الإنسان الكامل في الفكر الصوفي - عرض ونقد -

الأوراد/ الورد السادس (١٨٣ - ٢١٢)

هذا ملخص يتضمن أهم النقاط الرئيسية والأفكار المهمة؛ لذا هو لا يغني عن الكتاب، صممناه لكم بشكل مريح يساعد على ترتيب المعلومة وفهمها

  • بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد، فهذا هو التعليق الأول على الفصل الثالث والذي بعنوان خصائص الإنسان الكامل، وفيه مبحثان: • الكلام على أول الموجود في الوجود، وهو الإنسان الكامل. • والمبحث الثاني جمعه للحقائق الإلهية والكونية الخلقية. في قضية الوجود يتجلّى بصورة واضحة الاختلاف الكبير ما بين الفكر الصوفي والعقيدة الإسلامية، عندما ننظر في كلام الصوفية على اختلاف أشكالهم ومراتبهم، يكاد يقع بينهم نوع من الاتفاق على مسألة كيفية ظهور هذا الوجود إلى حال الوجودية بعد أن كان الوجود قبل ذلك في حالة عدمية. نحن نعلم أنه في عقيدتنا نحن المسلمون أن الله سبحانه وتعالى خلق هذا الكون بما فيه وأقصى ما يمكن أن نعرف أن ابتدأ أو أن أول المخلوقات هو العرش، وقد سبقه الماء، ثم خلق السماوات والأرض، وقبل ذلك القلم كما في الحديث المشهور: "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء" حديث عمران بن حصين المشهور. فالقضية الواضحة ها هنا أن هناك خالقًا وخلقًا، هذا الخلق كان من فعل الله سبحانه وتعالى، بعض الخلق كان بفعل من الله سبحانه وتعالى إن صحّ التعبير مباشر، وبعضها بوسائط. فمثلًا خلق آدم بيده ونفخ فيه من روحه وخلق كثير كان بواسطة، يخلق الله سبحانه تعالى شيئًا وشيئًا ثم يتولد من بين الشيئين شيئًا ثالثًا، كما يتولد الزرع من ماء وتربة وكما يتولد الولد من زوجين، من أبوين، فهي عملية خلقية إما مباشرة أو بواسطة وكلها مرجعها إلى الله سبحانه وتعالى، فهو الخالق أولًا وآخرًا. وهكذا بهذه الصورة المبسّطة فهمنا كيف كان الكون ووُجد هذا العالم من غير أن نعرف الدقائق والتفاصيل، فكما قلت أقصى ما يمكن أن نعرفه أنه خلق العرش والماء، هذا أول ما نعرف من المخلوقات، اول ما خلق الله القلم هذا على رواية الرفع، فيكون بذلك القلم هو أول المخلوقات، لكن الرواية أو اللفظة الأخرى الإعرابية: "أولَ ما خلق الله القلم قال اكتب" وهذه هي الصحيحة بصيغة (أَوَّلَ) الظرفية وليست الابتدائية (أولُ) لأنه بهذا القلم قدّر مقادير الخلائق وخلق السماوات والأرض وكان قبل ذلك العرش، لذلك الصحيح من الأقوال أن العرش أسبق، لكن أول الخلق بإطلاق لا نعرف ما هو أول الخلق. في كل الأحوال سواءٌ عرفناه أو لم نعرفه فهو مخلوق، خالقٌ خلقه، خلقه بيده أو بواسطة، وقال له كن فيكون. لكن نلاحظ هنا في الفكر الصوفي أنه يفسر وجود المخلوقات وابتداؤها بطريقة مختلفة غريبة، ويروون في هذا حديثًا موضوعًا لا أصل له بمعرفة أهل الحديث وحتى بإقرار طائفة من المتصوفة، وهو ما ينسبونه كحديث قدسيّ: "كنتُ كنزًا خفيًّا" أن الله يقول -تعالى-: "كنتُ كنزًا خفيًّا لا أُعرف فخلقتُ الخلق ليعرفوني" ثم يأتي الحلاج فيفسر طريقة هذا الخلق، ولعلّي أقرأ ماذا قال في هذا لبيان هو وابن عربي، يقول ابن عربي: "بدأ الخلق الهباء وأول موجود فيه الحقيقة المحمدية الرحمانية" وممَ وجد؟ "من الحقيقة المعلومة التي لا تتصف بالوجود ولا بالعدم". وأما الحلاج فيقول: "تجلى الخلق لنفسه في الأزل قبل أن يخلق الخلق وقبل أن يعلم الخلق، وجرى له في حضرة أحديته مع نفسه حديثًا لا كلام فيه ولا حروف وشاهد سُبحاتِ ذاته في ذاته، ثم شاء الحق سبحانه أن يرى هذا الحب ماثلًا في صورة خارجية فنظر في الأزل وأخرج من العدم صورة من نفسه لها كل صفاته وأسمائه وهي آدم الذي جعله على صورته أبد الدهر" هناك يقول ابن عربي الحقيقة المحمدية، ويفصّل ابن عربي يقول أن: "الإله تنفس فظهر من نفسه هذا العماء، وهو الفضاء، وهو الهباء، ثم من هذا الهباء ظهرت المخلوقات" كلامٌ أشبه ما يكون بكلام الفلاسفة إن لم يكن عينه مع اختلاف الألفاظ. لا خلق هنا، هنا شيء اسمه صدور وفيض، فاض وصدر عن الأول، ما يسميه الفلاسفة (واجب الوجود) صدر عنه هذا المخلوق الذي نسميه مخلوق لكن هم يقولون (الأول) أو (العقل) أو الروح الأقدس، المقدّس، أو الحقيقة المحمدية، أو آدم، يقولون أنه صدر عنه وهذا كان هو أول الوجود وسببه أنه أحب أن يُعرَف ويُدرك فخلق هذا وأصدره وفاض من نفسه حتى يُعرف. وليس كما نقرأ في المصادر الإسلامية في القرآن والسنة، ليس فيها أنه أراد أن يُعرف فخلق الخلق، وليس فيها أنه فاض منه وصدر منه وأنه أول الخلق الحقيقة المحمدية ولا أنه أول الخلق الهباء أو العماء، ولا ان آدم هو أول المخلوقات. ليس هذا موجودًا البتة في المصادر الإسلامية لكن نجده ها هنا، وهؤلاء يحومون على الفكرة الفلسفية مما يدل على تطابق ما بين الفلسفة والتصوف أن أول الوجود وهو واجب الوجود وهو الإله بتفسير المسلمين كان وحده ثم بعد ذلك أظهر من ذاته هذا الخلق، اول الخلق، ويسمونه العقل الأول أو النفس الكلية أو الروح الأقدس أو أول موجود ثم بعد ذلك ظهر من هذا الأول، إذا سميناه العقل، ، ظهر منه النفس الكلية وباتحاد النفس الكلية والعقل الأول ظهرت الموجودات. تفسير الخلق مختلف تمامًا وظهور الموجودات بطريقة أخرى، طريقة فيض وصدور على الطريقة الأفلاطونية والأرسطيّة أن الخلق صدر وفاض، أن الله ما خلقه، مثل ما يصدر شعاع الشمس عن الشمس، هكذا يفسرون العملية ويجعلون الحب هو مدار العملية كما يقول ابن عربي: "وعن الحب صدرنا وعلى الحب، جبلنا، فلذا جئناه قصدًا، ولهذا قُبلنا" والحلاج يقول: الأبيات المشهورة: "سبحان من اظهر ناسوتـُهُ سـّر سنا لاهوتِه الثاقـب ثم بـدا لخلقه ظاهـراً في صورة الآكل والشارب حتـّى لقد عَايـَنَهُ خَلْقـُه كلحْظِة الحاجب بالحاجـب" ماذا يقول ابن عربي ها هنا؟ "عندما يحصل منه الهواء يقع منه التنفس والتنهد فيخرج النفس بشكل ما تُصوّر في نفس المحبّ من صورة المحبوب، فيُظهره صورة من خارج يشاهدها فيحصل له مقصوده...الخ" إلى آخر ما قال، هنا كنّا مضطرين أن نُورد كلامًا له وبعضه مكرر لكن الشخصيات المتكلمة مختلقة، هذا ابن عربي هذا الجيلي هذا الحلاج وربما أحيانًا جُنيد ونصوص منسوبة إليه تورد على ان الصوفية يحتجون بها لا على أن بالضرورة أن الجنيدي يعتقد بها، من القطع أن الجنيدي نُسب إليه ما لم يقله، وهذه طريقة موجودة عن هؤلاء أنهم ينسبون لأئمة متقدمين أشياء قد لا يكونوا قالوها أو لا تثبت أو ليس هناك شيء أكيد على انهم يتبنون مثل هذا الراي. مع أن هذي المعاني التي وردت مكررة لكنها لا بد من إيرادها لتوضيح أن هذه الفكرة موجودة وشائعة عندهم، والإصرار على أن أول موجود في هذا الخلق هو حقيقية محمدية، ما هي الحقيقة المحمدية؟ هل هو الذات المحمدي؟ روحه مثلًا؟ أو جسده؟ أو أمرٌ معنوي؟ بعضهم قد يذهب إلى مذهب أن الروح المحمدية هي أول الأرواح على الإطلاق قبل الجسد، وبعضهم قد يجعل ذلك أمرًا معنويًا المقصود ذاك الذي هو في مقام الإنسان الكامل، سواءٌ كان النبي محمد أو آدم أو أي نبي أو أي من الأولياء، فهما مذهبان يذهبان إليهما هؤلاء. المحصلة ان مثل هذا الرأي ليس له سند وقول متفق مع الفِكرة الفلسفي القديم أن اول الموجودات العقل ومختلف تمامًا عن المصادر الإسلامية، سموه الحقيقة المحمدية، النور المحمدي، سموه آدم، سموه أيًّا كان، الإنسان الكامل، والفلاسفة سموه عقلًا ومقدسًا أو غير ذلك، اختلاف الأسماء شيء لا يضرّ لأن المعاني متحدة، أنه لا خلق أنه صدور، ثم بعد ذلك هذا الذي كان أولًا له مهمة كبيرة جدًا، هو جامع حقائق إلهية وخلقية، وهذا ما نتكلم عنه إن شاء الله في التعليق الثاني على هذا الفصل. والحمد لله رب العالمين.
    تعليق على الورد السادس

    بصوت الكاتب

    2
    3
    00:00
    تحميل
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد،
فهذا هو التعليق الأول على الفصل الثالث والذي بعنوان خصائص الإنسان الكامل، وفيه مبحثان:
• الكلام على أول الموجود في الوجود، وهو الإنسان الكامل.
• والمبحث الثاني جمعه للحقائق الإلهية والكونية الخلقية.
في قضية الوجود يتجلّى بصورة واضحة الاختلاف الكبير ما بين الفكر الصوفي والعقيدة الإسلامية، عندما ننظر في كلام الصوفية على اختلاف أشكالهم ومراتبهم، يكاد يقع بينهم نوع من الاتفاق على مسألة كيفية ظهور هذا الوجود إلى حال الوجودية بعد أن كان الوجود قبل ذلك في حالة عدمية.
نحن نعلم أنه في عقيدتنا نحن المسلمون أن الله سبحانه وتعالى خلق هذا الكون بما فيه وأقصى ما يمكن أن نعرف أن ابتدأ أو أن أول المخلوقات هو العرش، وقد سبقه الماء، ثم خلق السماوات والأرض، وقبل ذلك القلم كما في الحديث المشهور: "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء" حديث عمران بن حصين المشهور. فالقضية الواضحة ها هنا أن هناك خالقًا وخلقًا، هذا الخلق كان من فعل الله سبحانه وتعالى، بعض الخلق كان بفعل من الله سبحانه وتعالى إن صحّ التعبير مباشر، وبعضها بوسائط. فمثلًا خلق آدم بيده ونفخ فيه من روحه وخلق كثير كان بواسطة، يخلق الله سبحانه تعالى شيئًا وشيئًا ثم يتولد من بين الشيئين شيئًا ثالثًا، كما يتولد الزرع من ماء وتربة وكما يتولد الولد من زوجين، من أبوين، فهي عملية خلقية إما مباشرة أو بواسطة وكلها مرجعها إلى الله سبحانه وتعالى، فهو الخالق أولًا وآخرًا.
وهكذا بهذه الصورة المبسّطة فهمنا كيف كان الكون ووُجد هذا العالم من غير أن نعرف الدقائق والتفاصيل، فكما قلت أقصى ما يمكن أن نعرفه أنه خلق العرش والماء، هذا أول ما نعرف من المخلوقات، اول ما خلق الله القلم هذا على رواية الرفع، فيكون بذلك القلم هو أول المخلوقات، لكن الرواية أو اللفظة الأخرى الإعرابية: "أولَ ما خلق الله القلم قال اكتب" وهذه هي الصحيحة بصيغة (أَوَّلَ) الظرفية وليست الابتدائية (أولُ) لأنه بهذا القلم قدّر مقادير الخلائق وخلق السماوات والأرض وكان قبل ذلك العرش، لذلك الصحيح من الأقوال أن العرش أسبق، لكن أول الخلق بإطلاق لا نعرف ما هو أول الخلق. في كل الأحوال سواءٌ عرفناه أو لم نعرفه فهو مخلوق، خالقٌ خلقه، خلقه بيده أو بواسطة، وقال له كن فيكون. لكن نلاحظ هنا في الفكر الصوفي أنه يفسر وجود المخلوقات وابتداؤها بطريقة مختلفة غريبة، ويروون في هذا حديثًا موضوعًا لا أصل له بمعرفة أهل الحديث وحتى بإقرار طائفة من المتصوفة، وهو ما ينسبونه كحديث قدسيّ: "كنتُ كنزًا خفيًّا" أن الله يقول -تعالى-: "كنتُ كنزًا خفيًّا لا أُعرف فخلقتُ الخلق ليعرفوني" ثم يأتي الحلاج فيفسر طريقة هذا الخلق، ولعلّي أقرأ ماذا قال في هذا لبيان هو وابن عربي، يقول ابن عربي: "بدأ الخلق الهباء وأول موجود فيه الحقيقة المحمدية الرحمانية" وممَ وجد؟ "من الحقيقة المعلومة التي لا تتصف بالوجود ولا بالعدم". وأما الحلاج فيقول: "تجلى الخلق لنفسه في الأزل قبل أن يخلق الخلق وقبل أن يعلم الخلق، وجرى له في حضرة أحديته مع نفسه حديثًا لا كلام فيه ولا حروف وشاهد سُبحاتِ ذاته في ذاته، ثم شاء الحق سبحانه أن يرى هذا الحب ماثلًا في صورة خارجية فنظر في الأزل وأخرج من العدم صورة من نفسه لها كل صفاته وأسمائه وهي آدم الذي جعله على صورته أبد الدهر" هناك يقول ابن عربي الحقيقة المحمدية، ويفصّل ابن عربي يقول أن: "الإله تنفس فظهر من نفسه هذا العماء، وهو الفضاء، وهو الهباء، ثم من هذا الهباء ظهرت المخلوقات" كلامٌ أشبه ما يكون بكلام الفلاسفة إن لم يكن عينه مع اختلاف الألفاظ. لا خلق هنا، هنا شيء اسمه صدور وفيض، فاض وصدر عن الأول، ما يسميه الفلاسفة (واجب الوجود) صدر عنه هذا المخلوق الذي نسميه مخلوق لكن هم يقولون (الأول) أو (العقل) أو الروح الأقدس، المقدّس، أو الحقيقة المحمدية، أو آدم، يقولون أنه صدر عنه وهذا كان هو أول الوجود وسببه أنه أحب أن يُعرَف ويُدرك فخلق هذا وأصدره وفاض من نفسه حتى يُعرف. وليس كما نقرأ في المصادر الإسلامية في القرآن والسنة، ليس فيها أنه أراد أن يُعرف فخلق الخلق، وليس فيها أنه فاض منه وصدر منه وأنه أول الخلق الحقيقة المحمدية ولا أنه أول الخلق الهباء أو العماء، ولا ان آدم هو أول المخلوقات. ليس هذا موجودًا البتة في المصادر الإسلامية لكن نجده ها هنا، وهؤلاء يحومون على الفكرة الفلسفية مما يدل على تطابق ما بين الفلسفة والتصوف أن أول الوجود وهو واجب الوجود وهو الإله بتفسير المسلمين كان وحده ثم بعد ذلك أظهر من ذاته هذا الخلق، اول الخلق، ويسمونه العقل الأول أو النفس الكلية أو الروح الأقدس أو أول موجود ثم بعد ذلك ظهر من هذا الأول، إذا سميناه العقل، ، ظهر منه النفس الكلية وباتحاد النفس الكلية والعقل الأول ظهرت الموجودات. تفسير الخلق مختلف تمامًا وظهور الموجودات بطريقة أخرى، طريقة فيض وصدور على الطريقة الأفلاطونية والأرسطيّة أن الخلق صدر وفاض، أن الله ما خلقه، مثل ما يصدر شعاع الشمس عن الشمس، هكذا يفسرون العملية ويجعلون الحب هو مدار العملية كما يقول ابن عربي: "وعن الحب صدرنا وعلى الحب، جبلنا، فلذا جئناه قصدًا، ولهذا قُبلنا" والحلاج يقول:

الأبيات المشهورة:
"سبحان من اظهر ناسوتـُهُ سـّر سنا لاهوتِه الثاقـب
ثم بـدا لخلقه ظاهـراً في صورة الآكل والشارب
حتـّى لقد عَايـَنَهُ خَلْقـُه كلحْظِة الحاجب بالحاجـب"

ماذا يقول ابن عربي ها هنا؟ "عندما يحصل منه الهواء يقع منه التنفس والتنهد فيخرج النفس بشكل ما تُصوّر في نفس المحبّ من صورة المحبوب، فيُظهره صورة من خارج يشاهدها فيحصل له مقصوده...الخ" إلى آخر ما قال، هنا كنّا مضطرين أن نُورد كلامًا له وبعضه مكرر لكن الشخصيات المتكلمة مختلقة، هذا ابن عربي هذا الجيلي هذا الحلاج وربما أحيانًا جُنيد ونصوص منسوبة إليه تورد على ان الصوفية يحتجون بها لا على أن بالضرورة أن الجنيدي يعتقد بها، من القطع أن الجنيدي نُسب إليه ما لم يقله، وهذه طريقة موجودة عن هؤلاء أنهم ينسبون لأئمة متقدمين أشياء قد لا يكونوا قالوها أو لا تثبت أو ليس هناك شيء أكيد على انهم يتبنون مثل هذا الراي. مع أن هذي المعاني التي وردت مكررة لكنها لا بد من إيرادها لتوضيح أن هذه الفكرة موجودة وشائعة عندهم، والإصرار على أن أول موجود في هذا الخلق هو حقيقية محمدية، ما هي الحقيقة المحمدية؟ هل هو الذات المحمدي؟ روحه مثلًا؟ أو جسده؟ أو أمرٌ معنوي؟ بعضهم قد يذهب إلى مذهب أن الروح المحمدية هي أول الأرواح على الإطلاق قبل الجسد، وبعضهم قد يجعل ذلك أمرًا معنويًا المقصود ذاك الذي هو في مقام الإنسان الكامل، سواءٌ كان النبي محمد أو آدم أو أي نبي أو أي من الأولياء، فهما مذهبان يذهبان إليهما هؤلاء.
المحصلة ان مثل هذا الرأي ليس له سند وقول متفق مع الفِكرة الفلسفي القديم أن اول الموجودات العقل ومختلف تمامًا عن المصادر الإسلامية، سموه الحقيقة المحمدية، النور المحمدي، سموه آدم، سموه أيًّا كان، الإنسان الكامل، والفلاسفة سموه عقلًا ومقدسًا أو غير ذلك، اختلاف الأسماء شيء لا يضرّ لأن المعاني متحدة، أنه لا خلق أنه صدور، ثم بعد ذلك هذا الذي كان أولًا له مهمة كبيرة جدًا، هو جامع حقائق إلهية وخلقية، وهذا ما نتكلم عنه إن شاء الله في التعليق الثاني على هذا الفصل.
والحمد لله رب العالمين.

دلت الأحاديث أن أول ما خلق الله من الأشياء المعلومة لنا هو (العرش) واستوى عليه بعد خلق السموات ، كما قال - تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا) هود:7. وأما بالنسبة للقلم فليس في الحديث دليل على أن القلم أول شيء خلق ، بل معنى الحديث أنه في حين خلق القلم أمره الله بالكتابة فكتب مقادير كل شيء . وأما محمد صلى الله عليه وسلم فهو كغيره من البشر ، خلق من ماء أبيه عبد الله بن عبد المطلب ولم يتميزعلى البشر من حيث الخلقة ، كما قال عن نفسه : (إنما أنا بشر أنسى كما تنسون) . فهو عليه الصلاة والسلام يجزع ، ويعطش ويبرد ويصيبه الحر، ويمرض ويموت فكل شيء يعتري البشرية من حيث الطبيعة البشرية فإنه يعتريه ، لكنه يتميز بأنه يوحى إليه وأنه أهل للرسالة كما قال تعالى : ( اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ) الأنعام:124 مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ج/1 ص 62-63

اعتقاد عند النصارى وهو اتحاد اللاهوت الجزء الإلهي مع الناسوت الجزء الإنساني في المسيح عليه السلام. تخجيل من حرف التوراة والإنجيل، بتصرف يسير، ص١٣١.

ج: هذا ثبت عن الرسول ﷺ، في الصحيحين أنه قال عليه الصلاة والسلام: «إن الله خلق آدم على صورته» وجاء في رواية أحمد وجماعة من أهل الحديث: «على صورة الرحمن» فالضمير في الحديث الأول يعود إلى الله، قال أهل العلم كأحمد رحمه الله وإسحاق بن راهويه وأئمة السلف: يجب أن نُمرّه كما جاء على الوجه الذي يليق بالله من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل، ولا يلزم من ذلك أن تكون صورته سبحانه مثل صورة الآدمي، كما أنه لا يلزم من إثبات الوجه لله سبحانه واليد والأصابع والقدم والرجل والغضب وغير ذلك من صفاته أن تكون مثل صفات بني آدم، فهو سبحانه موصوف بما أخبر به عن نفسه أو أخبر به رسوله ﷺ على الوجه اللائق به من دون أن يشابه خلقه في شيء في ذلك كما قال : {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} الشورى:11 فعلينا أن نُمِرّه كما جاء على الوجه الذي أراده الرسول ﷺ من غير تكييف ولا تمثيل، والمعنى -والله أعلم- أنه خلق آدم على صورته ذا وجه وسمع وبصر يسمع ويتكلم ويبصر ويفعل ما يشاء، ولا يلزم أن يكون الوجه كالوجه والسمع كالسمع والبصر كالبصر.. وهكذا لا يلزم أن تكون الصورة كالصورة وهذه (قاعدة كلية) في هذا الباب عند أهل السنة والجماعة، وهي إمرار آيات الصفات وأحاديثها على ظاهرها من غير تحريف ولا تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل؛ بل يثبتون أسماءه إثباتًا بلا تمثيل وينزهونه سبحانه عن مشابهة خلقه تنزيهاً بلا تعطيل، خلافًا لأهل البدع من المعطلة والمشبهة، فليس سمع المخلوق ولا بصر المخلوق ولا علم المخلوق مثل علم الله ، وإن اتفقا في جنس العلم والسمع والبصر لكن ما يختص به الله لا يشابهه أحد من خلقه ، وليس كمثله شيء؛ لأن صفاته صفات كاملة لا يعتريها نقص بوجه من الوجوه أما أوصاف المخلوقين فيعتريها النقص والزوال في العلم وفي السمع والبصر وفي كل شيء. العلامة / ابن باز رحمه الله. للاستزادة ينظر شرح العقيدة الواسطية للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله انظر ( 1 / 107 ، 293 )

لا يوجد مناقشات

ص(196)
(فالمعروف عن ابن عربي أنه لا يثبت الخلق بطريق الإيجاد ، كما هو طريقة القرآن ، وإنما بطريق الظهور والتجلي، وهو يشير صراحةً إلى أن الإنسان مع الله أزلاً ، وإذا كان كذلك انتفى كونه مخلوقا ، لاستحالة اجتماع الأزلية والخلق .)
الإنسان الكامل في الفكر الصوفي.
د.لطف الله خوجة.
ص(199)
( إذن ، فليس في الأثر ما يدل على بداية الخلق بإطلاق، وأما وصف الصوفية لبداية الخلق فهو فلسفي محض ، لم يأتِ به خبر الشارع، ودعواهم أن أول هذا الخلق هو الإنسان الكامل جسده أو روحه (روحه، نوره، الحقيقة المحمدية) تكذيب لكلام الله تعالى وكلام رسوله عليه السلام، المخبر أن الإنسان لم يُخلق إلا بعد خلق السموات والأرض والقلم، والملائكة، وإبليس ، والهواء ، والعرش ، والماء ؟!!)

الإنسان الكامل في الفكر الصوفي.
د. لطف الله خوجة.
ص(210)

(نخلص من أقوالهم إلى أن معنى جمع الإنسان للحقائق الإلهية، هو كونه على الصورة الإلهية ، وبعبارة أدق : جمعه كل الأسماء والصفات الإلهية)

الإنسان الكامل في الفكر الصوفي.
د. لطف الله خوجة.
  • الإسلام قادم
    الإسلام قادم

    هل يلزم مني التثبت خاصة إذا عرف بالفضل والاستقامة قبل مقارنته بأهل الحلول والاتحاد؟

    0
    • أ.د.لطف الله عبد العظيم خوجه
      أ.د.لطف الله عبد العظيم خوجه

      يلزم التثبت، حتى لا يتهم بريء، لكن إذا استشهد بكلام منسوب له في الحلول ونحوه صوفي، صح الاستشهاد به على التصوف لا الجنيد؛ لأن العبرة بالكلمة لا قائلها.

      0
    • أظهر المزيد من الردود
  • الإسلام قادم
    الإسلام قادم

    ص/ 187
    ما صحة نسبة رسائل الجنيد له؟

    0
    • أ.د.لطف الله عبد العظيم خوجه
      أ.د.لطف الله عبد العظيم خوجه

      بعضها تصح، وبعضها غير مؤكد، وهناك رسالة عن الجنيد عقيدته وتصوفه للباحثة نوال فلاتة بقسم العقيدة بجامعة أم القرى بحث فيها هذا الموضوع مفصلا، لم يطبع بعد.

      0
    • أظهر المزيد من الردود