المعرفة في الإسلام مصادرها ومجالاتها

الأوراد/ الورد الأول (٥ - ٣٥)

هذا ملخص يتضمن أهم النقاط الرئيسية والأفكار المهمة؛ لذا هو لا يغني عن الكتاب، صممناه لكم بشكل مريح يساعد على ترتيب المعلومة وفهمها

عند تفسير قول الله سبحانه وتعالى: {سُبْحَانَ الذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ليْلاً..} (الإسراء: 1) استطرد الفخر الرازي مفندا لشبهات منكري المعراج، فاستدل على وقوع المعراج بأن من يؤمن بنزول جبريل عليه السلام - من الملأ الأعلى - بالوحي، يجب عليه أن يؤمن بصعود الرسول صلوات الله عليه بجسمه وروحه ليلة المعراج؛ لأن معراج الرسول بجسده كنزول الملك وهو جسم. ثم ذكر تأويل الفلاسفة - الذين يسميهم بالحكماء - لكيفية الوحي وهو: "زوال الحجب الجسمانية عن روح محمد صلى الله عليه وسلم، حتى يظهر في روحه من المكاشفات والمشاهدات بعض ما كان حاضرا متجليا في ذات جبريل عليه السلام". ثم عقب الرازي على هذا التهافت الفلسفي بقوله: "تفسير الوحي بهذا الوجه هو قول الحكماء، فأما جمهور المسلمين فهم مقرون بأن جبريل عليه الصلاة والسلام جسم، وأن نزوله عبارة عن انتقاله من عالم الأفلاك إلى مكة". ونحن نعقب: بأن رأي الفلاسفة هذا، اتباع للظن ومصادم لما جاء به القرآن في شأن جبريل عليه السلام، فالله سبحانه قد وصفه بأنه {ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى، وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلى} (النجم : 6، 7) ، فاستواؤه بالأفق الأعلى كما رآه رسول الله في بدء الوحي "سادا عظم خلقه ما بين السماء والأرض" فرآه على صورته الحقيقية التي خلقه الله عليها، وهذا يؤكد الجسمانية والحركة لجبريل عليه السلام ثم قال تعالى: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلى، فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} (النجم : 8، 9) ، فالدنو والتدلي والقرب هي حركات جسمانية من جبريل عليه السلام. [ المكتبة الشاملة ]  

( وأما المنحرفون عن طريقهم فهم ثلاث طوائف: أهل التخييل، وأهل التأويل، وأهل التجهيل.فأهل التخييل: هم المتفلسفة ومن سلك سبيلهم، كمتكلم ومتصوف، فإنهم يقولون: إن ما ذكره الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أمر الإيمان بالله واليوم الآخر إنما هو تخييل للحقائق لينتفع به الجمهور، لا أنه بين به الحق، ولا هدى به الخلق، ولا أوضح الحقائق، ثم هم على قسمين:منهم من يقول: إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يعلم الحقائق على ما هي عليه، ويقولون: إن من الفلاسفة الإلهية من علمها، وكذلك من الأشخاص الذين يسمونهم أولياء من علمها، ويزعمون أن من الفلاسفة أو الأولياء من هو أعلم بالله واليوم الآخر من المرسلين، وهذه مقالة غلاة الملحدين من الفلاسفة والباطنية، باطنية الشيعة وباطنة الصوفية.ومنهم من يقول: بل الرسول - صلى الله عليه وسلم - علمها لكن لم يبينها، وإنما تكلم بما يناقضها، وأراد من الخلق فهم ما يناقضها؛ لأن مصلحة الخلق في هذه الاعتقادات التي لا تطابق الحق. أما أهل التأويل فيقولون: إن النصوص الواردة في الصفات لم يقصد بها الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يعتقد الناس الباطل، ولكن قصد بها معانٍ وبين لهم تلك المعاني ولا دلهم عليها، ولكن أراد أن ينظروا فيعرفوا الحق بعقولهم ثم يجتهدوا في صرف تلك النصوص عن مدلولها، ومقصوده امتحانهم وتكليفهم إتعاب أذهانهم وعقولهم في أن يصرفوا كلامه عن مدلوله ومقتضاه، ويعرفوا الحق من غير جهته، وهذا قول المتكلمة الجهمية والمعتزلة ومن دخل معهم في شيء من ذلك. )   [ ك. الرسالة الحموية - تحقيق: التويجري ]

سؤال: أحسن الله إليكم، يقول السائل: ما المقصود بقول أهل العلم: كلام الله قديم النوع حديث الآحاد؟ الجواب: واضح، الله يتكلم في الأزل وإلى الأبد، إذا شاء سبحانه يتكلم إذا شاء، فصفة الكلام موجودة في الله عز وجل دائما وأبداً؛ ولكن أحاد الكلام هذا يحدث مثل القرآن: (وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ)،أي محدث تكلم الله به ونزوله على محمد صلى الله عليه وسلم، نعم. [ الشيخ : صالح الفوزان -حفظه الله- ]

من أقوال الدكتور عبدالله القرني في منهجية الدكتوراه: "عادة الفلاسفة -كما عند ديكارت- الحفر في المسلّمات فكلّما وجد مسلّمة بحث عن مستند لها فيبقى في الشك المطلق والعياذ بالله . أو يصل بعضهم إلى أمور يعتقدون أنها بدايات وديكارت من هؤلاء يعني هو أكثَرَ على نفسه في التشكيك لكنه في النهاية رجع إلى اليقين فيما يتعلق بالتصوّر العقلي وبنى عليه المسلّمات. وهو فيلسوف الوضوح والبداهة. بعدما كان قد بنى منهجه على الشك. ألغى ديكارت وظيفة الحواس تماما، وكونه اعتمد على الإدراك العقلي هذا لايعفي كونه أخطأ خطأً جسيما في مجال الإدراك الحسي. فلا بد أولا أن نعرف أين أخطأ ديكارت وأين أصاب. عند ديكارت خلل في قضية طبيعة الإدراك الحسي تشكيكه في الأمور العقلية رجع عنه لكنه في الحسيّات لم يرجع وهذه مشكلة كبيرة في فلسفته ولذلك سمي منهجه بالمذهب التصوّري لأنه لا يعتمد إلا على التصوّر فقط" - يرى ديكارت أن ميزته أنه كان على يقين يسمّيه (تقليدي)، فلمّا سلك سبيل الشك المنهجي واستبعد كل المستندات التي سلّم بها بالموروث الذي كان يعتقد سلامته وصل إلى نتيجة مختلفة هي أنه أصبح عنده يقين مستنِد على أساس برهاني. - يعتمد ديكارت الأسلوب الروائي ويسلك سبيل الحكاية يتكلّم عن نفسه دون أن ينتهي لنتيجة ويقيم شكوكه على مجرّد افتراضات ثم يجيب عنها وليست أمورا تحصل معه بالفعل بمعنى أنه اعتقدها ووقع فيها؛ فسبيله هو سبيل الشك المنهجي انتهى به إلى أن يرى بأن كل تلك الشكوك مهما كثرت تنتهي إلى القول بأنه لايمكن أن يشك إلا وهو موجود (أنا أفكر إذاً أنا موجود) فعنده أنه كلما ازداد شكا ازداد يقينا بأنه موجود!. وهذه طبيعة الفلاسفة أنهم يبحثون دائما وراء المسلّمات ولا يقتنعون بالمسلّمات التي يسلّم بها الناس جميعا. - ديكارت لمّا رأى أنّ الحواس يمكن أن يكون إدراكنا الحسي على غير ما نحن عليه في بعض الحالات الشاذّة وجد أنّ الحل استبعاد هذا الأمر تماما والاكتفاء بمجرّد التصوّر العقلي وترك الحواس لأنه فيما يتعلق بدور الحواس عنده أساس منهجي محسوم هو أنّ ما يُحتمل مثُله مثل الباطل تماماً فالأمر الذي فيه احتمال ضعيف على بطلانه يساوي الباطل الذي بطلانه لا شك فيه فعنده حسم هنا لدرجة الغلو في البحث عن اليقين المطلق الذي لا شك فيه بحال من الأحوال. فهو أخطأ فيما يتعلّق بوظيفة الحواس حيث ألغى وظيفتها وما يأتينا عن طريقها علينا أن نعرضه على التصوّر العقلي فما حكم به العقل على قطعيته نسلّم به وما أمكن الشك فيه نبقيه في درجة البطلان. كما أنه أخطأ في وظيفة العقل حين حصرها في الوضوح والبداهة والقطعية. - الوحي حقيقة غيبية لا يطّلع عليها إلا الأنبياء، ومع ذلك يمكن إثباته بطريق الاستدلال العقلي؛ وذلك بأن نميّز بين النبي الصادق ومدّعي النبوة الكاذب بالدلائل العقلية القاطعة. وإذا ثبتت نبوّة النبي الصادق ثبت تبعًا لذلك أنه يوحَى إليه.

لا يوجد مناقشات
"والحق أنه لا يمكن تعريف المعرفة إلا بأنها الحالة النفسية التي يجدها الإنسان بالضرورة حال الإدراك. وأنه لا يمكن تحديدها؛ لأن ذلك يقتضي تعريفها بما هو أخفى منها" ص١٨
مما يستوجب تأصيل المعرفة ومنهج الاستدلال في الإسلام ما حصل من الانحراف في الفكر الإسلامي نتيجة الخلاف حول مصدر التلقي وما نشأ عن ذلك من إحداث مناهج بدعية في الاستدلال معارضة لمنهج الاستدلال في الإسلام بفعل اتجاهات مختلفة يمكن إجمالها في ثلاثة اتجاهات :
?الاتجاه الفلسفي
?والاتجاه الكلامي
?والاتجاه الصوفي
كتاب المعرفة في الإسلام مصادرها ومجالاتها ص٦
عبدالله بن محمد القرني
  • مريم إبراهيم
    مريم إبراهيم

    عن العلم والمعرفة وهل بينهما فرق أو لا؟

    0
    • د. عبد الله بن محمد القرني
      د. عبد الله بن محمد القرني

      جاء عن الإمام ابن حزم أنه لا فرق، وجاء عن غيره كأبي الهلال العسكري أنه يقول بالفرق، وهل هذا الأمر ينظر إلى أن المسألة إذا كانت من حيث المبحث اللغوي فلا إشكال؟ ظاهر كلام ابن حزم أنه من حيث الدلالة اللغوية لا إشكال في أن يقال المعرفة والعلم بمعنى واحد، لكن إذا جاء الأمر فيما يتعلق باتصاف الله عز وجل بالعلم أو بالمعرفة فننظر في النصوص ونثبت ما دلت عليه النصوص، وما لم تدل عليه فإنا لا نثبته. والنصوص قد جاءت بإثبات العلم لله سبحانه وتعالى فنثبت ذلك، بينما لم تأتِ النصوص بإثبات المعرفة فلا نثبت ذلك بناءً على أن ما يتعلق بأسماء الله عز وجل وصفاته توقيفي، وبناء عليه تكون النتيجة أن نفرق بين ما يتعلق بدلالة اللغة وما يتعلق بالأوصاف الشرعية التي لا بد أن ننضبط فيها بالنصوص الدالة عليها.

      0
    • أظهر المزيد من الردود