Polat Poliquin منذ أسبوع

كتاب "حركة العصر الجديد" للدكتورة هيفاء الرشيد

الكتاب جيد ورائع ومادته غنية، جمعت فيه الكاتبة من مصادر متعددة رائعة، وفيه تفاصيل وإحالات ممتازة على مصادر عربية وأجنبية منوعة مما يعكس الاطلاع الواسع للكاتبة على مختلف التيارات والنحل

يؤخذ على الكتاب أمور عديدة منها:

1. أنها اكتفت بجمع المعلومات من مصادرها، فأحياناً تذكر الأمور حيث يكون الحق فيه مخلوطاً بالباطل، ومن الصعب على غير المطلع تمييز هذا عن هذا وفصل ذلك عن ذلك، ويلام على هذا، المجمعات الإسلامية العلمية التي ينبغي عليها أن تدرس المسائل وتجزئها، وتعطي كل جزء حكمه الخاص، فلا يتوهم المطلع أن المسلمين يحاربون المذاهب ككل، والواقع أن المسلمين ينتقدون الباطل الذي تم خلطه بالحق، فمثلاً ليست مشكلتنا مع اليوغا في التمارين الرياضية التي تشتمل عليها، وإنما مشكلتنا في استغلال مبدأ التأمل فيها ومزجه مع مبدأ الحلول والاتحاد، وكذلك مشكلتنا مع الحركات المنظمة لليوغا والتي يتم ممارستها مرتبة ومتناغمة مع الكرات العشر لشجرة الحياة القبالية أو السيفروت، وكذلك مشكلتنا مع الموسيقى الهندوسية التي تواكب جلسات اليوغا والتي تحوي على ترانيم وكلمات باطنية مخالفة للعقيدة الإسلامية. أما ممارسة تمارين التمدد والتأمل متحررة من هذه الأجواء وتلك الأفكار فلا بأس ولا إشكال

2. عندما تعرضت لمسألة التصوف، قسّمت التصوف إلى 3 أقسام، وبصرف النظر عن صحة هذا التقسيم، ولكنها بعد ذلك اكتفت بالقول بأن التصوف الذي تنتقده في البحث خارج عن النوع الأول، ثم مضت في نقدها إلى نهاية المبحث. لكنها لم تبين كيف للقارئ أن يميز بين التصوف الصحيح من السقيم. وظاهر كلامها أن التصوف السليم قد انتهى بانتهاء عصر السلف، بالتالي لم يعد هناك حاجة لبيان أي فرق يذكر، وهكذا يصح القول أن علوم السلف المختلفة في القرآن والحديث والأصول والفقه وغيرها قد انتهت بانتهاء عصر السلف. وهذا باب جديد يفتح كمطعن في الدين الحنيف. علماً أن هناك توجه سلفي مقيت متشدد يهاجم حتى تصوف السلف، اتباعاً لنهج ابن الجوزي في تلبيس إبليس

3. وفقاً لما قرأته من الكتاب، الكاتبة مع الأسف لم تستشهد بمصادر إسلامية متخصصة مثل:
مقالات الإسلاميين لإمام أهل السنة الأشعري
الفرق بين الفرق لأبي منصور البغدادي
المطالب العالية للإمام المجدد فخر الدين الرازي
الفصل في الملل والنحل لابن حزم

ولم أرَ من مصادرها سوى الملل والنحل للشهرستاني، وكتاب للبيروني

واكتفت في بعض المواضع بتفسيرات الشيخ تقي الدين ابن تيمية للمذاهب، وتقي الدين رغم فضله في النقل من مصادر عديدة لم تصل إلى أيدينا إلا أنه معروف بأن طريقة تفسيره وتصويره للمذاهب غير سديدة ولا معتمدة، كجعله الحلول مصدر للتجهم والتعطيل، وأحياناً يتساهل مع الحلوليين والماديين وبعض المشبهة مثل مقاتل بن سليمان وهشام بن الحكم، ويجعل مذهب أهل الحلول أقرب إلى العقل من مذهب من يسميهم نفاة الجهة. يقصد أهل السنة الأشاعرة وأنصارهم

4. الكاتبة أكثرت من الاستشهاد بتقي الدين كمصدر إسلامي، وهذا واضح لتأثير مجتمعها عليها، ولكنها تجنبت نقل موقف تقي الدين في عديد من القضايا التي طرحتها ربما لتقارب مذهبه فيها مع مذاهب الماديين والحلوليين

أولاً: ص161 عندما جاءت للحديث عن قصة الخلق مثلاً نقلت عقيدة أهل السنة والجماعة كما ذكرها الحافظ ابن حجر العسقلاني من أن كل شيء مسبوق بعدم، وبعد ذلك ص162 صدّرت كلاماً لتقي الدين في امتناع التسلسل في المؤثرين، ثم توقفت!! هذا رغم معرفتها بمخالفته لمذهب أهل السنة هنا، فمذهبه هو أن القدم متعلق بأفراد وأعيان الأشياء لا بجنسها، كما أنه ينفي التسلسل في الفاعلين فقط دون المفعولات، في حين أن التسلسل مبدأ باطل لذاته في الخارج.

ثانياً: ص184 عندما تحدثت عن أولية الرب، ذكرت بأن حركة العصر الجديد تعتقد بأنه قبل ولادة العالم، لم يكن ثمة وجود عيني، بل كان هناك فراغ أو فوضى، وفي أحسن الأحوال وعي أو عقل. واجتهدت الكاتبة هنا فافترضت احتمالين ينجمان عن هذا الكلام:
إما أن يُقال أن الإله وجد بعد الفراغ أو العدم أو صدر عنهما.
أو يُقال أن الإله هو ذلك الوعي أو العقل.

لكن الكاتبة نسيت أو تناست أن تطرح احتمالاً ثالثاً: وهو أن يكون جنس هذا الفراغ أو الوعي أو العقل مشاركاً لوجود الله دون أفراده الحادثة. كون هذا يتناغم مع مذهب تقي الدين في قدم جنس العالم والزمان وحدوث أفرادهما فقط.

ثالثاً: ص500 تعرضت للحديث عن النسبية، وخلصت ص505 إلى أن الزمان والمكان من مخلوقات الله حادثة بعد أن لم تكن كما هو مذهب أهل السنة والجماعة، لكنها ص506 عادت وخلطت مذهب أهل السنة بكلام لتقي الدين، فنقلت عنه في الصفدية يفرق فيه بين جنس الزمان ومقدار الحركة؛ أي أن جنس الزمان قديم وأفراده فقط هي الحادثة. كما أنها لم تتعرض لمسألة ترابط الزمكان، الذي يتناقض مع مذهب تقي الدين، فالزمان والمكان عنده منفصلان ومستقلان عن بعضهما البعض. وقد تناول حجة الإسلام في تهافت الفلاسفة مسألة الزمن باعتباره "مقدار الحركة"، منكراً وجود زمن قبل خلق العالم (ص 115-116)، واعتبر الحديث عن "قبل الخلق" مجرد وهم ذهني. كما رفض فكرة "الزمن الممتد" قبل وجود الكون، مبرهناً أن الزمن بدأ مع الخلق (ص 115-116)، بالإضافة إلى ذلك، عارض فكرة أزلية العالم، مشدداً على أن الكون له بداية وأن السماوات والأجرام خاضعة للتغير والزوال (ص 124-127). وفيما يتعلق بالمكان، رفض مفهوم "الفراغ" أو "الفضاء الخالي" المستقل عن المادة، مؤكداً ارتباط المكان بوجود المادة (ص 115-116). كان الأجدر بالكاتبة أن تنقل هذا الكلام

أعود فأكرر لا ألوم الكاتبة، فهي بنت مجتمعها الذي أثر في فكرها ووعيها، ولكن ينبغي اقتفاء أثر الحيادية عند طرح مثل هذه المباحث

5. ص327 عرضت قضية التحسين والتقبيح .... وهي المسألة الوحيدة تقريباً التي اعتمدت الكاتبة فيه مذهب تقي الدين مع بعض التعديلات، وكذلك يراجع تناقضها ص338

6. لا يخلو الكتاب من تعليقات مضحكة، لا تنسجم مع موضوعية البحث وحياديته، على سبيل المثال ص361 تتحدث عن العقل الباطن وتقول ص363 بأن جوزيف ميرفي "كاثوليكي روماني ايرلندي" سئل "لماذا أدعو لا يستجاب لي"؟ فتعلق الكاتبة بالقول: فلم تكن الإجابة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلمٍ يدعو بدعوةٍ ليس فيها إثمٌ، ولا قطيعةُ رَحِمٍ؛ إلا أعطاه بها إحدى ثلاثَ: إما أن يُعجِّلَ له دعوتَه، وإما أن يدَّخِرَها له في الآخرةِ، وإما أن يَصرِف عنه من السُّوءِ مثلَها)، وإنما أرجع - أي ميرفي - الحرمان إلى عدم استجابة العقل الباطن.!!
قلت: فهل تتصور الكاتبة أن الرجل الكاثوليكي سيستدل بحديث ورد في مسند أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم؟! إن الاستدلال بكتب الصحاح والمسانيد إنما هو مرهون بقيام حجة الإسلام على الشخص، فكيف يعقل أن تتخيل الكاتبة أن رجلاً لم تقم عليه حجة الإسلام أن يستشهد بحديث؟

منهج الكاتبة يعكس عدم معرفتها بالأدلة وترتيباتها ومدى حجيتها ومكامن إلزاماتها.. إذ ربما تود أن تقيم حجية الكتاب والسنة على غير المسلمين رغم أنوفهم حتى وإن لم تتحقق في أفئدتهم قناعة لهذا؟! ولا ريب أن هذا أبعد ما يكون عن المنهجية الموضوعية للقرآن وأدلته..

rn-alsharif منذ 4 سنوات

ما الفرق بين عقيدة وحدة الوجود عن الفلاسفة وعند رواد الحركة؟

بشير بن احمد تويج منذ 5 سنوات

لقد بدأت بقراءة هذا الكتاب للتو وقد شدني عنوانه كثيرا لما لهذه الحركة من زيف في الفكر لابد لكل مسلم أن يعرف عن هذه الحركة التي حذر منها علماء وعقلاء الغرب. ....

أم عبدالله منذ 6 سنوات

كتاب رائع جدا لم يسبق لأحد في المكتبة العربية أن ألف مثله بهذا الشكل التخصصي أسأل الله أن يتقبله من المؤلفة ويجعله حجة لها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
طبعا أنا لم أشارك في هذه الدورة _للأسف_ لإني لم أعلم عنها ولله الحكمة البالغة في ذلك، لذا أريد أن أسأل القائمين على المنصة هل يمكن إعادة قراءته من جديد ؟ لإني قد بدأت بقراءته وانا الان في ربعه الأول لذا تكون هناك بعض الإشكالات لدي .فياليت لنا بقراءة جديدة للكتاب لأنه مهم جدا ويحتاج وقتا وجهدا لنفهم مافيه.

تغريد أحمد منذ 6 سنوات

Yousef منذ 6 سنوات

هل يمكن للكاتبة المحترمة ايضاح الدور اليهودي في هذه الحركة؟
كذلك ألا ترى أن هذه الحركة قد نجحت في اختراق وفرض اجندتها في العالم الاسلامي عموما وحديثا في جزيرة العرب؟