الإنسان الكامل في الفكر الصوفي - عرض ونقد -

الأوراد/ الورد السابع (٢١٣ - ٢٣٥)

هذا ملخص يتضمن أهم النقاط الرئيسية والأفكار المهمة؛ لذا هو لا يغني عن الكتاب، صممناه لكم بشكل مريح يساعد على ترتيب المعلومة وفهمها

  • بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد، فهذا هو التعليق الثاني على الفصل الرابع والذي هو بعنوان: خصائص الإنسان الكامل. تكلمنا في التعليق الأول على قضية الوجود وأول الموجود وأنه الإنسان الكامل وعلقنا على ذلك، والآن التعليق على المسألة الأخرى في هذا الفصل وهو جمع الإنسان للحقائق: إلهية وكونية. هذه أيضًا فكرة أخرى في النظام الصوفي غير متلائم ولا منسجم بل ومخالف ومضاد ومناقض أشدّ أنواع المناقضة لواقع وحال الإنسان في المنظومة الإسلامية. في المنظومة الإسلامية الإنسان وأكمل الإنسان وهم الأنبياء وأكمل الأنبياء وهو النبي صلّ الله عليه وسلم لا يملك أن يكون عنده جزء من الحقائق الإلهية تضمنها واحتواها فضلًا أن يكون جامعًا للحقائق الإلهية فما بالك بجنس الإنسان أن يكون جامعًا للحقائق الإلهية؟ وما معنى أنه يجمع الحقائق الإلهية؟ هو على ظاهره، يعني عنده الأسماء والصفات الإلهية على أكمل صورة وهذا يبينه نصوصهم، نصوصهم فيها بيان هذه القضية بجلاء، ابن عربي مثلًا يقول: "الإنسان الكامل هو الذي أضاف إلى جمعية حقائق العالم حقائق الحق التي بها صحّت خلافتهم" يعني جمع الحقائق، أوصاف، الأسماء والصفات الإلهية والكونية الخلقية، هو يقول في نص أوضح من ذلك: "الأسماء الإلهية على هذا الإنسان أشدّ مطابقة منها على المسمى (الله)" هذا أمر وأكثر إيغال وغلو في هذه القضية، أنه يرى أن هذه الحقائق هذه الأسماء الإلهية هي مطابقة أكثر حتى من انطباقها على الله سبحانه وتعالى. ومن النصوص في هذا الباب، نصوص هي حتى معاصرة، هذا أحدهم يُدعى غازي عُرابي يقول: "الإنسان الكامل يصل إلى درجة ترقّي بحيث يصير وجهه وجه الله ويطابق قوس وجهه قوس وجه الله" إلى هذا الحد! ونيكلسون يحكي عنهم يقول: "لهذا قال محمد أو يعتقد الصوفية أنه قال: "من رآني فقد رأى الله" كما قاله المسيح: "من رآني فقد رأى الأب"" وأبو العلا عفيفي وهو من الدراسين لفكر ابن عربي وهو الذي حقق ونشر كتابه (فصوص الحكم) يقول: "الصفة الوحيدة التي يرى ابن عربي انفراد الله بها هي صفة الوجوب الذاتي التي لا قَدَمَ لمخلوق فيها" بمعنى أنه ما عدا ذلك فليست من الصفات التي انفرد بها الله سبحانه وتعالى بل يشاركه الإنسان، وهذا هو قول الفلاسفة قول ابن سينا وقول غيره من فلاسفة اليونان القدماء، الذين يقولون: إنما تقدّم واجب الوجود على الكون على العالم رتبة في مسألة أنه أشرف منها وهي صفة (الوجوب الذاتي) التي لا قَدَمَ لمخلوق فيها. بمعنى أنه في ذاته أشرف الذوات، أما من حيث الزمان فالعالم مقترن والإنسان مقترن في الوجود والإنسان الكامل حقيقة محمدية. فالمقصود القول الصوفي في جمع الإنسان للحقائق الإلهية على ظاهره، أنه يجمع الأسماء والصفات الإلهية حقًّا وحقيقة بل هي أكثر انطباقًا عليه من المسمى (الله) بتعبير ابن عربي، وزيادة على ذلك هو أيضًا يجمع الحقائق الكونية، يعني فيه كل الخصائص الموجودة في كل المخلوقات، فيه القوة، فيه الصلابة، فيه الحرارة، فيه البرودة، فيه اليبوسة، فيه الرطوبة، فيه الأخلاق والأوصاف الموجودة في الملائكة وفي الشياطين وفي السباع وفي الهوام وفي الحيوانات وفي الجماد وفي النبات. كل هذه الصفات والمزايا الخاصة التي تميز هذه الكائنات وترقّيها وتعطيها صِبغة وجودية راقية هي موجودة في الإنسان. طبعًا كما قلت القضية قد تختلط، وجود أو كون الإنسان محور في هذه الحياة هذا لا شكّ فيه، فالإنسان، الله سبحانه وتعالى سخّر له ما في السماوات وما في الأرض {وسخّر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعًا منه} {هو الذي جعل لكم الأرض ذلولًا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور} وكون الإنسان فيه رقيقة من الأوصاف الموجودة في الخلائق المُشاهدة وغير المُشاهدة، هذا نعم ممكن لكن ليس على الدرجة التي يصل بها المتصوفة والفكر الصوفي، فإنه يصل إلى درجة كاملة بحيث يصحّ أنه روح هذا العالم، قلب هذا العالم وهذا تعبير له ما وراءه كما سيأتي، إذا صار روح هذا العالم فالعالم لا يتحرك إلا به، وإذا صار روح هذا العالم وهو مركز فهو إذًا متحكم به. هذا الإنسان بالجمع الثنائي: حقائق الإلهية، حقائق الكونية، هو متميز حتى عن الإله فضلًا عن المخلوقات، لأن المخلوقات لها أوصاف إلهية وأوصاف خَلقية، لها أوصاف خلقية وجزئية، لكن هو أحسن منها لأنه عنده أوصاف خلقية كونية كلية، يعني عنده ما تناثر في المخلوقات هو جمعها، وما نقصت فيه هو استكملها. ثم أيضًا يتميز عن الإله أنه عنده الأوصاف الإلهية منطبقة تمامًا ربما أكثر ويزيد على ذلك أنه عنده الأوصاف الكونية، فعنده إذًا أوصاف إلهية كونية والإله عنده أوصاف إلهية فقط، وعنده أوصاف كونية إلهية، والكون والخلق عنده أوصاف خلقية فحسب وهي ناقصة. فإذًا هذا لا مثيل له بهذا القدر بهذه الصورة لا مثيل له وهو صورة الإله، العالم صورة الإله، والإنسان الكامل صورة الإله. إذا كان العالم صورة الإله فالإنسان الصورة الأخصّ للإله لأنه هو الصورة النسخة المصغرة لهذا العالم، أفكار فلسفية تمامًا وليس لها علاقة حقيقة بمصادر الإسلام ولا بتقريرات الإسلام حول الإنسان وأوصاف الإنسان ومكانة الإنسان، نحن نستقبل فكر آخر تمامًا ويُمرَّر على أنه فكر إسلامي، ويخلط بالنصوص والآيات والأحاديث وبما هو منطقي من الأفكار وواقع، لكن هذه كلها تُستغل أن يصل الصوفي بها إلى فكرة أن الإنسان كائن متميز، ليس إلهيًا فحسب، بل هو إلهي خلقيّ هو عنده حقائق كونية إلهية ومن ثم يمارس أعمال تتجاوز حتى القدرات الإلهية. فالإله عندهم لا يستطيع أن يفعل ما يفعله هذا الذي جمع من الحقائق أكثر مما عند الإله، يعني هكذا الفكر الصوفي وحقيقة هذه أفكار فلسفية تمامًا مما يؤكد أن التصوف فلسفة، وفي هذا السياق نشير إلى كلمة مشهورة يُقال فيها: "ليس في الإمكان أحسن مما كان" أو "أبدع مما كان" أي ليس في هذا الخلق شيء يمكن أن يكون أحسن مما خَلق، وهذه ينتقدها بعض ممن لا يعرف أصل في هذه الجملة فيقول: كيف يُقال هذا في حق الله سبحانه وتعالى أنه ليس في الإمكان خلق أحسن مما كان؟ هذا تحديد لقدرات الله، الله عزّ وجل قادر على أن يخلق هذا الكون وأحسن منه، وأحسن وأنه لا حدّ لقدرته. ليست القضية هي قضية قدرة أو غير ذلك، هي قضية أن هذا الكون هو صورة الإله وهذا الإنسان الكامل هو الصورة الإلهية ومن ثمّ فليس في الإمكان أحسن مما كان لأنه كيف يمكن أن يكون بعد ذلك صورة أحسن من الصورة الإلهية؟ لا يمكن، فالعبارة هذه التي قالها الغزالي وقالها ابن عربي وقالها من قال: "ليس في الإمكان أبدع/أحسن مما كان" باعتبار أن الذي كان الصورة الإلهية ولا أكمل من الصورة الإلهية. خلاصة الكلمة أن الصوفية توسعوا جدًا في تقرير في هذه الفكرة خصوصًا ابن عربي، وضربوا له أمثلة: أمثلة الكنز والحبّة والظل والحروف ووو...الخ، خياله واسع ومستغرق وكلامه لا منطقي في أشياء كثيرة إنما هي أوهام وخيالات وأفكار حتى إطلاق وصف شاعرية عليها كثير وغير مقبول، أفكار هي أفكار أساطير الأولين حتى الأولين -الذين هم الفلاسفة- يرددها هؤلاء لتقرير هذه الفكرة التي ليس لها من الحق والواقع أدنى شاهد، أين ذاك الإنسان الذي يُقال أن هذا يفعل بفعل الجمع بين الحقائق الإلهية والكونية؟ هذا نوع من التضليل والخداع والوهم الذي آمن به المتصوفة وليس من الحق في شيء. وفق الله الجميع وصلّ الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله ربّ العالمين.
    تعليق على الورد السابع

    بصوت الكاتب

    2
    3
    00:00
    تحميل
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد،

فهذا هو التعليق الثاني على الفصل الرابع والذي هو بعنوان: خصائص الإنسان الكامل.
تكلمنا في التعليق الأول على قضية الوجود وأول الموجود وأنه الإنسان الكامل وعلقنا على ذلك، والآن التعليق على المسألة الأخرى في هذا الفصل وهو جمع الإنسان للحقائق: إلهية وكونية.
هذه أيضًا فكرة أخرى في النظام الصوفي غير متلائم ولا منسجم بل ومخالف ومضاد ومناقض أشدّ أنواع المناقضة لواقع وحال الإنسان في المنظومة الإسلامية.
في المنظومة الإسلامية الإنسان وأكمل الإنسان وهم الأنبياء وأكمل الأنبياء وهو النبي صلّ الله عليه وسلم لا يملك أن يكون عنده جزء من الحقائق الإلهية تضمنها واحتواها فضلًا أن يكون جامعًا للحقائق الإلهية فما بالك بجنس الإنسان أن يكون جامعًا للحقائق الإلهية؟ وما معنى أنه يجمع الحقائق الإلهية؟
هو على ظاهره، يعني عنده الأسماء والصفات الإلهية على أكمل صورة وهذا يبينه نصوصهم، نصوصهم فيها بيان هذه القضية بجلاء، ابن عربي مثلًا يقول: "الإنسان الكامل هو الذي أضاف إلى جمعية حقائق العالم حقائق الحق التي بها صحّت خلافتهم"
يعني جمع الحقائق، أوصاف، الأسماء والصفات الإلهية والكونية الخلقية، هو يقول في نص أوضح من ذلك: "الأسماء الإلهية على هذا الإنسان أشدّ مطابقة منها على المسمى (الله)"
هذا أمر وأكثر إيغال وغلو في هذه القضية، أنه يرى أن هذه الحقائق هذه الأسماء الإلهية هي مطابقة أكثر حتى من انطباقها على الله سبحانه وتعالى.
ومن النصوص في هذا الباب، نصوص هي حتى معاصرة، هذا أحدهم يُدعى غازي عُرابي يقول: "الإنسان الكامل يصل إلى درجة ترقّي بحيث يصير وجهه وجه الله ويطابق قوس وجهه قوس وجه الله" إلى هذا الحد!
ونيكلسون يحكي عنهم يقول: "لهذا قال محمد أو يعتقد الصوفية أنه قال: "من رآني فقد رأى الله" كما قاله المسيح: "من رآني فقد رأى الأب""
وأبو العلا عفيفي وهو من الدراسين لفكر ابن عربي وهو الذي حقق ونشر كتابه (فصوص الحكم) يقول: "الصفة الوحيدة التي يرى ابن عربي انفراد الله بها هي صفة الوجوب الذاتي التي لا قَدَمَ لمخلوق فيها"
بمعنى أنه ما عدا ذلك فليست من الصفات التي انفرد بها الله سبحانه وتعالى بل يشاركه الإنسان، وهذا هو قول الفلاسفة قول ابن سينا وقول غيره من فلاسفة اليونان القدماء، الذين يقولون: إنما تقدّم واجب الوجود على الكون على العالم رتبة في مسألة أنه أشرف منها وهي صفة (الوجوب الذاتي) التي لا قَدَمَ لمخلوق فيها.
بمعنى أنه في ذاته أشرف الذوات، أما من حيث الزمان فالعالم مقترن والإنسان مقترن في الوجود والإنسان الكامل حقيقة محمدية.
فالمقصود القول الصوفي في جمع الإنسان للحقائق الإلهية على ظاهره، أنه يجمع الأسماء والصفات الإلهية حقًّا وحقيقة بل هي أكثر انطباقًا عليه من المسمى (الله) بتعبير ابن عربي، وزيادة على ذلك هو أيضًا يجمع الحقائق الكونية، يعني فيه كل الخصائص الموجودة في كل المخلوقات، فيه القوة، فيه الصلابة، فيه الحرارة، فيه البرودة، فيه اليبوسة، فيه الرطوبة، فيه الأخلاق والأوصاف الموجودة في الملائكة وفي الشياطين وفي السباع وفي الهوام وفي الحيوانات وفي الجماد وفي النبات. كل هذه الصفات والمزايا الخاصة التي تميز هذه الكائنات وترقّيها وتعطيها صِبغة وجودية راقية هي موجودة في الإنسان.
طبعًا كما قلت القضية قد تختلط، وجود أو كون الإنسان محور في هذه الحياة هذا لا شكّ فيه، فالإنسان، الله سبحانه وتعالى سخّر له ما في السماوات وما في الأرض {وسخّر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعًا منه} {هو الذي جعل لكم الأرض ذلولًا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور}
وكون الإنسان فيه رقيقة من الأوصاف الموجودة في الخلائق المُشاهدة وغير المُشاهدة، هذا نعم ممكن لكن ليس على الدرجة التي يصل بها المتصوفة والفكر الصوفي، فإنه يصل إلى درجة كاملة بحيث يصحّ أنه روح هذا العالم، قلب هذا العالم وهذا تعبير له ما وراءه كما سيأتي، إذا صار روح هذا العالم فالعالم لا يتحرك إلا به، وإذا صار روح هذا العالم وهو مركز فهو إذًا متحكم به.
هذا الإنسان بالجمع الثنائي: حقائق الإلهية، حقائق الكونية، هو متميز حتى عن الإله فضلًا عن المخلوقات، لأن المخلوقات لها أوصاف إلهية وأوصاف خَلقية، لها أوصاف خلقية وجزئية، لكن هو أحسن منها لأنه عنده أوصاف خلقية كونية كلية، يعني عنده ما تناثر في المخلوقات هو جمعها، وما نقصت فيه هو استكملها.
ثم أيضًا يتميز عن الإله أنه عنده الأوصاف الإلهية منطبقة تمامًا ربما أكثر ويزيد على ذلك أنه عنده الأوصاف الكونية، فعنده إذًا أوصاف إلهية كونية والإله عنده أوصاف إلهية فقط، وعنده أوصاف كونية إلهية، والكون والخلق عنده أوصاف خلقية فحسب وهي ناقصة.
فإذًا هذا لا مثيل له بهذا القدر بهذه الصورة لا مثيل له وهو صورة الإله، العالم صورة الإله، والإنسان الكامل صورة الإله. إذا كان العالم صورة الإله فالإنسان الصورة الأخصّ للإله لأنه هو الصورة النسخة المصغرة لهذا العالم، أفكار فلسفية تمامًا وليس لها علاقة حقيقة بمصادر الإسلام ولا بتقريرات الإسلام حول الإنسان وأوصاف الإنسان ومكانة الإنسان، نحن نستقبل فكر آخر تمامًا ويُمرَّر على أنه فكر إسلامي، ويخلط بالنصوص والآيات والأحاديث وبما هو منطقي من الأفكار وواقع، لكن هذه كلها تُستغل أن يصل الصوفي بها إلى فكرة أن الإنسان كائن متميز، ليس إلهيًا فحسب، بل هو إلهي خلقيّ هو عنده حقائق كونية إلهية ومن ثم يمارس أعمال تتجاوز حتى القدرات الإلهية.
فالإله عندهم لا يستطيع أن يفعل ما يفعله هذا الذي جمع من الحقائق أكثر مما عند الإله، يعني هكذا الفكر الصوفي وحقيقة هذه أفكار فلسفية تمامًا مما يؤكد أن التصوف فلسفة، وفي هذا السياق نشير إلى كلمة مشهورة يُقال فيها: "ليس في الإمكان أحسن مما كان" أو "أبدع مما كان" أي ليس في هذا الخلق شيء يمكن أن يكون أحسن مما خَلق، وهذه ينتقدها بعض ممن لا يعرف أصل في هذه الجملة فيقول: كيف يُقال هذا في حق الله سبحانه وتعالى أنه ليس في الإمكان خلق أحسن مما كان؟
هذا تحديد لقدرات الله، الله عزّ وجل قادر على أن يخلق هذا الكون وأحسن منه، وأحسن وأنه لا حدّ لقدرته. ليست القضية هي قضية قدرة أو غير ذلك، هي قضية أن هذا الكون هو صورة الإله وهذا الإنسان الكامل هو الصورة الإلهية ومن ثمّ فليس في الإمكان أحسن مما كان لأنه كيف يمكن أن يكون بعد ذلك صورة أحسن من الصورة الإلهية؟ لا يمكن، فالعبارة هذه التي قالها الغزالي وقالها ابن عربي وقالها من قال: "ليس في الإمكان أبدع/أحسن مما كان" باعتبار أن الذي كان الصورة الإلهية ولا أكمل من الصورة الإلهية.
خلاصة الكلمة أن الصوفية توسعوا جدًا في تقرير في هذه الفكرة خصوصًا ابن عربي، وضربوا له أمثلة: أمثلة الكنز والحبّة والظل والحروف ووو...الخ، خياله واسع ومستغرق وكلامه لا منطقي في أشياء كثيرة إنما هي أوهام وخيالات وأفكار حتى إطلاق وصف شاعرية عليها كثير وغير مقبول، أفكار هي أفكار أساطير الأولين حتى الأولين -الذين هم الفلاسفة- يرددها هؤلاء لتقرير هذه الفكرة التي ليس لها من الحق والواقع أدنى شاهد، أين ذاك الإنسان الذي يُقال أن هذا يفعل بفعل الجمع بين الحقائق الإلهية والكونية؟
هذا نوع من التضليل والخداع والوهم الذي آمن به المتصوفة وليس من الحق في شيء.
وفق الله الجميع وصلّ الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله ربّ العالمين.

((هذا واعلم أنه ليس من أسمائه تعالى (القديم) ولا (الأزلي)، لعدم ورودهما في الكتاب والسنة، وإنما اسمه سبحانه (الأول) وهو دال على معنى الاسمين السابقين، وأكمل منهما؛ لأن القديم يحتمل أن يكون متقدما على غيره، وقبله من هو أقدم منه، والأزلي يحتمل أن يوجد معه ما هو أزلي، أما الأول، فينفي أن يكون أحد قبل الله ، أو معه )). سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :هل (القديم) اسم لله تعالى أو من صفاته؟ فأجاب : " لا القديم ليس من أسماء الله وليس من صفاته لكن المقدِّم من أسماء الله كما في الحديث: (أنت المقدم وأنت المؤخر). السائل: توجيه الحديث يا شيخ: (وسلطانك القديم). الجواب: هذا وصف للصفة ، وليس وصفاً للموصوف ، سلطانه القديم، أي: القديم هو السلطان." العلامة ابن عثيمين رحمه الله / لقاء الباب المفتوح

قال ابن القيم رحمه الله : "تفرد الحق تعالى بالوجود أزلاً وأبداً ، وأنه الأول الذي ليس قبله شيء ، والآخر الذي ليس بعده شيء ، ووجود كل ما سواه قائم به ، وأثر صنعه ، فوجوده هو الوجود الواجب الحق الثابت لنفسه أزلاً وأبدا.. فوجوده تعالى وجود ذاتي ..ليس مع الله موجود بذاته سواه ، وكل ما سواه فموجود بإيجاده سبحانه" انتهى بتصرف . "مدارج السالكين" (3/34) .

من مصادر التلقي عند الصوفية: العلم اللدني: تقدم أن طوائف من الصوفية جعلوا للمعرفة منهجًا قائمًا على التأمل والمجاهدة، بحيث ينتهي بهم الأمر إلى إشراق الأنوار عليهم ومعاينة الحقائق على نحو يعجز العقل والحس عن إدراكه والتعرف على حججه ومآخذه، في زعمهم. ولم يقف بهم الأمر عند رفض موازين العقل والحس، بل أدخلوا الشرع الإسلامي العظيم ضمن ذلك، وجعلوا دين الله والنصوص الصريحة غير حاكمة عليهم وعلى معارفهم، والسؤال الملّح: ما هو هذا العلم اللدني الذي انفردت به الصوفية - بزعمهم - عن علماء الأمة؟ وما نتائجه وآثاره؟ الجواب: قد تبين فيما مضى عند الكلام على طريقة الصوفية في تلقي المعرفة من خلال المجاهدات الشاقة والتعذيب العظيم للأجسام والتأمل المستمد من طريقة الهنود واليونان وغيرهم، فلذلك لا تسأل عن نتائج هذه العلوم وما أفرزته من الآثار. حيث أوجد ما عرف عند القوم ب (علم الحقيقة)، والتي يدعي الصوفي من خلالها أمرًا أو يفعل فعلًا أو يقول قولًا، فإذا خالف الشرع الظاهر وأنكر عليه قيل للمعترض: أيها المحتج بالشرع إن العارف لا يعترض عليه؛ لأنه وإن خالف في الظاهر فهو مصيب في الباطن، فهو على الصواب دومًا، حتى وإن ارتكب محرمًا أو ترك واجبًا!! ولهذا ارتكب بعضهم أمورًا محرمة مثل ترك الصلاة والفطر في نهار رمضان بلا عذر يبيح الفطر بل يقول أحدهم حين أفطر: أنا معتوق أعتقني ربي، ومنهم والعياذ بالله من فعل الفاحشة على الملأ، وعد الشعراني والنبهاني ذلك في كراماته. وحجتهم وحجة المدافعين عنهم أنهم فعلوا هذه الأمور لإدراكهم من علم الحقيقة ما يقصرعن فهمه من أسموهم بالمحجوبين وعلماء الرسوم، وأسموهم أيضًا - على سبيل التعيير - أهل الظاهر أي أنهم لا يدركون إلا ما ظهر من نصوص الشرع ولا يعرفون الحقائق الدينية إلا من جهتها، بينما يدرك من سموهم بالعارفين وعلماء الحقيقة ما يعجز عن فهمه وإدراك معانيه سواهم. وهذا الاعتقاد يجعل صاحبه مصنفًا ضمن الباطنية، فإن حقيقة مذهبهم قائمة على أن للشرائع ظاهرًا تعرفه العامة الذين لا يفقهون، وباطنًا يدركه الكُمَّل العارفون. ويتم ذلك من خلال ما يسمى بالكشف، فلذا ذكر أن علوم المشاهدات والمكاشفات هي التي تختص بعلم الإشارة الذي تفردت به الصوفية، وإنما قيل: علم الإشارة؛ لأن مشاهدات القلوب ومكاشفات الأسرار لا يمكن العبارة عنها، بل تعلم بالمنازلات والمواجيد. ويعرف الغزالي الكشف بأنه عبارة عن نور يظهر في القلب عند تطهيره وتزكيته من صفاته المذمومة، وينكشف له من ذلك النور أموراً كثيرة كان يسمع أسماءها فيتوهم لها معاني مجملة غير متضحة، فتتضح إذ ذاك. ولكن ما هي الأمور التي تنكشف لهذا الذي حصل على قمة العلوم اللدنية بعد أن كان يسمع بها مجرد سماع؟ يجيب الغزالي فيقول ما حاصله أنه تتم له المعرفة بذات الله وصفاته وأفعاله ومعنى النبوة والوحي، وكيفية ظهور الملك للأنبياء، ومعرفة ملكوت السماوات والأرض وكذلك الآخرة والجنة والنار، بحيث يرتفع الغطاء حتى تتضح له جلية الحق في هذه الأمور اتضاحًا يجري مجرى العيان الذي لا يشك فيه. فتأمل معنى الكشف وتأمل ما الذي زعموا أنه يتضح لهم بالكشف؛ لتدرك أن العلم اللدني عند الصوفية فيه من المبالغة المخلة بالاعتقاد ما لا يخفى على اللبيب. مصادر التلقي عند الصوفية بتصرف، للدكتور عبدالله بن عبدالعزيز العنقري، ص٢٧ -٢٩.

لا يوجد مناقشات
ص/(214)
فقد بيّن (ابن عربي) أن الأسباب ما وُجدت وظهرت ، إلا لظهور عين (الإنسان الكامل) فهو المقصود الأول من الخلق، لأنه بدونه لا يُعرف الحق تعالى ، وقد كان في صورة الإنسان الكامل مذ كان عدماً في شيئيته وثبوته هناك،فلما أخرجه إلى الوجود كسا الحق الإنسان شيئية الوجود، ظهر الكنز (الله) بظهور الإنسان الكامل.))

د. لطف الله خوجة.
الإنسان الكامل في الفكر الصوفي.
ص: ٢١٩
عودة الضمير في قول : "خلق الله آدم على صورته"

(٣) أقوال:
١- الضمير يعود إلى الله
وهو قول السلف من قال: يؤخذ الحديث من غير تأويل، ومن قال: خلقه على صفته كالعلم والحياة والسمع والبصر من غير تشبيه.
٢- الضمير يعود إلى آدم
قالت به الجهمية، وقال الإمام أحمد ردا على الجهمية: "أي صورة كانت لآدم قبل أن يخلقه"؟!.
٣- الضمير يعود إلى المضروب، والأكثر قال بهذا القول؛ لما جاء من الأمر بإكرام الوجه.
فالقول الأول والثالث لهما أوجه من الصحة والموافقة مع أقوال السلف، والقول الثاني لا وجه له.
  • منيرة حامد الغامدي
    منيرة حامد الغامدي

    ص/225

    بعد قراءة منتصف الكتاب ، رأينا أن الإنسان الكامل يظهر في كل زمان ومكان ، وفي صفحة(225) :
    «فلو فارق العالم هذا الإنسان مات العالم»

    هل «الإنسان الكامل» له وجود الآن بنظر المتصوفة، أم الخلفاء والأقطاب فقط؟
    وماذا يعنون بقولهم «لو فارق العالم هذا الإنسان مات العالم»؟

    0
    • أ.د.لطف الله عبد العظيم خوجه
      أ.د.لطف الله عبد العظيم خوجه

      نعم، للإنسان الكامل وجود، كذلك الخلفاء والأقطاب. بحسب معتقداتهم، ولن يخلو العالم منهم، وفرضهم الخلو منهم على سبيل التمثيل لا الحقيقة؛ لبيان أهمية الإنسان الكامل.

      0
    • قارئة
      قارئة

      أحسن الله إليك وهل هو معروف الآن بعينه واسمه عندهم ؟ أو عند فئة منهم ؟

      0
    • أ.د.لطف الله عبد العظيم خوجه
      أ.د.لطف الله عبد العظيم خوجه

      كل طريقة تجعل من شيخها قطبا وإنسانا كاملا، ولا يجتمعون على واحد بعينه.

      0
    • أظهر المزيد من الردود