موقف كانط من وجود الله
من: 168 — إلى: 168
الأساس الفلسفي الذي كان ينظر إليه (كانط) من وجود الله أنه ربط بين ثلاثة أمور : 1-الوجود الخارجي للموجودات المحسوسة. 2- الحساسية أي (قابلية الانطباعات لهذه المحسوسات) 3- الفهم الذي يسميه (التصور لهذه الأمور المدركة) وفق مادة الحساسية. وهذه الأمور يراها (كانط) فطرية في نفس الإنسان لكنه يرى أنه لا يمكن أن يكون هناك إدراك للخارج إلا (بالحساسية) وفي النهاية: ما يكون في الذهن لا بد أن يكون لو وجود متعيّن مدرك في الخارج: وهذا نفس ما انتهى إليه (هيوم) الذي يرى أن ما يكون في الذهن لا بد أن يكون له وجود في الخارج . لكن هناك فرق بين (كانط) و (هيوم): كانط: قال: 1-مافي الذهن موجود في الخارج . 2-لا يمكن إثبات شيء في الخارج ما لم يكن له انطباع حسي،لكن (العقل لا ينفي وجود أشياء في الخارج لا تدركها الحواس) .ودلالة العقل كما لا تثبت فإنها لا تنفي ويبقى أمر الإثبات قائم إذا كان هناك طريق آخر للإثبات. ومن حيث المبدأ: فإنه بالترابط بين الملكات لا يمكن أن يكون للعقل دليل على وجود الله 3- موقف كانط من الأدلة على وجود الله : يقول إن الذين يستندون إلى دلالة العقل على وجود الله من مجرد التصوّر يقفزون من التصوّر إلى الوجود دون أن يكون هناك تلازم بينهما ؛ فلا يلزم أنه من تصوّر جبلا من الذهب أن يكون موجودا، وهذا منهج لا يصح عقلا وهو كمن يدّعي أنه يتصوّر مبلغًا من المال في جيبه فلا بدّ أن يكون المبلغ موجود ؛ فلا علاقة بين الوجود الخارجي وبين التصور ؛ والربط بين التصور والوجود قفز بدون مقدمات ؛ وعليه فإن كانط ينقد الدليل الوجودي الذي ذكره (أنْسلم) المنطلق من تصوّر أن (كمال الله لا يكون إلا مع إثبات وجوده) ؛ وهذا صحيح فإن الانطلاق من مجرد التصوّر إلى إثبات حقيقته الخارجية باطل منهجيا؛ لكن الخطأ الذي وقع فيه كانط ؟ أنه أدخل ديكارت في هذا النقد وقال :( إن ديكارت يقول إنها مسألة استدلالية؛ إنما هي ضرورية بحيث لا أجد أنها احتمال لكونها غير واردة؛ فالمقدمة عنده ضرورية فأنا لا أشك في وجود الله كما لا أشك في وجودي أصلا. من حيث الإثبات كما يسميه ديكارت ( وجود الكائن الأسمى) يقول ديكارت: لا يمكن أن أتصور هذه الضرورة بوجود كائن أسمى دون أن يكون موجودا ؛ هذا تناقض؛ من التناقض أن يكون غير موجود ومن العبث . ديكارت عنده أن وجود الله يلزم من مجرد الاستدلال النظري الذي لا يقوم على مقدمة ضرورية (التصوّر) إذاً الدليل عند كانط ليس ما جاء به ديكارت ؛ وكانط ينقد هذا الاتجاه وينتقد الانطلاق من التصوّر للوجود ؛ يقول: ليس هناك استدلال على وجود الله من طريق التصور الى الوجود الخارجي؛ وهناك منهج آخر من خلال إثبات الوجود الخارجي لهذه الأشياء من جهة دلالة السببية وأن هذه الأسباب لا بد أن تكون سلسلة تنتهي لمسبب ؛ لكن هذا باطل عند كانط وهو نقض لمنهج السببية نفسه؛ لأننا افترضنا أن هذه الأسباب تتسلسل فميف نقول إنها تنتهي هذا تناقض عنده ؛ هل الأسباب هذه امتداد لله؟ على أي أساس تفرضون أن يكون لكل سبب مسبب ؛ السبب النهائي لماذا وقفتم عنده؟!أليس هذا تعطيل لقانون السببية ؛ وقفتم عند حد معيّن وكان المفترض يكون فيه استنباط أيضا إذا كان هذا المسبب خارجا عن الأسباب مباين لها فما الدليل على ربطها بهذه الأسباب: إما أن يكون المسبب داخل في الأسباب فأنتم ناقضتم أصلكم وإما أن يكون المسبب خارج عن الأسباب فما دليل ربطها بهذه الأسباب ؟! الرد على كانط : 1- الاستدلال بالقرآن لا يقوم على السببية التي لا تنتهي إنما الاستدلال بدليل حدوث الأشياء التي لا بد أن تنتهي إلى وجود خالق (دليل الحدوث) وليس بعلاقة تسلسل الأشياء . 2-فالقسمة العقلية للأشياء أنه لا يمكن وجودها ذاتيا بمعنى لا يسبق وجودها عدم +لا يمكن وجودها صدفة لأن العقل لا يقبل ذلك لمناقضته لمبدأ السببية النتيجة: ينبغي أن يكون وجودها بمسبب هو الله . 3- القرآن ليس بدليل التصور المحض كما يرى ( أنسلم) في دليله الوجودي. [د.إيمان العسيري]