التسليم للنص الشرعي والمعارضات الفكرية المعاصرة

الأوراد/ الورد التاسع (٢٤٠ - ٢٥٧)

هذا ملخص يتضمن أهم النقاط الرئيسية والأفكار المهمة؛ لذا هو لا يغني عن الكتاب، صممناه لكم بشكل مريح يساعد على ترتيب المعلومة وفهمها

  • التعليق الصوتي على الورد التاسع

    بصوت الكاتب

    7
    7
    00:00
    تحميل

  • قال ابن تيميّة رحمه الله:

ومن تعصّب لواحدٍ بعينه من الأئمّة دون الباقين، فهو بِمَنْزلة مَن تعصّب لواحدٍ بعينه من الصحابة دون الباقين، كالرافضيِّ الذي يتعصّب لعليٍّ دون الخلفاء الثلاثة، وجمهور الصحابة، وكالخارجيِّ الذي يَقْدح في عثمانَ وعليٍّ - رضي الله عنهما - فهذه طرق أهل البدع والأهواء الذين ثبت بالكتاب والسّنة والإجماعِ أنّهم مذمومون خارجون عن الشّريعة والمنهاج الذي بعث الله به رسولَه، فمن تعصّب لواحدٍ من الأئمة بعينه ففيه شَبهٌ من هؤلاء، سواءٌ تعصّب لمالكٍ أو الشافعي أو أبي حنيفة أو أحمد، أو غيرهم.

 

[مجموع الفتاوى – 2/ 252 ]

من تصدّى للإفتاء فليعلم أن الله تعالى أمره أن يحكم بما أنزل من الحق فيجتهد في طلبه، ونهاه عن أن يخالفه وينحرف عنه {وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم} فهو مُخبر عن الله تعالى، ناقل عنه حكمة ولهذا جعل العلماء للإفتاء والعمل بمسائل الخلاف ضوابط شرعية حتى يكون سائغاً، وهذه الضوابط بعضها ينتهي إلى الوجوب والفرض، وأخرى تعود لدين العالم وإنصافه، ولا تعدوا أن تكون آداباً يتحلى بها المفتي في مواضع النزاع.

 

أولاً: وزن كل مسألة شرعية خلافية بميزان الشريعة، وردها إلى كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، امتثالاً لقوله تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ذلك خير وأحسن تأويلاً}

 

أن هذا الضابط لا يخفى على مبتدئ في الطلب، فضلاً عن العلماء، ولكني أذكره تذكيراً لأن الالتزام به عسير إلا لمن يسره الله تعالى عليه، فنوازع النفوس، وحب الغلبة والظهور، والتعصب للآراء والمذاهب، كلها أدواء تجعل بينها وبين الحق حاجزاً، ورحم الله الشافعي إذ يقول: "ما ناظرت أحداً إلا قلت اللهم أجر الحق على قلبه ولسانه، فإن كان الحق معي اتبعني، وإن كان الحق معه اتبعته".

 

ثانياً: أن لا يخالف الإجماع، أو القواعد، أو النص، أو القياس الجلي السالم عن المعارض.

 

ثالثاً: الحذر ثم الحذر من الأغلوطات التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم، يقول الخطابي: "هي المسائل التي يغالط بها العلماء ليزلوا فيها، فيهيج بذلك شر وفتنة" فكم من فتوى ظاهرها جميل وباطنها مكرٌ وخداع وظلم، فيسألون عن مسائل خلافية لا لمعرفة الحق، بل لضرب الفتاوى بعضها ببعض، وإظهار العلماء على أنهم فريقان، فريق متشدد متنطع، وآخر سهل لين. وقد تكون الأغلوطة في اختيار (وقت الفتوى)، فيلقيها على المفتي وهو يعلم ما ستحدثه من ضغائن وأحقاد، وقد رُزئت هذه الأمة منذ القدم بأمثالهم، يقول مالك: "قال رجل للشعبي: «إني خبأت لك مسائل فقال: خبئها لإبليس حتى تلقاه فتسأله عنها"، يقول ابن القيم: "ينبغي له - أي للمفتي - أن يكون بصيراً بمكر الناس وخداعهم وأحوالهم، ولا ينبغي له أن يحسن الظن بهم، بل يكون حذراً فطناً فقيهاً بأحوال الناس وأمورهم".

 

رابعاً: وهذا الضابط يعود إلى دين المفتي وإنصافه، وهو مراعاة مذاهب الدول والبلدان، وما استقر فيها من عمل، إذا كان من الاجتهاد السائغ، فلا يصح أن يأتي من هو خارج عنهم فيشغب على أهلها وعلمائها، بفتاوى تثير البلبلة والتشويش، فعلماء البلد أعلم بأحوال أهلها، وأعرف بما ينفعهم ويضرهم.

 

خامساً: وهذا القيد مبني على قاعدة أصولية وهي: "تجزؤ الاجتهاد" أو ما نسميه في عصرنا هذا: "التخصّص"، فجمهور الأصوليين على أن الاجتهاد ليس أمراً واحداً لا يقبل التجزئ والانقسام، بل قد يكون مجتهداً، أو متخصصاً في فن أو مسألة، دون فن أو مسألة، وإذا كان الأمر كذلك، كان على المفتي أن يراعي الفتاوى التي تصدر عن أهل الاختصاص، فلا يسارع إلى المعارضة والتشغيب، لاسيما إذا صدرت هذه الفتاوى من هيئات علمية عُرف حسن قصدها، وإخلاص علمائها، والغالب على هذه الهيئات أنها لا تصدر فتوى إلا بعد عرضها على من له صلة بها، كالأطباء إن كانت الفتوى تتعلق بمسألة طبية، أو الاقتصاديين إن كانت تتعلق بمسألة مالية.

وهذا هو الفقه، فمن أعظم مقاصد الشريعة، تأليف القلوب، وجمع الكلمة، وتوحيد الصفوف والفقيه عليه أن يراعي هذه المقاصد في فتاواه ما استطاع من مراعاة، ييسر إذا اقتضى المقام التيسير، ويشدِّد إذا اقتضى الحال التشديد وينظر إلى أثر هذه الفتوى على هذه المقاصد.

 

[الترخص بمسائل الخلاف ضوابطه وأقوال العلماء فيه - د. خالد العروسي]

 فليست كل مسألة نُقِل فيها خلاف بين أهل العلم تُعَد من المسائل التي لا إنكار فيها ، بل ذلك في مسائل الاجتهاد

أن المرجع في ذلك كله إلى (نصوص الكتاب والسنة) فمتى صح الدليل وجب الرجوع إليه والأخذ به ، ولم يَسُغ اتباع القول الآخر بحجة الخلاف في المسألة ، وحين تُردُّ السنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم لأجل أن هناك من خالف في هذه المسألة فهذا يلزم منه أن أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأوامره لا تكتسب شرعيتها إلا حين يتفق عليها الناس فمخالفة أحد لها أياً كان سبب ذلك ينزع عنها هذه الشرعية ويجعل الأمر واسعاً ، وهذا مسلك خطير يحتاج صاحبه إلى أن يراجع إيمانه .

- لابد من الاعتناء بتربية الناس على التسليم لله تبارك وتعالى وتعظيم نصوص الشرع ، وأخذ الدين بقوة .

 

[محمد الدويش - الإسلام سؤال وجواب]

قال الإمام أحمد:

 لم يعبر الجسر إلى خراسان مثل إسحاق بن راهويه، وإن كان يخالفنا في أشياء، فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضًا.

 

وقال الإمام يحيى بن سعيد: " أهل العلم أهل توسعة ، وما برح المفتون يختلفون ، فيحلل هذا ويحرم هذا ، فلا يعيب هذا على هذا ولا هذا على هذا "

 

قال يونس بن عبد الأعلى: ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته يومًا في مسألة، ثم افترقنا، ولقيني، فأخذ بيدي، ثم قال: يا أبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتفق في مسألة ؟

قال أبو حنيفة: هذا الذي نحن فيه رأي، لا نجبر أحدًا عليه، ولا نقول يجب على أحد قبوله بكراهة، فمن كان عنده شيء أحسن منه فليأت به.

 

[ سيَر أعلام النبلاء – الذهبي ]

 بمعنى استغلال هذا الخلاف واتخاذه ذريعة وسُّلماً إلى انحرافات وتجاوزات،  فالخلاف بحد ذاته لا إشكال فيه إنما الإشكال أن يتخذ هذا الخلاف ذريعة إلى محرمات,و أهواء,وأخطاء, فهذا هو المقصود بتوظيف الخلاف الفقهي هو استغلاله لذرائع  وأمور محرمة أو أهواء مخالفة للشريعة .

 

▪فما سبب اللجوء إلى التوظيف ؟

نظراً إلى عمق التدين في الناس وتعظيم عموم المسلمين للشريعة وتعظيمهم لنصوص الكتاب والسنة جعل كثيراً من المنحرفين لايستطيع أن يتجاوز هذه النصوص مباشرة، فشاع عند الكتير اتخاذ ذرائع من أجل تخطي إشكالية ألا يصادموا الناس , ولأجل ذلك يتحدث كثير من أصحاب التيارات الليبرالية والعلمانية بوضوح: أنه يجب البحث داخل الشريعة عن أداوت لأجل تخطي هذه الإشكالية بمعنى لا تواجه الناس بمخالفة الشريعة مباشرة وإنما أبحث عن وسائل تستطيع من خلالها أن توهم الناس أنك لا تخالف الشريعة وإنما تقدم خلافاً أو تعتمد على رأي  في الشريعة،ومن التوظيف : توظيف الخلاف الفقهي، بمعنى البحث عن أي قول فقهي ، أوخلاف واستغلاله في تمرير محرمات وأخطاء وتجاوزات خاصة أن الخلاف الفقهي يعتمد على أقوال (لأئمة لهم مكانة وفضل وقبول حسن) عند الناس فلما الشخص يعتمد عليهم فإن الشناعة لموقفه تخف كثيراً.

 

[مقال / د. فهد العجلان- بتصرف]

لا يوجد مناقشات

أجمع العلماء على رفض تقديم أي شيء من رأي أو اجتهاد أو عقل أو مصلحة على النص الشرعي :

فقالوا : الخبر يُقدَّم على الاجتهاد إجماعًا .
وقالوا : ويَسقط الاجتهاد عند ظهور النص إجماعًا .

[ التسليم للنص الشرعي صـ ٢٢٧ ]
"هذه المقالة [لا إنكار في مسائل الاختلاف] قد صارت أعظم ذريعة إلى سد باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. . . ومعيار ذلك الكتاب والسنَة، فعلى كلّ مسلم أن يأمر بما وجده فيهما أو في أحدهما معروفًا، وينهى عما هو فيهما أو في اْحدهما منكرًا، وإن قال قائل من أهل العلم بما يخالف ذلك فقوله منكر يجب إنكاره عليه أولًا، ثم على العامل ثانيًا".
[السيل الجرار، للشوكاني 588/4]
التسليم للنص الشرعي، ص254.
لا يوجد استفسارات