-
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد، فهذا هو التعليق الأول على الفصل الثالث وهو متعلق بمعنى الإنسان الكامل وهكذا نكون قد بدأنا في الولوج في صُلب موضوع الكتاب (الإنسان الكامل) فأول موضوعات فيه هو الكلام على معناه، والكلام على معناه يجرُّ إلى كلام على منزلته، منزلة الإنسان الكامل في الفكر الصوفي منزلة الهدف المحوري كما تعبر سعاد الحكيم، تقول: "الهدف الصوفي تمحور ثم تطور باتجاه الإنسان الكامل". حقيقة التصوف أنه يدور حول الإنسان وهذا الدوران ليس دورانًا لتحقيق عبودية له وبشرية وكونه مخلوقًا بل الخروج به إلى معنى آخر فأصل الفكر الصوفي ينظر إلى الإنسان على أنه كائن إلهي وربّاني باعتبار أنه كان متحدًّا في الأزل بالأقدس والكليّ والأول وهذا ما يسميه المتصوفة المسلمون (الإله)، (الله) أنه كان هذا المخلوق الإنسان وكذلك المخلوقات الأخرى إنما هي متحدة وجزء من هذه الذات المقدسة ثم انفصلت عنه ثم لها طريق للعودة إلى الاتصال به والاتحاد من جديد وهذه رحلة الحياة بالنسبة للمخلوق والإنسان. فإنه عندما انفصل عن هذا الأقدس تلبّس بهذه الغُلْف، الأجساد السفلية، فأصابه شقاء وعَنت وهو في محالة للتخلص من هذا الشقاء الذي هو فيه إلى أن يرتقي ويصعد من جديد ليتخلص من السفليات ويلتحق بالعلويات ويتحد من جديد ويرجع كما كان "ويبقى من لم يزل ويفنى من لم يكن" هذه هي الفكرة. فالفكرة تمحورت حول الإنسان بإعطاء مفهوم جديد كليّ له مختلف عمّا جاءت به الرسالات، الرسالات السماوية والرسل والكتب جاؤوا ببيان أن الإنسان مفارق للخالق سبحانه وتعالى في الأوصاف وفي الذات وفي الأفعال وأنه مباين لهم سبحانه وتعالى وليس هناك ثمة أوجه اتحاد ولا حلول فضلًا أن يكون هناك وحدة إلا ما كان من عبودية وعلاقة بين مخلوق وخالق. هذه الصورة غير متوافرة في الفكر الصوفي الذي نشأ في الحضارات القديمة، بل ينظر إلى الإنسان على أنه كائن إلهي ويعامله على هذا النحو، وقد وضع أُسسه وأفكاره ووسائله ووسائطه حول هذا المعنى، فمن ثم أعطى الإنسان الكامل أوصافًا وخصائصًا تتناسب مع هذا المقام، وهذا المصطلح (الإنسان الكامل) لم يكن بهذه الصورة وهذه الكلمات منذ ابتداء التصوف، إنما بدأت متأخرة ففي نطاق الصوفية تقريبًا يُعتبر ابن عربي الحاتم الطائي الصوفي هو المنظّر الأول والأوسع لهذه الفكرة. ما قبل لو قلنا لو أن التصوف تمحور حول فكرة الإنسان الكامل فأين هذا المصطلح في بداية القرن الثاني، الثالث، الرابع، إلى ما قبل ابن عربي؟ يقولون أنه ورد على ألسنة الإسماعيلية أصحاب رسائل إخوان الصفا، لكن لم يرد بلفظ الإنسان الكامل وإنما (السيد الكامل) وهو قريب وإن كان غير مطابق، لكن بلفظ (الإنسان الكامل) و(الإنسان الكلي) ونحو ذلك فهذه وردت على لسان ابن عربي. كونها لم ترد قبل ذلك لا يعني عدم وجودها لأنها كانت موجودة قبل ذلك بمرادفات أخرى تؤدي نفس المعنى وإن اختلفت ألفاظها وأشهرها: (الوليّ) و(القطب) و(الحقيقة المحمّدية) فهذه كانت موجودة منذ القرن الثالث. ومثل مصطلح (الحقيقة المحمدية) ترددت على لسان الحلّاج وغيره. وأما (الولي) و(القطب) فهي شائعة عندهم وهي تؤدي ذات المعنى وذات الغرض الذي لأجله وُضع مصطلح (الإنسان الكامل). فغاية ما عند ابن عربي أنه أتى بهذا المصطلح واستخرجه من ركام التاريخ ووضع عليه كلامه ودقق فيه وركّز وأتى بمعانٍ وأفكار لم يُسبق إليها من حيث الإثراء، لكن من حيث أصل الفكرة فهي موجودة عند المتصوفة القدماء على عادة تطور الأفكار والعلوم فإنها كانت في القديم تمتاز بأنها قليلة الكلمات كثيفة المعنى، وهكذا كان الأولون يتكلمون بكلام في بعض الأحيان يكون مُلغزًا ويحتاج إلى شرح، فكان بعضهم يفهم على بعض ولذلك لو تكلموا تكلموا كلماتٍ معدودة ولو كتبوا كتبوا كتبًا مختصرة لأنهم يعتمدون هذه الطريقة القائمة على البلاغة وعلى القدرة على التعبير بكلمات محدودة. أما المتأخرون فإنهم خرجوا عن هذا وصاروا يتكلمون كثيرًا ويؤدّون المعنى بألفاظٍ عديدة، وقد تخرج عن حد الحاجة فكثرت تصنيفاتهم ومؤلفاتهم وكثر كلامهم بما قد يكون لغوًا وخروجًا عن البلاغة والفصاحة، فابن عربي مثال على ذلك فإنه يدور حول فكرة لو جُمعت هذه الفكرة من كتبه كلها لاُختصرتْ كتبه إلى العشر وفي أكثر الحالات الربع، لكنه يدور حول القضية ويأتي بتعبيرات جديدة لم تُسبق. فهذا مثال عندنا مثال الإنسان الكامل، الإنسان الكامل جاء له بأوصاف كثيرة، سمّاه النسخة الشريفة أو النسخة الجامعة ومختصر الشريف، حقيقة الحقائق، كل شيء، أصل العالم، مركز الدائرة، المُفيض، روح العالم، نور محمد صلّ الله عليه وسلم، عين الجمع والوجود، مرآة الحق والحقيقة، وقِس على هذا. سعاد الحكيم تقول أنها أحصت ما يزيد على أربعين مرادفًا لهذه الكلمة من كلام ابن عربي وغيره لهذا المصطلح. لو أدرنا أن نفهم ما هو المعنى الذي يدور عليه هذا المصطلح، فهمنا سابقًا أنه حقيقة يريد أن يقرر إلهية الإنسان ومع ذلك يتكلمون بتفصيل ذلك فماذا يقولون؟ يقولون عن الإنسان الكامل أنه روح العالم وأن نسبته إليه -أي نسبة هذا الإنسان الكامل إلى العالم- كنسبة الروح الإنسان إلى البدن، إذًا الإنسان الكامل كأنه روح هذا العالم فبقاؤه ببقائه وكل رقيقة منه تمتد إليه لتمدّه وتحفظه، والإنسان الكامل موجود على الصورة الإلهية وهو مرآة الحق يرى الحق نفسه فيه وبه تعرف إلى الخلق وبدونه لا يُعرف لأنه على صورته أزلًا وأبدًا والإنسان الكامل له جانبان: إلهي وخلقيّ، له جميع الصفات الإلهية والكونية والإنسان الكامل برزخ وواسطة بين الحق والخلق فالفيض الإلهي يصل الخلق من خلاله ووصول الخلق إلى الحق والفناء فيه يكون من خلاله. والإنسان الكامل له أسماء كثيرة كل اسم يمثّل جانبًا من جوانبه المميزة والإنسان الكامل يظهر في كل زمان ومكان وهو واحد وأكمل ظهور له هو صورة النبي محمد صلّ الله عليه وسلم ثم الأنبياء ثم الأولياء وهكذا يسمونه الحقيقة المحمدية او النور المحمدي، والإنسان الكامل له التصرف والتمكين في الكون والكشف بحكم الخلافة الإلهية. وكل إنسان في أصله يكتنز حقيقة الإنسان الكامل، فمنهم من ينال المرتبة بحكم الاصطفاء ومنهم من ينالها بحكم الاستعداد. هذا مختصر ما يذكرونه عن الإنسان الكامل فبه نعرف أنهم لم يُبقوا الإنسان الكامل على حقيقته، إنسانًا مخلوقًا بشرًا من البشر، وإنما خرجوا به، خرجوا به ليكون في مرتبة الإله أو قريب من مرتبة الإله، جعلوه واسطة، برزخ، وليست الواسطة واسطة معقولة بل واسطة لها خصائص إلهية كما لها خصائص بشرية، وعللوا ذلك بأنه بالخصائص الإلهية التي في الإنسان الكامل يتلقى عن الإله الفيض والرحمات والنور، وبالوجه أو الجانب البشري الخلقيّ الذي فيه يُلقي إلى المخلوقات ويتلقى عن المخلوقات مطالبهم وحاجاتهم ويرفعها بالوجه أو الجانب الإلهي إلى الإله، وهكذا يكون برزخًا بينهم، فلذلك هو جامع للصورتين: الصورة الإلهية والصورة البشرية والخلقية، وجامع للحقائق الإلهية والحقائق الكونية. وحقيقة معنى عجيب غريب لا نكاد بل لا نجده في التراث الإسلامي بالكامل، لأنه معنى لا يُبقي الإنسان على حقيقته بل يخرجه إلى وهم لا يمكن أبدًا أن يُفهم كيف يمكن أن يكون إنسان بهذه المرتبة أو بهذا المعنى، اعتنى بهذه الفكرة كما قلت ابن عربي كثيرًا وكان تلميذه في هذه العناية الجيلي، عبد الكريم الجيلي، وكتب كتابًا في هذا خاصًا سمّاه: (الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل) وكذلك القونَوي تكلم بهذا المعنى، والجرجاني عرّف الإنسان الكامل بهذا المعنى، لأنه هناك خصوصًا من بعد ابن عربي كثيرون تكلموا في هذا وخلطوا، ذكروا أشياء صحيحة في حق الإنسان أنه كائن مميز بين الكائنات وأن له قوى تجتمع فيه هي موجودة ومنبثّة في سائر الكائنات، يعني فيه الحرارة واليبوسة والبرودة، فيه العقل وفيه اللحم والدم وفيه وفيه...الخ، يعني ما في شيء في الإنسان إلا ومثاله موجود في المخلوقات، فهو جامع لما في المخلوقات من حقائق سواءً كانت مادية أو معنوية، حتى في الأخلاق فيها الأخلاق السبعية، الأخلاق الغضبية، الأخلاق الشهوانية، الأخلاق الفاضلة، الأخلاق المرذولة. يعني هو فعلًا الإنسان من حيث تميزه بين المخلوقات لا شكّ أنه متميز وأنه يكفي في دلالة تميزه هو تسخير الأرض له، وأنه حقيقة هو الذي جُعل خليفة في الأرض، لكن ليس للدرجة التي وصل بها هؤلاء المتصوفة. هذه إلماحة سريعة على معاني هذا الفصل ونختم ... بعض المصطلحات المرادفة والتكلم عليها أو شرح لها، وهي مصطلح القطب والولي والحقيقة المحمدية والكلمة، وإن كانت (الكلمة) ليست مشهورة في النطاق الصوفي في التعبير عن الإنسان الكامل وإنما هي مشهورة وموجودة في النطاق المسيحي، لكن الذي استوجب جلب هذا المصطلح أن فيه تشابهًا كبيرًا بينه وبين الإنسان الكامل، فالمسيحيون يعبّرون عن حقيقة الإنسان الكامل بـ(الكلمة) ويعطون (الكلمة) سائر الأوصاف التي للإنسان الكامل فلذلك كان اختيار هذا المصطلح، والمصطلحات الأخرى: الغوث وغير ذلك هي تؤدي هذا المعنى بمطابقة فكل المعاني الموجودة في هذه التمرادفات تقريبًا. نقف عند هذا الحد والحمد لله ربّ العالمين.
تعليق على الورد الخامس
بصوت الكاتب
2400:00
فهذا هو التعليق الأول على الفصل الثالث وهو متعلق بمعنى الإنسان الكامل وهكذا نكون قد بدأنا في الولوج في صُلب موضوع الكتاب (الإنسان الكامل) فأول موضوعات فيه هو الكلام على معناه، والكلام على معناه يجرُّ إلى كلام على منزلته، منزلة الإنسان الكامل في الفكر الصوفي منزلة الهدف المحوري كما تعبر سعاد الحكيم، تقول: "الهدف الصوفي تمحور ثم تطور باتجاه الإنسان الكامل".
حقيقة التصوف أنه يدور حول الإنسان وهذا الدوران ليس دورانًا لتحقيق عبودية له وبشرية وكونه مخلوقًا بل الخروج به إلى معنى آخر فأصل الفكر الصوفي ينظر إلى الإنسان على أنه كائن إلهي وربّاني باعتبار أنه كان متحدًّا في الأزل بالأقدس والكليّ والأول وهذا ما يسميه المتصوفة المسلمون (الإله)، (الله) أنه كان هذا المخلوق الإنسان وكذلك المخلوقات الأخرى إنما هي متحدة وجزء من هذه الذات المقدسة ثم انفصلت عنه ثم لها طريق للعودة إلى الاتصال به والاتحاد من جديد وهذه رحلة الحياة بالنسبة للمخلوق والإنسان. فإنه عندما انفصل عن هذا الأقدس تلبّس بهذه الغُلْف، الأجساد السفلية، فأصابه شقاء وعَنت وهو في محالة للتخلص من هذا الشقاء الذي هو فيه إلى أن يرتقي ويصعد من جديد ليتخلص من السفليات ويلتحق بالعلويات ويتحد من جديد ويرجع كما كان "ويبقى من لم يزل ويفنى من لم يكن" هذه هي الفكرة. فالفكرة تمحورت حول الإنسان بإعطاء مفهوم جديد كليّ له مختلف عمّا جاءت به الرسالات، الرسالات السماوية والرسل والكتب جاؤوا ببيان أن الإنسان مفارق للخالق سبحانه وتعالى في الأوصاف وفي الذات وفي الأفعال وأنه مباين لهم سبحانه وتعالى وليس هناك ثمة أوجه اتحاد ولا حلول فضلًا أن يكون هناك وحدة إلا ما كان من عبودية وعلاقة بين مخلوق وخالق. هذه الصورة غير متوافرة في الفكر الصوفي الذي نشأ في الحضارات القديمة، بل ينظر إلى الإنسان على أنه كائن إلهي ويعامله على هذا النحو، وقد وضع أُسسه وأفكاره ووسائله ووسائطه حول هذا المعنى، فمن ثم أعطى الإنسان الكامل أوصافًا وخصائصًا تتناسب مع هذا المقام، وهذا المصطلح (الإنسان الكامل) لم يكن بهذه الصورة وهذه الكلمات منذ ابتداء التصوف، إنما بدأت متأخرة ففي نطاق الصوفية تقريبًا يُعتبر ابن عربي الحاتم الطائي الصوفي هو المنظّر الأول والأوسع لهذه الفكرة. ما قبل لو قلنا لو أن التصوف تمحور حول فكرة الإنسان الكامل فأين هذا المصطلح في بداية القرن الثاني، الثالث، الرابع، إلى ما قبل ابن عربي؟ يقولون أنه ورد على ألسنة الإسماعيلية أصحاب رسائل إخوان الصفا، لكن لم يرد بلفظ الإنسان الكامل وإنما (السيد الكامل) وهو قريب وإن كان غير مطابق، لكن بلفظ (الإنسان الكامل) و(الإنسان الكلي) ونحو ذلك فهذه وردت على لسان ابن عربي. كونها لم ترد قبل ذلك لا يعني عدم وجودها لأنها كانت موجودة قبل ذلك بمرادفات أخرى تؤدي نفس المعنى وإن اختلفت ألفاظها وأشهرها: (الوليّ) و(القطب) و(الحقيقة المحمّدية) فهذه كانت موجودة منذ القرن الثالث. ومثل مصطلح (الحقيقة المحمدية) ترددت على لسان الحلّاج وغيره. وأما (الولي) و(القطب) فهي شائعة عندهم وهي تؤدي ذات المعنى وذات الغرض الذي لأجله وُضع مصطلح (الإنسان الكامل).
فغاية ما عند ابن عربي أنه أتى بهذا المصطلح واستخرجه من ركام التاريخ ووضع عليه كلامه ودقق فيه وركّز وأتى بمعانٍ وأفكار لم يُسبق إليها من حيث الإثراء، لكن من حيث أصل الفكرة فهي موجودة عند المتصوفة القدماء على عادة تطور الأفكار والعلوم فإنها كانت في القديم تمتاز بأنها قليلة الكلمات كثيفة المعنى، وهكذا كان الأولون يتكلمون بكلام في بعض الأحيان يكون مُلغزًا ويحتاج إلى شرح، فكان بعضهم يفهم على بعض ولذلك لو تكلموا تكلموا كلماتٍ معدودة ولو كتبوا كتبوا كتبًا مختصرة لأنهم يعتمدون هذه الطريقة القائمة على البلاغة وعلى القدرة على التعبير بكلمات محدودة. أما المتأخرون فإنهم خرجوا عن هذا وصاروا يتكلمون كثيرًا ويؤدّون المعنى بألفاظٍ عديدة، وقد تخرج عن حد الحاجة فكثرت تصنيفاتهم ومؤلفاتهم وكثر كلامهم بما قد يكون لغوًا وخروجًا عن البلاغة والفصاحة، فابن عربي مثال على ذلك فإنه يدور حول فكرة لو جُمعت هذه الفكرة من كتبه كلها لاُختصرتْ كتبه إلى العشر وفي أكثر الحالات الربع، لكنه يدور حول القضية ويأتي بتعبيرات جديدة لم تُسبق. فهذا مثال عندنا مثال الإنسان الكامل، الإنسان الكامل جاء له بأوصاف كثيرة، سمّاه النسخة الشريفة أو النسخة الجامعة ومختصر الشريف، حقيقة الحقائق، كل شيء، أصل العالم، مركز الدائرة، المُفيض، روح العالم، نور محمد صلّ الله عليه وسلم، عين الجمع والوجود، مرآة الحق والحقيقة، وقِس على هذا. سعاد الحكيم تقول أنها أحصت ما يزيد على أربعين مرادفًا لهذه الكلمة من كلام ابن عربي وغيره لهذا المصطلح. لو أدرنا أن نفهم ما هو المعنى الذي يدور عليه هذا المصطلح، فهمنا سابقًا أنه حقيقة يريد أن يقرر إلهية الإنسان ومع ذلك يتكلمون بتفصيل ذلك فماذا يقولون؟ يقولون عن الإنسان الكامل أنه روح العالم وأن نسبته إليه -أي نسبة هذا الإنسان الكامل إلى العالم- كنسبة الروح الإنسان إلى البدن، إذًا الإنسان الكامل كأنه روح هذا العالم فبقاؤه ببقائه وكل رقيقة منه تمتد إليه لتمدّه وتحفظه، والإنسان الكامل موجود على الصورة الإلهية وهو مرآة الحق يرى الحق نفسه فيه وبه تعرف إلى الخلق وبدونه لا يُعرف لأنه على صورته أزلًا وأبدًا والإنسان الكامل له جانبان: إلهي وخلقيّ، له جميع الصفات الإلهية والكونية والإنسان الكامل برزخ وواسطة بين الحق والخلق فالفيض الإلهي يصل الخلق من خلاله ووصول الخلق إلى الحق والفناء فيه يكون من خلاله. والإنسان الكامل له أسماء كثيرة كل اسم يمثّل جانبًا من جوانبه المميزة والإنسان الكامل يظهر في كل زمان ومكان وهو واحد وأكمل ظهور له هو صورة النبي محمد صلّ الله عليه وسلم ثم الأنبياء ثم الأولياء وهكذا يسمونه الحقيقة المحمدية او النور المحمدي، والإنسان الكامل له التصرف والتمكين في الكون والكشف بحكم الخلافة الإلهية. وكل إنسان في أصله يكتنز حقيقة الإنسان الكامل، فمنهم من ينال المرتبة بحكم الاصطفاء ومنهم من ينالها بحكم الاستعداد.
هذا مختصر ما يذكرونه عن الإنسان الكامل فبه نعرف أنهم لم يُبقوا الإنسان الكامل على حقيقته، إنسانًا مخلوقًا بشرًا من البشر، وإنما خرجوا به، خرجوا به ليكون في مرتبة الإله أو قريب من مرتبة الإله، جعلوه واسطة، برزخ، وليست الواسطة واسطة معقولة بل واسطة لها خصائص إلهية كما لها خصائص بشرية، وعللوا ذلك بأنه بالخصائص الإلهية التي في الإنسان الكامل يتلقى عن الإله الفيض والرحمات والنور، وبالوجه أو الجانب البشري الخلقيّ الذي فيه يُلقي إلى المخلوقات ويتلقى عن المخلوقات مطالبهم وحاجاتهم ويرفعها بالوجه أو الجانب الإلهي إلى الإله، وهكذا يكون برزخًا بينهم، فلذلك هو جامع للصورتين: الصورة الإلهية والصورة البشرية والخلقية، وجامع للحقائق الإلهية والحقائق الكونية. وحقيقة معنى عجيب غريب لا نكاد بل لا نجده في التراث الإسلامي بالكامل، لأنه معنى لا يُبقي الإنسان على حقيقته بل يخرجه إلى وهم لا يمكن أبدًا أن يُفهم كيف يمكن أن يكون إنسان بهذه المرتبة أو بهذا المعنى، اعتنى بهذه الفكرة كما قلت ابن عربي كثيرًا وكان تلميذه في هذه العناية الجيلي، عبد الكريم الجيلي، وكتب كتابًا في هذا خاصًا سمّاه: (الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل) وكذلك القونَوي تكلم بهذا المعنى، والجرجاني عرّف الإنسان الكامل بهذا المعنى، لأنه هناك خصوصًا من بعد ابن عربي كثيرون تكلموا في هذا وخلطوا، ذكروا أشياء صحيحة في حق الإنسان أنه كائن مميز بين الكائنات وأن له قوى تجتمع فيه هي موجودة ومنبثّة في سائر الكائنات، يعني فيه الحرارة واليبوسة والبرودة، فيه العقل وفيه اللحم والدم وفيه وفيه...الخ، يعني ما في شيء في الإنسان إلا ومثاله موجود في المخلوقات، فهو جامع لما في المخلوقات من حقائق سواءً كانت مادية أو معنوية، حتى في الأخلاق فيها الأخلاق السبعية، الأخلاق الغضبية، الأخلاق الشهوانية، الأخلاق الفاضلة، الأخلاق المرذولة. يعني هو فعلًا الإنسان من حيث تميزه بين المخلوقات لا شكّ أنه متميز وأنه يكفي في دلالة تميزه هو تسخير الأرض له، وأنه حقيقة هو الذي جُعل خليفة في الأرض، لكن ليس للدرجة التي وصل بها هؤلاء المتصوفة. هذه إلماحة سريعة على معاني هذا الفصل ونختم ... بعض المصطلحات المرادفة والتكلم عليها أو شرح لها، وهي مصطلح القطب والولي والحقيقة المحمدية والكلمة، وإن كانت (الكلمة) ليست مشهورة في النطاق الصوفي في التعبير عن الإنسان الكامل وإنما هي مشهورة وموجودة في النطاق المسيحي، لكن الذي استوجب جلب هذا المصطلح أن فيه تشابهًا كبيرًا بينه وبين الإنسان الكامل، فالمسيحيون يعبّرون عن حقيقة الإنسان الكامل بـ(الكلمة) ويعطون (الكلمة) سائر الأوصاف التي للإنسان الكامل فلذلك كان اختيار هذا المصطلح، والمصطلحات الأخرى: الغوث وغير ذلك هي تؤدي هذا المعنى بمطابقة فكل المعاني الموجودة في هذه التمرادفات تقريبًا.
نقف عند هذا الحد والحمد لله ربّ العالمين.
أقسام مادِحُو ابن عربي
من: 143 — إلى: 143
مادِحُو ابن عربي على أقسام: 1- قسمٌ (مَدَحُوه) لعدم معرفتهم واطلاعهم على كلامه الكُفْري المنكَر لِما عرفوه مما اشتهر عنه من فضله، وزهده، وإيثاره، واجتهاده في العبادة ولم يعرفوا ما في كلامه من منكرات كفرية لعدم إطلاعهم على كتبه تلك ككتاب ( فصوص الحكم ) فأحسنوا الظن به لذلك. وهؤلاء معذورون لجهلهم لحقيقة حال هذا الكافر الزنديق. 2_قسمٌ مَدَحوه مع معرفتهم بكلامه الكفري المنكر معتقدين أن كلامه له تأويلاً سائغاً وهؤلاء من أتباع ابن عربي في طريقته فكلامهم مُطَّرَحٌ لا عبرة به لأنهم يريدون بمدحهم له تزكيةَ معتقدهم. ) عقيدة ابن عربي وحياته لتقي الدين الفاسي : ص 74
#مصطلحات، (إخوان الصفا)
من: 143 — إلى: 143
رسائل إخوان الصفا وهي على ما في "كشف الظنون" و"شرح عقيدة السفاريني" إحدى وخمسون رسالة، وهي أصل مذهب القرامطة، وربما نسبوها إلى جعفر الصادق رضي الله عنه ترويجًا. وقد صنفت بعد المائة الثالثة في دولة بني بويه، أملاها أبو سليمان محمد بن نصر السبتي المعروف بالمقدسي، وأبو الحسن علي بن هارون الزنجاني، وأبو أحمد النهر جوري، والعرفي يزيد بن رفاعة، كلهم حكماء اجتمعوا وصنفوا هذه الرسائل على طريق الفلسفة الخارجة عن مسلك الشريعة المطهرة، وفي "فتاوى ابن حجر الحديثية" ما نصه: نسبها كثير إلى جعفر الصادق، وهو باطل، وإنما الصواب أن مؤلفها مسلمة بن قاسم الأندلسي، كان جامعًا لعلوم الحكمة، من الإلهيات، والطبيعيات، والهندسة، والتنجيم، وعلوم الكيمياء وغيرها، وإليه انتهى علم الحكمة في الأندلس، وعنه أخذ حكماؤها. وتوفى سنة ٣٥٣، وممن ذكره ابن بشكوال، وكتابه فيه أشياء حكيمة، وفلسفية، وشرعية. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "المنهاج": حتى إن طائفة من الناس يظنون أن "رسائل إخوان الصفا" مأخوذة عن جعفر الصادق، وهذا من الكذب المعلوم، فإن جعفرًا توفي سنة ثمان وأربعين ومائة، وهذه الرسائل وضعت بعد ذلك بنحو مائتي سنة، ووضعت لما ظهرت دولة الإسماعيلية الباطنية الذين بنوا القاهرة المعزية، سنة بضع وخمسين وثلاثمائة وفي تلك الأوقات صنفت هذه الرسائل بسبب ظهور هذا المذهب الذي ظاهره الرفض، وباطنه الكفر المحض، فأظهروا اتباع الشريعة، وأن لها باطنًا مخالفًا لظاهرها، وباطن أمرهم مذهب الفلاسفة، وعلى هذا الأمر وضعت هذه الرسائل، وضعها طائفة من المتفلسفة، معروفون، وقد ذكروا في أثنائها ما استولى عليه النصارى من أرض الشام، وكان أول ذلك بعد ثلاثمائة سنة من الهجرة. بتصرف يسير من معجم ألفاظ العقيدة، لأبي عبدالله عامر عبدالله فالح ص٢٨، ٢٧.
#مصطلحات، (الأولياء)
من: 148 — إلى: 148
جمع ولي بفتح الواو، وهي ضد العداوة وهي النصرة، فالمؤمنون أولياء الله، لقول الله تعالى: ﴿الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور﴾ والمؤمنون بعضهم أولياء بعض كما قال الله تعالى. وولاية الله لعباده من رحمته وإحسانه، وليست كولاية المخلوق للمخلوق لحاجته إليه. والولاية نظير الإيمان، وتكون كاملة وناقصة، فالكاملة تكون للمؤمنين المتقين، كما قال تعالى: ﴿ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون﴾. ويجتمع في المؤمن ولاية من وجه وعداوة من وجه، كما يجتمع فيه كفر وإيمان وتقوى وفجور. غلا بعض الجهلة في الأولياء حتى وصلوا إلى عبادتهم من دون الله والنذر لهم والذبح لهم أحياءً وأمواتًا حتى أن بعضهم جعل الولي أعلى من النبي والرسول فيقول قائلهم: مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي معجم ألفاظ العقيدة، لأبي عبدالله عامر عبدالله فالح ص٥٥، ٥٦.
#مصطلحات، (الحادث، والمُحدِث، والحدوث، والقديم، والقدم)
من: 151 — إلى: 151
ترد هذه الكلمات كثيرًا في كتب العقائد في عدد من المواضع، وذلك كما في الحديث عن نفي مماثلة الخالق للمخلوق، وكما في الحديث عن حدوث العالم وغير ذلك. وفيما يلي إيضاح لمعنى هذه الكلمات. قال الجرجاني: "الحادث: ما يكون مسبوقًا بمادة ومدة ، وقيل: ما كان لوجوده ابتداء". وقال الكفوي: "الحادث: ما كان وجوده طارئًا على عدمِه، أو عدمُه طارئًا على وجوده فهو حادث". وقال: "والحدوث: الخروج من العدم إلى الوجود، أو كون الوجود مسبوقًا بالعدم اللازم للوجود، أو كون الوجود خارجًا من العدم اللازم للموجود". وقال: "وأظهر التعريفات للحدوث هو أنه حصول الشيء بعد أن لم يكن". وقال: "والحادث القائم بذاته يسمى حادثًا، وما لا يقوم بذاته من الحوادث يسمى مُحْدَثًا لا حادثًا". وقال: "وجميع الموجودات غير الواجب - سبحانه - محدث الذات". وقال: "القديم المطلق: ألا يكون وجوده مسبوقًا بالعدم". وقال: "القديم: عبارة ليس قبله زمانًا شيء". مصطلحات في كتب العقائد، للشيخ محمد بن إبراهيم الحمد ص١٢٢، ١٢٣.
#مصطلحات، (التناسخ)
من: 152 — إلى: 152
انتقال النفس الناطقة من بدن إلى بدن آخر من غير تخلل زمان، بين تعلقها بالأول، وتعلقها بالثاني، للتعشق الذي بين الروح والجسد. والتناسخ عقيدة شاعت بين الهنود وغيرهم من الأمم القديمة مؤداها أن روح الميت تنتقل إلى موجود أعلى أو أدنى لتنعم أو تعذب جزاءً على سلوك صاحبها الذي مات. ومعنى ذلك عندهم أن نفسًا واحدة تتناسخها أبدان مختلفة إنسانية كانت، أو حيوانية، أو نباتية. والغرض من هذا التناسخ امتحان النفس حتى تكتسب بذلك ما ينقصها من الكمال، وتصبح مجردة عن التعلق بالأبدان. وإذا قيل أن من مقتضيات هذه العقيدة القول بخلود النفس قلنا أن انتقال النفس من بدن إلى بدن لا يوجب خلودها اضطرارًا، لأنها قد تنتقل من بدن أعلى إلى بدن أدنى حتى تنتهي إلى العدم، أو تنتقل من بدن أدنى إلى بدن أعلى حتى تفارق جميع الأبدان، وتتحد بحقيقة روحية كلية تفقد معها فرديتها. المعجم الفلسفي، لجميل صليبا ٣٤٦/١-٣٤٧
#مصطلحات، (إنيته)
من: 153 — إلى: 153
الإنيّة اصطلاح فلسفي قديم، معناه تحقّق الوجود العيني، زعم (أبو البقاء) أنه مشتقّ من (إنّ) التي تفيد في اللغة العربية التأكيد، والقوة في الوجود. قال: «و لهذا اطلقت الفلاسفة لفظ الإنيّة على واجب الوجود لذاته، لكونه أكمل الموجودات في تأكيد الوجود، وفي قوة الوجود، وهذا لفظ محدث ليس من كلام العرب» (كليات أبي البقاء). وزعم بعض المحدثين أن الإنيّة لفظ معرّب عن كلمة (اين) اليونانية التي معناها كان، أو وجد، واختلفوا في ضبط هذه الكلمة، فقرأها بعضهم آنية كما في تعريفات الجرجاني وهو خطأ لأن الآنية نسبة الى الآن. وقرأها بعضهم أنيّة نسبة الى أن المخففة، وضبطها آخرون بالأييّة والأينيّة. وهذا كله خطأ لأن الأينية نسبة الى الأين والأيية نسبة الى أي، ونعتقد أن اشتقاق هذا اللفظ من (إنّ) لا يمنع أن يكون بينه وبين (اين) اليونانية تشابه. فالإنية إذن تحقق الوجود العيني. المعجم الفلسفي، لجميل صليبا ١٦٩/١.
#مصطلحات، (الهيولى)
من: 153 — إلى: 160
معنى الهيُولى: الهيولى لفظ يوناني معناه أصل الشيء، ومادته. قال الجرجاني رحمه الله: "الهيولى لفظ يوناني بمعنى الأصل والمادة". وفي الاصطلاح: هي جوهر في الجسم قابل لما يعرض لذلك الجسم من الاتصال والانفصال، مَحَلٌّ للصورتين الجسمية والنوعية". وقال الكفوي رحمه الله: "الهيولى كل جسم يعمل منه الصانع وفيه صنعة، كالخشب للنجارين، والحديد للحدادين، ونحو ذلك؛ فذلك الجسم هو الهيولى،كذلك الشيء المصنوع". وقال رحمه الله: "الهيولى: هو جوهر بسيط لا يتم وجوده بالفعل دون وجود ما حل فيه". مصطلحات في كتب العقائد، للشيخ محمد بن إبراهيم الحمد ص٨٤، ٨٥
لماذا قالت الصوفية بالحقيقة المحمدية؟
من: 173 — إلى: 173
لمّا لم يجد أهل الزيغ والعناد طريقًا إلى كتاب الله ، سلكوا طريق السنة فوضعوا بعض الأخبار، والروايات والأحاديث على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم تتضمن عقائدهم ونِحَلهم الباطلة ، كحديث :(أول ما خلق الله نور نبيك ياجابر ) -قال الألباني حديث باطل- . محاولين ترويجها على العامة وعلى أهل الجهل بعلوم السنة.ولكن أهل الحديث كانوا لهم بالمرصاد فأبطلوا عملهم. والعمل في الدين الإسلامي لا يصح إلا بركنين اثنين إذا تخلف أحدهما بطُل العمل كله وهما : الإخلاص والمتابعة . والصوفية الذين نسجوا نظرية (الحقيقة المحمدية) لم يبطل عندهم ركن واحد فقط ، بل بطل عندهم الركنان وذلك أن ما ذهبوا إليه في الحقيقة المحمدية ليس فيه البتة متابعة النبي عليه السلام بل فيه متابعة لبعض الباطنية، كما أنهم أبطلوا الركن الثاني: وهو الإخلاص فإن المتأمل في مقالاتهم يعلم أنهم ما أرادوا بها وجه الله، وما كان مقصودهم تعظيم نبيه عليه السلام ، بل كان مقصدهم ، إبطال الشريعة المحمدية ، أو تعظيم أنفسهم ورفعها إلى منزلة عظيمة تحت غطاء ما يزعمون أنه حقيقة (محمدية). الحقيقة المحمدية أم الفلسفة الأفلوطينية لعائض بن سعد الدوسري.أستاذ مساعد قسم الثقافة الإسلامية/جامعة الملك سعود.
#مصطلحات، (الوجوب والإمكان)
من: 160 — إلى: 160
معنى واجب الوجود في اصطلاح الفلاسفة والمتكلمين: تقسيم الموجودات إلى واجب وممكن مستحدث من ابن سينا ومن جاء بعده، وفي تعريف الواجب يقول ابن سينا: "إن الواجب الوجود، هو الموجود الذي متى فرض غير موجود، عرض منه محال.. والواجب الوجود هو الضروري الوجود". ويقول الرازي: ".. فسرنا واجب الوجود بذاته، بأنه الموجود الذي تكون حقيقته غير قابلة للعدم البتة". وعرفه الرازي أيضًا بأنه الذي يكون غنيًا في وجوده عن السبب. وقال التفتازاني: "الوجوب ضرورة الوجود واقتضاؤه أو استحالته العدم". وفي الصحائف: "الواجب بالذات ما يقتضي لذاته وجوده في الخارج". موقف أهل السنة من لفظ واجب الوجود: لفظ واجب الوجود غير وارد في كلام الله - تعالى -، ولا في كلام رسوله - ﷺ -، وقد استحدثه الفلاسفة المتأخرون، يقول شيخ الإسلام: "وأما الكلام بلفظ الواجب الوجود، وممكن الوجود، فهذا من كلام ابن سينا وأمثاله، الذين اشتقوه من كلام المعتزلة ونحوهم، وإلا فكلام سلفهم، إنما يوجد فيه لفظ العلة والمعلول". فالفلاسفة المتأخرون غالب ما يسمون الرب - تعالى - بواجب الوجود، وقلدهم في ذلك متأخرو الأشاعرة، وهذا غير صحيح؛ لعدم ورود هذا اللفظ، فضلًا عن أن يكون من الأسماء الحسنى. وأهل السنة قد يطلقون واجب الوجود على الله، من باب الإخبار عن الله، وذلك في المناظرات، والمناقشات، مع من يستخدم هذا اللفظ. كما أنهم يرون أن الوجوب الذي دل عليه الدليل هو وجوده - سبحانه - بنفسه، واستغناؤه عن موجد. بينما يضيف الفلاسفة إلى هذا اللفظ معاني أخرى غير صحيحة. الممكن في اصطلاح المتكلمين، وأهل السنة: يقول الغزالي: "الممكن هو الذات الذي لا يلزم ضرورة وجوده، ولا عدمه". وقال الرازي: "الممكن لذاته هو الذي لا يلزم من فرض وجوده، ولا من فرض عدمه، من حيث هو محال". وقال: "الممكن هو الذي يقبل الوجود، ويقبل العدم". وقال الشهرستاني: "والممكن معناه أنه جائز الوجود وجائز العدم". وقال الآمدي: "وأما الممكن فعبارة عن ما لو فرض موجودًا أو معدومًا، لم يلزم عنه لذاته محال، ولا يتم ترجيح أحد الأمرين له إلا بمرجح من خارج. وفي المصطلح العامي عبارة عن ما ليس بممتنع الوجود". وتعريف أهل السنة للممكن موافق للتعريفات السابقة، فيعرف شيخ الإسلام الممكن بقوله: "الممكن هو الذي يقبل الوجود والعدم". وقال: "فإن الممكن هو الذي لا يوجد إلا بموجد يوجده". وقال أيضًا: "فإن حقيقة الممكن هو الذي لا يوجد إلا بغيره لا بنفسه". المكتبة الشاملة، الألفاظ والمصطلحات المتعلقة بتوحيد الربوبية بتصرف، ص٢٧٧، ٢٨١، ٢٨٢.
أعوان القطب
من: 161 — إلى: 161
أولاً/ الإمامان وهما بمنزلة الوزيرين له . ثانياً/ الأوتاد الأربعة، كلما مات قطب أُقيم مكانه واحد منهم ، وعِلْمُهم فيْضٌ من قطب الأقطاب ، وإن ماتوا فسدت الأرض. ثالثاً/الأبدال : والبدل حقيقة روحانية تجتمع إليها أرواح أهل ذلك الموطن الذي رحل عنه وليّه.وعددهم أربعون بالشام والعراق. رابعاَ/ النُّجَباء/وهم دون الأبدال ومسكنهم مصر ، وعملهم أن يحملوا عن الخلق أثقالهم، وعددهم سبعون. خامساً/النُّقباء ، وعددهم ثلاثمائة، وهم الذين يستخرجون خبايا الأرض)) تلك هي مملكة الأساطير التي ابتدعتها خرافات الصوفية ليستعبدوا الخلق لما يشتهون ، ابتدعوها إزاء ملكوت الله، ليغصبوا بها من الأحياء أقواتهم وإيمانهم. تُرى: ماذا بقي لله وملائكته ورسله؟! الله أكبر له الملك في الدنيا والآخرة. الشيخ/ عبد الرحمن الوكيل : كلية أصول الدين .
ص(143)
يقول المؤلف عن مصطلح «الإنسان الكامل»
(..ومن هنا فالمرجح أن ابن عربي هو أول من أطلق هذا المصطلح في الإسلام،فالباحث لايراه إلا في مؤلفاته، وليس له أثرٌ فيمن قبله)
الإنسان الكامل في الفمر الصوفي.
د. لطف الله خوجة.
ص(146)
في المعاجم الصوفية وسواها من كتب الطريقة، نرى تعريفات (الإنسان الكامل) متفقة غير مختلفة، تلتقي في معانٍ متحدة ، تنفرد بعضها بزيادات توضح المعنى المتفق عليه دون مناقضة.
في تلك التعريفات لا نعثر على قول عالم في العربية، يبين المعنى ، ويحلل المصطلح بشقيه : الإنسان ، والكامل ، فالاحتكام إلى قواعد اللغة وكلام أهل العربية ، لمعرفة المعنى غير وارد هنا تماماً.
هذا الصنيع يشير إلى حقيقة مهمة، هي : أن هؤلاء لم يلتزموا المعنى اللغوي للمصطلح .. نعم بنوا عليه، لكن خرجوا به عن الحد اللغوي للمعنى.)
الإنسان الكامل في الفكر الصوفي.
د. لطف الله خوجة.
الإسلام قادم
- أليس فكر ابن عربي في الإنسان الكامل أشد إلحادا من المنكرين لوجود الله؛ من حيث تصريح هؤلاء بالالحاد، واستعمال ابن عربي طرق ملتوية وغير مباشرة توقع في التشكيك والانكار وتخرج من الدين الإسلامي؟