله سبحانه وتعالى، فإذا صار هناك تشابه في الاسم فلا يعني أن هذا تمثيل بالمخلوق أو تمثيل للمخلوق بالخالق، وكذلك في الصفات عندما يخبر الله سبحانه وتعالى عن نفسه أن له صفات، أنه يضحك وأنه ينزل وأنه يرضاوالعبد كذلك فإننا نفهم هذه الصفات ومعانيها من حيث الأصل لكن لا شبه في حقيقة الصفة بين الخالق والمخلوق فرضا الله عزّ وجل ليس كرضاالمخلوق وكذلك أوصافه الأخرى اللازمة يده سبحانه وتعالى ووجهه، استوائه على عرشه، ليست كما يرد على العبد وما يكون من العبد {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} ولذلك مذهب السلف في هذه الصفات أن {أمِرُّوها كما جاءت بلا تكييف}، كما قال الإمام مالك: "الاستواء معلوم والكيف مجهول" فالاستواء معلوم في كلام العرب وقد خوطبنا بكلام عربي مبين فنفهم ما يُراد بالمعنى، لكن حقيقة تلك الصفات لا نعرفها لأنه قبل ذلك لا بد من معرفة حقيقة الذات وأن الله تعالى لم يطلعنا على الحقائق فيما يتعلق بصفاته كما لم يطلعنا على  الحقائق المتعلقة بالأخرة فلذلك لا يمكن أن نُفتي في ذلك وأن ندعي شيئًا لا نعلمه، ولتأكيد وبيان الفرق بين الخالق والمخلوق أن نعلم أن ما يتعلق بالله سبحانه وتعالى من حيث توحيده وتوحيد الربوبية الأسماء الصفات، والله جل وعلى متميز في ربوبيته في الملك والخلق والتدبير وما لحق هذه الأوصاف من معانٍ أُخر، كذلك متميز في ألوهيته فهو سبحانه وتعالى المعبود وهو الذي يُدعى ويُسأل في شيء هو الذي يقدر هو عليه ولا يُسأل المخلوق ولا يُدعى ولا يُرجى ولا يُستغاث ولا يُستعاذ به في شيء لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وتعالى، كما أنه لا يُحب المخلوق مثل محبة الله ولا يُرجى مثل رجاء الله ولا يُخاف مثل خوف الله ولا يُتوكل على المخلوق ولا يُذبح للمخلوق بنية التقرب ولا يُنذر للمخلوق، فالإسلام وضع كل الضوابط والقواعد والمفاهيم والمصطلحات التي تميز الخالق عن المخلوق والمخلوق عن الخالق حتى لا ترتقي بالمخلوق لمقام الخالق وهمًا وظنًا وكذبًا وزورًا، هذا  ملخص ما يتعلق بهذا المبحث. أما الطريق إلى (سمو الإنسانية بالالتزام بالإسلام اعتقادًا وعملًا) فهذا عنوان مقصود، بمعنى أنه إذا أراد الإنسان أن يسمو ويرتفع وأن يكون له المقام اللائق فإنه لا طريق له لذلك السمو والارتفاع إلا أن يلتزم بذلك الدين الذي نزل من عند الذي خلقه، فالله أنزل له طريقًا أرشده إليه وبه يكون سموه، ولا يكون له سمو البتة لا في روحه ولا في بدنه بالتزام طريق آخر غير طريق الإسلام، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الإنسان ويعرف ما الذي يعرفه وما الذي يرقّيه ويسمو به، فإذا ابتدع الناس من عندهم طرقًا للسمو والارتفاع فذلك غير نافع لهم ولن يرفعهم ولن يسمو بهم البتة لأنه سيكون طريقًا مضادًا ومغايرًا للطريق الذي وضعه الخالق، ومن الذي وضعه؟ الذي وضعه مخلوق والمخلوق لا يمكن أبدًا أن يتوصل إلى ما يمكن أن يكون فيه سمو، المخلوق مثله لأنه فيه الضعف وفيه العجز وفيه الجهل وفيه نقص العلم ولا يخلو من هواه، وهذه الأمور مانعة من إدراكه ما الذي ينفعه وما الذي يرتقي به، لا يعرف ذلك إلا الذي تنزه عن الهوى، تنزه عن النقص وكمُل علمه، ولم يتطرق إليه شيء من الجهل ولا الضعف ولا النسيان فهو الله سبحانه وتعالى وفوق ذلك فهو أرحم ما يكون وهو أعلم ما يكون وأعظم ما يكون فإنه سبحانه وتعالى هو الذي يختار للإنسان ويعلمه ما يكون فيه ارتقاءه، فلا يمكن أن يسمو الإنسان ويرتقي كما يشاء وإن كان إنسانًا كاملًا لو أردنا أن نأخذ هذا المصطلح الذي أتى به المتصوفة، فإن ذلك طريق من يلتزم طريق الإسلام لا طريق دين حُرِّف كاليهودية والنصرانية فإنها أديان لو بقيت كما هي لم تُحرف لكان واجبًا على أتباعها أن يتبعوا النبي صلّالله عليه وسلم لأن رسالة النبي صلالله عليه وسلممحمد خاتمة وهو أُرسل للناس كافة، وهو يقول عليه الصلاة والسلام "لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا كان من أهل النار"، فما بالك إذا كان دينًا محرفًا؟ فما بالك إذا كان دينًا وضعيًا من وضع البشر؟ فهذا لا يمكن أن يُوصل إلى الله سبحانه وتعالى، ولو تأملنا وتفحصنا في هذه الأديان المحرفة فإنها لا تثبت عقلًا ولا نقلًا فإنها ليس لها سند تصل بالله سبحانه تعالى فالكتب الإنجيل والتوراة فيها من التحريف ما الله به عليم، وشهد بذلك كبار علماء المسيحية والنصرانية، يدركون هذا فسنده منقطع فإنه كُتبَ متأخر، فإن أول إنجيل كتب بينه وبين عيسى تسع سنوات، والآخر أكثر ستين سنة ولم يكتب في ظروف تسمح بالدقة في تدوينه لما كان عليه الحواريين من ملاحقة من اليهود الذين أعادوا المسيح، ولذلك السند منقطع بخلاف القرآن الكريم فإن الله تعالى تكفل بحفظه فهو باقٍ على ذلك الحفظ وتناقله الملايين من البشر. وإذا جئنا من حيث المعقول فإن في الإنجيل التوراة أمور غير معقول من اتهام الأنبياء بالنقص والكذب والزور والفاحشة والشرك وكل الآفات حتى بالسرقة، وهذا أمر مناقض للعقل فكيف يرسل الله أنبياء لإصلاح الناس وهم فاسدون؟ فكيف يصلح الناس ورسلهم وقدواتهم فيهم هذا الفساد والانحراف؟ هذا لا يمكن، ففي تعاليم الإنجيل والتوراة أمور تخالف العقل، التثليث وهو اعتبار أن الآلهة ثلاثة في واحد، هذا حتى رياضيًا ومنطقيًا غير مقبول وغير مقنع وهو محرج لهؤلاء النصارى. فإذا جئنا من حيث الميزان الذي يمكن أن يُقبل به دين الصدق   وثبوته من حيث الاتصال السندي والعقل من حيث المعقولية والمنطقية وأيضًا الفطرة فإنها كلها تناقض ولا تقبل لكن نأتي للقرآن والسنة نجد أنها ثابتة بالسند فهذا الصدق وأيضًا من حيث العقل فهذا مقبول، فعقلًا مقبول ليس هناك تناقض {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا} وعلى ذلك فالإسلام ثابت من حيث الاعتقاد أنه الدين الصحيح من عند الله سبحانه وتعالى، وقد تعرض لكثير من الهجمات خلال هذه القرون الماضية ولكنه ثابت ويزداد وينتشر وبقوة، إلا أنه يرجع أيضًا إلى الفطرة، فإنه متفق مع الفطرة، ما حُدِّث إنسان بالإسلام وليس هناك غبش ولا تشويه إلا قبل الإسلام مباشرة، فهذا الشق ما يتعلق بالاعتقاد، وأما العمل فالإسلام يأمر بالعمل ولذلك معتقد أهل السنة والجماعة أن الإيمان قول وعمل، ولا يمكن للإنسان أن يرتقي بمجرد الاعتقاد، لا بد أن يتبع ذلك بالعمل وعلى هذا قاعدة أهل السنة والجماعة أنه لا بد من عمل القلب وعمل الجوارح وبذلك يزكو الإنسان. هذا مختصر ما يتعلق بالفصل الأول من تعليق والحمد لله رب العالمين وصلّ الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله ربِّ العالمين.
    تعليق على الورد الثاني٢

    بصوت الكاتب

    6
    3
    00:00
    تحميل
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
فهذا التعليق الثاني على الفصل الأول، بقي فيه مبحثان نتكلم عنهما في هذه المرة، مبحث المتعلق بالفرق بين الخالق والمخلوق والمبحث الأخير وهو السادس وهو (الطريق إلى السمو الإنسانية) وذلك بالالتزام بالإسلام اعتقادًا وعملًا. إذا رجعنا إلى المبحث المتعلق بالخالق والمخلوق والفرق بينهما فهذا مبحث مهم جدًا في بيان موقع الإنسان وأنه مهما كان لن يبلغ أن يكون في مقام الخالق لا جزءًا ولا كلًّا لأن الله سبحانه وتعالى قد تميز عن خلقه في ثلاثة أصول:

في ذاته
وفي صفاته
وفي أفعاله

فهو سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وكما قال سبحانه تعالى {هل تعلم له سميًّا} {ولم يكن له كفوًا أحد} فالله عز وجل لا ند له ولا نظير ولا كفؤ ولا سميّ، فالله عز وجل هو الذي خلق الإنسان هو الذي أوجد الإنسان أوجد ذات الإنسان وأفعاله وصفاته وكذلك سائر المخلوقات، فلا يمكن أبدًا أن يتداخل الخالق والمخلوق في الشبه وأن يكون للمخلوق شيء من صفات الخالق، وهذه قضية مدركة بالعقل قبل أن تكون مدركة بالشرع ,ومع ذلك خالف في ذلك الصوفية فأسبغوا على الإنسان أو على الأقل الفكر الصوفي أسبغعلى الإنسان أفعالًا كأفعال الله وصفاتًا كصفات الله سبحانه وتعالى وألحقت ذاتها الإنسان بالذات الإلاهية وذلك بفكرة الحلو والاتحاد، بل وصلوا إلى أكثر من ذلك إلى أن قالوا بالوحدة وهو نوع من الاندماج ما بين الخلق والخالق، الخلق بجميع أجناسه وأصنافه وأنواعه، هذا الفصل أو هذا المبحث يقرر طريقة الإسلام في التأكيد والتوكيد على هذا الفرق بين الخالق والمخلوق وأنه لا يمكن أن يقع بينهما شبه لا في الذات ولا في الصفات ولا في الأفعال وإن كان ثمة شيء بين المخلوق والخالق ففي الأسماء، ففي الأسماء وفي أصل ما يمكن فهمه من الأفعال، أما الأسماء فالحيّ سبحانه وتعالى له أسماء وللمخلوق أسماء قد تتشابه هذه الأسماء، مثل أن يُقال عن العبد أنه (رحيم كريم جواد) وكذلك يقال عن الله سبحانه وتعالى (رحيم كريم جواد)، فلله عز وجل من الأسماء ما هي* مشتركة مع الخالق والمخلوق في أسماءها في ألفاظها مثل ما ذُكِر، ولله سبحانه وتعالى أسماء قد اختصّ بها لا يجوز للعبد أن يتخلق بها أو يتسمّى بها كالجبّار ونحو ذلك، المتكبر، فهذه لا يجوز للعبد أن يتسمّى بها ويتخلق بها لأنه خروج عن القدْر الذي هو عليه، وهناك أسماء لله سبحانه وتعالى وأوصاف يتعذر على العبد أن يتسمّى بها ويتخلق بها البتة مثل الخالق البارئ المصور، فهذه لا يمكن للإنسان حتى لو ادّعى، قد يدعي الكِبْر قد يدعي الجلال قد يدعي التجبّر لكن لا يمكن أن يدعي الخلق ولا البُرء ولا التصوير فهذه أمور لله سبحانه وتعالى، فإذا صار هناك تشابه في الاسم فلا يعني أن هذا تمثيل بالمخلوق أو تمثيل للمخلوق بالخالق، وكذلك في الصفات عندما يخبر الله سبحانه وتعالى عن نفسه أن له صفات، أنه يضحك وأنه ينزل وأنه يرضاوالعبد كذلك فإننا نفهم هذه الصفات ومعانيها من حيث الأصل لكن لا شبه في حقيقة الصفة بين الخالق والمخلوق فرضا الله عزّ وجل ليس كرضاالمخلوق وكذلك أوصافه الأخرى اللازمة يده سبحانه وتعالى ووجهه، استوائه على عرشه، ليست كما يرد على العبد وما يكون من العبد {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} ولذلك مذهب السلف في هذه الصفات أن {أمِرُّوها كما جاءت بلا تكييف}، كما قال الإمام مالك: "الاستواء معلوم والكيف مجهول" فالاستواء معلوم في كلام العرب وقد خوطبنا بكلام عربي مبين فنفهم ما يُراد بالمعنى، لكن حقيقة تلك الصفات لا نعرفها لأنه قبل ذلك لا بد من معرفة حقيقة الذات وأن الله تعالى لم يطلعنا على الحقائق فيما يتعلق بصفاته كما لم يطلعنا على  الحقائق المتعلقة بالأخرة فلذلك لا يمكن أن نُفتي في ذلك وأن ندعي شيئًا لا نعلمه، ولتأكيد وبيان الفرق بين الخالق والمخلوق أن نعلم أن ما يتعلق بالله سبحانه وتعالى من حيث توحيده وتوحيد الربوبية الأسماء الصفات، والله جل وعلى متميز في ربوبيته في الملك والخلق والتدبير وما لحق هذه الأوصاف من معانٍ أُخر، كذلك متميز في ألوهيته فهو سبحانه وتعالى المعبود وهو الذي يُدعى ويُسأل في شيء هو الذي يقدر هو عليه ولا يُسأل المخلوق ولا يُدعى ولا يُرجى ولا يُستغاث ولا يُستعاذ به في شيء لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وتعالى، كما أنه لا يُحب المخلوق مثل محبة الله ولا يُرجى مثل رجاء الله ولا يُخاف مثل خوف الله ولا يُتوكل على المخلوق ولا يُذبح للمخلوق بنية التقرب ولا يُنذر للمخلوق، فالإسلام وضع كل الضوابط والقواعد والمفاهيم والمصطلحات التي تميز الخالق عن المخلوق والمخلوق عن الخالق حتى لا ترتقي بالمخلوق لمقام الخالق وهمًا وظنًا وكذبًا وزورًا، هذا  ملخص ما يتعلق بهذا المبحث.
أما الطريق إلى (سمو الإنسانية بالالتزام بالإسلام اعتقادًا وعملًا) فهذا عنوان مقصود، بمعنى أنه إذا أراد الإنسان أن يسمو ويرتفع وأن يكون له المقام اللائق فإنه لا طريق له لذلك السمو والارتفاع إلا أن يلتزم بذلك الدين الذي نزل من عند الذي خلقه، فالله أنزل له طريقًا أرشده إليه وبه يكون سموه، ولا يكون له سمو البتة لا في روحه ولا في بدنه بالتزام طريق آخر غير طريق الإسلام، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الإنسان ويعرف ما الذي يعرفه وما الذي يرقّيه ويسمو به، فإذا ابتدع الناس من عندهم طرقًا للسمو والارتفاع فذلك غير نافع لهم ولن يرفعهم ولن يسمو بهم البتة لأنه سيكون طريقًا مضادًا ومغايرًا للطريق الذي وضعه الخالق، ومن الذي وضعه؟ الذي وضعه مخلوق والمخلوق لا يمكن أبدًا أن يتوصل إلى ما يمكن أن يكون فيه سمو، المخلوق مثله لأنه فيه الضعف وفيه العجز وفيه الجهل وفيه نقص العلم ولا يخلو من هواه، وهذه الأمور مانعة من إدراكه ما الذي ينفعه وما الذي يرتقي به، لا يعرف ذلك إلا الذي تنزه عن الهوى، تنزه عن النقص وكمُل علمه، ولم يتطرق إليه شيء من الجهل ولا الضعف ولا النسيان فهو الله سبحانه وتعالى وفوق ذلك فهو أرحم ما يكون وهو أعلم ما يكون وأعظم ما يكون فإنه سبحانه وتعالى هو الذي يختار للإنسان ويعلمه ما يكون فيه ارتقاءه، فلا يمكن أن يسمو الإنسان ويرتقي كما يشاء وإن كان إنسانًا كاملًا لو أردنا أن نأخذ هذا المصطلح الذي أتى به المتصوفة، فإن ذلك طريق من يلتزم طريق الإسلام لا طريق دين حُرِّف كاليهودية والنصرانية فإنها أديان لو بقيت كما هي لم تُحرف لكان واجبًا على أتباعها أن يتبعوا النبي صلّالله عليه وسلم لأن رسالة النبي صلالله عليه وسلممحمد خاتمة وهو أُرسل للناس كافة، وهو يقول عليه الصلاة والسلام "لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا كان من أهل النار"، فما بالك إذا كان دينًا محرفًا؟ فما بالك إذا كان دينًا وضعيًا من وضع البشر؟ فهذا لا يمكن أن يُوصل إلى الله سبحانه وتعالى، ولو تأملنا وتفحصنا في هذه الأديان المحرفة فإنها لا تثبت عقلًا ولا نقلًا فإنها ليس لها سند تصل بالله سبحانه تعالى فالكتب الإنجيل والتوراة فيها من التحريف ما الله به عليم، وشهد بذلك كبار علماء المسيحية والنصرانية، يدركون هذا فسنده منقطع فإنه كُتبَ متأخر، فإن أول إنجيل كتب بينه وبين عيسى تسع سنوات، والآخر أكثر ستين سنة ولم يكتب في ظروف تسمح بالدقة في تدوينه لما كان عليه الحواريين من ملاحقة من اليهود الذين أعادوا المسيح، ولذلك السند منقطع بخلاف القرآن الكريم فإن الله تعالى تكفل بحفظه فهو باقٍ على ذلك الحفظ وتناقله الملايين من البشر. وإذا جئنا من حيث المعقول فإن في الإنجيل التوراة أمور غير معقول من اتهام الأنبياء بالنقص والكذب والزور والفاحشة والشرك وكل الآفات حتى بالسرقة، وهذا أمر مناقض للعقل فكيف يرسل الله أنبياء لإصلاح الناس وهم فاسدون؟ فكيف يصلح الناس ورسلهم وقدواتهم فيهم هذا الفساد والانحراف؟ هذا لا يمكن، ففي تعاليم الإنجيل والتوراة أمور تخالف العقل، التثليث وهو اعتبار أن الآلهة ثلاثة في واحد، هذا حتى رياضيًا ومنطقيًا غير مقبول وغير مقنع وهو محرج لهؤلاء النصارى. فإذا جئنا من حيث الميزان الذي يمكن أن يُقبل به دين الصدق   وثبوته من حيث الاتصال السندي والعقل من حيث المعقولية والمنطقية وأيضًا الفطرة فإنها كلها تناقض ولا تقبل لكن نأتي للقرآن والسنة نجد أنها ثابتة بالسند فهذا الصدق وأيضًا من حيث العقل فهذا مقبول، فعقلًا مقبول ليس هناك تناقض {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا} وعلى ذلك فالإسلام ثابت من حيث الاعتقاد أنه الدين الصحيح من عند الله سبحانه وتعالى، وقد تعرض لكثير من الهجمات خلال هذه القرون الماضية ولكنه ثابت ويزداد وينتشر وبقوة، إلا أنه يرجع أيضًا إلى الفطرة، فإنه متفق مع الفطرة، ما حُدِّث إنسان بالإسلام وليس هناك غبش ولا تشويه إلا قبل الإسلام مباشرة، فهذا الشق ما يتعلق بالاعتقاد، وأما العمل فالإسلام يأمر بالعمل ولذلك معتقد أهل السنة والجماعة أن الإيمان قول وعمل، ولا يمكن للإنسان أن يرتقي بمجرد الاعتقاد، لا بد أن يتبع ذلك بالعمل وعلى هذا قاعدة أهل السنة والجماعة أنه لا بد من عمل القلب وعمل الجوارح وبذلك يزكو الإنسان.
هذا مختصر ما يتعلق بالفصل الأول من تعليق والحمد لله رب العالمين وصلّ الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله ربِّ العالمين.

← قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله : التفويض نوعان :تفويض المعنى ، وتفويض الكيفية . فأهل السنة والجماعة يفوضون الكيفية ، ولا يفوضون المعنى ، بل يقرُّون به ، ويثبتونه ، ويشرحونه ، ويقسمونه ، فمن ادعى أن أهل السنة هم الذين يقولون بالتفويض - ويعني به تفويض المعنى - فقد كذب عليهم ». لقاء الباب المفتوح (67/24) التفويض : التفويض داخل ضمن الإلحاد في أسماء الله وأفرد ههنا لأن فيه مزيد حديث، وفيما يلي خلاصة عنه: ١- التفويض في اللغة يدور حول عدة معان منها: الرد إلى الشيء، والتحكيم فيه، والتوكيل. وفي باب الأسماء والصفات: هو الحكم بأن معاني نصوص الصفات مجهولة غير معقولة، لا يعلمها إلا الله. أو هو إثبات الصفات، وتفويض المعنى والكيفية. ٢- القائلون بالتفويض صنفان: أ- صنف يزعمون: أن ظواهر النصوص تقتضي التمثيل، فيحكمون بأن المراد خلاف ظاهرها، وأنه غير مراد. ب- وصنف يقولون: تُجرى على ظاهرها، ولها تأويلٌ يخالف الظاهر لا يعلمه إلا الله، وهؤلاء متناقضون. ٣- ظهور مقالة التفويض: ظهرت بوادر التفويض في مطلع القرن الرابع لأسباب منها: أ- الفهم الخاطئ لمذهب السلف؛ حيث ظن أهل التفويض أن السلف يفوضون المعنى والكيفية مع أن السلف يثبتون المعنى، ويفوضون الكيفية. ب- الاعتماد على الأصول الفلسفية اليونانية في تقرير الأسماء والصفات، واستعمال مصطلحاتهم كالجسم، والحيِّز. جـ - دعوى الخوف على عقائد العوام. ٤- أمور ساعدت على ظهور مقالة التفويض: ساعد على ظهور مقالة التفويض أمور منها: أ- وقوعها من بعض الأئمة المشهورين برواية الحديث كالخطابي، والبيهقي، وأبي يعلى. ب- انحياز أحد أئمة التأويل - وهو أبو المعالي الجويني - إلى التفويض في آخر حياته. جـ - الفتيا بإلزام العوام بمذهب التفويض وأنه لا يسعهم إلا ذلك. د- استفاضة نسبة التفويض إلى السلف، وتقرير ذلك في كتب المقالات والملل. ٥- عمدة أهل التفويض في استدلالهم على مذهبهم بالقرآن هو الوقف على قوله - تعالى -: {وَمَاْ يَعْلَمُ تَأْوِيْلَهُ إِلاَّ الله} فبنوا شبهتهم على مقدمتين: أ- أن آيات الصفات من المتشابه. ب- أن التأويل الذي في الآية يُقصد به صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى يخالف الظاهر. والنتيجة: أن لآيات الصفات معنىً يخالف الظاهر لا يعلمه إلا الله. ولقد غلطوا في المقدمتين؛ فآيات الصفات من المحكم معناه، المتشابه في كيفيته وحقيقته. والتأويل في الآية له قراءتان مشهورتان عن السلف؛ فعلى الوقف يكون بمعنى الحقيقة والكيفية، وعلى قراءة الوصل يكون التأويل بمعنى التفسير. والتأويل في كلٍّ من القراءتين ليس بمعنى التأويل المُحْدَث الذي هو صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى يخالف الظاهر. ٦- لوازم على مذهب التفويض: يلزم على مذهب التفويض لوازم باطلة لا محيد عنها، منها القدح في حكمة الرب، والوقوع في تعطيل دلالة النصوص، وسد باب التدبر، والطعن في بيان القرآن، وتجهيل الأنبياء، وسلف الأمة. ٧- التفويض مصادم للنقل والعقل. مصطلحات في كتب العقائد، للشيخ محمد بن إبراهيم الحمد ص١١-١٣.

الأشاعرة نسبة إلى أبي الحسن الأشعري وهم كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية إنهم أقرب من غيرهم إلى معتقد أهل السنة والجماعة، وأن مذهبهم مركب من الوحي والفلسفة. والأشاعرة قد خالفوا أهل السنة والجماعة في خمس عشرة مسألة إحداها الأسماء والصفات، وقد بسط القول في مذهب الأشاعرة دراسة وبحثًا الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي في دراسة عن منهج الأشاعرة في العقيدة. أما نسبتهم إلى أبي الحسن الأشعري فهي ليست سليمة لكون أبي الحسن الأشعري قد تاب عن معتقده وألف كتابه "الإبانة" ومقالات الإسلاميين وقد بسط الكلام فيه عن العقيدة الصحيحة وتوبته عن ما كان يقوله. وقد أنكر الكثيرون من متأخري الأشاعرة نسبة هذه الكتب لأبي الحسن الأشعري. ومن معتقد الأشاعرة أنهم قالوا بأن لله سبع صفات عقلية يسمونها معاني هي: "الحياة - العلم - القدرة - الإرادة - السمع - البصر - الكلام" ونفوا التعليل في أفعال الله مطلقًا، وقالوا إن أحاديث الآحاد لا تثبت بها عقيدة، وقالوا بتقديم العقل على النقل عند التعارض، وأولوا آيات الصفات وغيرها من المعتقدات الأخرى. معجم ألفاظ العقيدة، لأبي عبدالله عامر عبدالله فالح ص٤٣،٤٢.

مأخوذ من "العطل": الذي هو الخلو والفراغ والترك ومنه قوله تعالى: ﴿وبئر معطلة﴾ أي أهملها أهلها وتركوا وردها. والتعطيل في جانب الله ينقسم إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: تعطيل المصنوع عن صانعه وخالقه، وهو المتمثل فيمن ينكر وجود خالق لهذا الكون، وهو قول الدهرية الملاحدة. القسم الثاني: تعطيل عبادته عز وجل، أي ما يجب له عز وجل على عباده حقيقة التوحيد وإفراده بالعبادة، وهو المتمثل في أهل الشرك الذين صرفوا شيئًا من العبادة لغير الله عز وجل. القسم الثالث: تعطيل الله سبحانه عن كماله المقدس بتعطيل أسمائه وأوصافه وأفعاله. وهذا القسم الثالث هو الذي نقصده هنا. فالمراد بالتعطيل في باب الأسماء والصفات هو: نفي الأسماء والصفات أو بعضها وسلبها عن الله. أو نقول: هو نفي الصفات الإلهية، وإنكار قيامها بذات الله تعالى. وقد وقع في التحريف والتعطيل طوائف، يجمعهم أهل العلم تحت مسمى المعطلة ، وينقسم المعطلة إلى قسمين رئيسيين هما: القسم الأول: الفلاسفة ، وهم صنفان : الصنف الأول: أهل الفلسفة البحتة. الصنف الثاني: أهل الفلسفة الباطنية وهي نوعان: أ- رافضية. ب- صوفية. والقسم الثاني : من المعطلة هم: أهم الكلام وهم خمسة أصناف: ١- الجهمية. ٢- المعتزلة. ٣- الكلابية. ٤- الأشاعرة. ٥-الماتريدية. معجم ألفاظ العقيدة، لأبي عبدالله عامر عبدالله فالح ص٩١-٩٣.

أصحاب الجهم بن صفوان أبو محرز السمرقندي الضال قال الذهبي في الميزان: هو رأس الجهمية هلك في زمان التابعين وما علمته روى شيئًا لكنه زرع شرًا عظميًا، وقال البخاري - في رسالة خلق أفعال العباد -: إن الجهم بن صفوان كان يأخذ من الجعد بن درهم الذي ضحى به والي العراق خالد القسري يوم الأضحى حينما خطب الناس فقال: أيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم فإني مضح بالجعد بن درهم زعم أن الله لم يتحذ إبراهيم خليلًا ولم يكلم موسى تكليمًا. والجهم بن صفوان ترك الصلاة أربعين يومًا شكًا لا يعرف ربه، وقد قتله سلم بن أحور حينما علم أن الجهم بن صفوان يقول مقالة الجعد بن درهم في أن الله لم يكلم موسى تكليما، وحينما ضرب سلم بن أحور رأس الجهم بن صفوان اسود وجهه. ومن بدع الجهمية التي عُرفوا بها أنهم ذهبوا إلى حدوث أسماء الرب وقالوا أسماء الرب تعالى غيره وأسماء الله من كلامه وكلامه غيره، وقالوا ما كان غير الله فهو مخلوق بائن عن الله فعطلوا الأوصاف والأفعال والأسماء للرحمن . معجم ألفاظ العقيدة، لأبي عبدالله عامر عبدالله فالح ص١٢٩،١٢٨.

المعتزلة نسبة إلى الاعتزال وسبب تسميتهم بهذا الاسم أنه دخل رجل على الحسن البصري فقال: يا إمام الدين لقد ظهرت في زماننا جماعة يكفرون أصحاب الكبائر، فكيف تحكم في ذلك اعتقادًا؟ فتفكر الحسن في ذلك وقبل أن يجيب قال واصل بن عطاء الغزال: أنا لا أقول إن صاحب الكبيرة مؤمن مطلقًا ولا كافر مطلقًا، ثم قام واعتزل إلى أسطوانة من أسطوانات المسجد يقرر ما أجاب به على جماعة من أصحاب الحسن فقال الحسن: اعتزل عنا واصل بن عطاء، فسمي هو وأصحابه المعتزلة، وقيل هم سموا أنفسهم معتزلة وذلك عندما بايع الحسن بن علي معاوية وسلم إليه الأمر واعتزلوا الحسن ومعاوية، ولكن هذا القول ضعيف وأشهرها السبب الأول. والمعتزلة أصول اعتقادهم خمس، العدل والوعد والوعيد والمنزلة بين المنزلتين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتوحيد. وظاهر هذه الأصول غير مراد أهل السنة والجماعة ولكنهم لبسوا فيها الخلق. والمعتزلة فرقهم كثيرة الواصلية والهذيلية والنظامية والبشرية والحايطية والمعمرية والمزدارية والثمامية والهشامية والجاحظية والخياطية والجبائية والهشمية. أما في الأسماء والصفات فقد سلبوا من الله الصفات وأثبتوا أسماءً مجردة خشية الوقوع في التجسيم. معجم ألفاظ العقيدة، لأبي عبدالله عامر عبدالله فالح ص٣٧٨،٣٧٧.

قال ابن منظور الخُلة الصَّداقة، يقال: خالَلْت الرجلَ خِلالاً. قال تعالى:«وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً» _النساء125_ قال شارح الطحاوية: إن الخلة أعلى أنواع المحبة. وإن الخليل في الأصل: هو المحبوب الذي تخللت محبته شغاف القلب، وبلغت محبته النهاية.والله تعالى اتخذ ابراهيم خليلا أي محبوبا. والخُلة: هي غاية المحبةوكمالها، وهى ثابتة لله على وجه يليق به. قال تعالى: ( وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَليلا) قال ابن كثير رحمه الله اِتَّخَذَ اللَّه إِبْرَاهِيم خَلِيلًا " َهَذَا مِنْ بَاب التَّرْغِيب فِي اِتِّبَاعه لِأَنَّهُ إِمَام يُقْتَدَى بِهِ حَيْثُ وَصَلَ إِلَى غَايَة مَا يَتَقَرَّب بِهِ الْعِبَاد لَهُ فَإِنَّهُ اِنْتَهَى إِلَى دَرَجَة الْخُلَّة الَّتِي هِيَ أَرْفَع مَقَامَات الْمَحَبَّة وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِكَثْرَةِ طَاعَته لِرَبِّهِ كَمَا وَصَفَهُ بِهِ فِي قَوْله وَإِبْرَاهِيم . قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله الخلة هي كمال المحبة المستلزمة من العبد كمال العبودية لله. وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [ إنّ الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً ] وقال صلى الله عليه وسلم: [ لو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً،ولكن صاحبكم خليل الرحمن ] وعلق الشيخ الالباني على قوْل صاحب الطحاوية وحبيب رب العالمين فقال رحمه الله بل هو خليل رب العالمين فإن الخلة أعلى مرتبة من المحبة وقال الشيخ الفوزان حفظه الله : حبيب رب العالمين هذه العبارة فيها مؤاخذة؛ لأنه لا يكفي قوله : حبيب ، بل هو خليل رب العالمين؛ والخلة أفضل من مطلق المحبة؛ فالمحبة درجات ، أعلاها الخلة ، وهي خالص المحبة ، ولم تحصل هذه المرتبة إلا لاثنين من الخلق إبراهيم عليه الصلاة والسلام وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ، ونبينا عليه الصلاة والسلام ،فقد أخبر بذلك فقال : إن الله اتخذني خليلًا كما اتخذ إبراهيم خليلًا . فلا يقال : حبيب الله؛ لأن هذا يصلح لكل مؤمن ، فلا يكون للنبي صلى الله عليه وسلم في هذا ميزة، أما الخلة فلا أحد يلحقه فيها . فتاوى/شيخ الإسلام. العلامة/صالح الفوزان(التعليقات المختصرة على الطحاوية) روضة المحبين.

إذا كان هناك من يقول إن الإنسان: (مدني بطبعه) ،فينبغي أن نقول: ( إن الإنسان متدين بفطرته) لأن للإنسان قوتين : علمية نظرية. وعلمية إرادية. وسعادته موقوفة على استكمالهما ولا يتحقق إلا بما يلي : 1/معرفة الإله الحق الذي أوجده من العدم وأسبغ عليه النعم. 2/معرفة أسماءه وصفاته والطريق الموصلة إليه سبحانه. 3/معرفة النفس معرفة حقيقية ومعرفة ما يصلحها وما يفسدها. ومعرفة الدين الصحيح هو الدرع الواقي للمجتمع ، لأن الحياة البشرية لا تقوم إلا على التعاون بين أفرادها ،ولا يتم التعاون إلا بنظام يكفل حقوقهم ، وينظم علاقاتهم وهذا لايتم إلا بسلطان وازع يردع النفس عن انتهاكه ، ويرغبها في المحافظة عليه.. وليس على وجه الأرض قوة تكافئ (قوة التدين) في كفالة احترام النظام.. وضمان تماسك المجتمع. د.محمد السحيم أستاذ العقيدة/ جامعة الملك سعود.

إطلاق " الأديان السماوية " على اليهودية والنصرانية فيه تفصيل : إن من أراد أصول هذه الأديان وشرائعها التي أنزلت على موسى وعيسى عليهما السلام ، وما اشتمل عليهما التوراة والإنجيل المنزلين من الهدى والنور ، فهي لا شك أديان سماوية بهذا الاعتبار والإسلام إنما جاء يكمل هذه الأديان تكميلا مهيمنا ، وناسخا ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ) المائدة/ 48 . أما من يقصد بإطلاقه " الأديان السماوية " ما عليه اليهود والنصارى اليوم من عقائد محرفة ، وكتب مبدلة ، وشرائع منسوخة مشوهة ، فهذا إطلاق باطل لا يصح ؛ لأن التحريف الذي أصاب هاتين الديانتين قطع الصلة بين واقعهما الحالي وبين السماء ، فلم تعد سماوية أبدا ، بل هي ـ على تلك الحال ـ أديان أرضية ، وبهذا نعلم أن إطلاق " الأديان السماوية " في سياق الحديث عن اليهودية والنصرانية بعد البعثة المحمدية ، جائز لا حرج فيه ، على اعتبار أن هذا الإطلاق يراد به هذه الديانات في أصلها السابق الذي نزلت عليه ، وأساس التوحيد الذي بعثت به. العلامة/ محمد بن عثيمين رحمه الله.

(لِعَلّات) : عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( أنا أولى الناسِ بِعِيسَى ابنِ مريمَ في الدنيا و الآخرةِ ، ليس بَيْنِي و بينَهُ نَبِيٌّ ، و الأنْبياءُ أوْلادُ عَلَّاتٍ ؛ أُمَّهاتُهُمْ شَتَّى ، و دِينُهُمْ واحِدٌ.)صحيح البخاري. قال العلماء : أولاد العلات بفتح العين المهملة وتشديد اللام هم الإخوة لأب من أمهات شتى. أي: الأنبياءُ أُخُوَّتُهم هي في النبوة وليس في الدم، فأبوهم في النبوة هو واحد وهو آدم عليه السلام، ولذلك الرسول صلى الله عليه وسلم هو أولى بعيسى عليه السلام لأنه لا يوجد أخٌ نبيٌ يفصل بينهما في بعثة النبوة تماما. أن الأنبياء جميعَهم بإختلاف ما يُوحي إليهم من شرائع، ينتسبون إلى دينٍ واحدٍ وهو دين الإسلام كما ينتسب الأخوةُ من أمهاتٍ مُختلفاتٍ لأبٍ واحدٍ. ما يفيد أن أصل دعوتهم واحدة وهي دعوة التوحيد مع إختلاف الدعوة التي كُلِفَ النبيُ في تبليغها تماماً كالإخوة من عَلّاتٍ أصلُ منشئهم واحدٌ وهو الأب مع إختلاف الأرحام التي نشأوا منها. يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله : " معنى الحديث أن أصل دينهم واحد وهو التوحيد وإن اختلفت فروع الشرائع " انتهى من " فتح الباري " (6/489)

لا يوجد مناقشات
إذا كانت الفطرة هي الإسلام، والإنسان فُطر عليه، فلا يصلح إذن ولا يستقيم إلا بما يوافق فطرته، وذلك لا يكون إلا بشريعة إلهية منزلة، تستقر في قلبه وعقله.
كتاب الإنسان الكامل في الفكر الصوفي لد. لطف الله خوجة : 64
إن الإتفاق والتشابه بين الخالق والمخلوق كائن في اسم الصفة وأصل معناها دون الحقيقة، ولذا فإن الصواب في التفويض ، هو تفويض الكيفية لا المعنى وهذا هو مذهب السلف.

الإنسان الكامل في الفكر الصوفي.ص/49
الضابط والحد الفاصل بين ما يجب لله تعالى وما يجوز للمخلوق ، أن كل اعتقاد أو قول أو عمل ثبت أنه مأمور به من الشارع فصرفه لله وحده توحيد وإخلاص ، وصرفه لغير الله شرك وكفر.

الإنسان الكامل في الفكر الصوفي .ص/54
إن أصل التوحيد سؤال الله تعالى، كما أن أصل الشرك سؤال غير الله تعالى.
وتفسير هذا: أن من كان لا يسأل إلا الله تعالى ك، فليس للشرك إليه سبيل، والعكس بالعكس، من اعتاد سؤال الخلق تعلق قلبه بهم، وذلك سبيل إلى الشرك.

الإنسان في الفكر الصوفي، للدكتور لطف الله خوجة ص٥٢.
فهناك أمور مختصة بالخالق جل جلاله لا يجوز أن تبذل لغيره، وهو كل ما أمر به، لكن أمورًا هنالك يجوز إنزالها بالعبد، لكن بقدر محدود، كيلا ينتقل إلى قسم العبادة، التي هي حق من حقوق الله تعالى وحده، من ذلك: الدعاء. ويدخل فيه: الاستغاثة، والاستعاذة، والرجاء، والتوكل. ومن ذلك: الخوف، والمحبة، والطاعة.

الإنسان الكامل في الفكر الصوفي، للدكتور لطف الله خوجة ص٥٤.
الإنسان مفطور على التدين، فلا بد له من معبود، بغض النظر: هل يستحق العبادة أم لا؟، ولا يعرف في تاريخ البشرية أمة إلا ولها معبود تتقرب إليه، تخافه وترجوه.
ذلك أن الإنسان خلق ناقصًا، لا يملك شيئًا ملكًا حقيقيًا، ولا يقدر على كل حاجاته، فهو محتاج إلى قوة تملك تحقيق ذلك، ومن هنا صار تعبده لمن يعتقد أنه أقوى وأقدر على قضاء تلك الحوائج.
الإنسان الكامل في الفكر الصوفي، للدكتور لطف الله خوجة ص٥٩.
فكل الأدلة الشرعية والعقلية الصحيحة والتاريخية تؤكد أن الدين الإسلامي هو الصحيح، من حيث أخباره الصادقة، وأحكامه العادلة، وصفحاته المشرقة في تاريخ البشرية، وعلى ذلك فلا طريق للتزكية لتسمو النفس الإنسانية إلا باتباع النبي ﷺ والتدين بدين الإسلام.
الإنسان الكامل في الفكر الصوفي، للدكتور لطف الله خوجة ص٧١.
  • حور
    حور

    فضيلة الشيخ هل من الممكن أن تدلني على كتب أتعرف من خلالها على أفكار الصوفية وتعتبر من كتب المبتدئين

    0
  • منيرة حامد الغامدي
    منيرة حامد الغامدي

    مامعنى أن الخلاف بين الفرق الإسلامية ، خلاف قدَري كوني؟؟

    0
    • أ.د.لطف الله عبد العظيم خوجه
      أ.د.لطف الله عبد العظيم خوجه

      بمعنى: أن الله تعالى علمه، وكتبه في الأزل، وشاءه، وخلقه. فلا يحدث في الكون إلا ما شاء الله، وهذا معنى: (أن تؤمن بالقدر خيره وشره).

      0
    • أظهر المزيد من الردود