حركة العصر الجديد

الأوراد/ كامل المحتوى

هذا ملخص يتضمن أهم النقاط الرئيسية والأفكار المهمة؛ لذا هو لا يغني عن الكتاب، صممناه لكم بشكل مريح يساعد على ترتيب المعلومة وفهمها

  • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    حياكم الله جميعا أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله علمًا نافعًا فمعرفة الباطل من أهم الأمور التي ينبغي حقيقة أن يهتم بها طالب العلم في العصر الحديث فالباطل يتلون  ويتشكل ويتزين فيقع فيه للأسف كثير من الناس دون أن ينتبهوا لذلك.

    الكتاب محل الدراسة (حركة العصر الجديد) هو دراسة لجذور هذه الحركة وفكرها العقدي ومخاطرها على الأمة كما هو موجود في عنوانها, كانت أهمية هذه الدراسة من تتبّع تطبيقات لحركة كُبرى معاصرة بدأت في العصر الحديث لم يُنتبه لها لأنها أخذت طابع علمي وطابع تدريبي في حين كان الناس يهتمون كثيرًا بما يسمى صناعة الإنسان والدورات التدريبية فجاءت بهذا الظاهر الذي اغتر به كثير من الناس ونَشَر برامجها وتدرّب على تطبيقاتها كثير حتى من طلبة العلم بل والدعاة وليس فقط عموم الناس وغفلوا وحقيقة هم  جهلوا في الأصل باطنها العقائدي الخطير وزاد الطين بلة أن هؤلاء بدأوا يلفقون بين فلسفاتها وتطبيقاتها وبين نصوص الكتاب والسنة هؤلاء الذين يحملون فكرًا إسلاميًا في الأصل أو رغبة في التقدم والنجاح بالمنهج الإسلامي لكن حقيقة ضلّوا الطريق فبدلاً من أن يتجهوا مباشرة إلى نصوص الكتاب والسنة وإلى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وإلى تاريخ الأمة يستلهمون منه ذهبوا إلى هنا وهناك ثم لفّقوا ولووا ربما أعناق النصوص أحيانًا ودلالات السيرة أحيانًا لكي يأكدوا أو لكي يشرعنوا ويأسلموا ما وصل إليهم وتشربته نفوسهم من هذه التطبيقات التي -كما قلت- ظاهرها حسن.

    كتاب حركة العصر الجديد في أصله بحث علمي مقدم لمجلة جامعة أم القرى للعلوم الشرعية ونُشر هناك ثم أخذته جمعية الدراسات الفكرية المعاصرة في جامعة القصيم (فكر) ونشرته ضمن سلسلة الدراسات الشرعية.

    الكتاب في حقيقته يتضمن أربعة مباحث تشمل الحديث عن هذه الحركة التي هي أبعد بكثير من أن تكون حركة فكرية جزئية خاصة بمنطقتها وبمكانها هي حركة عالمية باطنية تهدف إلى نشر فكر معيّن مستقى من  الديانات الشرقية وتحديدًا هو فكر عقيدة وحدة الوجود إلى العالم أجمع بطرائق مختلفة.

    فالمبحث الأول يتحدث عن نشأة الحركة جذورها التاريخية سواءً القريبة أو البعيدة, أما المبحث الثاني فيتحدث عن أهم المبادئ والمعتقدات والمستقاة جميعها من الديانات الشرقية والعقائد الوثنية والقائمة بشكل كبير على عقيدة وحدة الوجود, في المبحث الثالث الحديث عن طرق نشر الفكر وأبرز البرامج التطبيقية سواءً ما هو بشكل دورات تطويرية أو بشكل علاجات ثم في المبحث الرابع مخاطر الحركة على الأمة الإسلامية وعلى عقيدة المسلمين.

    حركة العصر الجديد حركة باطنية غنوصية، ماذا نقصد بباطنية غنوصية؟ كقارئين أو مثقفين أو باحثين شرعيين مهتمين بالثقافة الإسلامية أعتقد أن كلمة الباطنية كلمة تمر علينا كثيرًا وأكثر ما يعبرَ عنها في العصر الحديث: التشيع, الشيعية, الفرق الشيعية المختلفة والفرق الصوفية المختلفة, لكن من المهم أن نعرف أنها هي أوسع بكثير من هذا التحديد, ليست فرقًا معينة, هذه فرق ضمن الفرق الباطنية, لكن الباطنية منهج أوسع بكثير من هذه الفرق وهو منهج يسري أو يدخل في كثير من الديانات؛ دخل في الديانة اليهودية وأفسدها عن أصولها ودخل في الديانة النصرانية وأفسدها كذلك, فرق القبالة من الفرق الباطنية اليهودية, فرق الغنوصية من الفرق الباطنية النصرانية, وكذلك كثير من الفرق الإسلامية أو المنتسبة للإسلام من المتصوفة بفرقها المختلفة والتشيع والنصيرية والقرامطة وغيرهم كل هؤلاء من الفرق الباطنية.

    الباطنية تعني هذا اللفظ بمعناه الواضح؛ فهي ظاهر وباطن, فهي لها ظاهر جذاب قد يظهر بشكل تنسك وتصوف وتزهد , قد يظهر بشكل تدريب وتطوير وعلاجات, قد يظهر بأشكال مختلفة, ولها باطن هو عقيدة وحدة الوجود وتعتمد بدرجة كبيرة على التأويل الباطني الذي كذلك يطبّق ذات المعنى فالنصوص والدلالات والقصص والسير لها ظاهر ولها باطن يزعمونه هو الذي يفسرون به هذه النصوص وهذه الأحداث وغيرها للتدليل على حقيقة أو على شرعية أو على أن الحق فيما يزعمونه.

    كلمة الغنوصية هي ذاتها كلمة الباطنية ولكنها ذات أصل يوناني يعني المعرفة أو العرفان الداخلي الذي هو باطن لظاهر ليس هو الذي يعرفه كل الناس بل هو باطن هو سر, أسرار, لذلك يقال عنها معرفة سرية, يقال عنها معرفة باطنية, يقال عنها معرفة حدسية, إلهامات, معرفة لدنية, تسمّى بكثير من هذه الأسماء باختلافها في السياقات المختلفة وكثير ما يعبر عنها بالتجليات وغير ذلك.

    تعليق على الورد الأول

    بصوت الكاتبة

    3
    6
    00:00
    تحميل
  • بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    حديثنا اليوم عن نشأة حركة العصر الجديد سواءً في الجذور التاريخية القديمة أو الجذور القريبة.

    نشأة الحركة كانت من منبع الفكر الباطني من الهندوسية والطاوية والبوذية وفلسفات الإغريق والفراعنة و نستطيع أن نقول أن كل هذه الفلسفات في أصلها تحتوي على عقيدة وحدة الوجود التي هي البديل الذي يزيّنه الشيطان لكل من يريد أن يؤمن بالغيب أو لديه الإيمان بالغيب ولكن ليس لديه أخذ و تلقّي لهذا الغيب من المصدر الحق فيظن ظنونًا ويتصوّر أمور مختلفة ويصل في ختام الأمر إلى هذا.  لذلك تجد هذه العقيدة الفاسدة التي يوسوس بها إبليس لكل أحد { قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين } ظهرت في من ضلوا عن الوحي الحق في النصرانية أو حتى عن بقايا الوحي الحق, فظهرت في غنوصية النصارى ظهرت في قبالة اليهود ظهرت في فرق التصوف والتشيع الغالية ظهرت في الفرق الباطنية المتنوعة من قرامطة وإسماعيلية وغيرهم, ظهرت في كل من تأثر بالعقائد الشرقية والفارسية المبنية على هذه العقيدة من المندائية والمانوية وغيرهم.

    هذه جذورها التاريخية البعيدة, حقيقة عندما تقرأ في أصول هذه العقائد السابقة الذكر مثل: الطاوية والهندوسية وغيرها يتجلى لك بوضوح الكفر ملة واحدة يصوّره الشيطان, يزينه بصورة كذا وكذا ولكنه في الختام أصله واحد وهو الكفر بالله سبحانه وتعالى.

    أما بالنسبة للجذور التاريخية القريبة أي في العصر الحديث فنجد أن جذور الحركة تقريبًا تبدأ من الثورة على العلم المادي البحت التي بدأت تقريبًا ما بين القرن ال18 إلى ال 20 فيتبين الباحث في هذه المرحلة جذور العودة إلى الروحانيات ولكن لغير المصادر الصحيحة وتجلى هذا في عدد من الحركات الدينية الفكرية الفلسفية الروحية, منها حركة الفلسفة المتعالية, منها حركة الأرواحية, جمعية الثيوصوفيا منها حركة الفكر الجديد وغيرها.

    نستطيع القول أن حركة العصر الجديد خرجت من نتاج هذه الحركات الأربع المتوازية فكان مؤسسيها متشربين تمامًا لفكر عقيدة وحدة الوجود وللأفكار الفلسفية الشرقية والروحية التي ظهرت في هذه الآونة في هذه الحركات الدينية المتوازية وكوّنوا هذه الحركة الجديدة (حركة العصر الجديد) كما سيأتي بعد قليل بيانها, المهم في الأمر أنهم كانوا يسعون إلى نشر هذا الفكر في العالم وليس فقط -كما أكثر الحركات الباطنية- استسرارية تختص بمجموعات وبفئات خاصة, بدأ الظهور الجماعي قليلاً مع  الأرواحية والظهور أكثر مع الثيوصوفيا ثم حركة العصر الجديد نادت لجميع الأديان وشكلت هذه الحركة العالمية التي تدعو إلى أن تكون العقيدة لجميع الناس واحدة وهي عقيدة وحدة الوجود هي الأصل ثم الصورة التي يريدونها يكيّفونها كما شاءوا متناسبة مع أعرافهم ومنطقتهم لكن كلهم يدينون بهذه التي يظنون ويزين لهم الشيطان أنها أصل جميع الأديان وأن الفكر الذي تنشره هو المحبة والسلام وبذلك يقضون على الحروب الدينية كما يزعمون.

    جولة سريعة على الفلسفات الأربعة هذه في الفلسفة المتعالية وستجد الكلام واضح في الكتاب وهو أكثر وضوحًا وتفصيلاً في كتاب الدكتوره هيفاء الرشيد [حركة العصر الجديد] بحث دكتواره نشرته دار التأصيل أو مركز التأصيل للدراسات.

    الفسلفة المتعالية تقريبًا هي أول حركة فكرية ظهرت متأثرة بالفكر الروحاني وكانت ردة فعلها واضحة على المادية المغرِقة في ذلك العصر, ظهرت في أمريكا, كانت معتمدة بشكل كبير على الديانات الشرقية وعلى  مصادر الكتب الشرقية جميعها, اعتمدت على عقيدة وحدة الوجود وعلى إعلاء شأن المعرفة الحدسية للوصول إلى الحقيقة فشأن المعرفة ومنهج المعرفة مهم جدًا في دلالة الإنسان على الخير أو إبعاده إلى الأفكار والمذاهب المختلفة, اعتمدت كذلك على الإيمان بأن الإنسان إله نفسه وأن اكتشاف قدرات الإنسان أو تمكينه من اكتشاف قدراته سيوصله إلى حقيقته التي هي حقيقة الألوهة في داخله.

    حركة الفكر الجديد سنرى في كل حركة كيف يظهر الاستفادة من الحركة السابقة والزيادة عليها وإن كانت هذه الحركات إلى حد كبير متزامنة ليست متتالية متوازية شيء قبل شيء بعد قليل ولكن تقريبًا هي أخذت هذه الفترة في القرنين أولها الفلسفة المتعالية في الأرواحية ولكن كان التأثر والتشايه في الأفكار واضح تمامًا فيها.

    حركة الفكر الجديد كانت امتداد لهذه الحركات كذلك وامتداد لما انتشر في ذلك العصر بالعلاج الجماعي بالتنويم المغناطيسي وغيرها, يميز حركة الفكر الجديد قانون الجذب, هي أول من قال بقانون الجذب هذا المبني على تصوراتهم في قوة العقل وقوة  الفكر وأن العقل والفكر هو المسبب للعالم المادي جميعه وتأثرت كذلك بالأرواحية التي نشرت قضية العلاج الجماعي الروحاني هذا. فالأرواحية كانت بدرجة كبيرة تعتمد على التعامل مع الأرواح لم تقل أن الإنسان هو نفسه هذه الأشياء, الوعي وغيرها, ولكن كانت تقول أن بإمكان الإنسان أن يتصل بالأرواح المختلفة وتفسر الغيب تفسيرات روحانية باطنية وأن هذه المعاني للجنة للنار غيرها ليست أمور محسوسة إنما أمور روحانية عرفانية يعرفها الممارسين في جلسات عرفانهم الخاصة.

    آخر الحركات هذه الروحانية تقريبًا كانت في أواخر القرن 19 الميلادي هي جمعية الثيوصوفي التي أسستها روسية الأصل أمريكية هيلينيا بلافاتسكي والتي صرحت بشكل كبير بالعقائد ودعت إلى شيء من التطبيق الجماهيري العالمي ودعت الناس إلى الدخول في هذا وإلى المبادئ والعقائد الباطنية المختلفة وحاربت الدين الديانة السماوية متمثل في دين الكنيسة محاربة صريحة ولذلك حاربتها الكنيسة بشكل كبير و تصدّت لها  فقد كان المعتقد باطني ولكن المنهج ليس باطنيًا. استفاد من هذا كله الثيوصوفيون المعتقدون بهذه العقائد الروحانية الفلسفية وتجمّعوا في مكان مؤسسي أنشأوا معهدا أسموه معهدًا مؤسسيًا يسعى لاحتضان هذا الفكر و للتفكير في كيفية نشره. هذا المعهد كان معهد [ايسالن] وهو في كاليفورنيا في الستينات الميلادية تقريبًا من القرن العشرين بدأت تظهر نواة حركة العصر الجديد حيث احتضن المركز أو المعهد هذا ولاحظ التسمية معهد واعتماده على ما يسمى تجارب علمية وغيرها وإن كان كل الذين يقام عليهم التجارب كما يقال البوذيين وغيرهم لأنها تسعى إلى اكتشاف الخوارق على البوذيين على السحرة على غيرهم كل من لديه قدرة خارقة تعتبر أنها قدرة يمكن استنساخها لأي إنسان آخر فقط نحللها ونرى كيف اكتسبها ثم نحرر أنفسنا مما تمليه علينا الأديان السماوية من أن هذا حرام أو هذا لا يجوز ونرى ما الذي ينفع الإنسان بعد ذلك.

    فكان ختام أو تجميع الفلسفات المعاصرة من براغماتية, من أرواحية, مخلوطة بالفلسفات الشرقية احتضنها معهد إيسالن و دعا للبحث في هذه القوى في الإنسان واعتماده والاهتمام بجميع الفلسفات والعقائد التي تعلي من شأن الإنسان والتي تهتم بعقيدة وحدة الوجود والتي تهتم بالعرفان الغنوصي وبالحدس وأخرج بعد ذلك أو اهتم حتى باستقطاب الناس جميعًا العلماء منهم في العالم الغربي والشرقي الذين ينظرون للإنسان على أنه يمكن أن يكون إنسانًا خارقًا أو إله الكون أو إله نفسه.

    الذي يميز معهد ايسالن لأن التركيز فيه بشكل ظاهره علمي وظاهره تجريبي وتدريبي فقد سعى هذا المعهد لنشر الفكر الروحاني وهو فكر مضاد للفكر المادي ولكنه ليس موافقًا للفكر الإيماني الصحيح, قد نستخدم كلمة روحاني أو كلمة روحي ونقصد بها معاني صحيحة لكن المقصود في هذه الفلسفات الفكر الذي يؤمن بالغيب لكن لا يستمد معانيه ولا حقائقه من الوحي وإنما يستمده من الوعي الداخلي كما يقال أو الغنوص أو العرفان الداخلي أو الإشراق أو البصيرة سمه ما شئت من هذه الأسماء التي تتنوع وتتبدل باختلاف التطبيقات وتشترك تقريبًا في الحقيقة لو فحصتها في جميع هذه الأمور.

    من هذا المعهد ظهرت حركة القدرات البشرية الكامنة في البدء ثم تلتها حركة العصر الجديد الذي ميّزها الدعوة إلى أن عصر التلقي من مصدر خارجي قد انتهى وأنه ينبغي أن يكون مصدر الإنسان للمعرفة هو نفسه وذاته التي يمكن أن يصفيها ويعمل عليها بحيث تصل إلى الحقيقة مباشرة دون واسطة كما وصل الأنبياء كما يقولون وكما وصل الحكماء ولا داعي أن يكون هناك واسطة بين الناس وبين هذه المعرفة. كذلك تدعو أو يميزها أن الإيمان بأن الإنسان هو إله نفسه وأنه من يصنع حياته وهو الذي يحدد مصيره أخذت فكر قانون الجذب من new thought من حركة الفكر الجديد وصاغتها بأشكال أكثر قابلية للنشر والتطبيق وانطلقت تبشر بهذا الفكر وتتبنى وتنشئ له تطبيقات شتى في صور حياتية أو صور حيادية تبنت جميع التطبيقات الشرقية لكن لم تعطها شكل طقوس وممارسات وإنما قدمتها بشكل دورات وعلاجات بديلة أو غير ذلك حتى تكون قريبة من جميع الناس ولا تظهر حقائقها الدينية.

     

     

    تعليق على الورد الثاني

    بصوت الكاتبة

    1
    5
    00:00
    تحميل
  • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    المقطع اليوم عن أهم المبادئ والمعتقدات لحركة العصر الجديد التي هي كما أسلفنا أنها امتداد للتيار الباطني وهذا التيار من أبرز العقائد التي يركز عليها عقيدة وحدة الوجود ولذلك تهتم كل برامج الحركة بتطوير الإنسان بالمعنى الباطني, أي تطويره إلى أن يكون إلهًا, تطويره من ناسوت إلى لاهوت, كيف يصبح إلهًا, كيف يصل إلى المعرفة مباشرة, كيف يصبح هو مصدر المعرفة, كيف يصبح مجرد تفكيره هو الذي يخلق واقعه, كيف يصبح هو المسيطر على هذا الكون بعامة.

    ونستطيع أن نلخص المبادئ والمعتقدات لهذه الحركة بعد فحص جميع أدبياتها بأنها تهتم بدرجة كبيرة لإيصال الناس إلى هذه الفكرة سواءً بمجرد المعرفة أو القناعة أو التطبيق أو الإيمان العميق والممارسة الكاملة لهذا الأمر لهذا تدعو بدرجات متفاوتة إلى تطبيق الإشراق أو العرفان الباطني إلى حالات الوعي المغيرة, الدخول إلى حالات اللاوعي, ممارسات قانون الجذب, التأمل التجاوزي الموصل إلى مرحلة من النشوة أو من الغشية أو من الجذب الذي تصل فيه إلى المعرفة مباشرة.

    يمكن تلخيص العقائد بأربعة أمور رئيسية: الاعتقاد بأن كل ما في هذا الكون هو شيء واحد التي هي عقيدة وحدة الوجود فالإله هو كل شيء وكل شيء هو الله أو هو الإله هذه أصح لأنهم لا يؤمنون بالله سبحانه وتعالى فلفظة الله أو العَلَم الدال على ذات الإله سبحانه وتعالى (الله) هذه لا يعرفها الباطنيون أبدًا ولا يعرفها أصحاب أي دين ليس لديهم إله له ذات لا تَحَل ولا يُتَّحَد بها, فهذا العلم دال على ذات الإله سبحانه وتعالى جل في علاه, الإله الحق, بينما كلمة إله تدل على آلهتهم المختلفة سواءً كان إلهًا حقًا أو إلهًا غير حق كما يعبدون من دون الله سبحانه وتعالى , كذلك من اعتقاداتهم الإيمان بأن الإنسان هو الإله بما أن كل شيء هو الله فالإنسان هو جزء من هذا الشيء وهو الإله كذلك, الإنسان لا يموت تابعة لنفس المعنى, الإنسان يخلق واقعه الخاص فهو إله نفسه وهو إله هذا الكون بل هو والكون شيء واحد.

    هذه المبادئ هي أجزاء أو صور متنوعة حقيقة مأخوذة في الأصل أو تطبيقات مختلفة لعقيدة وحدة الوجود لكنها مأخوذة كذلك لو تتبعناها دراسة تتبعية من عدد من العقائد الموجودة والمبثوثة في ديانات مختلفة وفي صور مختلفة, منها قضية تأليه الطبيعة أو تأليه الوجود التي هي وحدة الوجود كما أسلفنا, ومنها عقائد تناسخ الأرواح, ومنها عقيدة الإلحاد والكفر بالله سبحانه وتعالى, وعقيدة وحدة الأديان, ومنها كذلك العقائد الهرمسية التي هي مبادئ وأسرار مأخوذة من كتب مقدسة مختلفة في ديانات وثنية في الأوروفية والأفلاطونية والرواقية وغيرها من الديانات الوثنية.

    تعتمد برامج الحركة بشكل كبير على تأليه الذات الإنسانية وتعظيمها بحيث أن الإنسان هو مُوجد هذا المحيط الذي حوله ولا حاجة إليه بشيء يأتي إليه من خارجه.

    سنلاحظ أن هذه العقائد المختلفة تعود كلها غلى تصور أن الإنسان شيء كامل كما قلنا في عقيدة وحدة الوجود وتعظيم الإنسان وأنه كل شيء, ولذلك اعتمدت كثير من الحركات والتطبيقات التي تؤكد هذا المعنى كحركة القدرات البشرية الكامنة أو حركة الوعي أو حركة الفكر الجديد هذه الحركات كلها أكدت وكان ظاهرها ليس ظاهرًا دينيًا, لم تأتِ بأوراد وبدع معينة في صوامع أو في مساجد أو في كنائس أو في غير ذلك, وإنما جاءت بدورات وبتطبيقات وبكتب ثقافية وببرامج حوارية وبجلسات فكرية وبرامج بناء وعي كما يقال لتغيير فكر الإنسان عن نفسه من أنك أنت إنسان تحتاج إلى أن تتعرف على الأشياء من خارج نفسك إلى أنك إنسان تحتاج أن تعرف نفسك لتكون كل شيء وتصل إلى كل شيء تريده.

    من أبرز الطرق التي روجت هذا الفكر ونشرته حقيقة عدد من البرامج الكثيرة عشرات البرامج لم تكن كلها من إنتاج حركة العصر الجديد في معهد إيسالن بل كثير منها كان مما تبنته الحركة من الطقوس والديانات الوثنية المختلفة ومن التطبيقات بعضها العلمية وأضافت إليها جمعت ولفقت وتبنت حتى أخرجت عدد من البرامج كبير تحت مجالات مختلفة من مجالات الحياة تم ربطها بعناية بهذه المجالات لتكون أكثر موافقة لاحتياجات الناس والظهور بشكل حيادي لا علاقة له بدين كما قلت ليست أوراد ولا جلسات عبادية في ظاهرها العام وإن كان بعضها للمتخصصين هو من لبها كجلسات اليوغا وجلسات التأمل وجلسات التنفس ولكن الذي يظهر أنها جلسات علاجية جلسات تطويرية ليس أكثر. سُوقت بشكل برامج متعددة المستويات حتى تضمن زرع الفكر والمبادئ في نفوس المتدربين والمتلقين لهذا الفكر بتدرج, ففي كل مستوى تزاد بعض الأمور البسيطة وتُحذف بعض الأمور حتى تظهر متوافقة مع الجوانب الحياتية ولا تواجه الدين أو تزاحم الدين أو تظهر حتى بصورة أنها تقدم أمور دينية بل أمور حيادية حياتية عامة, وسنتناول فيما بعد البرامج بتفصيل أكثر لكننا يمكن القول بأن هذه البرامج لاقت انتشار واسع لأن حركة العصر الجديد أضفت عليها صبغة علمية من وجه أنها حمّلتها مع العلم جوانب كثيرة مشبعة بالروحانيات الشرقية وهذا وافق كثير الجفاف الروحي الموجود في الغرب, كذلك ساعد وأسهم في انتشارها بشكل واسع وسائل الاتصال الحديثة التي سهّلتها عبر البرامج الجماهيرية التي كان لها دعاية واسعة لبرامج الحركة تحت إطار عام أنها برامج تطويرية عامة أو أفكار جديدة أو طفرة في عالم علم النفس واكتشاف الذات وغير ذلك.

    تعليق على الورد الثالث

    بصوت الكاتبة

    2
    5
    00:00
    تحميل
  • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    المبحث الثالث هو عن طرق نشر الفكر وأبرز برامجه التطبيقية.

    كما ذكرت لو تذكرون معي في اللقاءات السابقة أن حركة العصر الجديد التي تكونت في الغرب النصراني كانت طريقة نشرها في العالم أجمع نشر التطبيقات أو هذا الفكر من خلال عدد من التطبيقات التي تلبس إما ثوب ديني أو ثوب علمي أو قالب فلسفي أو قالب استشفائي وهكذا, بحيث أنها تظهر عامة, الدين الوحيد هو الذي لا يظهر عامًا وهذا له أهله الخاصين وظهر الآن في العالم حولنا بل في الخصوص في بلادنا ظهر ما يسمى بالتدريب الروحاني هذا الذي أقصد بالقالب الديني, على كل حال لا تزال هذه البرامج والدورات تأخذ منحى من التطوير والزيادة في كل يوم لذلك تجدها أحيانًا تتشكل تظن أنك تعرف على سبيل المثال ما يسمى بالبرمجة اللغوية العصبية, تجد أن مفرداتها تغيرت وتحولت وزادوا وأضافوا وغيروا وبدلوا بحسب ما يظهر لهم حتى تكون أوسع انتشارًا وحتى تكون أدق في إيصال الناس إلى الأهداف التي يريدونها مما يجعلون له مظلة عامة تسمى بالصحة أو بالسعادة أو السلام وغير ذلك.

    أبرز عناوين برامج حركة العصر الجديد أو الفكر الباطني بصفة عامة سأسعترضها بشكل يسير في المقاطع التالية:

    أولها: دورات أو برامج الطاقة. المقصود بها ليس كلمة الطاقة بمعنى الطاقة " energy" العلمية التي نعرفها في الفيزياء والتي نعرفها حتى كمعنى مجازي بمعنى طاقة روحية, لكن المقصود طاقة فلسفية المقصود قصة البداية هي ما يسمى عد الشرقيين بالكي بالطاو بالبرانا بالمانا وغيرها, يدرب المتدربون في برامج الطاقة هذه على عدد من الممارسات باعتبار أن لهم جهاز طاقة في جسدهم يبدأ بشاكرات ومسارات مختلفة وأن عليهم أن يُنمّوا هذا الجهاز ويجعلون الطاقة تسير بشكل جيد في أجسادهم وأن هذا يحفظ لهم صحتهم ويحفظ لهم روحانيتهم بل ويحفظ لهم بعد ذلك وصولهم إلى الخلاص وإلى النرفانا وإلى ما ينشدونه من الحياة الممتدة كما يقال أو ما يسمى في سياقنا الديني بالجزاء والمآل في الآخرة.

    التطبيق الثاني: تطبيق التنفس الحولي أو العميق أو بالأصح كاسم فلسفي (التنفس التجاوزي الارتقائي) يقصد به أن تتخذ هذا التنفس وسيلة للارتقاء من جسد عادي أو من روح عادية أو حتى من تنفس المتطلبات العادية أكسجين وهواء إلى تنفس الطاقة والاتحاد بمصدرها هذا الأصل في هذا البرنامج, يبدأ بالتطبيقات العادية للتنفس العميق التي يمكن أن يمارسها كل واحد فينا لكن الفرق الكبير والمهم أنها تصبح بعد ذلك ليست تطبيقًا علاجيًا ولا حالة استثنائية لمن يريد أن يصحح شيئًا ما في صحته أو في نَفَسِه أو أن يريد أن يتجاوز ألمًا ما على سبيل المثال بتطبيق طبي وإنما تصبح جزء من الحياة هدفه ليس إصلاح الصحة كما قلت وإنما هدفه الدخول في تجربة روحية؛ لأن ممارسة التنفس العميق بهذا الشكل بفترات محددة أو فترات رتيبة أو فترات منتظمة يؤدي إلى تلاعب -إن صح التعبير- بالوعي, دخول في حالات من اللاوعي أو الغشية التي يزعمون من خلالها أنها توصل إلى مراحل التجربة الروحية, هي مراحل قد يصل الإنسان فيها إلى حالات من التخيلات لأشياء معينة أو قد تأتيه وساوس قد يكون عرضة حتى إلى التعامل مع الشياطين, قد تملي له الشياطين أشياء وهو لا يدري, حقائق ما الذي يجري في هذه المرحلة, تحديدًا يمكن ما نستطيع الجزم بها لكن أستأنس كثيرًا بقول الإمام الذهبي وهو يتحدث عن الذين يدخلون في هذه الرياضات, رياضات الجوع والسهر والتنفس وغيرها يقول: فدخل الشيطان فيهم وخرج وهم يظنون أنهم خوطبوا وارتقوا أو بهذا المعنى, هذا بالنسبة للتنفس العميق له تطبيقات وله إجراءات وأهداف محددة, أجملتها في هذا وتجد التفصيل فيما بين يديك في الكتاب وتجد تفصيل أكثر في كتاب دكتوره هيفاء الرشيد [تطبيقات الاستشفاء الشرقية وأحكامها العقدية] وهو كتاب قيم يشرح كل تطبيق من هذه التطبيقات بأصوله الفلسفية وبطرائق تقديمه بألفاظه ومصطلحاته ويحكم عليه الحكم الشرعي والحكم الطبي الصحيح في هذا الباب. أعتقد أنه لا يستغني عنه قارئ مهتم بهذه الجزئيات تحديدًا أما بإجمال فيكفيك مثل هذا التلخيص

    الفنغ شوي, هو أحد هذه البرامج هو قالبه هندسي لتنظيمات البيت وترتيباته الداخلية لكن الفرق الواضح والمهم أن هذا الترتيب ليس للأشياء الفيزيائية, ليس لكي تدخل الشمس وليس لكي يكون في المكان سعة بالمعنى الفيزيائي الذي نفهمه وإنما لتجلب لك السعد وتذهِب عنك النحس. لكي تستقطب لبيتك الطاقة التيإان تدفقت فيه لن يكون هناك مشاكل لن يكون هناك... وهكذا كلها أشياء روحانية وخصائص وأسرار ليست الأمور الفيزيائية العادية.

    يتضمن الفنغ شوي استخدام كثير من المجسمات ذات الأسرار الروحانية المختلفة, لم يكن هذا واضحا في الفنغ شوي المقدم في بلادنا على سبيل المثال باعتبار أننا معروف عندنا أحكام التماثيل, أحكام بطة أو ضفدع أو غيره, لا أحد يضع تماثيل, نعرف أحكام الأرواح في أنها تطرد الملائكة, فكانوا يستعيضون عن ذلك فقط بالأشكال الهندسية بالألوان بالمرايا بوضع الأماكن في الاتجاهات المختلفة, أما الآن للأسف مع فشو هذا فبدأت تدخل حتى خصائص الأشكال المحددة, وجه الأسد أو البطة في الحديقة أو في غرفة كذا أو في غرفة كذا هذه تعطي كذا أو تمنع كذا.

    من المهم التأكيد على أنه يُعطى بمنهج باطني فسيُضمن إذن بعض التعاليم العلمية أو بعض الأشياء الشرعية أو بعض المصطلحات كمصطلح البركة على سبيل المثال أو يزعم بعضهم أنه نحن نظلِم البيت بحيث يكون نومك في اتجاه القبلة أو ما تكون الحمامات على القبلة وغير ذلك مما نعلم أحكامه عندنا في الدين وفي الفقه مختلفة عن هذا التنطع الذي يحاولوا أن يلبسوا به الفنغ شوي لباسًا شرعيًا.

    التطبيق الرابع: هو التأمل الارتقائي أو التجاوزي هذا منتشر الآن كثير إما منتشر في جلسات الاسترخاء كأنها جلسات عادية ومنتشر في جلسات يسمونها جلسات السلام, وهو حقيقة تطبيق مهاريشي في الديانة الهندوسية المتحورة في الغرب التي هي الديانة المهاريشية تمارين روحية في الأصل من أصول بوذية وهندوسية تهدف للترقي للسمو ليست لها أهداف صحية مباشرة وإنما أهداف روحية حقيقية, يزعمون أن من يصل إلى قمة الهدف في التأمل الارتقائي يرتقي تمامًا عن الناسوت إلى اللاهوت, يصبح قادرًا على أن يقول للأشياء احدثي فتحدث! قادرا على الجذب, قادرًا على التأثير في الكون بطريقة كبيرة جدًا, وهذا التطبيق من أخطر التطبيقات التي بدأت تنتشر بشكل عام في المجتمع كأنها فقط تمارين استرخاء, وهي حقيقة خطوة من خطوات الشيطان في طريقة الباطنية كما ذكرنا سابقًا متدرجة ومزاحِمة لا مواجِهة حتى تأخذهم يصبح تطبيق عادي في حياتهم يزداد يزداد ثم يبدأ كل إنسان معلوم أنه يستفيد من شيء يحاول أن يستزيد منه أكثر, يحاول أن يدخل يعرف أكثر يدخل في دورات في برامج غيرها كيف أستفيد أكثر من هذا الذي منحني إياه هذا التأمل حتى يترقى في مستوياته المختلفة إلى هذا الخبث والعياذ بالله أو الإلحاد الصريح.

    التطبيق الخامس: كذلك البرمجة اللغوية العصبية هي حقيقة من أخف التطبيقات من وجه ومن أخطرها من وجوه؛ لأنها مليئة ببعض التطبيقات الإدارية والنفسية الصحيحة لكنها تخلط معها غيرها. وهنا سؤال جدًا مهم, هل نأخذ منها إذن الأشياء الصحيحة؟ حقيقة كل الأشياء الصحيحة الموجودة في البرمجة اللغوية العصبية موجود في برامج وفي كتب وفي تخصصات مستقلة تمامًا عن هذه اللوثة الباطنية في البرمجة اللغوية العصبية, موجودة في أقسام علم  الإدارة موجودة في علم النفس بعيدة عنها, ستقرأ في الكتاب أصول البرمجة اللغوية العصبية, الذي يهمنا الآن أنها تكمن خطورتها في أنها باطنية تسرب كثير من المفاهيم وتجعلها جزء أساسي في حياة الإنسان  المسلم لو تلاحظ الآن الساحة حولنا فيها خفوت النهي عن المنكر أنا أجزم أنه أثر من آثار لفشو البرمجة اللغوية العصبية هذه الخمسة عشر عام الماضية لأنها تركز بشكل قوي وبشكل خفي ومتدرج على أن الناس وراء كل أعمالهم نية إيجابية, تحت دعاوى السلام, تحت دعاوى فهم المخالف والتعايش مع الآخرين, عدم الضغط عليهم, شيء ما من الحرية وغير ذلك مما يعطي منهج مخالف عن منهج الإسلام, الإسلام يدعو إلى النهي عن المنكر ولكن بآداب وطرائق لا تؤدي إلى تكفير ولا إلى حرب ولا إلى عراك بل إلى إحقاق حق بأجواء من العلم ومن النصح ومن الأخذ باليد إلى خير الدنيا والآخرة, حقيقة يشوهون هذه الأمور بطرائقهم الخفية في تطبيقاتهم وفي برامجهم حتى تسري وتتأكد عند الناس وتصبح نموذج حياة.

    تدرب كثير وتهتم كثير البرمجة اللغوية العصبية على قضية اللاوعي وإحداث  التغيير الإيجابي في النفس وغيرها وهذه ستوقع في نفس الحالة التي تقود إليها كل تطبيقات حركة العصر الجديد الباطنية التي هي حالة من التلاعب بالوعي.

    الماكروبيوتيك كذلك هو أحد أشهر تطبيقات هذه الفلسفة الباطنية وهو بظاهره كأنه تطبيق صحة تطبيق حياتي عام حقيقة هو يشمل كثير من المفاهيم الصحية أحيانًا بعضها صحيحة وبعضها مأخوذة من البوذية دينية كتحريم كل أنواع اللحوم وكل أنواع القائمة على المأخوذة حتى ليس فقط اللحوم حتى المأخوذة من كل ذي روح كالألبان والعسل وغيرها وبعض التعاليم النصرانية والأهم إدخال الفلسفة الباطنية في الوسط بأن الغذاء ليس هدفه جسدك وليس هدفه صحتك البدنية إنما هدفه ترقيك الروحي وهدفه أن يوصلك إلى حالات من اللاوعي في التفكير في أمور أخرى أهم من أمور هذه الحياة المادية لذلك يهتم مثلا بالتقليل أحيانًا كثيرة من الماء بالتركيز على الشعير فقط حتى يدخلوا في نفس الحالات التي يدخل فيها من يمتنع عن الطعام وعن الشراب فترات طويلة, هي ليست فقط غذاء في الحقيقة وإنما لها جوانب كثيرة علاجية ولها جوانب بعضها صحيح وكثير منها مدّعى, لها جوانب في الحياة بصفة عامة, فتطبيقات الماكروبيوتيك تشمل تنفس وتشمل تأمل وتشمل الفنغ شوي وتشمل كثير من التطبيقات السابقة, من أهم روادها في العالم العربي مريم نور التي قدمته بشكل تغذوي في البداية وبشكل فلسفي واضح وفاضح في النهاية.

    تطبيق الجرافولوجي: هو تطبيق تبنته حركة العصر الجديد وليس من أصل إنشائها وهذا موجود في الحركة وسننتبه لأن كثير من التطبيقات القديمة يأتي أحد ينتقدك ويقول أنتم كل شي تقولوا عنه هذا باطنية وعالمية أو حركة العصر الجديد هذا موجود منذ القدم! حركة العصر الجديد لم تنتج أشياء جديدة كليًا في أكثر الأشياء وإنما تبنت من  العقائد الماضية  الذي في الديانات والذي في العقائد الوثنية والذي في الخرافات وغيرها, كل ما يخدم فكرتها أولا إضعاف عقل الإنسان فيقبل الخرافة ثم يقبل أي ادعاءات أخرى, إضعاف عقل الإنسان حقيقة بدخوله في مراحل وعي مختلفة تضعف التفكير وتضعف الأعصاب حقيقة وتضعف قدرة الإنسان بعد ذلك على التمييز, إدخالها كثير من التطبيقات التي هي مختصة بالكهانة وبادعاءات علم الغيب وغيرها مما يخدم فكرة أنك ينبغي أن تتجاوز حدود إنسانيتك وحدود قدراتك البشرية المحدودة إلى قدرات لا محدودة.

    تطبيق الجرافولوجي يعد من تطبيقات تحليل الشخصيات. قضية كل التطبيقات القادمة من تحليل الشخصيات يعني مشكلة لا يزال عليها الكثير من علامات الاستفهام ولا يزال فيها جوانب كثيرة غامضة هي محل دراسات كثير من المختصين بفضل الله سبحانه وتعالى في هذه الفترة لكن كذلك هي تتفاوت فما نهتم كثيرا بالإنكار على موضوع بوصلة الشخصية لاعتبارات شُبه علمية أو قيامها على دراسات في بعض الجوانب, وكما قلت للموضوع تفصيل, أما في موضوع الجرافولوجي فهو يعتمد اعتماد واضح وصريح على خصائص الحروف والمنتج الذي يعطى كثير منه ادعاء علم الغيب حقيقة إما الغيب الماضي أو الغيب الحاضر أو الغيب المستقبل فيوقع في إشكالات حقيقية مع الإيمان بالغيب بضوابطه وبأحكامه المعروفة و يفتح بوابات للكهانة للعرافة ليس لها مدى.

    هذه التطبيقات ليست كل شيء هناك تطبيق الهونا كتبت عنه مختصرًا يسيرًا وهو الاستعانة بالقوى السفلية تعامل مع الجن صريح لذلك لا يعطى بشكل دورات يعطى بشكل دروس خصوصية مع مريد لمعلم روحاني يعلمه كيف تزيد من قوتك بالاستفادة من القوى السفلية لا تسمى باسمها شياطين ولا يسمى تعامل بسحر باسمه وإنما يسمى قوى وتفعيل ذاتك وقدراتك وغير ذلك ويعطى بشكل بسيط جدًا في العالم أجمع وفي عالمنا الإسلامي أقل وأقل لكن حقيقة بدأ يسري وبدأ يدخل بدخول من سموا أنفسهم اليوم المعلمين الروحانين فالتعليم الروحاني هذا قاد لأشياء في البدع كالصوفية وفي النهايات كفر وشرك والعياذ بالله كهذه.

    هذه التطبيقات ليست كل تطبيقات الحركة فتطبيقات الحركة تفوق 200 تطبيق تقريبًا لكن هذه أشهر التطبيقات التي تتلون بأشكال مختلفة ويدخل تحتها عدد من التطبيقات المختلفة في بلادنا.

    تعليق على الورد الرابع

    بصوت الكاتبة

    1
    5
    00:00
    تحميل
  • سأتحدث اليوم عن مخاطر الحركة على الأمة الإسلامية,  وحقيقة عندما أقول مخاطر الحركة لا نقصد بها فقط حركة العصر الجديد؛ لأن كثيرين ممن يروجون لتطبيقاتها اليوم في العالم الإسلامي قد لا ينتمون للحركة بل قد لا يعرفون الحركة بل قد يهزؤون ممن يتحدث عن الحركة والباطنية والعصر الجديد وهذه المصطلحات, يقول لم نعرفها أبدًا وإنما كل ما عرفناه: علاجات بديلة, دورات تطوير ذات, وغيرها مما تحدثنا في البدء أنها كانت الغطاء الرئيس لتمرير العقائد التي تبنتها الحركة من العقائد الباطنية المختلفة والتي رأت أنها تجمع الناس بزعمهم أو أنها تقلل الحروب أو أنها تُمكّن الإنسان من الوصول إلى أقصى قدراته, قدراته التي يرونها بمنظارهم أنها جزء من إله فكيف ينمّي نفسه ليكون متألهًا أكثر.

    أبرز مخاطر الحركة على الأمة الإسلامية تأتي من حيث أنها امتداد للتيار الباطني الذي يشكّل خطرًا حقيقيًا على كل العقائد الغيبية؛ لأن الرسالات جاءت بتقرير الغيب الذي لا يمكن التوصل إليه بالعقول وإنما يحتاج إلى نص يشرحه ويبينه وتحتاج بعد ذلك إلى إيمان وتسليم يأخذ هذه النصوص بحقائقها التي لا تتعارض مطلقًا مع بداهات العقول ولا مع ما تدل عليه العقول الصحيحة وإن كان قد يكون فيها تفاصيل تحار فيها العقول.

    أبرز إشكال أو خطر هو نشر عقيدة وحدة الوجود وعقائد الحلول والاتحاد, ولعلكم تلحظون انتشار وبروز الصوفية أو جدال حتى بعض الناس كثيرًا في مسائل الصوفية وهل الصوفية منحرفون, وبدأ التقارب ابتداءً مع الصوفية  ثم مع الشيعة ثم الكلام كثير حول هذه العقائد أنها جزء من إيمان وليست كفر وهي حقيقتها كفر محض في ختامها. لا شك أنا لا أتكلم على فرق الصوفية المختلفة؛ لأن فرق الصوفية تتنوع في مدى الضلال الذي تتبناه فبعضهم ضلاله كبير وبعضهم ضلاله أكبر وبعضهم يصل إلى وحدة الوجود والكفر والعياذ بالله.

    نشر هذه العقيدة عقيدة وحدة الوجود وعقائد الحلول والاتحاد, الإشكال أنه يُنشَر في أوساط حتى سلفية وليس في أوساط –كما كان في السابق- أوساط ناس يريدون هذه البدع أو يمارسون هذه البدع أو لا, لماذا؟ لأن الغطاء غطاء علمي أو غطاء تدريبي تطويري أو غطاء علاجي فلا ينتبه الإنسان بينما تتسلل بخبث فتُفسِد عليه عقيدته.

    من أبرز الإشكالات أن هذه العقيدة تُنشر في  أوساط الناس جميعهم على اختلاف انتماءاتهم ومشاربهم, بل أن الخطير جدًا الذي نلمحه اليوم في بلادنا انتشارها في أوساط من يمكن أن نقول أنهم ينتمون إلى التيار السلفي, أو تيار عقيدته صحيحة في الأصل ليسو ممن يمارسون البدع والموالد وغير ذلك مما نسمع عنه حتى تفشو هذه الأمور لديهم فيما بعد إنما كل ما في الأمر أنهم توجهوا إلى تطوير ذواتهم وإلى القراءة في كتب قدرات النفس وقواها المختلفة أو العلاجات التي تهتم بفتح الشاكرات وتسليك المسارات وتقوية الطاقة وغير ذلك من هذه الأمور فيما تسري هذه العقيدة الخبيثة خطوة خطوة دون أن ينتبه, وهذا حقيقة من أعظم الخطر أن الناس ينحدرون في أنواع من الشرك والكفر لا ينتبهون لها فيما يظنون أنهم يمارسون أمور حيادية في التطوير والتدريب كما ذكرنا.

    ومن ذلك أنهم يمارسون أنواع من الشرك العملي, يمارسون حقيقة أنواع من الشرك العملي في عبادة أحجار فيما يظنون أن الأمر لا يتجاوز كون هذه الأحجار فيها طاقة وفيها خصائص وما إلى ذلك.

    كل شرك حدث في العالم كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية إنما حدث برأي جنسهم, الفلاسفة الباطنية فيما سبق الذين كانوا يدعون إلى ما يسمى خصائص الأشياء والتوجه لها ويقع الإنسان في شرك الأسباب حيث يأخذ بأسباب وهمية وأسباب غير حقيقية ويشرك بالله سبحانه وتعالى فيما يظن أنه بعيد عن قضية العبودية ككل, والصور كثيرة جدًا في أنواع الشرك العملي التي تمارَس, عبودية أحجار وألوان وممارسة يوغا وممارسة تأمل وتوجه للكون وعبودية للكون من دون الله سبحانه وتعالى, بل إلى تأليه الذات كما في قانون الجذب وغيره.

    من المخاطر كذلك أن الحركة تحيي العقائد الوثنية المتنوعة؛ فتحيي عقائد الهونا, عقائد الانبها بالمخلوقات العظيمة في الكون, للأسف تجدي هناك من يتوجه إلى الشمس, من يتوجه إلى القمر, ليس بالصورة الوثنية القديمة أن هذا الشمس إله, هذا القمر إله, لكن بالصورة العلمية, نحن نجلس تحت القمر أو نصوم في هذه الأيام أو نفعل كذا, القمر ليس تعبدًا له وإنما من أجل أن نستمد طاقته, نحن نسجد ليس فقط لله سبحانه وتعالى وإنما نسجد كذلك لنستمد طاقة الأرض, تحت هذه المسميات: التطوير , العلاج, الاستمداد, تحيي العقائد الوثنية المختلفة الموجودة في الشرق بصورة كبيرة وفي غيرها.

    من المخاطر كذلك: بث العقائد الشرقية الباطلة ونشر مبادئها على أنها حقائق علمية وهذا تجد بصورة كبيرة الاهتمام به في بعض للأسف حتى المنتسبين للجامعات من الأساتذة المفتونين بهذا الأمر فيدرسون مثلاً مبادئ الماكروبيوتك على أنها مبادئ صحية علمية والأمر ليس كذلك, هناك جزء علمي صحيح ولكنه يمثل طعمًا في كمّ مليء بالعقائد الفاسدة والعقائد الوثنية الشرقية. للأسف أصبحنا نسمع كلمة الكارما, كلمة الطاو, كلمة المانترا, كأنها كلمات عادية استخدام صحيح وليست على أنها مصطلحات دينية شرقية تدل على عقائد باطلة.

    من أهم الأمور في حماية المعتقد معرفة منهج التلقي الصحيح ولذلك دائمًا نقول: كيف نأخذ العقيدة الصحيحة على منهج أهل السنة والجماعة, فهم الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة. هذه الحركة أو الاتجاه الباطني بتدريباته المختلفة يُسرِّب طريقة جديدة للمعرفة وهي المعرفة الباطنية والوصول إلى الغنوص والإشراق وغير ذلك, لا تهتم بالمعرفة التي تأتيك من الآخرين, أنت تستطيع أن تعرف ذلك بنفسك, اجلس, تأمل, مارس, تنفس,  ستأتيك معرفة حدسية, استمع إلى صوتك الداخلي, لا تستمع إلى أحد في الخارج, يأتي هذا في البدء على أمور بسيطة ثم ينطلق لكي تفهم كل الحقائق, لا تسمع من أحد قولهم في التفسير فهم رجال ونحن رجال, لا تسمع لأحد حكمه في الفقه فهو رأى النص هكذا وأنت تراه هكذا, ابتدأت من تطوير الذات وانتهت إلى تحريف النصوص وإلى الاعتماد على المعرفة الباطنية سواءً في جلسات خاصة أو حتى على حدوس الناس واختلاف عقولهم واختلاف ما يمكن أن يصلوا إليه من معرفة بثقافتهم العامة.

    من المخاطر البارزة جدًا والتي بدأ الناس يلمحون آثارها من عقلاء الأمة والتي صاحبت وتزامنت مع انتشار هذا الفكر وتطبيقاته المختلفة: صبغ الكفر والسحر والكهانة والتنجيم بصبغة علمية, أصبحت (دورات السحر) تُقدَّم ربما ليس باسم السحر ولا حتى بالاسم الغربي magic ولكن تحت قدرات خارقة, تطوير قدراتك, كيف تطور قدراتك؟ كيف تستطيع أن تفعل كذا؟ كيف تستطيع أن تثني الحديد بعينيك؟ كيف تستطيع أن تفعل كذا؟ كيف تستطيع أن تمشي على الجمر؟ هذه الأمور فيها خدع علمية, ليس ثمة أمور خارقة, وبعض الأمور تعتمد على تعليم طلاسم وعلى تعليم أمور من أمور السحر والكهانة والتنجيم والأمثلة في هذه تطول, لكن الهونا والجرافولوجي وبعض التطبيقات كذلك في الطاقة تعتمد كثيرًا على تعليم هذه الطلاسم.

    بلا شك, أن هذه الأمور كلها ليست فقط تهديد للعقيدة الصحيحة, بل تهديد للعقيدة الصحيحة بكل أبعادها وبكل تفاصيلها, حتى أصبح كثير من الناس ينطلقون السحرة في أماكنهم, تاد جيمس أحد كبار السحرة الذي يذهب إليه المتدربون ليتلقوا دورات تطويرية بزعمهم, تهدد هذه التطبيقات عقيدة الولاء والبراء وتنشر تطبيقات مختلفة تمد الجسور بين عموم الناس وبين هؤلاء ثم تدعو بعد ذلك إلى إذابة الفروق حتى أصبحنا نسمع: ما المانع أن نكون إخوانًا ليس فقط لليهود والنصارى بل حتى للجن والشيطين والعياذ بالله؟ وهي كما قلت متدرجة خطوة خطوة بحيث لا ينتبه لها الناس في أول الأمر ولكن يحدث هذا في آخره.

    يصل الأمر إلى تذويب الفروق كلها بين المسلمين والكفار وبين الدعوة إلى التشبه بهم في أحوالهم. كم يأتي السؤال دائمًا, ماذا يضيرنا لو ما رسنا اليوغا؟! اليوغا هي صلاة البوذيين هي عبادة للشمس لا يمكن أن تأخذ منها شيئًا, هناك برامج كثيرة فيها رياضات حركية ورياضات stretching وغير ذلك من الرياضات المختلفة بعيدة عن اليوغا, لكن اليوغا من اسمها إلى تطبيقاتها إلى حركات اليد إلى الألفاظ التي تقول هي صلاتهم, لكن للأسف انظر يمنة ويسرة في المراكز الصحية, ربما في رياض الأطفال, ربما في بعض المدارس والجامعات, ربما في بعض الوصايا التي يوصيها بعض أساتذة الجامعات تسمع أن اليوغاتطبيقًا صحيًا رياضيًا معتادًا, حتى يصبح الناس إذا ما رأوا أهل اليوغا شعروا بتقارب بينهم أننا جميعًا نمارس هذا الأمر أننا نشترك بينهم واليوم هناك يوم اليوغا العالمي وهناك مجموعات اليوغا التي تشكّل مجموعات تسعى للتعرف فيما بينها. فحقيقة نشر التشبه ثم الانتماء ربما, كبير جدًا لو تتبّعناه في الواقع وفي تطبيقات الحركة في داخلها.

    من أخطر الأمور التي ينتبه لها الدارس والفاحص في ترويج تطبيقات الحركة: أنها تقدم إجابات بديلة لأسئلة الحياة الكبرى؛ من نحن؟ من أين بدأنا؟ إلى أين المصير؟ ما هي غاية وجودنا؟ هذه الأسئلة هي التي لا يجيب عليها إلا الدين الصحيح بإجابات صحيحة, أو الفلسفة باختلاف أنواعها. الفلسفات الشرقية لها إجابات متكاملة عن هذا, متكاملة أي: أنها تلبي جميع الجوانب وتعطي تصور كامل لكنه مشوه للكون والوجود والإنسان والعلاقة بينهم, للأسف هذه التطبيقات تروّج هذه الإجابات البديلة فأصبح الناس بدلاً من أن يقولوا: ألهانا الشيطان خنزب في صلاتنا, قالوا: هذا من قوة عقلك الباطن أو أن عقلك يفكر بكذا, أصبحت تفسر الأمور على غير تفسيراتها الصحيحة المستقاة من الدين الصحيح ومن ثم يبدأ الانخراط أو التوجه إلى هذه الفلسفات وأخذ مزيد من الإجابات منها إذا أنها تقدّم كذلك تفسيرات بديلة للمؤثرات الغيبية على النفس الإنسانية وهو أمر مخالف للعقيدة, هي لا تؤمن بجن ولا بملائكة, فلاسفة الباطنية يفسرون الجن والملائكة بقوى النفس كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية فلا يؤمنون بجن خُلقوا من كذا وهذا أمرهم وهذه طريقتهم وإنما يؤمنون بما يسمونه قوى النفس, فلذلك لا أعرف إن كنتم قابلتم مثل هذا من الناس لكن حقيقة الأمر تتشوه العقيدة بإجمالها وإن كان هذا جزء, الإيمان بالملائكة, الإيمان بالجن, من ثم عندما تتحدث معهم أكثر تجد حتى تفسير أن هذا من عند الله أو أن هذا قضاء وقدر الأمور كلها تختل, إذا أن تفسير عالم الغيب كله يختل إذا استُقي من غير المصدر الحق وإذا استُقي من النفس أو من الذات أو من المصادر الباطنية المختلفة.

    بلا شك, هذه المخاطر وربما غيرها كثير لا تعني بالضرورة وقوعها جميعها في كل الأشخاص الممارسين لهذه التطبيقات ولا كل من ينضم لبرامج تطوير الذات القائمة على المعرفة الباطنية وعلى الفلسفة الباطنية, ولا تعني أبدًا أن كل من يقدِم هذه الدورات أو هذه العلاجات هو ضال أو قد وقع في الكفر وفي الشرك ولا ينبغي أن تقودنا المعرفة بهذه الأمور إلى الحكم على الناس وتصنيفهم, لكنها بلا شك هي تقودنا لننظر للأمور بمنظار صحيح  ولكي نوجّه معرفة الناس إلى معرفة الحقائق بدلاً أن يخدعوا بهذه الظواهر. الناس يختلفون فبحسب علمهم بحسب تقواهم مدى انخراطهم في هذا البرنامج وقناعتهم به سيختلف الحكم عليهم, وأعود وأكرر أن الحكم عليهم ليس غاية بالنسبة لنا ولا يهمنا من قريب ولا بعيد, الذي يهمنا بالدرجة الأولى كيف ندلهم على الحق؟ كيف نستنقذهم من هذا الضلال ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة حتى لا يظن أن الناس أنهم يتطورون فيما هم يشركون, يظن الناس أنهم يستشفون فيما هم يمارسون أنواعًا من الشرك بالله سبحانه وتعالى.

    في كتاب [المؤثرات الغيبية على النفس الإنسانية] يتضح التصور المشوّه للكون والوجود والإنسان, هو بحث قصير كحركة العصر الجديد ويتحدث عن ذات الهدف ونفس الغاية في إعطاء معرفة شاملة متكاملة حول هذه الفلسفة الباطنية.

    بعد أن وصلنا إلى ختام الدورة بعد جولة في تتبع أصول الحركة في آثارها على الأمة, في أنواع هذه التطبيقات أقول أن حركة العصر الجديد هي حركة باطنية خطيرة جدًا, انتقالها للعالمية, توجيهها الضربات إلى العقائد السماوية إجمالاً ومنها العقيدة الإسلامية الصحيحة التي يهمنا جميعًا أن يعرفها الناس وأن تبقى على صفائها في قلوبهم وفي عقولهم وفي كتبهم وفي المواعظ التي يستمعون لها. حركة العصر الجديد تبنّت الفلسفة الباطنية التي هي عقيدة وحدة الوجود المضادة تمامًا لعقيدة التوحيد وكانت ولا تزال من أخطر ما يواجه عقيدة المسلمين, لا سيما وهي تتوجه إلى عامة الناس بخفاء وبتستر تحت العلم وتحت الدين.

    كذلك من أبرز الأمور المهمة التي نختم بها في هذه الدورة: التأكيد على أن البرامج المعرفية والتدريبية والعلاجية الوافدة من الغرب في حقيقتها ليست علومًا حيادية عامة, وقد لا يكون الغربيون أنفسهم راغبين في إضلال الناس بها, ولكنهم لضلالهم ظنوا أنها تلبي لديهم حاجة وتكمل لديهم نقص, لا سيما في الروحانيات التي لم تلبها أديانهم المحرّفة, وكان الناتج هذا الفكر الغنوصي الملحد الذي يسعى لمواجهة الدين بطريقة جديدة قوامها التجربة الشخصية والمعرفة الباطنية .

    كذلك من الأمور المهمة التي ينبغي أن نتتبعها فيما حولنا ونتواصى بالانتباه لها: أن أنواع التطبيقات والبرامج التي تنتشر في الأمة تحت هذا الستار ستار التطوير أو ستار التطبيب والعلاج كثير منها يشكّل خطرًا حقيقيًا على عقيدة المسلمين وينشر أنواعًا من الشرك والكفر وأنواع الضلال المختلفة.

    كذلك نلحظ فيما نرى حولنا أن المجتمعات المسلمة تلقّفت كثير من نتاج هذه الحركات الباطنية الدينية في الغرب بتأثير أحيانًا لا إرادي كما يسميه ابن خلدون (تأثير الغالب على المغلوب) ثقافة غالبة فماذا أخذوا؟ ماذا فعلوا؟ ماذا مارسوا؟ كيف بمكن أن نأخذ منهم تطبيقاتهم؟ لذلك لا بد أن نتواصى في بذل المزيد من الجهد في معرفة هذه الأمور التي تشكّل خطرًا حقيقيًا على عقيدتنا وما يكن أن أسميها وأضع لها عنوان (الفكر الباطني) أو (الإلحاد الروحاني), كثيرون الذين يواجهون الإلحاد المادي الحديث اليوم وقليل من يواجه الإلحاد الروحاني, مع أنه مثله في الخطر إن لم يكن أخبث؛ لأن أصحابه لا ينتبهون أنهم ملحدون ولا يقولون نحن ملحدون بل يقولون أننا أعظم إيمانًا وأكثر قربًا من الحقيقة ومن الإله ومن غير ذلك, وهنا يأتي الضلال أنهم لا يمكن إقناعهم بعد ذلك إذ يظنون أنهم آلهة متحركة.

    لا بد أن نتواصى بتوجيه الجهود الدعوية والتربوية إلى بناء الاعتزاز بالدين؛ لأن أخذ الثقافات الغربية كما قلت يتأثر كثيرًا بتأثير الغالب والمغلوب, فلو عرفنا من نحن وماذا لدينا وماذا يقدم لنا هذا الدين من وسائل ومن أسباب تقودنا لخير الدنيا والآخرة لم نذهب لنتلقف ما عند الشرق والغرب.

    كذلك أوصي بالتحذير من مشابهة أهل الباطل, اليوم كثير من البرامج وكثير من الناس يهتمون أو يتحدثون عن قضية الأخوة الكونية والأخوة الكوكبية والسلام وغير ذلك مما هو مهم في بعض جزئياته ربما, نحن لا ندعو إلى إرهاب ولا إلى تطرف ولا إلى نشر الحروب من غير مسوّغاتها وتفاصيلها وضوابطها الشرعية ولكننا كذلك نعرف أننا يجب أن نتميز بما ميزنا به الله سبحانه وتعالى وندعو الناس إلى اعتناق هذا الأمر الذي هو خير الدنيا والآخرة. فالتشبه يبدأ بإذابة الفروق ومن ثم الدعوة وربما التأثر بهم إن كانوا هم الغالبين.

    ختامًا.. ليت جهودنا تتضافر لندرس هذا الأمر من تخصصات مختلفة والجوانب المختلفة, ماذا لدى الفيزيائيين وماذا لدى المتخصصين في علم النفس وماذا لدى المتخصصين في الفلك وغير ذلك حتى لا يضحك علينا أحد ويقول هذذه علوم ثابتة! حقيقة الأمر لا يتعارض صحيح عقل مع صريح نقل هذه الفلسفاات الباطنية لا تدعمها النظريات العلمية ولا النظريات في كافة العلوم المختلفة إلا أن يكون الذين ينشرونها أصحاب هوى قد تشربوا بهذه الفكرة وحاولوا أن يلبِسوها لباس العلم.

     

    تعليق على الورد السادس

    بصوت الكاتبة

    1
    6
    00:00
    تحميل

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


حياكم الله جميعا أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله علمًا نافعًا فمعرفة الباطل من أهم الأمور التي ينبغي حقيقة أن يهتم بها طالب العلم في العصر الحديث فالباطل يتلون  ويتشكل ويتزين فيقع فيه للأسف كثير من الناس دون أن ينتبهوا لذلك.


الكتاب محل الدراسة (حركة العصر الجديد) هو دراسة لجذور هذه الحركة وفكرها العقدي ومخاطرها على الأمة كما هو موجود في عنوانها, كانت أهمية هذه الدراسة من تتبّع تطبيقات لحركة كُبرى معاصرة بدأت في العصر الحديث لم يُنتبه لها لأنها أخذت طابع علمي وطابع تدريبي في حين كان الناس يهتمون كثيرًا بما يسمى صناعة الإنسان والدورات التدريبية فجاءت بهذا الظاهر الذي اغتر به كثير من الناس ونَشَر برامجها وتدرّب على تطبيقاتها كثير حتى من طلبة العلم بل والدعاة وليس فقط عموم الناس وغفلوا وحقيقة هم  جهلوا في الأصل باطنها العقائدي الخطير وزاد الطين بلة أن هؤلاء بدأوا يلفقون بين فلسفاتها وتطبيقاتها وبين نصوص الكتاب والسنة هؤلاء الذين يحملون فكرًا إسلاميًا في الأصل أو رغبة في التقدم والنجاح بالمنهج الإسلامي لكن حقيقة ضلّوا الطريق فبدلاً من أن يتجهوا مباشرة إلى نصوص الكتاب والسنة وإلى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وإلى تاريخ الأمة يستلهمون منه ذهبوا إلى هنا وهناك ثم لفّقوا ولووا ربما أعناق النصوص أحيانًا ودلالات السيرة أحيانًا لكي يأكدوا أو لكي يشرعنوا ويأسلموا ما وصل إليهم وتشربته نفوسهم من هذه التطبيقات التي -كما قلت- ظاهرها حسن.


كتاب حركة العصر الجديد في أصله بحث علمي مقدم لمجلة جامعة أم القرى للعلوم الشرعية ونُشر هناك ثم أخذته جمعية الدراسات الفكرية المعاصرة في جامعة القصيم (فكر) ونشرته ضمن سلسلة الدراسات الشرعية.


الكتاب في حقيقته يتضمن أربعة مباحث تشمل الحديث عن هذه الحركة التي هي أبعد بكثير من أن تكون حركة فكرية جزئية خاصة بمنطقتها وبمكانها هي حركة عالمية باطنية تهدف إلى نشر فكر معيّن مستقى من  الديانات الشرقية وتحديدًا هو فكر عقيدة وحدة الوجود إلى العالم أجمع بطرائق مختلفة.


فالمبحث الأول يتحدث عن نشأة الحركة جذورها التاريخية سواءً القريبة أو البعيدة, أما المبحث الثاني فيتحدث عن أهم المبادئ والمعتقدات والمستقاة جميعها من الديانات الشرقية والعقائد الوثنية والقائمة بشكل كبير على عقيدة وحدة الوجود, في المبحث الثالث الحديث عن طرق نشر الفكر وأبرز البرامج التطبيقية سواءً ما هو بشكل دورات تطويرية أو بشكل علاجات ثم في المبحث الرابع مخاطر الحركة على الأمة الإسلامية وعلى عقيدة المسلمين.


حركة العصر الجديد حركة باطنية غنوصية، ماذا نقصد بباطنية غنوصية؟ كقارئين أو مثقفين أو باحثين شرعيين مهتمين بالثقافة الإسلامية أعتقد أن كلمة الباطنية كلمة تمر علينا كثيرًا وأكثر ما يعبرَ عنها في العصر الحديث: التشيع, الشيعية, الفرق الشيعية المختلفة والفرق الصوفية المختلفة, لكن من المهم أن نعرف أنها هي أوسع بكثير من هذا التحديد, ليست فرقًا معينة, هذه فرق ضمن الفرق الباطنية, لكن الباطنية منهج أوسع بكثير من هذه الفرق وهو منهج يسري أو يدخل في كثير من الديانات؛ دخل في الديانة اليهودية وأفسدها عن أصولها ودخل في الديانة النصرانية وأفسدها كذلك, فرق القبالة من الفرق الباطنية اليهودية, فرق الغنوصية من الفرق الباطنية النصرانية, وكذلك كثير من الفرق الإسلامية أو المنتسبة للإسلام من المتصوفة بفرقها المختلفة والتشيع والنصيرية والقرامطة وغيرهم كل هؤلاء من الفرق الباطنية.


الباطنية تعني هذا اللفظ بمعناه الواضح؛ فهي ظاهر وباطن, فهي لها ظاهر جذاب قد يظهر بشكل تنسك وتصوف وتزهد , قد يظهر بشكل تدريب وتطوير وعلاجات, قد يظهر بأشكال مختلفة, ولها باطن هو عقيدة وحدة الوجود وتعتمد بدرجة كبيرة على التأويل الباطني الذي كذلك يطبّق ذات المعنى فالنصوص والدلالات والقصص والسير لها ظاهر ولها باطن يزعمونه هو الذي يفسرون به هذه النصوص وهذه الأحداث وغيرها للتدليل على حقيقة أو على شرعية أو على أن الحق فيما يزعمونه.


كلمة الغنوصية هي ذاتها كلمة الباطنية ولكنها ذات أصل يوناني يعني المعرفة أو العرفان الداخلي الذي هو باطن لظاهر ليس هو الذي يعرفه كل الناس بل هو باطن هو سر, أسرار, لذلك يقال عنها معرفة سرية, يقال عنها معرفة باطنية, يقال عنها معرفة حدسية, إلهامات, معرفة لدنية, تسمّى بكثير من هذه الأسماء باختلافها في السياقات المختلفة وكثير ما يعبر عنها بالتجليات وغير ذلك.

لا يوجد مناقشات
لا يوجد اقتباسات
لا يوجد استفسارات