-
تعليق على الورد الثاني
بصوت الكاتب
0500:00
البدعة والمعصية
من: 28 — إلى: 28
(وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، يكرر في خطبته في كل جمعة قوله: ( إن أصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) رواه مسلم. وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم، خط مرة خطا مستقيما ، وخط عن يمينه وشماله خطوطا منحرفة ،وقال ( هذا سبيلي ـ يعني المستقيم ـ وهذه ـ يعني المنحرفة ـ سبل ، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ـ يعني البدع وقرأ قوله تعالى ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) ـ الأنعام : 153 يقول صلى الله عليه وسلم في وصيته (عليكم بسنتي ، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين الراشدين من بعدي ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ) أحمد وأبو داود . والنواجذ في أقاصي الأسنان ، وذلك كناية عن شدة التمسك ، وشدة القبض على الأشياء فخير الطريقة طريقة النبي ، صلى الله عليه وسلم وسيرته ، التي سار عليها خلفاؤه الراشدون وصحابته المتقون ، وتمسك بها أئمة الدين ، وساروا على نهجها إلى يوم الدين ، وتبعهم أتباعهم إلى يومهم هذا ، فتبعهم الأئمة الأربعة ، الذين هم أئمة الهدى ، ومصابيح الدجى ، وحفظوا ما جاءهم وما بلغهم من السنة ، وحذروا من البدعة ، وبينوا ضرر هذا البدع ، سواء كانت في العقائد أو في الأعمال ، بينوا أن اقتراف البدعة أحب إلى الشيطان من المعصية ، وذلك أن المبتدع يعتقد أنه على حق ، وأن الحق في جانبه ، ولذلك لا يرجع عما هو عليه ، ولو أتيته بكل آية ما اقتنع بما تدعو إليه لذا كانت البدعة أحب إلى الشيطان من المعاصي ، ومن كبائر الذنوب ، لأن المعاصي يمكن التوبة منها ، فيمكن أن يعرف صاحبها بأنه مذنب ، ويأمل التوبة ، ويبدؤها ، وقد يوفق وقد لا يوفق . أما المبتدع فإن الشيطان يحسن له بدعته ، ويبين له أن من خالفه فهو ضال ، وأن من كان على غير طريقته فهو باطل ، وأن الحق بجانبه هو ! فهذه البدع ليست من الدين في شيء ، ولو كانت من الدين ما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعد أن يبلغها وهذا ما شهد به الصحابة ، رضي الله عنهم ، للرسول صلى الله عليه وسلم إذ شهدوا له بالبلاغ وبالبيان ، فقد ثبت عن أبي ذر ، رضي الله عنه ، أنه قال : لقد تركنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علمًا) الإبداع في كمال الشرع و خطر الابتداع/ بن عثيمين فإن قلت : ما ضابط البدعة المكفرة وغير المكفرة ؟ فالجواب: قال الشيخ حافظ الحكمي - رحمه الله - : " ضابط البدعة المكفرة : من أنكر أمراً مجمعاً عليه ، متواتراً من الشرع معلوماً من الدين بالضرورة من جحود مفروض ، أو فرض ما لم يُفرض ، أو إحلال محرم أو تحريم حلال ، أو اعتقاد ما ينزه الله ورسوله وكتابه عنه ، من نفي أو إثبات ؛ لأن ذلك تكذيب بالكتاب وبما أرسل الله به رسوله صلى الله عليه وسلم. مثل بدعة الجهمية في إنكار صفات الله عز وجل ، والقول بخلق القرآن ، أو خلق أي صفة من صفات الله ، وكبدعة القدرية في إنكار علم الله وأفعاله ، وكبدعة المجسمة الذين يشبهون الله تعالى بخلقه .. وغير ذلك. والقسم الثاني : البدع التي ليست بمكفرة - وضابطها - : ما لم يلزم منه تكذيب بالكتاب ولا بشيءٍ مما أرسل الله به رسله . مثل بدع المروانية ( التي أنكرها عليهم فضلاء الصحابة ولم يُقروهم عليها ،ولم يكفروهم بشيء منها ولم ينزعوا يداً من بيعتهم لأجلها) ، كتأخيرهم بعض الصلوات إلى أواخر أوقاتها ، وتقديمهم الخطبة قبل صلاة العيد ، وجلوسهم في نفس الخطبة في الجمعة وغيرها . " معارج القبول 2/503-504 محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى ــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ وقد تفطن لهذا الإمام الشاطبي رحمه الله، وإليك رده على هذا التقسيم، وإنكاره وجود بدعة حسنة في دين الله تعالى قال رحمه الله تعالى: “إن تقسيم البدعة إلى حسنة وسيئة وإجراء الأحكام الخمسة عليها هذا التقسيم أمر مخترع لا يدل عليه دليل شرعي بل هو في نفسه متدافع.. لأن من حقيقة البدعة أن لا يدل عليها دليل شرعي، لا من نصوص الشرع، ولا من قواعده، إذ لو كان هنالك ما يدل من الشرع على وجوب أو ندب أو إباحة لما كان ثَمَّ بدعة، ولكان العمل داخلا في عموم الأعمال المأمور بها، أو الْمُخَيَّرِ فيها؛ فالجمع بين عد تلك الأشياء بدعا، وبين كون الأدلة تدل على وجوبها أو ندبها أو إباحتها جمع بين متناقضين!"
#فوائد من الكتاب
السنَّة والبدعة
?في المعنى اللغوي
السنة والبدعة لفظان مترادفان.
?في المعنى الشرعي
السنة تأتي في مقابل البدعة بالمعنى الشرعي .
▪️▪️▪️
#كتاب قواعد معرفة البدع ص 36
#فوائد من الكتاب
?البدعة لاتكون إلا في الامور التعبدية
?البدعة يكون مقصو د بها ف الغالب التقرب إلى الله بفعلها
?البدعة تؤؤول التشديد بالمكلفين
?البدعة مناقضة لمقاصد تلشريعة وهادمة لها .
▪️▪️▪️
#كتاب قواعد معرفة البدع ص 36/37
نوال الفهد
ما المقصود بالمصلحة المرسلة؟
أ.د. محمد بن حسين الجيزاني
بقي الكلام على مسألة المصالح المرسلة، في الحقيقة هذا الكلام في الفرق بين المصلحة المرسلة والبدعة لا يتبيّن إلا إذا كنّا ضابطين لموضوع البدعة وفِي نفس الوقت أيضاً ضابطين لموضوع المصلحة المرسلة، أما أن يكون السائل أو غيره خالي الذهن، ولا يعرف أصلاً ماهي المصلحة المرسلة فيكون هذا أمراً صعباً، يحتاج إلى شرح موضوع البدعة شرحاً كاملاً وأيضاً شرح موضوع المصلحة المرسلة شرحاً كاملاً ثم بيان الفرق بينهما.
على كل حال يمكن أن نجيب باختصار، وهو أن المصلحة المرسلة هي أمور استجدت ودعت إليها حاجة جديدة لم تكن موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، باختصار المصلحة المرسلة تاريخ بدايتها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. وُجِد بعد وفاته صلى الله عليه وسلم دليلان جديدان هما الإجماع والمصلحة المرسلة. وانتهى بوفاته صلى الله عليه وسلم أمر وهو النسخ. بموته صلى الله عليه وسلم انقطع النسخ، وبموته صلى الله عليه جاء دليل جديد اسمه الإجماع ودليل آخر جديد اسمه المصلحة المرسلة. فحيث وُجدت منفعة ومصالح في فعل أمر من الأمور لا يتعلق بصميم العبادة، إن تعلق بالعبادة فهو يتعلق بوسيلتها، مثل ما قلنا في الطوابق المتعددة وفِي الخطوط التي تنظم الصفوف وفِي المواقيت واتباع الساعة والتقاويم في معرفة دخول الصلوات والصيام وكذا، فهذه في وسيلة العبادة. فهذه الأمور تُشرع ويُرجع في ذلك إذا كانت المسألة في الأمور العامة، يُرجع إلى الحاكم ، الحاكم هو الذي يقرر ذلك وينظر في ذلك، كما كان فِعلُ الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي إذا حصلت عندهم مسائل، كانوا هم الذين يقررون، لذلك كان يُحمل ذلك على قوله صلى الله عليه وسلم:( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ) يعني السنة هنا هي السنة العملية، منهج العمل ومنهج الحكم والمنهج الراشد في إدارة وسياسة أمور الدولة كما فعل أبوبكر في قضية البيعة، أولاً أجمع الصحابة على بيعته وعلى مبايعة الخليفة وتوليه الخلافة لأبي بكر وأن الناس لابد لهم من خليفة وإمام. ثم لما مات أبو بكر عَهِد بالخلافة لعمر، فهذا العهد أيضاً تقتضيه المصلحة المرسلة ووقع عليه إجماع الأمة، وجمع القرآن ثم جمع المصحف في نسخة واحدة كما فعل عثمان رضي الله عنه. المقصود أن هذه الأمور أحياناً يُرجع فيها إلى الحاكم إذا كانت من الأمور العامة. وأحياناً تكون في الأمور العادية التي تقتضيها المصالح، يعني مثل ما أحدث الناس من أمور في الأكل والمعاش، مثل الآن السيارات واللمبات والكهرباء وكذا، هذه الأمور تكون من قبيل المصالح المرسلة ولا يدخلها التعبد ولا تكون من قبيل البدعة.
أما البدعة في الأمور الدينية والفروق بين البدعة والمصلحة المرسلة ذُكرت في الكتاب. بارك الله فيكم.
(تفريغ للإجابة الصوتية للشيخ)
نورة محمد
ماوجه إنكار عبدالله بن مسعود رضي الله عنه على القوم الذين رآهم متحلقين في المسجد وفي أيديهم حصى؟
أ.د. محمد بن حسين الجيزاني
الجواب أن وجه إنكار عبد الله بن مسعود على هؤلاء، أنّ هؤلاء قومٌ معروفون يعرفهم عبد الله بن مسعود وهم يعرفونه وكانوا من أصحابه، إلا أنهم خرجوا عن أمره، وعُرف هؤلاء القوم بكثرة التعبد والذكر، وأيضًا عُرفوا بأمر آخر وهو أنهم تركوا العلم والتعلم وتركوا مجالسة العلماء. حدث من هؤلاء أنهم بنوا لأنفسهم مسجدًا خارج الكوفة، وصاروا يجمعون الحصى أكوامًا عند المسجد، ويصلون في هذا المسجد ويتعبدون، تركوا الناس وهجروا الكوفة وما فيها من العلم والعلماء، فخرج عليهم عبد الله بن مسعود، فقالوا له: يا مرحبًا يا أبا عبد الرحمن، انزل. فقال: والله ما أنا بنازل حتى يُهدم المسجد. فاستجابوا لأمره وقاموا بهدم المسجد، فأنكر عليهم وهنا ورد الأثر المعروف في أنه قال لهم: إنكم والذي نفس ابن مسعود بيده لقد فضلتم أصحاب محمدٍ علمًا، أو جئتم ببدعة ظلمًا.. فلا يزال -رضي الله عنه- ينكر عليهم صنيعهم هذا. المقصود أن أثر ابن مسعود ينبغي أن تجمع عليه رواياته وتُضبط وتعرف ومن خلال ذلك تُفهم المسألة في سياقها الصحيح. بارك الله فيكم.
(تفريغ للإجابة الصوتية للشيخ)
نورة محمد
كيف نجمع بين القول بأن البدعة ما أحدث في دين الله وليس له أصل (عام ولاخاص) يدل عليه وبين القول أنه لايشترط أن تخلو البدع عن دلالة الأدلة العامة عليها؟
أ.د. محمد بن حسين الجيزاني
الجواب على ذلك هو أن هذا الدليل العام وجوده لا يُعد دليلًا معتبرًا إنما العبرة في إثبات العبادة
والدليل المعتبر.
والدليل المعتبر في إثبات العبادات هو النص الخاص، أن يكون نصًا من الكتاب أو من السنة لا يُقبل في ذلك قول صحابي ولا قياس ولا راي ولا اجتهاد والأمر الآخر أن يكون هذا النص نصًا خاصًا فلا تثبت العبادة بالنصوص العامة.
العبادات الخاصة لا تثبت بالنصوص العامة بل تثبت بنصوصٍ خاصة.
العبادة العامة تثبت بالنص العام قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرًا كثيرًا } هذا يدل على إثبات عبادةٍ عامة وهي فضل الذكر والإكثار من ذكر الله، أما أن يدل العموم الوارد في هذه الآية على مشروعية الذكر الفلاني او الورد الفلاني في الوقت الفلاني في المكان الفلاني فهذا تقصر عنه دلالة الآية، الآية إنما تدل على العموم و الإطلاق، أما تشريع لفظ معين كقول (سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) ونحو ذلك من الأذكار، هذه الاذكار إنما تحتاج إلى نصٍ خاص.
وكذلك العبادات من الصلوات ومن الصيام ومن الحج والعمرة كل هذا يحتاج الى أن يثبت بنصٍ خاص.
فإذًا نقول وجود البدعة ليس لها أصل عام ولا خاص، يعني وجود الأصل العام هذا لا يؤثر، ليس بشيء، نعم العبرة بدليل العام المعتبر الذي تثبت به العبادة.
نعم استكمالاً للسؤال السابق، وجود الدليل العام في البدعة، أمر عادي أن يوجد في البدعة دليل عام. فمثلاً الذين يصلون صلاة خاصة في ليلة الإسراء والمعراج، يخصصونها بالصلاة وبالذكر، أو في يوم المولد النبوي يخصصونه بطول صلاة وقيام أو بصيام. هؤلاء لو استدلوا بدليل عام كقوله صلى الله عليه وسلم:( من صام لله يوماً باعد الله بينه وبين النار سبعين خريفاً) أو قوله تعالى :( يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً) أو قوله تعالى:( وتعزروه وتوقروه) في تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم، كل هذه أدلة عامة. ولا يُستغرب أن يوجد الدليل العام في البدعة، إنما البدعة هي ما أُحدث في الدين من غير دليل لا خاص ولا عام. الدليل العام تثبت به العبادة من جهة عامة، قوله تعالى :( ياأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً) يدل على فضل الذكر مطلقاً ولا يدل على ذكر معين في وقت معين أو في مكان معين أو بحالة معينة أو هيئة معينة أو بعدد وقدر معين. هذا هو شأن البدعة.
(تفريغ للإجابة الصوتية للشيخ)
نورة محمد
كيف نفرق بين العادات التي تكون من قبيل البدع وبين العادات التي تستحضر فيها النية فتكون من قبيل العبادات؟
أ.د. محمد بن حسين الجيزاني
قضية النية لها فائدة عظيمة جداً وهي الثواب، فهي تميز بين نوعين من العادات. هناك عادات مجردة لا ثواب عليها، الدخول والخروج والسفر والأكل والشرب والنوم والعمل والكسب هذا كله من قبيل العادات، هذا من العادات المباحة لا ثواب عليه ولا وزر فيه ولا أثم. إنما يُشترط في الأجر هو وجود النية الصحيحة، أو تُجعل وتكون هذه العادة وسيلة وطريقاً إلى عملٍ خيّر، عمل صالح، مثل السفر إلى الحج والسعي إلى الجمعة مثلاً، أو العكس أن تكون هذه العادة وسيلة إلى المعصية مثل السفر إلى أماكن الرذيلة لفعل الرذيلة ونحو ذلك. فهنا نقول قضية النية لها أثر في تمييز العادة، متى يُؤجر على العادة ومتى لا يُؤجر، فتصير العادة عبادة، هذا نوع من أنواع العبادة، وإلا هي في الحقيقة لا تنقلب العادة إلى عبادة، إنما تكون عادة مأجوراً عليها، وهذه قد تسمى عبادة، باعتبار أن العبادة معناها واسع ك شامل وهو كل مايحبه الله ويرضاه، لكن العبادة بمعنى ما طُلب شرعاً فلا تدخل فيها العادة وإن كانت فيها نية صالحة، لا تدخل تحت مسمّى العبادة. العبادة هي ما أمر الله به أمر استحباب أو أمر وجوب. بارك الله فيكم.
(تفريغ للإجابة الصوتية للشيخ)
نورة محمد
هل عدم القيام بجمع المصاحف في عهد النبوة كان لانتفاء المقتضي؟ أو وجد لكن منع منه مانع؟
أ.د. محمد بن حسين الجيزاني
المقتضي كان موجودًا وهو السبب الباعث على جمع المصحف أو جمع القرآن الكريم وهو ضبطه وحفظهُ من الضياع هذا السبب وهذا الداعي كان موجودًا في عهد النبي صلي الله عليه وسلم.
لكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك لأجلِ مانعٍ وُجِد.
هذا المانع ما هو؟
هو أن القرآن الكريم بحياة النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يزال يتنزل وفيه الناسخ والمنسوخ وأيضًا تُقدم هذه الآية او هذه السورة على هذه،
فكان يعني قابلًا للتغيير فلذلك كان جمعه في هذه الحالة كان أمرًا متعذرًا.
فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم استقر القرآن الكريم على وضع ثابت وأُمِن التبديل وانقطع النسخ فزال المانع
فقام خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق بجمع القرآن بجمعه وجمعه من الصحابة ثم في عهد عثمان كتبوه في مُصحفٍ واحد.
(تفريغ للإجابة الصوتية للشيخ)
Sawsan Tayba
السلام عليكم
التبس علي فهم كل ما جاء تحت بند المسألة السابعة، من صفحة ٣٣ الى صفحة ٣٥، الرجاء توضيح هذه النقاط بأمثلة إن أمكن؟
أ.د. محمد بن حسين الجيزاني
المصلحة المرسلة هي في الحقيقة الفرق بينها وبين البدعة فقط في نقطة الدليل، المصلحة المرسلة يدل عليها دليل عام فقط. لا يدل عليها دليل خاص وأيضاً هي من الأمور المبتكرة، المخترعة، الجديدة، الطارئة. وهي أيضاً متعلقة بالدين لكنها طبعاً لا تدخل في صميم الدين، إنما هي تتعلق بالدين يعني من باب الوسائل، هي ليست من باب المقاصد.
ما يُتقرب به إلى الله نوعان: ما هو من باب المقاصد وما هو من باب الوسائل.
المقاصد هذه مثل الصلاة، مثل الوضوء، مثل الصيام، مثل الزكاة، مثل الحج، هذه كلها مقاصد، أركان الإسلام هذه. هذه لابد أن يوجد عليها ويدل عليها نص خاص. أما الوسائل هي التي يُتوسل بها إلى هذه المقاصد، يعني مثلاً هذه المغاسل التي نحن نتوضأ فيها الآن -البزبوز -والحنفية وهذه المغسلة، هذه لم تكن موجودة من قبل، فهل نقول هذه بدعة؟! هذه مصلحة مرسلة تُعين الواحد على التنظف. الآن قضية مثلاً في الصلاة، مكبرات الصوت، بناء المساجد، وجود المكيفات في المسجد والأبواب وفرش المسجد وما إلى ذلك وأحياناً التدفئة في أيام الشتاء في البلاد الباردة هذه كلها من الوسائل. بالنسبة للصيام الآن قضية استخدام التقاويم واستخدام هذه التي يسمونها الامساكية، بداية وقت الصيام ووقت الإفطار وكذا، والناس يضبطون بهذا، وأيضاً بالنسبة للحج، ما يحصل الآن من قضية حملات الحج وتنظيم الحج بحيث أنه تُضبط أمور التفويج، وما حصل الآن في مشاعر الحج قضية الطواف بالدور الثاني والثالث والسعي أيضاً من الدور الثاني والثالث ورمي الجمرات من أدوار متعددة. يعني أمور كثيرة الآن حصلت وأُحدثت وأُخترعت في العبادات ولكنها ليست في صميم العبادة إنما هي في وسائلها، هذه الأمثلة كلها التي ذكرتها هي من قبيل المصالح المرسلة وليست من قبيل البدعة، لماذا؟
لأنها في الوسائل وليست في المقاصد.
إذاً نقول أن أول فرق بين المصالح والبدع هي: أن البدع تكون في الغالب في المقاصد، في أمور تتوقف وتفتقر إلى وجود نص خاص، والنص الخاص هذا لا يوجد في البدعة. البدعة لا يوجد ما يدل عليها لا نص خاص ولا أصل عام، إذا وُجِد أصل عام يدل عليها فهي ليست بدعة صارت مصلحة مرسلة. نعم، هذا هو أدق فرق بينهما. ولذلك هم يقولون في التفريق بينهما، يقولون أن الشارع سكت عنها هذه المصالح المرسلة مثل قتال المرتدين وقتال مانعي الزكاة وجمع القرآن، هذه أمور كلها فعلها الصحابة والرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعلها، لماذا لم يفعلها؟ إما لأنه لم يوجد السبب المقتضي لها، مثل قتال مانعي الزكاة، ما وُجدوا في عهده عليه الصلاة والسلام، ولا المرتدون لم يظهروا في عهده بشكل جماعي. لهذا لم يقاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم، لماذا لم يقاتلهم؟ لأن السبب المقتضي لم يتوفر. وأما جمع القرآن فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك، مع وجود السبب المقتضي وهو حفظ الدين وضبط القرآن، لماذا؟ لوجود المانع وهو أن القرآن كان لا يزال يتنزل ويحصل فيه نسخ وتقديم وتأخير. فلما انتفى هذا المانع بموته صلى الله عليه وسلم واستقر القرآن على وضع واحد حَسُن جمعه وصار جمعه مصلحة مرسلة وليس بدعة، مع أنه أمر في الدين، مُخترع وجديد ولا يوجد ما يدل عليه من نص خاص، إنما يدل عليه باب المصالح المرسلة وهو الأدلة العامة ومقاصد الشريعة.
(تفريغ للإجابة الصوتية للشيخ)