المعرفة في الإسلام مصادرها ومجالاتها

الأوراد/ الورد السادس عشر (٤٧٥ - ٥٠٨)

هذا ملخص يتضمن أهم النقاط الرئيسية والأفكار المهمة؛ لذا هو لا يغني عن الكتاب، صممناه لكم بشكل مريح يساعد على ترتيب المعلومة وفهمها

..الاتجاهات في الفلسفة الغربية تدور حول محورين : المحور الأول : البحث عن اليقين والثوابت والمسلّمات وهذا موجود في الفكر الغربي كبحث ديكارت عن اليقين والمسلم به ويقابله المحور الثاني القائل بأن لا ثوابت ولا مسلّمات وأن كل الأمور محتملة وفلسفة هيوم تنزع إلى الهدم والنسبية وهي الغالبة على المجتمع الغربي اليوم .   موقف هيوم من وجود الله : وبالنسبة لمنهج هيوم فإن الفكرة الأساسية التي انطلق منها فيما يتعلق بمصدر الأفكار -ومصدر الأفكار هو الحواس عنده -. فرّق هيوم بين ما يسميه هو (انطباعات) وبين ما يسميه ( الأفكار)  لا فرق بينها الا في مجرد الحيوية في الفكرة وليست في حقيقة الفكرة فالإنسان إذا كان عنده انطباع مباشر  في شيء من المعطيات الحسية يكون عنده تصوّر مباشر عن هذا الشيء ؛ ثم إذا تذكّر هذا الانطباع في فترة لاحقة يكون عنده تصوّر خافت عن هذا ؛ فهي في الثاني فكرة ولكن الفرق فقط في الحيوية . هيوم أكد على قضية مصدر الأفكار والربط بين الانطباعات والأفكار ؛ وأسس على ذلك قضية في غاية الأهمية عنده وهي غير   لازمة من قضية التقسيم إلى الانطباعات والأفكار وهو أنه لا يمكن أن تكون هناك فكرة ليس لها أصلا حسيا ؛ فنحن لا نختلف مع هيوم في قضية أن هناك فرق بين الفكرة في حال الانطباع بها؛ وبين الفكرة حين نذكرها ، لكن حينما يبني على هذا نتيجة غير لازمة عن نفس هذه القسمة وهي أنه لا يمكن أن توجد فكرة ليس لها أصلا حسيا هنا تكون النتيجة غير لا زمة لهذه القسمة التي بدأ بها الكلام . ولذلك فإنه لما جاء في قضية الكليّات كان دليله على أن الكليّات لا وجود لها في الذهن هي ما انتهى به إلى أن الأفكار مطابقة مع مافي الواقع الخارجي فلا يمكن أن تكون فكرة في الذهن ليس لها مقابل في الخارج ولا شك أن في الخارج لا توجد حقيقة كلية فكذلك في الذهن لا يمكن أن تكون هناك حقيقة كلية. تداعي الأفكار :  عند هيوم الإنسان يجد أنه حين يرسل فإن كل فكرة تستدعي الأخرى ولو أن الإنسان جلس هكذا فإنه يستطيع أن يجعل ذهنه خاليا من التفكير لفلا بد أن يكون هنالك أفكار هيوم يستغل هذا ويقول أن الأفكار لا تنبع من الذهن وإنما تنبع  من التذكر لأفكار سابقة وبناء عليه يقول إن السبيل المتتابع من الأفكار لا بد فيه من ترابط معيّن والترابط يربطه بثلاثة أشياء: التشابه- التجاور- العلية ؛ لو أخذنا المسألة بصرف النظر عن كلام هيوم نجد أنه فعلا هذا موجود ؛ الربط بين الأفكار موجودة . يقول هيوم أن الفكر مترابط بين الأفكار المتلازمة وهذا صحيح ؛ وغاية ما يكون في الذهن هو هذا الربط بين الأفكار لكن: هل يمكن أن تكون هناك أفكار نابعة من طبيعة العقل ؟ عند هيوم هذا مستحيل ؛ فإذا رأيت أن هناك فكرة جديدة فاعلم أنها مجرد ربط بين فكرتين لا أقل ولا أكثر إما بالزيادة أو النقصان في النهاية يخرج بنتيجة هي أن العقل لا يخرج بأفكار خاصة به وليس له فاعلية يختص بها ؛ وإنما غاية ما يفعله العقل هذا التداعي بين الأفكار واستنتاج أفكار من أفكار سابقة لا أقل ولا أكثر. والإشكال حين يطبق هيوم ذلك على السببية هيوم لا يكتفي بإبطال علاقة السبب بالمسبب وإنما يبني فلسفة جديدة أن علاقة السبب بالمسبب لا تكون إلا في الخبرة وليس العقل ؛ ولو أن آدم  حين رأى الماء لأول مرة لم يكن يعلم أنه لو غطس فيه مثلا سيغرق لولا التجربة والخبرة ،ولذلك فعند هيوم الحواس هي مصدر المعرفة الوحيد وبالتالي نقي كل ما لايدرك بالحواس ؛ وفكرة (الله) أثبت أنها لا تخرج عن كونها نتيجة انطباع حسي ؛ سلم أنها فكرة وأن لها انطباع حسي هو أن الإنسان يدرك صفات الكمال في المخلوق فيتصوّر ويتوهّم بخياله أن هناك كمال لهذه الصفة! ؛ ثم يتصور ويتوهم أن هنالك كائن أسمى يتّصف بهذه الصفات ثم يطلق على هذا الكائن اسم أوهام . فوقع في التناقض حيث إنه أثبت الفكرة أولا ثم قال بأنها وهم وخيال.   موقف ديكارت من وجود الله : لم يكن يبحث ديكارت عن وجود الله ؛ بل انتهى إلى يقين بأنه ما دام يشك فهو موجود ؛ وبنى على هذا يقين بأنه نفسه لا بد أن يكون له نفس متحققة الوجود؛ ثم وجد أن هذه النفس لا يمكن أن تكون موجودة ببعض الكمالات التي فيها نقص إلا وهناك الكامل المطلق الذي وهبها الكمال النسبي ؛ وهذه موجودة عند العلماء : أن واهب الكمال أحق به ( قياس الأولى) ؛ ولكن العقليين ينكرون الصفات فاستدل بهذا الدليل على وجود الله وذكر أن هذا اليقين عنده يجزم به تماما كما يجزم بوجود نفسه هو؛ فإذا كان عنده احتمال أنه موجود ؛ وهذه درجة عالية من إثبات وجود الله مرتبة على التسلسل عنده التأمل الأول في كتابه يحكي خلاصة التعبير عن مرحلة السقوط ويبين ماهي الشكوك التي حفت به وكان يعانيها؛ فهو لم يترك حالة مما يمكن أن يتصوّر أن فيها شك أو أنها تسبب الشك في المقدمات العقلية والحسية إلا وذكرها التأمل الثاني في كتابه يبحث في ثلاثة أشياء ليتأكد عن يقين فيها: 1-اليقين في الأنا من حيث هي موجودة بصرف النظر عن حقيقتها. 2- اليقين في طبيعة الأنا وصفاتها. 3- اليقين بالإحساس بالأشياء الخارجية هل مصدره الحواس أم التخيّل أم التصوّر ؟ هل هناك فائدة من مواصلة البحث عن يقين عنده؟ نعم ؛ يقول ديكارت هو إما أن أصل إلى يقين وهذا الذي يبحث عنه أصلاً؛ أو أجد أنه لا يقين وهذا مه كونه نتيجة سلبية لكن فيها فائدة عنده أنه وصل إلى أنه لا يمكن أن يكون هنالك يقين؛ وأنه يمتنع ؛ وهذا الشك هو الذي أوصله إلى اليقين؛بمعنى أنه مادام يشك والشك تفكير فدليل على أنه موجود . ديكارت يقر بوجوده بصرف النظر عن الأنا، ويثبت الأنا بصرف النظر عن طبيعتها وتفاصيلها، ويرى أنه لا يمكن أن يضله الشيطان في قضية التلازم بين وجوده (الأنا) جسمه وما يتعلق به/ وبين أن تلك الأنا فرع عن أنه يشك أو يفكّر ( الأنا المفكّرة) ؛ فثبوت الأنا مبنية على وجود الشك الذي يتناقض بالضرورة مع وجوده وقف ديكارت عند صفات الجسم وطبيعته وأنه ليس عنده أساس لإثبات كل ما يتعلق به. ولأن فلسفة ديكارت هي (المذهب التصوّري) الفلسفة القائمة على اليقين الذي يكون نابعا من شيء من الداخل لا من الخارج ؛ وعنده مشكلة كبيرة أنه لا يؤمن بأن الحقيقة يمكن أن تكون من خارج النفس وإنما لا بد أن تنبع من نفسه. ثم يبحث عن (الأنا المفكرة) يريد أن يستخرج صفاتها داخل التفكير فمذهبه تصوري خالص ليس معناه أنه لغى دور الحواس لكنه لا يقف عندها ولا يكتفي بها ولا يأتي بها إلا بعد أن يضعها تحت الحكم التصوري وهذا مبالغة في الاستدلال  لأن كثيرا من الأمور نسلّم بها ونعتبرها بناء على غلبة الظن والاحتمال الراجح ؛ والإنسان الواقعي لا بد أن يعيش هكذا وإلا لا يمكن أن يعيش ؛ فديكارت فيما يتعلق بالتصور بالغ في نفي كثير من الأمور بناء على أنها ليست متسمة بما أسماه (الوضوح والبداهة) فعنده مشكلة أنه لا يسلم إلا بالقطعيات وهذه موجوده في الفكر البشري مثل علماء الكلام حين اشترطوا أنه لا يسلم إلا بالقطعي  ولو سلّمنا بكلامهم لوجدنا أمامنا نصوصا كثيرة لا نسلّم بها.      (موقف كانط من وجود الله ) الأساس الفلسفي الذي كان ينظر إليه (كانط) من وجود الله أنه ربط بين ثلاثة أمور : 1-الوجود الخارجي للموجودات المحسوسة. 2- الحساسية أي (قابلية الانطباعات لهذه المحسوسات) 3- الفهم الذي يسميه (التصور لهذه الأمور المدركة) وفق مادة الحساسية. وهذه الأمور يراها (كانط) فطرية في نفس الإنسان؛لكنه يرى أنه لا يمكن أن يكون هناك إدراك للخارج إلا (بالحساسية) وفي النهاية: ما يكون في الذهن لا بد أن يكون لو وجود متعيّن مدرك في الخارج: وهذا نفس ما انتهى إليه (هيوم) الذي يرى أن ما يكون في الذهن لا بد أن يكون له وجود في الخارج . لكن هناك فرق بين (كانط) و (هيوم):   كانط: قال: 1-مافي الذهن موجود في الخارج . 2-لا يمكن إثبات شيء في الخارج ما لم يكن له انطباع حسي،لكن (العقل لا ينفي وجود أشياء في الخارج لا تدركها الحواس) .ودلالة العقل كما لا تثبت فإنها لا تنفي ويبقى أمر الإثبات قائم إذا كان هناك طريق آخر للإثبات. ومن حيث المبدأ: فإنه بالترابط بين الملكات لا يمكن أن يكون للعقل دليل على وجود الله 3- موقف كانط من الأدلة على وجود الله : يقول إن الذين يستندون إلى دلالة العقل على وجود الله من مجرد التصوّر يقفزون من التصوّر إلى الوجود دون أن يكون هناك تلازم بينهما ؛ فلا يلزم أنه من تصوّر جبلا من الذهب أن يكون موجودا، وهذا منهج لا يصح عقلا وهو كمن يدّعي أنه يتصوّر مبلغًا من المال في جيبه فلا بدّ أن يكون المبلغ موجود ؛ فلا علاقة بين الوجود الخارجي وبين التصور ؛ والربط بين التصور والوجود قفز بدون مقدمات ؛ وعليه فإن كانط ينقد الدليل الوجودي الذي ذكره (أنْسلم) المنطلق من تصوّر أن (كمال الله لا يكون إلا مع إثبات وجوده) ؛ وهذا صحيح فإن الانطلاق من مجرد التصوّر إلى إثبات حقيقته الخارجية باطل منهجيا؛ لكن الخطأ الذي وقع فيه كانط ؟ أنه أدخل ديكارت في هذا النقد وقال :( إن ديكارت يقول إنها مسألة استدلالية؛ إنما هي ضرورية بحيث لا أجد أنها احتمال لكونها غير واردة؛ فالمقدمة عنده ضرورية فأنا لا أشك في وجود الله كما لا أشك في وجودي أصلا. من حيث الإثبات كما يسميه ديكارت ( وجود الكائن الأسمى) يقول ديكارت: لا يمكن أن أتصور هذه الضرورة بوجود كائن أسمى دون أن يكون موجودا ؛ هذا تناقض؛ من التناقض أن يكون غير موجود ومن العبث . ديكارت عنده أن وجود الله يلزم من مجرد الاستدلال النظري الذي لا يقوم على مقدمة ضرورية (التصوّر) إذاً الدليل عند كانط ليس ما جاء به ديكارت ؛ وكانط ينقد هذا الاتجاه وينتقد الانطلاق من التصوّر للوجود ؛ يقول: ليس هناك استدلال على وجود الله من طريق التصور الى الوجود الخارجي؛ وهناك منهج آخر  من خلال إثبات الوجود الخارجي لهذه الأشياء من جهة دلالة السببية وأن هذه الأسباب لا بد أن تكون سلسلة تنتهي لمسبب ؛ لكن هذا باطل عند كانط وهو نقض لمنهج السببية نفسه؛ لأننا افترضنا أن هذه الأسباب تتسلسل فميف نقول إنها تنتهي هذا تناقض عنده ؛ هل الأسباب هذه امتداد لله؟ على أي أساس تفرضون أن يكون لكل سبب مسبب ؛ السبب النهائي لماذا وقفتم عنده؟!أليس هذا تعطيل لقانون السببية ؛ وقفتم عند حد معيّن وكان المفترض يكون فيه استنباط أيضا إذا كان هذا المسبب خارجا عن الأسباب مباين لها فما الدليل على ربطها بهذه الأسباب: إما أن يكون المسبب داخل في الأسباب فأنتم ناقضتم أصلكم وإما أن يكون المسبب خارج عن الأسباب فما دليل ربطها بهذه الأسباب ؟!   الرد على كانط : 1- الاستدلال بالقرآن لا يقوم على السببية التي لا تنتهي إنما الاستدلال بدليل حدوث الأشياء التي لا بد أن تنتهي إلى وجود خالق (دليل الحدوث) وليس بعلاقة تسلسل الأشياء . 2-فالقسمة العقلية للأشياء أنه لا يمكن وجودها ذاتيا بمعنى لا يسبق وجودها عدم +لا يمكن وجودها صدفة لأن العقل لا يقبل ذلك لمناقضته لمبدأ السببية النتيجة: ينبغي أن يكون وجودها بمسبب هو الله . 3- القرآن ليس بدليل التصور المحض كما يرى ( أنسلم) في دليله الوجودي.     [د.إيمان العسيري]

لا يوجد مناقشات
لا يوجد اقتباسات
  • مريم إبراهيم
    مريم إبراهيم

    احتاج توضيح لفكرة تسلسل الحوادث في الماضي خصوصا من ناحية كونها رد على قول الفلاسفة
    بنفي الحدوث الزماني مع مثال

    0